لبنان «المشلول» يتقدم في الطاقة المتجددة

نتيجة إقبال الأسر على «الكهرباء الشمسية»

فني يبرمج محولاً للطاقة الشمسية لدى أسرة لبنانية (الشرق الأوسط)
فني يبرمج محولاً للطاقة الشمسية لدى أسرة لبنانية (الشرق الأوسط)
TT

لبنان «المشلول» يتقدم في الطاقة المتجددة

فني يبرمج محولاً للطاقة الشمسية لدى أسرة لبنانية (الشرق الأوسط)
فني يبرمج محولاً للطاقة الشمسية لدى أسرة لبنانية (الشرق الأوسط)

برز ترتيب لبنان ضمن أفضل 5 بلدان سجلت تقدماً لافتاً في ميدان الطاقة المتجددة، حاصداً نتيجة وسطية بلغت 69 نقطة من أصل 100 للعلامة الكاملة في قياس مؤشرات تنظيم الطاقة المستدامة؛ ليتموضع بذلك في الخانة الخضراء في الترتيب العالمي لمؤشرات تنظيم الطاقة المستدامة، وفق تقرير حديث صادر عن البنك الدولي.
وبدا التصنيف المتقدم الذي يمنح لبنان شهادة وجود «بيئة سياسية وتشريعية ناضجة»، مثيراً في حيثياته الإيجابية في وقت يعاني فيه البلد من شلل مستحكم وشبه مستدام يطغى على السلطات وفي الإدارات والمؤسسات الحكومية كافة، بما ينعكس في واحدة من وقائع الانهيارات الشاملة، قساوة حادة وفريدة عالمياً في تقنين الكهرباء العامة إلى حدود الانعدام.
وفي الواقع، تفاقم عجز الدولة تباعاً على مدى يتعدى السنوات العشر في تأمين الطاقة رغم الإنفاق التمويلي المفرط لمؤسسة الكهرباء بما يزيد تراكمياً على 25 مليار دولار، ليبلغ ذروته حالياً مع جفاف قدرات الاستدانة لتلبية احتياجات معامل الإنتاج من المشتقات النفطية، بينما ينوء المواطنون والمقيمون من نازحين سوريين ولاجئين فلسطينيين بحمل الأكلاف المرتفعة للتزود ذاتياً بالتيار أو عبر الاشتراكات في المولدات الخاصة.
ويستند البنك الدولي في إعداد الترتيب الذي يشمل 140 دولة تضم 98 في المائة من سكان العالم والصادر حديثاً بنسخته الرابعة المتضمنة لنتائج عام 2021، إلى تقييم «السياسات الوطنية والأطر التنظيمية للطاقة المستدامة»، والمرتكز بدوره إلى مؤشرات فرعية يبلغ عددها 30 موزعة على أربعة أبواب رئيسية، تشمل الولوج إلى الطاقة الحديثة، وفعالية الطاقة، والطاقة المتجددة والطبخ النظيف. ويتم وضع العلامات بين الصفر والمائة بنسب تثقيل متساوية، ليتم بذلك تصنيف البلدان بحسب نتيجتها ضمن فئات تتدرج من الأفضل إلى الأسوأ بألوان الأخضر والأصفر والأحمر.
بذلك، يمكن الاستدلال، وبحسب مصادر معنية، إلى نقاط القوة التي منحت لبنان نتيجة 100 في مؤشر الولوج إلى الطاقة الحديثة، ونتيجة 43 في مؤشر فعالية الطاقة، ونتيجة 64 في مؤشر الطاقة المتجددة. فقد أقر مجلس الوزراء في ربيع العام الماضي مشروع قانون إنتاج الطاقة المتجددة الموزعة وإحالته إلى مجلس النواب، بعدما عملت وزارة الطاقة على تطويره من خلال الدعم المقدم من قبل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتطوير بالشراكة مع مؤسسة الكهرباء وخبراء المركز اللبناني لحفظ الطاقة.
وشكل إقرار مشروع القانون، وفق وزارة الطاقة، خطوة أساسية وهامة في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة الموزعة على كامل الأراضي اللبنانية من خلال آليات دمج مشاريع القطاع الخاص على شبكة مؤسسة كهرباء لبنان. كما يمكن الاستفادة من مندرجاته كركن عملي وتنفيذي في عمل الوزارة ودورها المحوري في محاربة ظاهرة التغير المناخي، خاصة أن تطوير سوق الطاقات المتجددة لإنتاج الكهرباء يعتبر جزءاً أساسياً من سياسة الحكومة في نطاق التنمية المستدامة.
بالتوازي، تسبب التقنين القاسي للكهرباء العامة بتوليد حافز قوي للإقبال الكثيف من قبل المواطنين على الاستفادة المتاحة الطاقة الشمسية، ولو بتكلفة استثمار مرتفعة لا تقل عن 4 آلاف دولار لتغطية الحاجات الأساسية لمنزل الواحد. وذلك بوصفها البديل الحاضر، عن ندرة التزود بالتيار الوارد من مؤسسة الكهرباء وعن الفاتورة الشهرية الباهظة للاشتراك في المولدات الخاصة التي تفرض تسعيرة تتعدى ما يوازي 50 سنتاً، أي نحو 25 ألف ليرة، لكل كيلوواط، بينما اعتمدت المؤسسة أخيراً سعر 27 سنتاً للكيلو على وعد غير مضمون لتأمين التيار بمعدل 4 إلى 5 ساعات يومياً.
ووفق المعطيات الرقمية، تخطى إنتاج الكهرباء عبر ألواح الطاقة الشمسية نحو 450 ميغاواط بنهاية العام الماضي. وهذا الرقم مستمر بالصعود ليبلغ الألف ميغا بنهاية العام المقبل، بحسب توقعات المركز الوطني لحفظ الطاقة. علماً بأن مساهمة الدولة في هذه الاستثمارات الفردية تحاكي «الصفر» فعلياً. بل هي تهدر، وفق الخبراء، فرصة ثمينة لربط متبادل مع الشبكة على منوال ما تنفذه معظم الدول حول العالم، التي تخضع إنشاء أي شبكة للطاقة الشمسية بسلسلة تراخيص مسبقة للشركات والمستثمرين أفرادياً وتشاركياً، بغية التزام قواعد وشروط صارمة، ولا سيما في نطاق الاختصاص والسلامة ونوعية الألواح والأجهزة والكابلات وسواها. وتقع المهمة الرقابية في لبنان ضمن مهام معهد البحوث الصناعية التابع لوزارة الصناعة. وهو المكلف رسمياً بالكشف على الأجهزة والألواح المتعلقة بتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية ومنع إدخال أي معدات غير مطابقة للمواصفات، والواردة عبر كل المنافذ الحدودية. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في عشوائية تركيب هذه الأنظمة من دون الحصول على رخص مسبقة، وتحولها مهنة لكثير من غير المختصين أو التقنيين الذين يفتقرون إلى الخبرة الضرورية، بما ينطوي على مخاطر فورية أو لاحقة، ولا سيما لجهة التثبت من سلامة التمديدات إلى المنازل ومدى متانة صمود الألواح في صد الرياح التي تتضاعف سرعاتها في فصل الشتاء.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
TT

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

وردّاً على قوله إن إيران قصفت مدينة حلبجة (شمال العراق) بالسلاح الكيماوي نهاية الثمانينات، أصدرت حكومة إقليم كردستان بيان تكذيب، شدّدت فيه على أن «ما قاله صهر الديكتاتور العراقي السابق (صدام حسين) ملفق، وعارٍ عن الصحة».

رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (إعلام حكومي)

وجاء في بيان لمكتب رئيس حكومة كردستان، مسرور بارزاني، أنه «في مقابلة مع صحيفة (الشرق الأوسط) أطلق شخص يُدعى جمال مصطفى التكريتي، صهر الديكتاتور العراقي السابق، ادعاءً يُنكر فيه الهجوم الكيماوي الذي اقترفه النظام البعثي السابق على حلبجة، وتمادى في ادعائه، ناسباً تصريحاً باطلاً لرئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، بأن (طائرتين إيرانيتين قصفتا حلبجة)».

وقال مكتب بارزاني: «إن رئيس حكومة الإقليم لم يسبق أن أدلى بمثل هذا التصريح»، وشدد البيان على أن «مرتكبي الهجوم الكيماوي على حلبجة هو النظام العراقي السابق نفسه، وكل الأدلة تُثبت قطعاً أنه مَن اقترف هذه الجريمة».

وكان جمال مصطفى قد قال في المقابلة التي أجراها مع رئيس تحرير «الشرق الأوسط»، غسان شربل، إن «إيران هي مَن قصفت حلبجة»، والشاهد على ذلك قبل فترة غير بعيدة، مسرور بارزاني، رئيس وزراء كردستان الذي أعلن «أن طائرتين إيرانيتين قصفتا حلبجة قبل دخول الإيرانيين إليها».

وتعرضت حلبجة في 16 مارس (آذار) 1988، إلى القصف بالأسلحة الكيماوية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 5 آلاف من مواطنيها، وإصابة ضعف هذا العدد، كثير منهم يعاني حتى اليوم من تأثيرات الغازات السامة، وفقاً لمؤسسات حكومية ومدنية في كردستان.

وفي يناير (كانون الثاني) 2010 حُكم بالإعدام على علي حسن المجيد، الملقب بـ«علي الكيماوي»، ابن عم صدام حسين، ونفذ فيه الحكم لمسؤوليته عن «مجزرة» حلبجة.

جمال مصطفى مع رئيس التحرير غسان شربل خلال المقابلة

وتفاعل مدونون في مواقع التواصل الاجتماعي مع تصريحات صهر صدام عن زعيم حزب «السيادة»، خميس الخنجر.

وقال مصطفى، إن المحققين (خلال فترة احتجازه) حاولوا تلفيق تهمة، مفادها أنه «أعطى قبل الاحتلال، خميس الخنجر، مائتين وخمسين مليون دولار، وقالوا له: إذا لم تعترف بذلك ستبقى في السجن طيلة عمرك».

وأكد صهر صدام، أن هذا «الادعاء لا أساس له من الصحة، رغم أنه كان على علاقة بالخنجر» بحكم «اهتمامه بملف العشائر».

واستعاد مدونون الجدل حول محاكمة أركان النظام السابق، في حين شكك عدد منهم في تصريحات جمال مصطفى حول تلك الحقبة.

وجمال مصطفى التكريتي، ضابط برتبة مقدم في الجيش العراقي، وعُيّن في جهاز حماية صدام، ومسؤول عن ملف شؤون القبائل والعشائر، وهو زوج «حلا»، الابنة الصغرى لصدام حسين.