سينما رغم الأزمة‬

سينما رغم الأزمة‬
TT

سينما رغم الأزمة‬

سينما رغم الأزمة‬

> أن يُقام مهرجان سينمائي في بيروت رغم الوضع الصعب الذي نعرفه جميعاً، فهذا دليل على رفض الإذعان للظروف الاقتصادية القاسية التي يمر بها البلد. هو أيضاً فعل ثقافي يقوم به جزء من المجتمع غير الراضخ للأحوال السياسية التي تعصف بالبلد.
> المهرجان هو «اللقاء الثاني»، الذي يختص بعرض أفلام كلاسيكية قديمة يجمعها من سينمات العالم العربي من دون تحديد تواريخ معيّنة. الفيلم الجيد، بصرف النظر عن موطن إنتاجه أو نوعه أو تاريخ إنتاجه، يجد في هذا اللقاء فرصة لعرض سينمائي آخر.
> طبعاً هناك من سيتساءل عن الفائدة، ما دامت شاشات التلفزيون تنهل من تلك الأفلام وتعرضها في مساحاتها، التي ستبقى أصغر من شاشات العرض في صالات السينما. وهذا بعض المقصود. أي فيلم على الشاشة السينمائية هو أفضل منه نفسه إذا ما عُرض على أي شاشة إلكترونية أو متلفزة أخرى.
> المهرجان من تأسيس جمعية «متروبوليس سينما» ويضم، فيما يضم، أفلام المخرجة اللبنانية جوسلين صعب، التي رحلت عن عالمنا سنة 2019 تاركة أفلاماً تسجيلية وروائية بديعة ومهمّة أرَّخت في بعضها لبيروت والحرب الأهلية.
> في أفلامها نبرة سياسية مستمدة من المواضيع التي اختارتها، ونجد في أفلام المهرجان أفلاماً أخرى ذات نبرة سياسية لا تقل أهمية، كما الحال في الفيلم المغربي وعنوانه «أحداث بلا دلالة». هذا الفيلم عُدّ مفقوداً وممنوعاً، سنة إنتاجه (1974) لكن السينماتيك الإسباني كشف قبل عامين عن امتلاكه نسخة جيدة، استعان بها المهرجان اللبناني وعرضها.
> فيلم آخر يُعاد عرضه ضمن الاهتمام بأوضاع ومساحات سياسية هو «الاختيار» ليوسف شاهين. هذا الفيلم، كما حال بعض الأفلام الأخرى من تلك التي رُممت مؤخراً وهي خطوة بالغة الأهمية للحفاظ على نقاوة وصفاء الصورة والصوت.
> ولا يمكن لنا إلا أن نتمنى أن تُنظّم مهرجانات لبنان، وهو في وضع أفضل في السنوات المقبلة.
م. ر


مقالات ذات صلة

وفاة الممثل البريطاني راي ستيفنسون نجم «ثور» و«ستار وورز»

يوميات الشرق الممثل البريطاني راي ستيفنسون (أ.ب)

وفاة الممثل البريطاني راي ستيفنسون نجم «ثور» و«ستار وورز»

توفي الممثل البريطاني راي ستيفنسون الذي شارك في أفلام كبرى  مثل «ثور» و«ستار وورز» عن عمر يناهز 58 عامًا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «إسماعيلية رايح جاي» يشعل «الغيرة الفنية» بين محمد فؤاد وهنيدي

«إسماعيلية رايح جاي» يشعل «الغيرة الفنية» بين محمد فؤاد وهنيدي

أثارت تصريحات الفنان المصري محمد فؤاد في برنامج «العرافة» الذي تقدمه الإعلامية بسمة وهبة، اهتمام الجمهور المصري، خلال الساعات الماضية، وتصدرت التصريحات محرك البحث «غوغل» بسبب رده على زميله الفنان محمد هنيدي الذي قدم رفقته منذ أكثر من 25 عاماً فيلم «إسماعيلية رايح جاي». كشف فؤاد خلال الحلقة أنه كان يكتب إفيهات محمد هنيدي لكي يضحك المشاهدين، قائلاً: «أنا كنت بكتب الإفيهات الخاصة بمحمد هنيدي بإيدي عشان يضحّك الناس، أنا مش بغير من حد، ولا يوجد ما أغير منه، واللي يغير من صحابه عنده نقص، والموضوع كرهني في (إسماعيلية رايح جاي) لأنه خلق حالة من الكراهية». واستكمل فؤاد هجومه قائلاً: «كنت أوقظه من النوم

