بعد أن أدخلته المحكمة العليا في مأزق قانوني شديد سيضطر بسببه إلى إقالة أريه درعي، القائم بأعمال رئيس الحكومة الذي يعتبر أهم وزير في حكومته، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورؤساء الائتلاف الحاكم أن يواصلوا بوتيرة أعلى تنفيذ مشروعهم لإحداث تغييرات جذرية في جهاز القضاء.
وقام نتنياهو ورؤساء الأحزاب الدينية ومجموعة كبيرة من الحاخامات بزيارة تضامن مع الوزير درعي في بيته، مساء الأربعاء، وقرروا من هناك أن يردوا على قرار المحكمة بإجراء خطوات إضافية لتغيير النظام القضائي ترمي إلى تقييد صلاحيات محكمة العدل العليا وتكبيل أيديها في كل ما يتعلق بالسياسة والسياسيين.
وتقرر تكليف مجموعة من المستشارين القضائيين للتداول في السبل التي يمكن فيها تشديد إجراءات الإصلاح، بشكل لا يتيح للمحكمة التدخل مرة أخرى بإلغاء قرارات وقوانين. ومن بين القضايا التي كلفوهم ببحثها، كيف يمكن إعادة درعي إلى الحكومة بمنصب رئيس حكومة بديل أو غيره، وسن قوانين جديدة تمنع المحكمة من التدخل.
وقال مقرب من نتنياهو إنه لا يتحمس لفكرة تعيين درعي رئيس حكومة بديلاً؛ لأن هذا الإجراء يجبره على إسقاط الحكومة أولاً، ومن ثم إعادة تشكيلها من جديد وطرحها على الكنيست (البرلمان) لكي تنال ثقته. ونتنياهو يخشى من أمرين؛ الأول أن تعود المحكمة وتلغي هذا القرار باعتباره ينطوي على تضليل الناس، والثاني أن يعود حلفاؤه لممارسة حملة ابتزاز وطرح مطالب لمكاسب جديدة.
وفي كل الأحوال، اتفق قادة الائتلاف على مواصلة الحرب الجماهيرية والإعلامية ضد قضاة المحكمة العليا، بسبب نزعها الشرعية عن تعيين درعي وزيراً. وراح قادة حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين الذي يقوده درعي، يروّجون لقرار المحكمة على أنه عنصري ومؤامرة ضد اليهود الشرقيين. وقال عضو الكنيست السابق وأحد مؤسسي شاس، نيسيم زئيف، لموقع «واي نت»، إن «المحكمة عملياً تدفع نحو تفكيك هذه الحكومة وإخراج شاس منها».
وكتبت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، في مذكرة لنتنياهو، (الأربعاء)، أن عليه تنفيذ قرار المحكمة العليا وإقالة درعي من منصبه كوزير. وشددت على أن نتنياهو لا يمكنه تولي وزارتي الداخلية والصحة بدلاً من درعي، وأن عليه تعيين آخرين مكان درعي «بسبب القيود القانونية التي تسري عليه»، في إشارة إلى التهم الجنائية الموجهة إلى نتنياهو.
وعلى الرغم من أن نتنياهو يحاول إبداء أقصى درجات التعاطف مع درعي، فإن مصادر سياسية تحدثت عن أزمة بين حزبيهما، الليكود وشاس. ونقلت المصادر قول درعي في محادثات مغلقة في الأيام الأخيرة، إن المسؤولية تقع على نتنياهو، وإن عليه حل هذه المشكلة، وإنه ورفاقه ليسوا راضين عن توجه نتنياهو للرضوخ لقرار المحكمة «ولو مؤقتاً»، بإقالة أريه درعي من منصبه كوزير.
ويواجه نتنياهو حالياً مأزقاً قانونياً وعملياً في تركيبة حكومته. ويحاول إقناع شاس بتعيين بديل عن درعي، في وزارتي الداخلية والصحة. وقد طرح مقربون منه إمكانية تعيين نجل درعي في المنصبين، مع أنه شاب صغير، ولا يمتلك أية خبرة في العمل السياسي. ووصف خبراء سياسيون الوضع قائلين إن «المحكمة العليا أدخلت نتنياهو وحلفاءه إلى مأزق قانوني وسياسي معقد جداً، حيث إن قرار المحكمة جاء محكماً بشكل مطبق، ولن يكون بالإمكان الالتفاف عليه. ووصف خبير قانوني رفيع المستوى القرار بأنه «أغلق الأبواب عليهما من جميع الاتجاهات، وألقوا المفتاح في البئر»، وفق ما نقلت عنه صحيفة «هآرتس».
وقال المحامي نداف هعتسني، وهو من قوى اليمين المتطرف المقيم في مستوطنة يهودية قرب الخليل، إن نتنياهو ورفاقه في الائتلاف تصرفوا بشكل صبياني في هذه القضية، واختاروا خوض معركة مع المحكمة العليا بسبب قضية تتعلق بوزير فاسد خدع القضاء وخدع الجمهور. وأضاف أنه كان من الطبيعي أن تنتصر المحكمة وتظهر موحدة الصفوف بكل تركيبتها، «القضاة المحافظين والليبراليين والقاضي العربي والقاضي المتدين»، وتسجل لنفسها نقاطاً في معركة الشرعية ضد الفساد. وبذلك تسببوا في دمغ اليمين كله «بالدفاع عن الفساد».
نتنياهو وحلفاؤه مصرون على «التغييرات القضائية» رغم «المأزق»
أصوات في اليمين تتحدث عن التورط بقضية خاسرة لوزير متهم بالفساد
نتنياهو وحلفاؤه مصرون على «التغييرات القضائية» رغم «المأزق»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة