استحقاقان رئيسيان ينتظران ماكرون بالتزامن مع الحركة الاحتجاجية

التوقيع على معاهدة تعاون وشراكة مع إسبانيا وقمة تجمع الرئيس الفرنسي مع المستشار الألماني

ماكرون يلقي كلمة في الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
ماكرون يلقي كلمة في الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
TT

استحقاقان رئيسيان ينتظران ماكرون بالتزامن مع الحركة الاحتجاجية

ماكرون يلقي كلمة في الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
ماكرون يلقي كلمة في الإليزيه أمس (أ.ف.ب)

استحقاقان دبلوماسيان رئيسيان ينتظران الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأيام الخمسة المقبلة؛ أولهما يوم الخميس 19 من الشهر الحالي، حيث تلتئم قمة فرنسية - إسبانية في مدينة برشلونة الإسبانية الكتالونية القريبة من الحدود الفرنسية. والثاني القمة الفرنسية - الألمانية التي ستستضيفها باريس يوم الأحد 20 من الشهر الحالي، وتأتي في إطار الاحتفال بمرور 60 عاماً على «معاهدة الإليزيه» التي قلبت صفحة الحرب العالمية الثانية بين البلدين، ووطدت حالة السلم والتعاون الجديدة بين عدويْ الأمس.
ولقمة برشلونة أهمية استثنائية؛ لأنها ستشهد لأول مرة توقيع معاهدة «التعاون والشراكة» بين باريس ومدريد، وهي الثالثة من نوعها فرنسياً وسبقتها أولاً المعاهدة مع ألمانيا التي وقعت يوم 22 يناير (كانون الثاني) في عام 1963 في قصر الإليزيه، بين الرئيس الفرنسي وقتها الجنرال شارل ديغول والمستشار الألماني كونراد أديناور. والثانية وقعت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي في قصر «كيرينال» بين إيطاليا وفرنسا.
وسينتقل الرئيس ماكرون إلى برشلونة، صباح الخميس، وبمعيته 11 وزيراً (المالية، الداخلية، الخارجية، الدفاع...)، أي في اليوم الذي ستشهد فيه العاصمة الفرنسية «المظاهرة المليونية» التي دعت إليها أحزاب اليسار والخضر والنقابات الثمانية الرئيسية، إضافة إلى إضرابات ستصيب قطاع الطاقة والنقل والتعليم والصحة والوظيفة العمومية. ويندرج الحراك النقابي - الحزبي في سياق بداية الاحتجاجات على خطة الحكومة لتعديل قانون التقاعد ورفع سنه من 62 إلى 64 عاماً.
وفي عملية ليّ الذراع بين النقابات والأحزاب اليسارية، إضافة إلى حزب الخضر، يراهن المحتجون على تعبئة الشارع لدفع الحكومة للتراجع عن خطتها، بينما الحكومة تراهن على توفير أكثرية مطلقة في البرلمان للتصويت على مشروع قانون التقاعد الذي سيصل إلى مكتب البرلمان لمباشرة مناقشته في 23 يناير. وتأمل الحكومة في أن يتم التصويت عليه في مجلس النواب والشيوخ، ليتم إقراره في مارس (آذار) المقبل.
وقالت مصادر رئاسية، بعد ظهر أمس، في معرض تقديمها للقمة الفرنسية – الإسبانية، إن التوقيع المقرر للمعاهدة الجديدة «يعكس متانة العلاقات الوثيقة بين باريس ومدريد». كما أن القمة بين ماكرون وبيدرو سانشيز رئيس الوزراء الإسباني، والاجتماعات المرتقبة بين الوزراء المعنيين من الجانبين، ستوفر الفرصة للتشاور في 4 مجالات رئيسية هي: الدفاع والهجرات والطاقة والشباب. كذلك سيتم تناول التنسيق بين الطرفين بخصوص الملفات التي ستطرح قريباً في إطار القمة الأوروبية، وعلى رأسها الملف الأوكراني.
