سجينات إيرانيات يطالبن بوقف إعدام المتظاهرين

امرأة تتضامن مع الإيرانيين خلال وقفة في برشلونة السبت (د.ب.أ)
امرأة تتضامن مع الإيرانيين خلال وقفة في برشلونة السبت (د.ب.أ)
TT

سجينات إيرانيات يطالبن بوقف إعدام المتظاهرين

امرأة تتضامن مع الإيرانيين خلال وقفة في برشلونة السبت (د.ب.أ)
امرأة تتضامن مع الإيرانيين خلال وقفة في برشلونة السبت (د.ب.أ)

وقعت 30 سجينة سياسية في إيران بياناً يطالبن بوقف إعدام المتظاهرين، فيما تسعى السلطات إلى قمع الاحتجاجات بأساليب من بينها تسليط عقوبة الإعدام وتنفيذها حتى الآن في أربعة متظاهرين.
وقالت السجينات في بيان: «نحن السجينات السياسيات في جناح النساء بسجن إوين (طهران)، نطالب بوقف إعدام المتظاهرين وإنهاء الأحكام الجائرة بحق السجناء في إيران». وأضاف البيان: «مهما كانت معتقداتنا الدينية والسياسية وأصولنا، حكم علينا جميعاً بالسجن لمدة 124 عاماً بعد محاكمات غير عادلة وغير شفافة. وهو ما يعادل عدة أجيال من الحياة البشرية».
وتراجع عدد المسيرات اليومية في الشوارع على مستوى البلاد منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن الغضب الذي أطلقته وفاة الشابة مهسا أميني في منتصف سبتمبر (أيلول) بعد توقيفها بدعوى «سوء الحجاب»، لا يزال يشكل تهديداً محتملاً للنظام الإيراني في ظل الأزمة الاقتصادية في البلد.
ومن الموقعين على المذكرة الباحثة الفرنسية الإيرانية فريبا عادلخاه التي اعتقلت في يونيو (حزيران) 2019 ثم حُكم عليها بالسجن خمس سنوات بتهمة المساس بالأمن القومي، والمدافعة الألمانية الإيرانية عن حقوق المرأة ناهد تقوي التي حُكم عليها بالسجن عشر سنوات في عام 2021 لأسباب مماثلة.
ووقع على النص أيضاً فايزة هاشمي النائبة السابقة وابنة الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني، التي حُكم عليها في يناير (كانون الثاني) 2022 بالسجن 5 سنوات لانتقاد النظام، ونيلوفر بياني الناشطة البيئية التي حكم عليها عام 2020 بالسجن عشر سنوات بتهمة «التجسس».
وبحسب وكالة نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) فإن 525 شخصاً قتلوا على يد القوات الأمنية في الاحتجاجات التي دخلت شهرها الخامس، وبين القتلى 71 قاصراً. ويبلغ عدد المعتقلين 19546 شخصاً بحسب تقديرات «هرانا» وقتل 68 عنصراً من قوات الأمن.
وهزت أطول احتجاجات مناهضة للنظام، 164 مدينة و144 جامعة ومركزاً أكاديمياً. ورغم انحسار أحدث موجة احتجاجات مناهضة للنظام، في ظلّ حملة القمع الدامية، ما زال المتظاهرون الإيرانيون يتحدّون سلطات الجمهور.
انقسام داخلي
واتخذت الاحتجاجات أشكالاً مختلفة، من بينها الإضرابات، والاحتجاجات المستمرة في بعض المناطق، كما ظهرت بوادر انقسام داخل صفوف النظام.
ويرى الخبير في الشؤون الإيرانية علي فتح الله نجاد أنه «مع تراجع عدد المظاهرات منذ منتصف نوفمبر 2022، يبدو أن حالة جمود بدأت، إذ عجز كلّ من النظام والمحتجين على فرض إرادته»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. ويضيف الباحث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية بالجامعة الأميركية في بيروت: «رغم الانخفاض النسبي في عدد الاحتجاجات منذ ذلك الحين، تجدر الإشارة إلى أن المسارات الثورية عادة ما تنطوي على مراحل متعاقبة من الهدوء النسبي والزّخم». ويتابع: «الآن، مع التراجع الكبير في قيمة الريال الإيراني منذ مطلع العام، يمكن توقع احتجاجات مدفوعة بالوضع الاقتصادي قد تتحول بسرعة إلى تظاهرات سياسية كما حصل سابقاً».