محمود الرفاعي (القاهرة)
سينما جاك ليمون (يسار) ومارشيللو ماستروياني في «ماكاروني»

سنوات السينما

Macaroni ضحك رقيق وحزن عميق جيد ★★★ هذا الفيلم الذي حققه الإيطالي إيتوري سكولا سنة 1985 نموذج من الكوميديات الناضجة التي اشتهرت بها السينما الإيطالية طويلاً. سكولا كان واحداً من أهم مخرجي الأفلام الكوميدية ذات المواضيع الإنسانية، لجانب أمثال بيترو جيرمي وستينو وألبرتو لاتوادا. يبدأ الفيلم بكاميرا تتبع شخصاً وصل إلى مطار نابولي صباح أحد الأيام. تبدو المدينة بليدة والسماء فوقها ملبّدة. لا شيء يغري، ولا روبرت القادم من الولايات المتحدة (جاك ليمون في واحد من أفضل أدواره) من النوع الذي يكترث للأماكن التي تطأها قدماه.

يوميات الشرق الممثل أليك بالدوين يظهر بعد الحادثة في نيو مكسيكو (أ.ف.ب)

توجيه تهمة القتل غير العمد لبالدوين ومسؤولة الأسلحة بفيلم «راست»

أفادت وثائق قضائية بأن الممثل أليك بالدوين والمسؤولة عن الأسلحة في فيلم «راست» هانا جوتيريز ريد اتُهما، أمس (الثلاثاء)، بالقتل غير العمد، على خلفية إطلاق الرصاص الذي راحت ضحيته المصورة السينمائية هالينا هتشينز، أثناء تصوير الفيلم بنيو مكسيكو في 2021، وفقاً لوكالة «رويترز». كانت ماري كارماك ألتوايز قد وجهت التهم بعد شهور من التكهنات حول ما إن كانت ستجد دليلاً على أن بالدوين أبدى تجاهلاً جنائياً للسلامة عندما أطلق من مسدس كان يتدرب عليه رصاصة حية قتلت هتشينز. واتهم كل من بالدوين وجوتيريز ريد بتهمتين بالقتل غير العمد. والتهمة الأخطر، التي قد تصل عقوبتها إلى السجن خمس سنوات، تتطلب من المدعين إقناع

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
مشهد من فيلم «سطار»

«سطار»... فرصة تتقوض وحلم طفولة يصبح كابوساً

تطلق «أفلام الشميسي» أول أعمالها مع الفيلم الكوميدي «سطار» الذي يحكي قصة اجتماعية كوميدية، في ظل ازدهار تشهده صناعة السينما في السعودية، وتطلُّع لدى شركات الإنتاج في السعودية لأخذ حيز من فضاء السينما العربية، والمنافسة في المحافل الدولية. الفيلم الذي قدم أول عروضه في النسخة الأخيرة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي وحظي بتقدير النقاد وإشادة المشاركين، سيصبح متاحاً للجمهور والدور، ابتداءً من الخميس المقبل، كأحدث إنتاجات الشركات السعودية التي تتطلع لأخذ حيز من فضاء السينما العربية. وقال إبراهيم الخير الله، الرئيس التنفيذي لـ«أفلام الشميسي»: «فخورون بإطلاق أول أعمال (أفلام الشميسي)، وهي إحد

عمر البدوي (الرياض)

مهرجانات العالم تصعد وتهبط أو تبقى حيث هي

حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين استقبل توم كروز في إحدى دورات مهرجان «دبي»
حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين استقبل توم كروز في إحدى دورات مهرجان «دبي»
TT

مهرجانات العالم تصعد وتهبط أو تبقى حيث هي

حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين استقبل توم كروز في إحدى دورات مهرجان «دبي»
حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين استقبل توم كروز في إحدى دورات مهرجان «دبي»

يحتفي مهرجان شيكاغو، في الشهر العاشر من هذا العام، بمرور 68 سنة على ولادته سنة 1956. هو بالطبع ليس أقدم مهرجان سينما في العالم، لكنه أقدم مهرجان سينمائي في الجزء الشمالي من القارة الأميركية.

