الضغوط تدفع باريس لاستعادة مجموعة جديدة من رعاياها المحتجزين في سوريا

15 امرأة و32 قاصراً أعيدوا إلى فرنسا في ثالث عملية من نوعها

مقاتلة من «قسد» أثناء عملية بحث داخل مخيم «الهول» للاجئين في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا في 26 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)
مقاتلة من «قسد» أثناء عملية بحث داخل مخيم «الهول» للاجئين في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا في 26 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)
TT

الضغوط تدفع باريس لاستعادة مجموعة جديدة من رعاياها المحتجزين في سوريا

مقاتلة من «قسد» أثناء عملية بحث داخل مخيم «الهول» للاجئين في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا في 26 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)
مقاتلة من «قسد» أثناء عملية بحث داخل مخيم «الهول» للاجئين في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا في 26 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

أسفرت الضغوطات المتلاحقة على الحكومة الفرنسية في الداخل والخارج، وآخرها الإدانة التي صدرت بحقها الأسبوع الماضي عن لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، عن دفع باريس إلى استعادة 15 امرأة و32 طفلاً من عائلات تابعة لعناصر من تنظيم «داعش» كانوا محتجزين في معتقل «روج» الواقع شمال شرقي سوريا، قريباً من الحدود التركية - العراقية.
وتدير المعتقل المذكور ومعتقلات غيره أبرزها مخيم «الهول»، «قوات سوريا الديمقراطية» والإدارة الكردية المحلية. وسارعت وزارة الخارجية التي أشرفت على العملية، إلى توزيع بيان، صباح أمس، جاء فيه أن باريس «قامت بعملية جديدة أعادت بموجبها إلى التراب الوطني أطفالاً فرنسيين وأمهاتهم كانوا محتجزين في مخيمات واقعة شمال شرقي سوريا».
وأضاف البيان أن العملية المذكورة وفرت عودة 32 قاصراً و15 امرأة بالغة، وأن القاصرين سُلموا للأجهزة المكلفة مساعدة الأطفال وسيستفيدون من متابعة طبية واجتماعية، في حين أن النساء سُلمن للأجهزة القضائية المختصة. وبنهاية البيان، عبّرت فرنسا عن شكرها للإدارة المحلية شمال شرقي سوريا التي سهلت حصول عملية الترحيل.
ولاحقاً، أصدرت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب بياناً أفاد بأنه تم توقيف 8 نساء سبق أن صدرت بحقهن مذكرات بحث وتحرٍّ، في حين أن النساء الـ7 المتبقيات سيمثلن أمام قضاة التحقيق في وحدة مكافحة الإرهاب بعد أن أصدرت النيابة العامة المذكورة مذكرات توقيف بحقهن منذ وصولهن إلى الأراضي الفرنسية.
وبذلك تكون السلطات قد فصلت بين الأمهات وأبنائهن وفق ما درجت على القيام به منذ العملية الأولى من هذا النوع التي جرت في يوليو (تموز) من العام الماضي.
وكانت رحلة جوية خاصة لاستعادة الأمهات وأبنائهن قد حطت قبيل الفجر في مطار «فيلاكوبليه» الواقع جنوب العاصمة، وهو المستخدم للحالات الخاصة والرسمية. وتتراوح أعمار النساء ما بين 19 و53 عاماً. أما أعمار القاصرين فمتنوعة. ومن بين العائدين فتاة يتيمة عمرها اليوم 19 عاماً، وقد كانت في عمر الـ11 عاماً عندما أخذها والداها إلى سوريا، وأخرى عمرها اليوم 24 عاماً، ووصلت إلى سوريا في سن الـ15 عاماً. ومن بين القاصرين صبي عمره 13 عاماً خطفه والده قبل 7 سنوات، وسيكون متمكناً من العودة إلى والدته واسمها الأول صونيا. ولم تكشف السلطات الفرنسية رسمياً عن الأعداد المتبقية من النساء والقاصرين الذين ما زالوا يوجدون في المخيمات، إلا أن المحامية ماري دوزيه، التي تمثل مجموعة من العائلات المطالبة باسترجاع النساء والقاصرين والتي لعبت دوراً رئيسياً في التعبئة الإعلامية ولدى المحاكم، أفادت أمس بأن ما لا يقل عن مائة قاصر و50 امرأة ما زالوا محتجزين في سوريا. وبحسب المحامية المذكورة، «لا يزال هناك (في المخيمات شمال شرقي سوريا) أيتام وعدد من الأمهات يطلبن العودة مع أطفالهن، وبينهم امرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة».
