يجتمع وزيرا الدفاع والخارجية الفرنسيان مع نظيريهما الأستراليين، اليوم الاثنين، في باريس؛ سعياً لإعادة بناء الروابط التي انقطعت بعد أزمة الغواصات، في حين ترى باريس في ذلك فرصة لإعادة إطلاق استراتيجيتها في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وانهارت الثقة بين باريس وكانبيرا، في سبتمبر (أيلول) 2021، عندما ألغت حكومة المحافظين الأسترالية السابقة فجأة عقداً قيمته 90 مليار دولار أسترالي (56 مليار يورو) لشراء غواصات من مجموعة نافال الفرنسية، لقاء شراء غوّاصات تعمل بالدفع النووي في إطار الإعلان عن اتفاق «أوكوس» بين أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا.
وظلت العلاقات الثنائية متوترة حتى انتخاب رئيس وزراء أسترالي جديد، في مايو (أيار) 2022، هو أنتوني ألبانيزي الذي سعى منذ ذلك الحين لإعادة الهدوء إلى العلاقات مع باريس.
وتعقد وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ووزير الجيوش سيباستيان لوكورنو، اليوم الاثنين، اجتماعاً مشتركاً مع نظيريهما بيني وونغ وريتشارد مارلز في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية؛ من أجل مواصلة «الديناميكية الإيجابية التي بدأت بعد زيارة رئيس الوزراء الأسترالي» في يوليو (تموز) الماضي، وفقاً لما أوضحته المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر.
وقالت أوساط وزير الجيوش الفرنسي إن العلاقة «عادت من جديد»، لكن على البلدين تعميقها للتوصل إلى «أفعال ملموسة»، من دون أن تعطي مزيداً من التفاصيل بشأن أي إعلان محتمَل.
من جهتهما قالت بيني وونغ وريتشارد مارلز، في بيان مشترك، إن المناقشات مع الوزيرين الفرنسيين «ستتيح تطوير وتنسيق الاستجابة الفرنسية والأسترالية للبيئة الاستراتيجية التي تزداد صعوبة في منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا». وتوقّعا إحراز تقدم لناحية تطوير خريطة طريق «لتعزيز التعاون»، خصوصاً في مجالات الدفاع والأمن والتحرك حيال المناخ.
وقال ضابط عسكري فرنسي، طلب عدم ذكر اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن منطقة آسيا والمحيط الهادئ «منطقة ذات اهتمام كبير للصين والولايات المتحدة على السواء»، والطموحات التي لا تخفيها الصين في هذه المنطقة «تتطلب رداً استراتيجياً».
تحاول فرنسا، على غرار الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية، تعزيز مواقعها في هذه المنطقة الشاسعة الممتدة من سواحل شرق أفريقيا إلى السواحل الغربية لأميركا، والتي يمر عبرها جزء كبير من التجارة العالمية وحيث توسِّع الصين نفوذها.
ولفرنسا فيها عدد من المناطق والمجالات البحرية التي تمنحها حقّاً في الإشراف عليها وتفرض عليها تيقّظاً متواصلاً فيما يتعلق بالتوازنات الجيواستراتيجية والتحديات في مجالي البيئة وصيد السمك، فضلاً عن مكافحة مختلف أعمال التهريب المرتبطة بالمحيطات.
وزادت فرنسا، بهذا الصدد، وجودها العسكري وكثّفت تعاونها مع دول حوض هذه المنطقة، وعززت نقاط وجودها التقليدية، كما ضاعفت التدريبات المشتركة، ولا سيما مع الهند واليابان، وعززت دورياتها في بحر الصين، حيث يتركز التوتر في ظل تصعيد بكين الاستفزازات والمطالب الجغرافية. غير أن توقيع اتفاق «أوكوس» الذي ترافق مع إلغاء كانبيرا عقد شراء 12 غواصة فرنسية، ألقى بظلِّه على طموحات باريس في 2021.
وتبحث باريس، اليوم، عن موقع لها، ويؤكد الرئيس إيمانويل ماكرون أن بلاده تلعب دور «قوة توازن» غير منحازة لأي من بكين وواشنطن. غير أن بُعد فرنسا وضعف الترسانة الفرنسية في المنطقة بمواجهة القوتين الكبريين، لا يتناسبان مع هذه الطموحات.
ورأى أعضاء في مجلس الشيوخ الفرنسي، في تقرير صدر الأسبوع الماضي، أن الاستراتيجية الفرنسية تفتقر إلى «وضوح الرؤية».
واعتبر الضابط الفرنسي أنه على باريس أن تعزز تعاونها في هذا المركز الأساسي للتجارة الدولية من دون أن تعطي انطباعاً بأنها تنشر «جهازاً مضاداً للصين»، موضحاً أن «فرنسا اختارت عدم الانضمام إلى أي ائتلاف يمكن أن يظهر على أنه مُعادٍ للصين».
وذكرت أوساط سيباستيان لوكورنو، من جهة أخرى، أنه مع أستراليا «هناك رهان: نحن دولة محاذية» من خلال كاليدونيا الجديدة.
ومن بين المجالات الأخرى التي سيجري بحثها الأمن الإلكتروني وأمن الكابلات البحرية والصراع المعلوماتي، وأكدت الأوساط «أنه مجال أقل وضوحاً» من توقيع عقود، لكنه مجال تعمل الصين على إرساء نفوذها فيه.
اجتماع فرنسي أسترالي لإعادة الثقة بعد أزمة الغواصات
اجتماع فرنسي أسترالي لإعادة الثقة بعد أزمة الغواصات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة