الأدوية المنتهية الصلاحية وأخطارها على الصحة

تفقد مفعولها بمرور الزمن

الأدوية المنتهية الصلاحية وأخطارها على الصحة
TT

الأدوية المنتهية الصلاحية وأخطارها على الصحة

الأدوية المنتهية الصلاحية وأخطارها على الصحة

قد يصاب أحدنا بنوع من الألم، كالصداع مثلاً، فيهرع إلى خزانة الأدوية بالمنزل لتناول أحد المسكنات، مثل باراسيتامول أو إيبوبروفين، ويفاجأ بأن تاريخ الصلاحية المطبوع على علبة الدواء قد انتهى منذ شهر أو شهور أو حتى منذ عام أو أكثر. فما العمل؟ هل يأخذ الدواء المتوفر لديه رغم انتهاء تاريخ صلاحيته أم لا؟ وإذا قرر أخذه، فهل سيكون ذا خطرٍ وقاتلاً؟ أم فقط سيصبح الدواء عديم المفعول ويستمر المريض في معاناته من الصداع؟
بناءً على تواريخ انتهاء الصلاحية المختومة على عبوات الأدوية، تتخلص الصيدليات، والمستشفيات، ودور رعاية المسنين، والمستهلكون، من أدوية بمليارات الدولارات كل عام. وتتخلص المستشفيات وحدها في أميركا مما يعادل أكثر من 800 مليون دولار من الأدوية سنوياً.
قد تكون الأدوية باهظة الثمن للعديد من المرضى ومن المكلف عليهم استبدالها حتى بعد انتهاء صلاحيتها. ما تاريخ انتهاء صلاحية الدواء؟ وهل الأدوية منتهية الصلاحية تظل آمنة؟ هل يمكن تناول دواء بأمان إذا وصل إلى تاريخ انتهاء صلاحيته؟ ما الأدوية التي يجب عدم استخدامها بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها؟ ما أفضل طرق تخزين الأدوية للمحافظة على قوتها وفاعليتها؟

انتهاء صلاحية الدواء
يعرف «تاريخ انتهاء الصلاحية»، بشكل عام، بأنه التاريخ الذي ينبغي بعده عدم استخدام المنتج الاستهلاكي؛ سواء أكان طعاماً أم دواءً؛ لأنه قد يكون فاسداً أو تالفاً أو غير فعال. يجري التعرف على «تاريخ صلاحية الدواء» بالتحقق من التاريخ المطبوع على العبوة الصيدلانية، والذي يمثل التاريخ الذي قد يصبح الدواء بعده غير مناسب للاستخدام كما جرى تصنيعه، حيث إن بعض الأدوية قد تتحلل وتكون غير فعالة أو حتى ضارة إذا تجاوزت مدة صلاحيتها. وتنصح المنظمات الصحية والشركات المصنعة للأدوية بالتخلص من الأدوية بعد تاريخ انتهاء الصلاحية المطبوع على العبوة.
تاريخ انتهاء الصلاحية هو اليوم الأخير الذي تضمن فيه الشركة المصنعة الفاعلية الكاملة للأدوية وسلامتها. تسجل تواريخ انتهاء صلاحية الأدوية على جميع ملصقات الأدوية؛ بما في ذلك الوصفات الطبية والمكملات الغذائية (OTC) والمكملات العشبية. بموجب القانون؛ يُطلب من مصنعي الأدوية وضع تواريخ انتهاء الصلاحية على منتجات الوصفات الطبية قبل التسويق؛ وفقاً لتقرير «أنون (Anon)» الذي نشر محدثاً بتاريخ 21 يوليو (تموز) 2022 في موقع الأدوية «Drugs.com».
ويجري تقدير تاريخ انتهاء صلاحية الدواء باستخدام «اختبار الثبات (stability testing)» في ظل ممارسات التصنيع الجيدة على النحو الذي تحدده «إدارة الغذاء والدواء (FDA)».
وعبر هذا التاريخ يجري التعرف على الوقت الذي سيكون فيه الدواء غير آمن أو غير فعال، وقد يبدو مختلف اللون أو المذاق أو الرائحة بسبب انتهاء صلاحيته أو لسوء تخزينه حتى وإن كان ضمن تاريخ الصلاحية، ويجب التخلص منه فوراً؛ وفقاً لـ«إدارة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS)».
كما يجب اتباع تعليمات الطبيب أو الصيدلي حول استخدام الدواء والتخلص من المتبقي منه، على سبيل المثال، قد ينصح الصيدلي بالتخلص من الدواء بعد 7 أيام من الفتح حتى لو كان ضمن تاريخ صلاحية الشركة المصنعة.
عادةً ما يكون للمنتجات الدوائية التي يجري تسويقها في الولايات المتحدة تاريخ انتهاء صلاحية يمتد من 12 إلى 60 شهراً من وقت التصنيع. ومع ذلك، قد يكون العمر الافتراضي الفعلي للدواء أطول بكثير؛ كما أظهر بعض الدراسات؛ منها «تقرير تواريخ انتهاء الأدوية للجمعية الطبية الأميركية (American Medical Association. Pharmaceutical Expiration Dates)».
في الصيدلية، غالباً ما يجري وضع تواريخ «ما بعد الاستخدام» على ملصق زجاجة الوصفة الطبية الممنوحة للمريض. ولكن لماذا تختلف تواريخ انتهاء الصلاحية هذه؟ وفقاً لجهة التصنيع؛ لا يمكن ضمان استقرار الدواء بمجرد فتح الزجاجة الأصلية. ويمكن أن تؤثر الحرارة والرطوبة والضوء وعوامل التخزين الأخرى على الاستقرار.
وبعض الأدوية له تاريخ انتهاء صلاحية قصير، مثل: مخاليط المضادات الحيوية المحضرة: عندما يضيف الصيدلي الماء إلى مسحوق المضاد الحيوي، فإنه يغير ثبات المنتج، وسيعطيه الصيدلي تاريخ انتهاء صلاحية من أسبوع لأسبوعين؛ وفق المنتج. وكذلك قطرات العين: عادة ما يجري إعطاؤها تاريخ انتهاء الصلاحية بعد 4 أسابيع من فتح العبوة لأول مرة؛ لأن العين حساسة بشكل خاص لأي بكتيريا قد تدخل في قطرات العين.

تناول دواء منتهي الصلاحية
توصي «إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)» بعدم تناول الأدوية مطلقاً بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها؛ لأنها محفوفة بالمخاطر مع العديد من المتغيرات غير المعروفة. على سبيل المثال؛ كيفية تخزين الدواء قبل تسلمه، والتركيب الكيميائي، وتاريخ التصنيع الأصلي، كل ذلك يمكنه أن يؤثر على فاعلية الدواء.
والمضاد الحيوي التتراسيكلين أحد الأمثلة على ذلك؛ إذ نُشرت تقارير تفيد بأن استخدام التتراسيكلين المتدهور مرتبط بشكل من أشكال التلف الكلوي الأنبوبي المعروف باسم «متلازمة فانكوني (Fanconi Syndrome)». ومع ذلك، لم يعد يجري تسويق هذه التركيبة من التتراسيكلين.
كما يبدو أن أشكال الجرعات الصلبة، مثل الأقراص والكبسولات، أكثر استقراراً بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها. فقد لا تتمتع الأدوية الموجودة في محلول أو بوصفها تعليقاً مُعاداً تكوينه، والتي تتطلب التبريد (مثل معلق أموكسيسيلين)، بالقوة المطلوبة إذا جرى استخدامها عندما تكون قديمة. يمكن أن يكون فقدان الفاعلية مصدراً كبيراً للقلق الصحي، خصوصاً عند علاج العدوى بمضاد حيوي. بالإضافة إلى ذلك؛ قد تحدث مقاومة للمضادات الحيوية مع الأدوية منخفضة الفاعلية.
يجب التخلص من الأدوية الموجودة في المحلول، خصوصاً الأدوية القابلة للحقن، إذا كان المنتج يشكل راسباً أو يبدو عكراً أو متغير اللون. الأدوية السائلة، مثل محاليل العين أو الأذن أو السوائل الفموية أو المحاليل الموضعية، قد تخضع لتبخر المذيبات بمرور الوقت. قد تكون الأدوية منتهية الصلاحية التي تحتوي على مواد حافظة، مثل قطرات العين، غير آمنة بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها. المواد الحافظة القديمة قد تسمح بنمو البكتيريا في المحلول.
متى تفقد الأدوية منتهية الصلاحية فاعليتها؟ هناك تقرير مثير للجدل، يشير إلى أن بعض الأدوية يمكن أن تستمر فاعليتها بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها، وهو تقرير صادر عن «برنامج تمديد مدة الصلاحية Shelf Life Extension Program (SLEP))» الذي تقوم به «إدارة الغذاء والدواء (FDA)» لوزارة الدفاع الأميركية، والذي كان هدفه مزدوجاً: تحديد العمر الافتراضي الفعلي للأدوية المخزنة لديهم للاستخدام في المستقبل، وتوفير الدولارات.
.(Extending Shelf Life Just Makes Sense. Mayo Clin Proc. November 2015;90:1471-1474. Accessed May 29, 2018)
وقد جرى تقييم أكثر من 3000 قطعة «lots»، تمثل 122 منتجاً دوائياً مختلفاً، في برنامج «SLEP». جرى تقييم الفاعلية، ودرجة الحموضة، ومحتوى الماء، والذوبان، والمظهر الجسدي، أو وجود الشوائب.
وبناءً على بيانات الاستقرار، جرى تمديد تواريخ انتهاء الصلاحية على 88 في المائة من القطع إلى ما بعد تاريخ انتهاء الصلاحية الأصلي بمتوسط 66 شهراً. من بين هذا؛ نحو 12 في المائة من القطع ظلت مستقرة لمدة 4 سنوات على الأقل بعد تاريخ انتهاء الصلاحية. من بين 2652 قطعة، جرى إنهاء 18 في المائة فقط بسبب الفشل.
من أمثلة المنتجات الدوائية الشائعة التي جرى اختبارها دون أي إخفاقات: أموكسيسيلين وسيبروفلوكساسين وديفينهيدرامين وحقن كبريتات المورفين. تراوحت تواريخ تمديد صلاحية هذه المنتجات بين 12 شهراً و184 شهراً (أكثر من 15 عاماً).
كما أن يوديد البوتاسيوم (KI)، الذي جرى تخزينه في الولايات المتحدة لحالات الطوارئ الإشعاعية، لم يظهر أي تدهور كبير على مدى 20 عاماً في دراسة «SLEP».
وفي يونيو (حزيران) 2020، صرحت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» بأنه يمكن تمديد تواريخ انتهاء الصلاحية لبعض مضادات الفيروسات المخزنة مثل تاميفلو Tamiflu (أوسيلتاميفير) 75 ملغ، وكبسولات ريلينزا Relenza (زاناميفير)، إذا جرى تخزينها في ظروف محددة وللاستخدام الطارئ في بعض الولايات. يمكن تمديد تواريخ انتهاء الصلاحية لمدة 15 عاماً لعقار تاميفلو و10 سنوات لريلينزا. (Expiration Dating Extension, U.S. Food and Drug Administration (FDA). April 7, 2022).
وأيضاً؛ أظهرت الاختبارات أن العديد من الأدوية لا تزال فعالة لعقود بعد تواريخ انتهاء صلاحيتها. لاحظ المؤلفون أنه لا توجد تقارير منشورة عن سُمّية بشرية بسبب الابتلاع أو الحقن أو التطبيق الموضعي لتركيبة دواء بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها.
تعتمد قدرة الدواء على أن تكون له مدة صلاحية ممتدة على مكونات الدواء الفعلية، ووجود المواد الحافظة، وتقلبات درجات الحرارة، والضوء، والرطوبة، وظروف التخزين الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، جرى الاحتفاظ بكميات الأدوية المختبرة في برنامج «SLEP» في عبواتها الأصلية. بمجرد إعادة تعبئة الدواء في حاوية أخرى، كما يحدث غالباً في الصيدلية، يمكن أن تنخفض مدة الصلاحية بسبب التغيرات البيئية.
تشير هذه النتائج إلى أن العديد من المنتجات الدوائية قد تمتد فاعليتها إلى ما بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها. ومع ذلك، يصعب على أي مستهلك أو مقدم رعاية صحية معرفة أي منتج في خزانة الأدوية يمكن أن تكون له مدة صلاحية طويلة أو تاريخ انتهاء صلاحية قصير. وعليه؛ يجب الالتزام بتاريخ الانتهاء المطبوع على علبة الدواء.