تعد العملية الأخيرة الثالثة من نوعها، تعمد فيها السلطات الفرنسية إلى استعادة «جماعية» لنساء وأطفال، ما يعد تخلياً واضحاً عن خطها السابق الذي كان يقوم على درس كل حالة على حدة. وسبق لها، إضافة إلى عملية خريف عام 2021 حيث استرجعت 15 امرأة و40 طفلاً، أن قامت في يوليو الماضي بعملية ثانية استرجعت 16 امرأة و35 طفلاً. وكان وزير العدل الفرنسي أشار في كلمة له أمام مجلس الشيوخ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى أن السلطات استعادت جماعياً 75 طفلاً، في حين أن العدد الإجمالي للقاصرين الذين رجعوا من سوريا يصل إلى 300 شخص. ولم تكشف الخارجية أمس عن خطط مستقبلية شبيهة بما نُفذ أمس، وحقيقة أن الضغوط التي مورست على السلطات الفرنسية جعلتها في وضع بالغ الصعوبة إزاء العائلات المعنية وفي نظر القانون الأوروبي والأمم المتحدة والمنظمات التي تدافع عن الطفولة وعن حقوق الإنسان.
وجاء البيان الصادر عن لجنة محاربة التعذيب التابعة للأمم المتحدة ليزيد من هشاشة الموقف الفرنسي. وكانت العائلات الفرنسية المعنية قد رفعت شكوى إلى اللجنة المذكورة في عام 2019 متهمة الحكومة الفرنسية بانتهاك المادتين 2 و16 من اتفاقية مناهضة التعذيب، والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة، بعدم إعادتهم إلى الوطن.
وقبلها، أدانت لجنة حقوق الطفل، ثم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فرنسا عام 2022 بسبب عدم تحركها لإعادة النساء والقصر. والعائدات هن فرنسيات توجهن طوعاً أو التحاقاً بأزواجهن إلى مناطق يسيطر عليها الجهاديون في العراق وسوريا، وقُبض عليهن بعد هزيمة «تنظيم الدولة الإسلامية» عام 2019. أما القاصرون، فإن الكثيرين منهم وُلدوا هناك.
وليس سراً أن باريس كانت ترفض الاسترجاع الجماعي للنساء اللواتي التحقن بأزواجهن إلى المنطقة السورية – العراقية، أو ذهبن بمفردهن إلى هناك، واللائي يسميهن الإعلام الفرنسي بـ«الداعشيات». وثمة سببان كانا يدفعان السلطات الفرنسية إلى الرفض: أولهما سياسي؛ إذ إن الرأي العام الفرنسي لا يتقبل فكرة استعادة نساء داعشيات ذهبن إلى منطقة القتال ما بين سوريا والعراق، وربما شاركن فيها وهن من المتطرفات، وبالتالي ثمة مخاطرة سياسية في قبول استعادتهن إلى فرنسا. السبب الثاني أمني. وتكمن قوته في أن فرنسا تعرضت منذ عام 2015 لعمليات إرهابية على علاقة بـ«داعش» أو بـ«القاعدة» أسفرت عن سقوط 243 قتيلاً ومئات الجرحى، وبالتالي فإن وجود هؤلاء النسوة في المجتمع الفرنسي يشكل بذاته تحدياً أمنياً.
تجدر الإشارة إلى أن فرنسا ترفض قطعاً استعادة الرجال الذين انضموا إلى صفوف المنظمتين الإرهابيتين، وتدعو إلى محاكمتهم حيث هم موجودون في سوريا أو في العراق، رغم أن محاكمتهم في سوريا لا تصح قانوناً؛ لأن الإدارة المحلية الكردية غير معترف بها دولياً. يضاف إلى ما سبق أن موقف فرنسا أصبح أكثر هشاشة عندما قبلت دول أوروبية مثل فنلندا والدنمارك والسويد استعادة كل مواطنيهم، وهو حال الولايات المتحدة الأميركية كذلك التي تساند السلطات المحلية الكردية في الضغط على دول «المصدر» لاستعادة مواطنيها.
وإلى جانب الأوضاع الإنسانية المزرية للعيش في المخيمات، فإن المسؤولين الأكراد ينبهون للمخاطر الأمنية المترتبة على وجود عشرات الآلاف من المعتقلين في المخيمات التي يشرفون عليها. وبحسب بيانات لمنظمات غير حكومية، فإن مخيم «الهول»، وهو أكبر مخيم، يضم ما بين 55 و57 ألف شخص، بينهم سوريون وعراقيون ومواطنون من دول أخرى. وذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» أن 64 بالمائة من قاطني مخيم «الهول» هم أطفال. وبالنظر للأعداد المتبقية من النساء والأطفال الفرنسيين الذين ما زالوا في المعتقلات الكردية، فإن الضغوط سوف تتواصل على السلطات الفرنسية لمواصلة ما قد بدأته، واسترجاع من تبقى من مواطنيها في سوريا.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.