من جهته، يورد موقع «انقلاب. انفو» الذي يتابع حجم النشاط الاحتجاجي، إنه في حين تراجع عدد الاحتجاجات في الشوارع، زاد عدد الإضرابات وغيرها من الأنشطة المعارضة مثل كتابة الشعارات وإتلاف لافتات حكومية.
ويؤكد القائمون على الموقع في بيان أن «الانتفاضة في أنحاء البلاد ما زالت حيّة رغم تغيّر الطريقة التي يعبّر من خلالها الناس عن معارضتهم بسبب حملة القمع الدامية التي شنّتها السلطات في الخريف».
الاحتجاجات متواصلة
بدأت الاحتجاجات رفضاً لإلزامية الحجاب، لكنها سرعان ما صارت تتحدى النظام برمّته، داعية إلى إنهاء نظام «ولاية الفقيه».
وتشدّد الناشطة رؤيا بورومند على أن «الاحتجاجات لم تتوقف في مواجهة القمع العنيف». وتضيف المؤسِّسة المشاركة لمركز عبد الرحمن بورومند الحقوقي ومقره الولايات المتحدة: «لقد انحسرت بالتأكيد... نشهد أيضاً حالات قتل خارج نطاق القضاء، وبطبيعة الحال يتوخى المواطنون المزيد من الحذر».
لكنها تؤكد أن الأنشطة الاحتجاجية مستمرة، ومن بينها الاحتجاجات الأسبوعية المنتظمة في شوارع محافظة بلوشستان الشاسعة والفقيرة في جنوب شرقي البلاد، وإضرابات عمال النفط والاحتجاجات أثناء جنازات متظاهرين وأربعينياتهم، خلال الأيام الأخيرة. وتابعت بورومند: «هذه الاحتجاجات، سواء تراجعت أم لا على المدى القصير، لم تنته». وهي ترى أن الاحتجاجات «غيّرت السرديّة التي فرضتها الجمهورية الإسلامية على مدى عدة عقود فيما يتعلق بمن هم الإيرانيون وماذا يريدون».
ولم تظهر مؤشرات تذكر إلى استعداد السلطة بقيادة المرشد علي خامنئي لتقديم تنازلات ذات مغزى، بل إنّها قد تعمدت إلى تشديد القمع أكثر.
أزمة ثقة
وفي خطوة لقيت تعليقات على نطاق واسع هذا الشهر، عيّن خامنئي قائد شرطة طهران السابق أحمد رضا رادان قائداً لقوة الشرطة الوطنية. ورادان متشدد يعرف عنه أنه لعب دوراً رئيسياً في قمع المظاهرات إثر انتخابات عام 2009 المتنازع على نتيجتها.
في غضون ذلك، فاقمت حملة قمع الاحتجاجات عزلة إيران، مع تعثّر المحادثات مع الغربيين بشأن إحياء اتفاق 2015 حول برنامجها النووي.كما أن إيران مستاءة من إنشاء الأمم المتحدة، بطلب من الدول الغربية، مهمّة للتحقيق في حملة القمع.
في الوقت نفسه، تعمد إيران إلى التقارب بشكل متزايد مع روسيا، الدولة المعزولة أيضاً من الغرب منذ أن غزت أوكرانيا، ولا سيما بتزويدها بمئات الطائرات المسيّرة المتدنية التكلفة التي تستخدمها موسكو لشن هجمات على الأراضي الأوكرانية.
لكنّ بعض المحللين يرون بوادر انقسامات ناشئة داخل السلطة حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات، في وقت لم تستخدم السلطات بعد ترسانتها القمعية الكاملة رغم إراقة الكثير من الدماء.
وفي تطور غير عادي في هذا السياق، أعدمت إيران هذا الشهر نائب وزير الدفاع السابق علي رضا أكبري الذي حصل على الجنسية البريطانية بعد ترك منصبه، لإدانته بتهمة التجسس لصالح لندن. ويرى الباحث في مركز كارنيغي أوروبا كورنيليوس أديبهر أن «الحكم غير المتوقع» قد يشير إلى «صراع قوى» داخل صفوف السلطة حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات.
وكان أكبري يعتبر مقرباً من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني وشخصيات أخرى دافعت عن اتخاذ خطوات إصلاحية لمعالجة مطالب المحتجين.
ويعتبر فتح الله نجاد أنه «رغم غياب تصدّعات واضحة في السلطة بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات، فإنّ هناك مؤشرات إلى حدوث انقسامات»، واصفاً الإعدام بأنه «علامة أخرى على انعدام الثّقة داخل صفوف النظام».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.