حفظ وتخزين الأدوية
قد يساعد التخزين الجيد والمناسب للأدوية على حفظها واستمرارية فاعليتها. لا يُعد الحمام مكاناً مثالياً لتخزين الأدوية بسبب الحرارة والرطوبة. وبالمثل؛ ينبغي عدم ترك الأدوية في سيارة ساخنة، أو في الطقس المتجمد.
- يظل معظم الأدوية الفموية الصلبة أكثر استقراراً في الأماكن الجافة والباردة بعيداً من الضوء.
- احتفظ بأغطية الزجاجات مغلقة بإحكام واحتفظ دائماً بالأدوية بعيداً من متناول الأطفال والحيوانات الأليفة.
- انظر إلى نشرة العبوة للحصول على تعليمات التخزين المناسبة، أو اسأل الصيدلي.
- احرص على اتباع أي تعليمات خاصة بالتبريد أو التجميد.
- من الأفضل دائماً استخدام الأدوية التي لم تنته صلاحيتها؛ فذلك أكثر أماناً.
- إذا تناولت دواءً منتهي الصلاحية ولاحظت أن تأثيره ضئيل أو معدوم، فاستبدل به آخر جديداً على الفور.
- احتفظ دائماً بوصفة طبية جديدة لأدوية الأمراض المزمنة المهددة للحياة كالقلب والسرطان، قبل انتهاء صلاحيتها.
- قد تسبب هذه الأدوية مشكلات خطيرة إذا انتهت صلاحيتها: العقاقير البيولوجية - الإنسولين - قطرات العين – الحقن – الأدوية التي تُركب من قبل الصيدلي.
- يجب التخلص من أي دواء يبدو أنه متحلل أو عكر أو له رائحة ضارة واستبداله على الفور.
- عند الشك في صلاحية أو فاعلية أي دواء، فمن الأفضل الحصول على آخر جديد، بأمان.
* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».