واقتصادياً، سيكون البحث في الورقة التي طرحتها فرنسا لمساعدة القطاع الصناعي الأوروبي على غرار ما فعلته الولايات المتحدة الأميركية مع صناعتها. وهذا الملف يشكل حالياً أحد أبرز الموضوعات الخلافية بين جانبي المحيط الأطلسي. وأشارت مصادر الإليزيه إلى أن الطرفين سيطلقان «المجلس الفرنسي - الإسباني للأمن والدفاع».
ومع هذه المعاهدة، تكون باريس عززت جناحها الجنوبي، علماً بأن علاقات وثيقة تربطها بالبرتغال واليونان، فيما علاقتها مع إيطاليا تصدعت مع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة في روما.
ومن أبرز المشاريع الفرنسية - الإسبانية ما توافق عليه الطرفان مؤخراً، وهو إنشاء أنبوب «بايب لاين» بين برشلونة ومدينة مرسيليا الفرنسية، يكون مخصصاً لنقل الهيدروجين الأخضر. وجاء هذا الاتفاق بعد رفض فرنسي للسير في مشروع بناء خط أنبوب لنقل الغاز من إسبانيا إلى فرنسا ومنها إلى شمال أوروبا، الأمر الذي عارضته باريس؛ ما أفضى إلى التخلي عنه. واختيار برشلونة كمكان للقمة الثنائية فرض نفسه باعتبارها نقطة الانطلاق للمشروع الجديد.
وتحل مناسبة الاحتفال بـ«معاهدة الإليزيه» والتي سيتبعها اجتماع وزاري مشترك وشامل فرنسي - ألماني برئاسة ماكرون وأولاف شولتس، في وقت تعاني فيه العلاقات الفرنسية - الألمانية من تبعات التوتر الذي نشأ بين البلدين؛ بسبب خلافات طالت الطاقة والدفاع. وكان الاجتماع المشار إليه مقرراً في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي في قصر «فونتينبلو» التاريخي الواقع جنوب العاصمة. إلا أنه أُجّل بناء على رغبة ألمانية وبحجة تضارب في الأجندات.
وما أزعج باريس أمران؛ الأول: أن برلين رفضت المقترح الأوروبي المزدوج الذي ينص على التوافق على الشراء المشترك للغاز من الأسواق لغرض خفض سعره. والثاني رفض ألمانيا تحديد سعر أعلى لا يجوز القفز فوقه للغاز الروسي. والثاني، تفضيل برلين، في سعيها لإطلاق تعاون من أجل بناء شبكة دفاع جوي ضد الصواريخ، الالتفات إلى التكنولوجيا الأميركية والإسرائيلية، وعدم الأخذ بما توفره التكنولوجيا الفرنسية التي تعمل بالشراكة مع إيطاليا. لكن المياه عادت إلى حد بعيد إلى مجاريها بين الدولتين اللتين شكلتا تاريخياً القاطرة الدافعة للاندماج الأوروبي. وينتظر أن توفر القمة المرتقبة يوم الأحد الفرصة للطرفين للاحتفال بالعلاقات المتجددة بينهما، وطي صفحة التباعد.
وأفادت مصادر فرنسية بأن لقاء ماكرون - شولتس سيتناول التنسيق بين باريس وبرلين في الملف الأوكراني، حيث يطرح بشكل حاد، في الوقت الحاضر، موضوع تزويد كييف بالأسلحة الثقيلة والمطلوب اليوم توفير الدبابات القتالية للقوات الأوكرانية.
وبعد أن أعلنت بريطانيا استعدادها لمنح كييف 14 دبابة من طراز «تشالينجر 2»، تتجه الأنظار نحو برلين التي تتسلط عليها الضغوط للاحتذاء ببريطانيا من جهة، وقبول إعطاء الضوء الأخضر لفنلندا وبولندا لنقل بعض دباباتهما ألمانية الصنع من طراز «ليوبارد» إلى أوكرانيا من جهة أخرى. كذلك تُمارَس في الوقت الحاضر ضغوطٌ على برلين نفسها لتقبل، بدورها، تزويد كييف بعدد من الدبابات التي تعد من الأفضل في العالم.
والسؤال نفسه سيطرح بالنسبة قريباً جداً، وتصنع باريس دبابات «لوكلير» القتالية من الجيل الثالث.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».