المهرجان الأميركي العتيد تمتع بالفرادة عاماً واحداً، إذ انطلق على إثره في عام 1957 مهرجان كبير آخر هو سان فرانسيسكو.

كل منهما كان له شأن كبير في الستينات والسبعينات. لكنهما اليوم أقل استدعاء لعناصر النجاح وأقل شهرة من مهرجانات أميركية أخرى مثل «صندانس» و«بالم سبرينغز» و«سانتا باربرا» و«ترايبيكا».

المهرجانات الثلاثة الأولى (صندانس وبالم سبرينغز وسانتا باربرا)، كلها في ولاية كاليفورنيا، كذلك حال مهرجان سان فرانسيسكو، فهل يعكس ذلك أهمية الموقع الجغرافي بالنسبة لمهرجان ما؟ وإذا كان يفعل لماذا لا يواكب النجاح ذا الأمد الطويل مهرجانات أخرى تُقام في مدن وعواصم رئيسية مثل القاهرة وأثينا وطوكيو وروما؟

مهرجان «سان سيباستيان» نافس «كان» (سان سيباستيان)

حديث العالم

الأسئلة كثيرة وكاشفة عن أن النوايا لا تحقق النجاح بالضرورة. هناك باع واسع بينها وبين ما يمكن فعلاً تحقيقه، وبين ما يمكن تحقيقه لكن الممكن يتحوّل إلى المستحيل بسبب عوائق أهمها عدم الدراية والسرعة في محاولة إثبات الفاعلية والشهرة.

قبل 60 سنة أو ما يواكبها لم تكن المهرجانات في الأساس غزيرة العدد (نحو 9 آلاف مهرجان حسب موقع IMBd معظمها صغير لكنه منتظم) مما جعل المهرجانات الموجودة في ذلك الحين قادرة على البروز واحتلال المكان المتقدّم في خريطة المهرجانات. لكن حتى في ذلك الحين كانت هناك مهرجانات ترتفع عن سواها وأخرى تهبط كالمصاعد الكهربائية. على سبيل المثال شكّل مهرجان سان سيباستيان السينمائي (الذي احتفى بمرور 60 سنة على إنشائه العام الحالي) شوكة في خاصرة مهرجان «كان» في مطلع الستينات ولبضع سنوات. كان أشهر وأكبر وتحلّى بميزانية أوفر وجمع أفلاماً أهم.

شيكاغو وسان فرانسيسكو كانا حديث العالم في ذلك الحين تماماً كمهرجانات أوروبا. إلى حدٍ كبير بقي هذان المهرجانان في مرمى اهتمام العالم. السينما الفرنسية اختارت شيكاغو سنة 1972 لعرض نسخة مرممة من فيلم «بونابرت والثورة» لآبل غانس، وروسيا اختارته ليكون العرض الأول لفيلم غريغوري كزنتزيف «الملك لير» (ما زال أحد أهم الإنجازات الفيلمية عن ذلك النص الشكسبيري الذي لا يُهزم).

على الجانب الأوروبي أحاط مهرجان موسكو نفسه بهالة كبيرة من النجاح مستقبلاً أفلاماً شرقية وغربية. وقف وراء نجاحه حقيقة أن العالم المنقسم على نفسه بين يسار ويمين وجد فيه ضالة فريدة من حيث رغبة ذلك المهرجان الدفع إلى الواجهة في سينما تقدمية سياسياً وجيدة فنياً.

لم يكن التنويع أمراً سهلاً في البداية. رغم ذلك، وفي إطار الدورة الرابعة سنة 1956 (حين كان لا يزال يُقام كل عامين بالتناوب مع مهرجان كارلوڤي ڤاري في تشيكوسلوڤاكيا، سابقاً) جاءت الأفلام من النادي الأوروبي الشرقي: بلغاريا، ورومانيا، وألمانيا الشرقية والمجر كما من السينمات الغربية مثل إيطاليا وبريطانيا والدنمارك وفنلندا والولايات المتحدة).

