الشعور ببرودة الشتاء... كيف تتعامل معه؟

يختلف من شخص لآخر

الشعور ببرودة الشتاء... كيف تتعامل معه؟
TT

الشعور ببرودة الشتاء... كيف تتعامل معه؟

الشعور ببرودة الشتاء... كيف تتعامل معه؟

يختلف الناس في «الشعور» ببرودة أجواء الشتاء، حيث إنها لدى البعض قد تثير الانزعاج والمعاناة، وربما المتاعب الصحية، بينما تبعث تلك الأجواء لدى البعض الآخر المزيد من النشاط والمتعة في الحياة اليومية.

الشعور بالبرد

الإنسان، من أي بيئة كانت، يعيش أكثر راحة عندما تكون درجة حرارة الأجواء ما بين 20 درجة مئوية إلى 25 درجة مئوية. ومع ذلك، تشير المصادر الطبية إلى أن مدى تقبل جسم الإنسان الطبيعي (السليم من أي أمراض مزمنة) للبرودة يرجع بالأصل إلى كفاءة قدرة «التكييف البيئي» لديه. ونلاحظ أن الأشخاص الذين يعيشون في بيئة باردة، لديهم قدرة أكبر على «تقبّل» درجات الحرارة المنخفضة في فصل الشتاء، مقارنة بأولئك الذين يعيشون غالب أوقات السنة في أجواء حارة أو معتدلة.
وتضيف تلك المصادر الطبية أن مقدار «شعور» الجسم بدرجة حرارة الأجواء، يختلف وفقاً لعدد من العوامل داخل الجسم وفي البيئة المحيطة به. ومن عوامل البيئة المحيطة، فإن ذكر أخبار الطقس رقماً معيناً (كمقدار لدرجة حرارة الأجواء) لا يعني بالضرورة أن جميع الناس سيشعرون بمقدار واحد من البرودة في أجسامهم. كما أنه لا يعني أيضاً أن الناس في مدينة معينة، سيشعرون بنفس مقدار برودة الأجواء في مدينة أخرى بعيدة عنها، وفيها نفس درجة حرارة الأجواء.
وتوضح تلك المصادر الطبية أن هناك ثلاثة عوامل بيئة، لها تأثير مباشر على مقدار «شعور» الجسم بدرجة حرارة الأجواء التي يوجد فيها، وهي: درجة حرارة الهواء، ومقدار نسبة رطوبة الهواء، وشدة سرعة الرياح. ولذلك تذكر بعض نشرات أحوال الطقس رقم «مؤشر الحرارة» Heat Index، الذي يدمج مقدار درجة الحرارة ونسبة رطوبة الهواء، كي يُعطي مؤشراً على مقدار درجة الحرارة التي يشعر الجسم بها.
وكمثال، حينما تكون درجة الحرارة 10 درجات مئوية في مكان ما، مع ارتفاع نسبة الرطوبة في الهواء، فإن «مؤشر الحرارة» يكون أعلى (أكثر دفئاً) من مكان آخر درجة الحرارة فيه 10 درجات مئوية مع انخفاض في نسبة رطوبة الهواء. وثمة عدة تفسيرات فسيولوجية لاختلاف شعور المرء بالبرودة في المكانين. أهمها هو أن الرطوبة العالية في الأجواء تُقلل من نشاط تبخر العرق من الجسم، وبالتالي لا يبرد الجسم سريعاً. وذلك مقارنة بسهولة تبخر العرق في الأجواء الجافة، وتسبب ذلك بمزيد من الشعور بالبرودة في الجسم.
ومع زيادة سرعة الرياح، يزداد الشعور بالبرودة، وهو ما يُسمى «درجة حرارة الرياح» Windchill Temperature. حيث تتسبب شدة الرياح (الباردة) في زيادة معدلات إزاحة الهواء الدافئ المُغلف للجسم، وبالتالي يزداد الشعور بالبرودة. والعكس صحيح.
ويذكر الأطباء من مايوكلينك أنه كلما زادت سرعة الرياح الباردة، زاد تعرض الجسم لدرجات أكثر انخفاضاً. ولذا حتى مع تساوي رقم مقدار انخفاض درجة حرارة الطقس، فإن مقدار البرودة التي يشعر بها الشخص الموجود في مناطق صحراوية جافة تختلف عن مقدار البرودة التي يشعر بها شخص يُقيم في مناطق جغرافية رطبة.

