النائب العام اللبناني يدعي على «محقق المرفأ»: تمرد على القضاء واغتصب السلطة

بيطار: لن أتنحى عن الملف... ولا يحق لعويدات إطلاق سراح موقفين

جانب من الدمار جراء انفجار نترات أمونيوم كانت مخزنة داخل مرفأ بيروت في أغسطس 2020 (أ.ب)
جانب من الدمار جراء انفجار نترات أمونيوم كانت مخزنة داخل مرفأ بيروت في أغسطس 2020 (أ.ب)
TT

النائب العام اللبناني يدعي على «محقق المرفأ»: تمرد على القضاء واغتصب السلطة

جانب من الدمار جراء انفجار نترات أمونيوم كانت مخزنة داخل مرفأ بيروت في أغسطس 2020 (أ.ب)
جانب من الدمار جراء انفجار نترات أمونيوم كانت مخزنة داخل مرفأ بيروت في أغسطس 2020 (أ.ب)

ادعى النائب العام التمييزي غسان عويدات، اليوم (الأربعاء)، على المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار، وسط معركة قضائية غير مسبوقة تُهدد بالإطاحة بالتحقيق في الكارثة التي هزت العاصمة في صيف 2020. ويأتي قرار عويدات بعد يومين على إعلان بيطار، متحدياً الضغوط السياسية والعرقلات القضائية، استئناف تحقيقاته رغم عشرات الدعاوى التي طالبت بعزله وعلّقت عمله منذ 13 شهراً، في خطوة رفضتها النيابة العامة التمييزية.
واستأنف بيطار تحقيقاته بالادعاء على ثمانية أشخاص، بينهم عويدات ومسؤولان أمنيان رفيعان. وسارعت النيابة العامة التمييزية إلى رفض قرارات بيطار، إن كان استئناف التحقيقات أو الادعاءات الجديدة.
وتفاقمت المعركة القضائية، اليوم، بإعلان عويدات الادعاء على بيطار، وإخلاء سبيل الموقوفين كافة الـ17 في التحقيق. وأكد عويدات لوكالة الصحافة الفرنسية، الادعاء على «بيطار وقرار منعه من السفر على خلفية التمرد على القضاء واغتصاب السلطة».
من جهته، رفض بيطار التنحي كما الادعاء عليه. وقال للوكالة «أنا ما زلت المحقق العدلي ولن أتنحى عن الملف (...)، أما عويدات فلا صلاحية له للادعاء عليّ، وقراره يجب ألا ينفذ»، مضيفاً «لا يحق لعويدات أي قرار في الملف؛ كونه مدعى عليه. لا يحق له أن يدعي على قاض سبق وإن ادعى عليه». وأكد مسؤول قضائي رفض بيطار المثول أمام عويدات.
ومن بين الأشخاص الثمانية الذين ادعى عليهم بيطار، أمس، عويدات وثلاثة قضاة، والمدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، الذي تربطه علاقة جيدة بالقوى السياسية، خصوصاً «حزب الله»، ومدير جهاز أمن الدولة طوني صليبا المقرب من الرئيس السابق ميشال عون. وحدّد بيطار مواعيد لاستجواب 13 شخصاً مدعى عليهم، الشهر المقبل، في إطار دعاوى حقّ عام «بجرائم القتل والإيذاء والإحراق والتخريب معطوفة جميعها على القصد الاحتمالي».
وقرر عويدات، اليوم، وفق مذكرة اطلعت عليها الوكالة، «إطلاق سراح الموقوفين كافة في قضية انفجار مرفأ بيروت دون استثناء، ومنعهم من السفر وجعلهم بتصرف المجلس العدلي». وجاء قراره إثر إعلان بيطار قراره بإخلاء سبيل خمسة فقط من الموقوفين الـ17.
وقال بيطار، إن «عويدات لا يحق له إطلاق سراح موقفين، بل إن المحقق العدلي هو الوحيد المخول ذلك». وأفادت وسائل إعلام محلية عن بدء إخلاءات السبيل، وقد أُطلق سراح مدير عام الجمارك السابق بدري ضاهر.
وأثار قرار إخلاء سبيل الموقوفين كافة، وبينهم لبناني يحمل الجنسية الأميركية، غضب أهالي الضحايا الذين دعوا إلى التظاهر. وقالت المحامية سيسيل روكز، التي فقدت شقيقها في الانفجار، إن عويدات «لا يحق له إخلاء سبيل الموقوفين. هذا جنون».
ومنذ تسلمه الملف، يواجه بيطار عقبات وتدخلات سياسية حالت دون إتمام بيطار عمله، مع اعتراض قوى سياسية عدّة، أبرزها «حزب الله»، على عمله واتهامه بـ«تسييس» الملف، وصولاً إلى المطالبة بتنحّيه.
وامتنع البرلمان السابق عن رفع الحصانة عن نواب شغلوا مناصب وزارية؛ ما حال دون استجوابهم. وامتنعت وزارة الداخلية عن منح بيطار الإذن لاستجواب مسؤولين أمنيين تحت سلطتهم، وامتنعت قوى الأمن عن تنفيذ مذكرات توقيف.
أوقع الانفجار في الرابع من أغسطس (آب) 2020 أكثر من 215 قتيلاً و6500 جريح. ومنذ البداية، عزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، واندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أنّ مسؤولين على مستويات عدّة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحرّكوا ساكناً.

وكان بيطار ادّعى في صيف 2021 على رئيس الحكومة السابق حسّان دياب، وطلب رفع الحصانة عن نواب آنذاك، بينهم وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس وغازي زعيتر، ووزير المالية السابق علي حسن خليل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».