«دافوس» يحذر من هجمات سيبرانية «كارثية» في العامين المقبلين

دعا إلى تحسين مرونة الشركات الرقمية... وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص

من جلسة حول الأمن السيبراني في دافوس (المنتدى الاقتصادي العالمي)
من جلسة حول الأمن السيبراني في دافوس (المنتدى الاقتصادي العالمي)
TT

«دافوس» يحذر من هجمات سيبرانية «كارثية» في العامين المقبلين

من جلسة حول الأمن السيبراني في دافوس (المنتدى الاقتصادي العالمي)
من جلسة حول الأمن السيبراني في دافوس (المنتدى الاقتصادي العالمي)

يولي المشاركون في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، هذا العام، اهتماماً واسعاً بالأمن السيبراني، وسبل تعزيز سرعة التصدي لمحاولات الهجوم على البنى التحتية وسرقة البيانات وعرقلة العمليات الأمنية.
وقال المنتدى، إن الأمن السيبراني أصبح يؤثر بشكل متزايد في قرارات استثمار الشركات، محذّراً من أن عدم الاستقرار الجيوسياسي يفاقم مخاطر الهجمات الإلكترونية الكارثية.
ووفقاً لتقرير توقعات الأمن السيبراني العالمي لعام 2023، الذي أصدره المنتدى أمس، يرجح أكثر من 93 في المائة من خبراء القطاع و86 في المائة من قادة الأعمال احتمال وقوع «حدث سيبراني كارثي في العامين المقبلين»، محذرين من أن شحّ المهارات السيبرانية يهدد أمن المجتمعات والبنى التحتية الرئيسية.
وشهدت الأشهر الماضية عدداً من الهجمات السيبرانية المتطورة حول العالم، عرقلت خدمة البريد في المملكة المتحدة قرابة أسبوعين، واستهدفت مستشفيات على نطاق واسع في الولايات المتحدة، وكثفت الضغوط العسكرية على أوكرانيا.
وبينما تزيد قدرات «المجرمين السيبرانيين» تطوراً، يحذّر «منتدى دافوس» من افتقار الحكومات والقطاع الخاص إلى خبراء أمن البنى التحتية الرقمية، ما يجعل الأعمال والمجتمعات أكثر عرضة للهجمات.
وقال نحو 34 في المائة من خبراء الأمن السيبراني إنهم يفتقرون إلى بعض المهارات الرقمية في فرقهم، بينما قال 14 في المائة إنهم يفتقرون إلى المهارات الأساسية.
وتبدو هذه المشكلة حادة بشكل خاص في قطاعات الاقتصاد الرئيسية، مثل الطاقة، حيث قال ما يقارب 25 في المائة من الخبراء، إنهم يفتقرون إلى المهارات الأساسية اللازمة لحماية عمليات مؤسساتهم.
ودعا المنتدى إلى تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، بهدف الاستفادة من برامج مهارات الأمن السيبراني الناجحة حول العالم.
وبينما يعيد المشهد الجيوسياسي تشكيل البيئة القانونية والتنظيمية والتكنولوجية، قال جيريمي يورغنز، المدير العام للمنتدى الاقتصادي العالمي إن «عدم الاستقرار العالمي يزيد من مخاطر السيبرانية، ما يستوجب تجديد التركيز على التعاون».
وتابع: «يجب على أصحاب المصلحة جميعاً من القطاعين العام والخاص، المسؤولين عن بنيتنا التحتية الرقمية المشتركة، العمل معاً لبناء الأمن والمرونة والثقة».
إلى ذلك، يعتبر التقرير أن السبيل المثلى لمواجهة التهديدات السيبرانية هي الاستثمار في التقنيات الجديدة، وتسخير الذكاء الصناعي في التصدي للإجرام الرقمي.
كما شدد المنتدى على تعزيز المرونة الرقمية، وضرورة «تضمين الأمن السيبراني في ثقافة المؤسسة وعمليات صنع القرار»؛ لمواكبة سرعة إنتاج التقنيات الجديدة.
وقال نيكيش أرورا، الرئيس التنفيذي لشبكة «بالو ألتو»: «إن المجرمين السيبرانيين يستغلون التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي لزيادة هجماتهم».
وتابع: «لا يمكن النجاح في مواجهة هذه التهديدات من دون اللجوء إلى الذكاء الصناعي والأتمتة. ومع تسريع الشركات مشروعاتها للتحول الرقمي، حان الوقت لإعادة هيكلة أنظمة الأمن السيبراني والمنصات الذكية».
وخلص المنتدى إلى أن «زيادة الوعي بحجم التهديد وتحسين مستوى الاستعداد، سيساعدان المؤسسات على تحقيق التوازن بين الاستفادة من محاسن التقنيات الجديدة، وتخفيض المخاطر السيبرانية التي ترافقها».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

الخليج وزير الخارجية يستقبل مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

 استقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في مقر الوزارة بالرياض، الاثنين، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» كلاوس شواب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد 
جانب من انطلاق فعاليات المنتدى العالمي الاقتصادي في الرياض أمس (واس)

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، أمس (الأحد)، أعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، برعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، وبمشاركة دولية واسعة.

هلا صغبيني ( الرياض) مساعد الزياني ( الرياض )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبلاً أمير الكويت اليوم في الرياض (واس)

محمد بن سلمان يستعرض التطورات وتعزيز العلاقات مع مشعل الأحمد والسوداني

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع أمير الكويت ورئيس الوزراء العراقي كل على حدة وذلك على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي المنعقد في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاركون في حلقة نقاش جانبية خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض في 28 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

حزمة مشاريع عراقية جاهزة للتنفيذ تعرض خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض

قال مصدر حكومي مطّلع إن العراق سيقدم خلال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض حزمة من المشاريع الجاهزة للتنفيذ أمام كبريات الشركات المشاركة في المنتدى.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وعدد من المعنين بالتحضير للمنتدى (صفحة وزارة الاقتصاد والتخطيط على «إكس»)

تحضيرات اجتماع منتدى الاقتصاد العالمي في الرياض بين الإبراهيم وبرينده

ناقش وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغي برينده، التحضيرات الجارية للاجتماع الخاص بالمنتدى الذي سيُعقد في المملكة في…

«الشرق الأوسط» (الرياض)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».