الحرارة الجوفية

كما تذكر المصادر الطبية أن هناك اختلافا فيما بين «انخفاض حرارة جوف الجسم» Core Body Temperature وبين «زيادة الشعور الذاتي بالبرودة». وتوضح ذلك بأن المرء الطبيعي قد يشعر بالبرودة المزعجة في أجواء الشتاء الباردة، ولكن تكون درجة حرارة جوف جسمه ضمن المعدلات الطبيعية. وبالمقابل، قد يحصل انخفاض شديد في حرارة الجسم عند الوجود في أجواء باردة، ومع ذلك لا يشعر الشخص بتلك البرودة الشديدة، وبالتالي لا يتنبه إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تدهور حالة جسمه نتيجة ذلك الانخفاض في حرارة جوفه. وهذه الحالة لها أسباب متعددة. وهناك حالة ثالثة، تكون فيها درجة حرارة الأجواء معتدلة جداً ودرجة حرارة الجسم طبيعية جداً، ومع ذلك يعاني الشخص من الشعور بالبرودة الشديدة، ويظل يبحث عن الدفء آنذاك. وهي أيضاً حالة لها أسباب متعددة.
وما يهم في أجواء الشتاء الباردة هو أن انخفاض درجة «حرارة جوف الجسم» إلى 35 درجة مئوية وما دون، هو حالة طبية إسعافية تُسمى «انخفاض حرارة الجسم» Hypothermia. وغالباً ما تحصل نتيجة فقدان كمية كبيرة من الحرارة الداخلية للجسم. وهذا الفقد الحراري له آليات وأسباب متعددة. وانخفاض درجة «حرارة جوف الجسم» يختلف عن الإصابة بالبرد الموضعي أو الطرفي Peripheral Cold Injury، الذي قد يعتري أحد أجزاء الجسم، جراء التعرض المباشر لبرودة الطقس، نتيجة إما تدني قدرة الجسم على مقاومة ذلك، أو عدم حرص المرء على حماية نفسه من البرودة في تلك المناطق من جسمه.
وجسم الإنسان غير مزود بالفراء، كما في كثير من المخلوقات. وعليه أن يُنظم درجة حرارته للحفاظ على ذلك «التوازن الضيق» بين «اكتساب» و«فقدان» الحرارة. أي أن على الجسم البشري تنشيط عمليات توليد الحرارة وضبط عمليات تسريبها، للحفاظ المتواصل على درجة «حرارة جوف الجسم» ضمن المعدلات الطبيعية التي تتراوح ما بين 36.5 و37.5 درجة مئوية. وتعمل منطقة دماغية تُسمى «ما تحت المهاد» Hypothalamus، مثل ترموستات Thermostat للجسم، عبر التفاعل طوال الوقت مع الرسائل العصبية التي تأتيها من مستقبلات عصبية حرارية Temperature Receptors منتشرة في جميع أنحاء الجسم، مهمتها متابعة درجات الحرارة في مناطق الجسم المختلفة. وبناء على ما يتجمع لديها من معلومات، تقوم منطقة «ما تحت المهاد» بإرسال التعليمات اللازمة لإجراء عدد من العمليات الفسيولوجية للحفاظ على درجة حرارة ثابتة لجوف الجسم.
وعندما يوجد المرء في أجواء الطقس البارد، قد تنخفض درجة حرارة جوف الجسم لأسباب عدة. ويتم تصنيفها إلى أسباب «أولية» Primary Hypothermia (سلوكية)، وأخرى «متقدمة» Secondary Hypothermia (جسمية). ومن أمثلة الأسباب «الأولية»، عدم ارتداء ملابس كافية، أو البقاء في البرد لفترة طويلة. ومن أمثلة الأسباب «المتقدمة»، الإصابة ببعض الأمراض أو الحالات الصحية التي تتسبب بضعف قدرة توليد الحرارة في الجسم أو بعدم الشعور بالبرودة أو بانخفاض قدرة حفظ حرارة الجسم. كالإرهاق البدني نتيجة عدد من الأمراض المزمنة والمُعيقة عن قدرة الحركة والنشاط والاهتمام بالتغذية. ولكن بالمقابل، هناك أمراض عصبية وغير عصبية، تعيق قدرة الجسم على تنظيم درجة الحرارة، أو التي يختل فيها ضبط الإحساس بالبرودة ضمن النطاق الطبيعي لذلك «الشعور». ومن أمثلتها التقدم في العمر، أو تدني كتلة العضلات في الجسم، أو كسل الغدة الدرقية، أو سوء التغذية، أو فقر الدم، أو مرض السكري، أو السكتة الدماغية.

