باكستان: 100 قتيل في تفجير مسجد الشرطة... والأسر تبحث عن ذويها

الانتحاري كان يقف في الصف الأول بين المصلين

آلات ثقيلة لإزالة الأنقاض والبحث عن الضحايا بعد يوم من تفجير مسجد للشرطة في بيشاور (أ.ف.ب)
آلات ثقيلة لإزالة الأنقاض والبحث عن الضحايا بعد يوم من تفجير مسجد للشرطة في بيشاور (أ.ف.ب)
TT

باكستان: 100 قتيل في تفجير مسجد الشرطة... والأسر تبحث عن ذويها

آلات ثقيلة لإزالة الأنقاض والبحث عن الضحايا بعد يوم من تفجير مسجد للشرطة في بيشاور (أ.ف.ب)
آلات ثقيلة لإزالة الأنقاض والبحث عن الضحايا بعد يوم من تفجير مسجد للشرطة في بيشاور (أ.ف.ب)

ملأت حشود مذعورة المستشفيات في بيشاور بباكستان، الثلاثاء، للبحث عن الأقارب بعد يوم من تفجير انتحاري في مسجد مزدحم داخل منطقة شديدة التحصين في المدينة، أسفر عن مقتل 100، معظمهم من رجال الشرطة. ويأتي الهجوم الذي وقع في منطقة بوليس لاينز بعد تصاعد أعمال العنف التي تستهدف الشرطة، وهو الهجوم الأكثر دموية منذ عقد، الذي يضرب هذه المدينة المضطربة الواقعة شمال غربي البلاد بالقرب من الحدود الأفغانية. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها.
وصرخت عجوز تسير بجانب سيارة إسعاف تحمل نعوشا «ولدي، ابني»، بينما كان رجال الإنقاذ ينقلون الجرحى إلى وحدة الطوارئ بالمستشفى. وأصيب ما لا يقل عن 170 في الانفجار الذي دمر الطابق العلوي من المسجد، بينما كان المئات يؤدون صلاة العصر.
وقال المسؤول الحكومي المحلي البارز رياض محسود، لـ«رويترز» إن عدد الضحايا سيرتفع على الأرجح مع استمرار التفتيش بين الحطام بعد مضي أكثر من 24 ساعة على الانفجار. وقال المتحدث باسم منشأة طبية هي الأكبر في المدينة في بيان «تم نقل 100 جثة حتى الآن إلى مستشفى ليدي ريدينغ». وتقول السلطات إنها لا تعرف كيف تمكن الانتحاري من دخول منطقة بوليس لاينز المحصنة بسلسلة من نقاط التفتيش التي يحرسها أفراد من الشرطة والجيش. ويعود تاريخ المنطقة إلى الحقبة الاستعمارية، وهي معسكر في وسط المدينة قائم بذاته يسكنه أفراد شرطة من الرتب المتوسطة والمتدنية بصحبة أسرهم. ونظرا للمخاوف الأمنية في بيشاور، بُني المسجد حديثا للسماح لأفراد الشرطة بالصلاة من دون مغادرة المنطقة. وقال وزير الدفاع خواجة آصف، إن الانتحاري كان يقف في الصف الأول من صفوف المصلين عندما نفذ التفجير. والهجوم هو الأسوأ في بيشاور منذ التفجيرين الانتحاريين في كنيسة أول سينتس (جميع القديسين) اللذين قتلا عشرات المصلين في سبتمبر (أيلول) 2013، في الهجوم الأكثر دموية على الأقلية المسيحية بباكستان. وتقع بيشاور على أطراف أراضي قبائل البشتون، وهي منطقة تعج بأعمال العنف منذ عقدين. وأكثر الجماعات المتشددة نشاطا في المنطقة هي «حركة طالبان» الباكستانية، وتسمى أيضا «حركة طالبان باكستان»، وهي مظلة لجماعات إسلامية سنية وطائفية معارضة لحكومة إسلام آباد. ونفت حركة طالبان باكستان مسؤوليتها عن التفجير الذي وقع أول من أمس الاثنين رغم أنها كثفت هجماتها منذ انسحابها من اتفاق سلام مع الحكومة العام الماضي.

وقال مدير شرطة بيشاور محمد حجاز خان لوكالة الصحافة الفرنسية إن الحصيلة ارتفعت إلى 89 قتيلا بعد «وفاة ستة جرحى متأثرين بإصاباتهم». وقال بلال أحمد فايزي المتحدث باسم الطوارئ: «سنزيل هذا الصباح القسم الأخير من السقف المنهار لنتمكن من انتشال المزيد من الجثث لكننا متشائمون بشأن فرص العثور على ناجين آخرين». واحتشد المئات في جنازة عرفان الله مفتش الشرطة الذي قتل في الانفجار. وقبل أيام قليلة فقط نجا من هجوم آخر، خلال كمين مات فيه بعض زملائه. وعثر خلال الليل على تسع جثث تحت أنقاض المسجد الذي انهار سقفه وأحد جدرانه جراء عصف الانفجار. وقالت الشرطة إن المهاجم اجتاز على ما يبدو عدة حواجز تحرسها قوات الأمن للوصول إلى مجمع «المنطقة الحمراء» الذي يضم مقرا للشرطة وإدارة لمكافحة الإرهاب في مدينة بيشاور المضطربة شمال غربي البلاد. وقال قائد شرطة بيشاور إعجاز خان لـ«رويترز» «كان تفجيرا انتحاريا»، مضيفا أن 170 أصيبوا، بينهم كثيرون في حالة حرجة.
وقال خان للصحافيين «وجدنا آثار متفجرات». مضيفا أن «الأمر ينطوي على ثغرة أمنية بشكل واضح، إذ تسلل الانتحاري عبر المنطقة الأكثر تأمينا في المجمع». وأشار خان إلى أن المسجد كان فيه حوالي 400 مصل، وأن معظم القتلى من رجال الشرطة، بحسب «رويترز». وبينما أعلن سربكاف مهمند، أحد قادة حركة طالبان باكستان، مسؤولية الحركة عن الهجوم، فإن المتحدث باسم الحركة محمد خراساني نفى ذلك، بحسب ما ذكرت «الأسوشييتد برس». وفي أحد المستشفيات، قال الشرطي وجاهات علي (23 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء «علقتُ تحت الأنقاض وفوقي جثة رجل لمدة سبع ساعات. فقدت كل أمل في النجاة». وقال مسؤول في الشرطة إن عشرين شرطيا على الأقل دفنوا مساء الاثنين في مراسم مع حرس الشرف، ولُفت نعوشهم بالعلم الباكستاني. وتواجه باكستان تدهوراً أمنياً منذ أشهر عدّة، خصوصاً منذ سيطرة «طالبان» على السلطة في أفغانستان في أغسطس (آب) 2021.
وبعد سنوات من الهدوء النسبي، تجددت الهجمات التي ينفّذها عناصر من حركة «طالبان باكستان» أو من تنظيم «داعش - ولاية خراسان»، أو مجموعات انفصالية من البلوش. ويرى المحللون أن نجاح حركة طالبان شجع هذه الجماعات. وتتهم باكستان الحركة بالسماح لبعض هذه الجماعات بالتخطيط لهجماتها انطلاقاً من الأراضي الأفغانية، وهو ما تنفيه كابل على الدوام. وقال الشرطي شهيد علي (47 عاماً) الذي نجا من الانفجار لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ التفجير وقع بعد ثوانٍ من بدء الصلاة. وأضاف «رأيت دخاناً أسود يتصاعد. جريت إلى الخارج للنجاة بنفسي»، مشيراً إلى أنّ «صرخات الناس ما زالت تتردد في رأسي. كانوا يصرخون طلباً للمساعدة». وفي الأشهر الأخيرة، شهدت المدينة هجمات استهدفت بشكل أساسي قوات الأمن. وفي مارس (آذار) 2022، أسفر هجوم انتحاري تبنّاه تنظيم «داعش - ولاية خراسان»، الفرع المحلّي لتنظيم «داعش»، على مسجد للطائفة الشيعية في بيشاور عن مقتل 64 شخصاً. وكان هذا الهجوم الأكثر دموية في باكستان منذ عام 2018.


مقالات ذات صلة

إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

العالم إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

ذكرت وسائل إعلام باكستانية أمس (الاثنين)، نقلاً عن تقرير سري لوزارة الدفاع، أن رئيس الوزراء السابق عمران خان وزعماء سياسيين آخرين، قد يجري استهدافهم من قبل تنظيمات إرهابية محظورة خلال الحملة الانتخابية. وذكر التقرير على وجه التحديد عمران خان، ووزير الدفاع خواجة آصف، ووزير الداخلية رنا سناء الله، أهدافاً محتملة لهجوم إرهابي خلال الحملة الانتخابية. وقدمت وزارة الدفاع تقريرها إلى المحكمة العليا في وقت سابق من الأسبوع الحالي.

عمر فاروق (إسلام آباد)
العالم 3 قتلى بقنبلة استهدفت مركزاً للشرطة في باكستان

3 قتلى بقنبلة استهدفت مركزاً للشرطة في باكستان

أسفر اعتداء بقنبلة استهدف اليوم (الاثنين) مركزا لشرطة مكافحة الإرهاب الباكستانية عن ثلاثة قتلى وتسبب بانهيار المبنى، وفق ما أفادت الشرطة. وقال المسؤول في الشرطة المحلية عطاء الله خان لوكالة الصحافة الفرنسية إن «قنبلتين انفجرتا» في مركز الشرطة «وأسفرتا عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل» في مدينة كابال الواقعة في وادي سوات بشمال غربي باكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم باكستان: 358 قتيلاً بثلاثة شهور بسبب الإرهاب

باكستان: 358 قتيلاً بثلاثة شهور بسبب الإرهاب

تمكّن الجيش الباكستاني من القضاء على ثمانية مسلحين من العناصر الإرهابية خلال عملية نفذها في مقاطعة وزيرستان شمال غربي باكستان. وأوضح بيان صادر عن الإدارة الإعلامية للجيش اليوم، أن العملية التي جرى تنفيذها بناءً على معلومات استخباراتية، أسفرت أيضًا عن مقتل جنديين اثنين خلال تبادل إطلاق النار مع الإرهابيين، مضيفًا أنّ قوات الجيش صادرت من حوزة الإرهابيين كمية من الأسلحة والمتفجرات تشمل قذائف». ونفذت جماعة «طالبان» الباكستانية، وهي عبارة عن تحالف لشبكات مسلحة تشكل عام 2007 لمحاربة الجيش الباكستاني، ما يقرب من 22 هجوماً.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الاقتصاد باكستان تقترب من اتفاق مع صندوق النقد بعد تعهد الإمارات بمليار دولار

باكستان تقترب من اتفاق مع صندوق النقد بعد تعهد الإمارات بمليار دولار

قال وزير المالية الباكستاني، إسحق دار، اليوم (الجمعة)، إن الإمارات أكدت تقديم دعم بقيمة مليار دولار لإسلام أباد، ما يزيل عقبة أساسية أمام تأمين شريحة إنقاذ طال انتظارها من صندوق النقد الدولي. وكتب دار على «تويتر»: «مصرف دولة باكستان يعمل الآن على الوثائق اللازمة لتلقي الوديعة المذكورة من السلطات الإماراتية». ويمثل هذا الالتزام أحد آخر متطلبات الصندوق قبل أن يوافق على اتفاقية على مستوى الخبراء للإفراج عن شريحة بقيمة 1.1 مليار دولار تأخرت لأشهر عدة، وتعد ضرورية لباكستان لعلاج أزمة حادة في ميزان المدفوعات. ويجعل هذا التعهد الإمارات ثالث دولة بعد السعودية والصين تقدم مساعدات لباكستان التي تحتاج إل

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم باكستان: مقتل أربعة رجال شرطة في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين

باكستان: مقتل أربعة رجال شرطة في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين

أعلنت الشرطة الباكستانية مقتل 4 رجال شرطة باكستانيين على الأقل في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين في مدينة كويتا في الساعات الأولى من الثلاثاء. وقال قائد شرطة العمليات في كويتا، كابتن زهيب موشين، لموقع صحيفة «دون» الباكستانية، إنه جرى شن العملية لتحييد الإرهابيين الذين شاركوا في الهجمات السابقة على قوات الأمن في كوتشلاك. وأضاف زهيب أن العملية أجريت بالاشتراك مع أفراد شرطة الحدود، حسب موقع صحيفة «دون» الباكستانية. وقال زهيب إن عناصر إنفاذ القانون طوقوا، خلال العملية، منزلاً في كوتشلاك، أطلق منه الإرهابيون النار على رجال الشرطة ما أدى إلى مقتل أربعة منهم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».