السينما العربية وجدت في موسكو ملاذاً جيّداً منذ الستينات وما بعد، فعرض فيه مخرجون عرب لامعون أفلامهم. من بينهم المصريون، حسين كمال، وصلاح أبو سيف، وحسام الدين مصطفى، والسوري صلاح ذهني، والجزائريان محمد بوعماري ومرزاق علواش، وعديدٌ غيرهم؛ صلاح أبو سيف، ومديحة يسري، ويوسف شاهين كانوا من عداد لجان التحكيم الرئيسية في تلك الآونة.

للملاحظة، كان وجود حسام الدين مصطفى في مهرجان موسكو أمراً غير متوقع بسبب مواقفه السياسية، لكنه عرض هناك فيلمه «سونيا والمجنون» (المأخوذ عن رواية «الجريمة والعقاب» لفيودور دوستويفسكي)، ما يبرر رغبة المخرج في الذهاب به إلى ذلك المهرجان.

طبعاً كان مهرجان موسكو محطة سياسية الهدف، لكن المهرجانات الكبرى الثلاث، فينيسيا وكان وبرلين، كانت بدورها ردات فعل سياسية حيال أحداث وتطوّرات من هذا النوع ألمّت بالعالم قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها.

«سونيا والمجنون» لحسام الدين مصطفى (ستديو مصر)

صعود وهبوط

بالممارسة وتبعاً للمتغيّرات، تهاوت العناصر السياسية جانباً كسبب لإطلاق مهرجان أو نجاحه. مهرجانات الثمانينات والتسعينات وما بعد أقيمت لغايات أخرى في صدرها الرغبة في أن يكون للمدينة أو للبلد الذي تنتمي إليه موقعاً بين هذه الاحتفالات الكبيرة. في هذا السياق نجد نشأة معظم المهرجانات الدولية مثل مهرجانات القاهرة وإسطنبول وأثينا وروتردام وتورونتو ونيويورك وساراييڤو ونيودلهي ومهرجانات أخرى من تلك المذكورة آنفاً.

وعى العالم العربي أهمية المهرجانات باكراً: قرطاج في مطلع الستينات ثم دمشق والقاهرة وصولاً إلى دبي وأبوظبي ومراكش ثم، في السنوات العشر الأخيرة، البحر الأحمر والجونة وعمّان وبغداد وسواها.

في مضمار ما يتناوله هذا الاستعراض ارتفعت مهرجانات عربية عديدة وهبطت. الحال أن «القاهرة» بدا فاعلاً أساسياً في هذه المنطقة من العالم، وكوّن لنفسه صدى طيّباً لجانب ذاك الذي اشتهر به مهرجان قرطاج بوصفه مناسبة لجمع الأفلام العربية والأفريقية. لكن الطموح الكبير للقاهرة لم يصاحبه معرفة الكيفية الصحيحة للإدارة فتحوّلت المناسبة إلى غاية بحد نفسها.

مع «دبي» و«أبوظبي» ارتفعت الآمال بمهرجانين حدثيين في العالم العربي خصوصاً «دبي»، الذي استفاد سريعاً من خبرة من عملوا فيه ومن حقيقة أن مدينة دبي تجذب، طبيعياً الإعلام ولها موقع جيد بوصفها مدينة مزدهرة ومختلفة. شهرة مهرجان «دبي» وقيمته الفنية والإعلامية سادت طوال سنوات إقامته التي امتدت لـ10 سنوات قبل إيقافه وهو في أوج نشاطه.

بينما تسهر الكفاءات اليوم على دفع جميع المهرجانات، عربية وغير عربية، إلى صف أمامي أول، لا بدّ الإشارة إلى أن كلمة «العالمي» لا تعني شيئاً أكثر من التعريف بتصنيف الأفلام التي يعرضها. نحن نبلغ العالمية عندما يختار مهرجاناتنا صانعو الأفلام قبل سواها.