الملابس الملائمة للشعور بالدفء في أجواء الشتاء

> متابعة تنبؤات تغيرات الطقس ودرجات الحرارة وبرودة الرياح، وتحديد وقت الخروج من المنزل في الطقس البارد، هو الخطوة الأهم في الوقاية من المعاناة من برد الشتاء. ويقول أطباء مايوكلينك: «قم بالانتباه لتوقعات الطقس، حتى تستطيع الحفاظ على سلامتك وتمتعك بالدفء».
وبالإضافة إلى الاهتمام بالتغذية الجيدة والحرص على تناول السوائل بكميات كافية وتدفئة حجرات المنزل (خاصة بالليل)، يُمكن تفادي المعاناة من البرودة في أيام الشتاء، وتدفئة الجسم بطريقة مريحة وممكنة، عبر ارتداء ملابس ملائمة، للتدفئة في فصل الشتاء. والأهم عند الوجود في المنزل هو ارتداء «طبقات» من ملابس فضفاضة ودافئة. لأن الهواء الدافئ المحبوس بين طبقات الملابس الفضفاضة تلك، يعمل كعازل من البرد.
وعند الخروج من المنزل، أو ممارسة النشاط البدني خارج المنزل، فإن من الضروري ارتداء ملابس خارجية ملائمة وواقية من البرد والرياح والماء. ولكن عند الخروج لممارسة التمارين الرياضية، تجدر ملاحظة ما ينصح به أطباء مايوكلينك بقولهم: «يُعتبر ارتداء الكثير من الملابس لتشعُر بالدفء خطأً كبيراً عند ممارستكَ التمارين في الطقس البارد. ارتدِ طبقات من الملابس يمكنكَ خلْعها بمجرد أن تبدأ في العرق، ثم إعادة ارتدائها عند الحاجة. ارتدِ أولاً ملابس من طبقة رقيقة مصنوعة من مادة صناعية كالبولي بروبلين والتي تُبعد العرق عن جسمكَ. وتَجنَّب القطن الذي يبقى رطباً مقابل جلدكَ. ارتدِ الطبقة التالية من الملابس المصنوعة من الصوف لتبقى كعازل. ارتدِ فوقها طبقة خارجية من الملابس المضادة للماء والمسامية».
كما يجدر الاهتمام بتدفئة الرأس واليدين والقدمين. وذلك عبر ارتداء غطاء للرأس، يغطي أذنيك بالكامل. وأفضله هو المصنوع من الصوف الثقيل أو الأقمشة الدافئة الأخرى الواقية من الرياح والماء. وذلك لمنع تسرب حرارة الجسم من الرأس والوجه والرقبة، ولمنع إصابة جلد الرأس بإصابات الصقيع.
وقم بارتداء الجوارب المناسبة في مقاسُها، والتي تمتص الرطوبة وتشكل عازلاً، مع ارتداء أحذية تُقاوم تسريب الماء. ويضيف أطباء مايوكلينك: «ارتدِ زوجاً رقيقاً من القفازات المزودة ببطانة مصنوعة من الفتائل (كمادة بولي بروبيلين). ولا تنسَ ارتداء القبعة لحماية رأسكَ، أو عصابة الرأس لحماية أذنيك. وإذا كان الجو بارداً للغاية، ففكِّرْ في ارتداء وشاح صوفي».

ملابس مناسبة لوقاية الأطفال من البرد

> وقاية الأطفال من موجات البرد يتطلب من الأمهات والآباء الاهتمام بتغذيتهم الجيدة وبتدفئتهم عبر ارتداء ملابس سميكة مصنوعة من مواد توفر الدفء داخل المنزل وخارجه، وتغطية الطفل بالبطانيات أو اللحاف بشكل سابغ خلال فترة النوم.
وكانت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال American Academy of Pediatrics قد حذرت من عدم اهتمام الوالدين بانتقاء الملبوسات المناسبة للأطفال خلال فترة الشتاء الباردة. وقالت إن فترة الشتاء تمثل تحدياً للآباء والأمهات في محاولتهم إلباس أطفالهم الملابس الصحيحة والمفيدة خلال البرد. ونصحت بارتداء الطفل عدة طبقات من الملابس الرقيقة السمك نسبياً، وذلك بالبدء بارتداء ملابس داخلية قطنية ضيقة نسبياً وطويلة وسابغة، تغطي الأطراف العلوية والسفلية، ثم ارتداء ملابس خارجية كالقمصان والسراويل والبنطال الطويلة الأكمام والسابغة للأطراف أيضاً، ثم طبقة ثالثة من سترة صوفية أو القميص الحراري أو الجاكيت ذي الياقة التي تحيط بالرقبة والبُرْنُس الذي يُغطي الرأس عند الحاجة.
ويفيد أطباء الأطفال في مايوكلينك بأنه للمساعدة في الوقاية من انخفاض الحرارة عندما يكون الأطفال خارج المنزل في فصل الشتاء:
- قم بإلباس الرضع والأطفال الصغار طبقة واحدة إضافية عما قد يرتديه البالغون في نفس الحالات.
- أدخل الأطفال للمنزل إذا بدأوا في الارتجاف، فهذه أول علامة على بدء انخفاض حرارة الجسم.
- اجعل الأطفال يدخلون المنزل مراراً وتكراراً لتدفئة أنفسهم عندما يلعبون في الخارج.
-لا تدع الأطفال ينامون في غرفة باردة.

* استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
TT

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

وحسب صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، يقول العلماء إن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية يتطوران بوتيرة سريعة، لدرجة أن تطوير «أقراص مكافحة الشيخوخة» قد يكون مسألة سنوات قليلة فقط.

ويعد جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون»، وبيتر ثيل المؤسس المشارك لشركة «باي بال»، وسام ألتمان مؤسس «تشات جي بي تي»، من بين أحدث الشخصيات في سلسلة طويلة من أباطرة المال الأميركيين الذين وضعوا جزءاً من ثرواتهم في مجال الطب التجديدي والتكنولوجيا الحيوية.

ويُقال إن بيزوس استثمر 3 مليارات دولار، في شركة التكنولوجيا الحيوية «ألتوس لابز» (Altos Labs) التي شارك في تأسيسها مع الملياردير الروسي يوري ميلنر في عام 2021.

ووظفت الشركة الناشئة علماء بارزين للبحث في كيفية عكس عملية الشيخوخة، ومتابعة ما تسمى تقنية إعادة البرمجة البيولوجية، والتي من شأنها أن تسمح للعلماء بتجديد الخلايا في المختبر.

وتتشابه أهداف «ألتوس لابز» مع أهداف شركة «كاليكو لابز» (Calico Labs)، التي أطلقها المؤسس المشارك لشركة «غوغل» لاري بيغ في عام 2013، للتركيز على طول العمر وإعادة برمجة وتجديد الخلايا.

إنهم ليسوا المليارديرات الوحيدين الذين يسعون إلى مكافحة الشيخوخة: فقد استثمر بيتر ثيل، المؤسس المشارك لـ«باي بال»، في مؤسسة «ميثوسيلاه» التي تصف نفسها بأنها «مؤسسة خيرية طبية غير ربحية تركز على إطالة عمر الإنسان الصحي، من خلال جعل عمر التسعين هو عمر الخمسين الجديد».

ومن بين أهداف «ميثوسيلاه» ابتكار تقنيات قادرة على تطوير أعضاء وأوعية دموية وعظام جديدة، وإزالة «الهياكل البيولوجية المدمرة» من الجسم، وإجراء مزيد من الدراسات حول علم الوراثة فوق الجينية، وإعادة الإدراك والقدرات البدنية لكبار السن.

وفي أبريل (نيسان) من العام الماضي، تم الكشف عن أن مؤسس «تشات جي بي تي»، سام ألتمان، قام بتمويل شركة «Retro BioScience» الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية، بمبلغ 180 مليون دولار.

وحسب موقعها على الإنترنت، تركز شركة «Retro BioScience» على «إعادة برمجة الخلايا»، وتتعهد بإطالة عمر الإنسان لمدة 10 سنوات.

ويقول تقرير «نيويورك بوست» إن المليارديرات ورجال الأعمال يسعون إلى تطوير حبوب لزيادة متوسط ​​العمر المتوقع، من خلال جعل خلايا الجسم أصغر سناً، وخالية من الأمراض لفترة أطول.

وقال فيل كلياري، مؤسس مجموعة «SmartWater Group»: «بمعدل تطور التكنولوجيا الحالي، لن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن تصبح عقاقير إطالة العمر متاحة بحُرية، لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكلفتها».

لكن كلياري قال إن أباطرة وادي السيليكون يجب أن «يتوقفوا عن لعب دور الإله» في سباقهم للتغلب على الموت، واصفاً السعي وراء هذا الأمر بأنه «مدفوع بالأنا» وبأنه يخاطر بخلق كوكب من «الزومبي الأنيقين الأغنياء».

وأضاف كلياري، مؤلف كتاب «إكسير»، وهي رواية تستكشف العواقب المدمرة لأدوية إطالة العمر على المجتمع: «إن حبة الدواء التي تبقي الناس على قيد الحياة، حتى لبضعة عقود، من شأنها أن تخلق عالماً غير عادل وغير منصف، مليئاً بالزومبي الأنيقين الأثرياء، أغلبهم من البيض من الطبقة المتوسطة، والذين يستطيعون تحمل تكاليف شراء هذه الأدوية في المقام الأول».

وتابع: «بدلاً من إطالة عمر النخبة الغنية، سيكون من الأفضل للمليارديرات إنفاق أموالهم على 5 ملايين طفل في العالم يموتون من الجوع، ومن أسباب أخرى يمكن الوقاية منها وعلاجها كل عام».

ويموت نحو 100 ألف شخص كل يوم بسبب أمراض مرتبطة بالسن، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وفي حين أن الشيخوخة نفسها لا تقتل الناس بشكل مباشر، فإن كبار السن معرضون لخطر الإصابة بكثير من الأمراض القاتلة، مثل الألزهايمر وأمراض القلب والسرطان.