شبح اتهامات «التجسس» يطارد المسؤولين «النوويين» في إيران

مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القنصلية حسن قشقاوي خلال مؤتمر صحافي بعد وصول أميري إلى طهران فی یولیو 2010 (مهر)
مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القنصلية حسن قشقاوي خلال مؤتمر صحافي بعد وصول أميري إلى طهران فی یولیو 2010 (مهر)
TT

شبح اتهامات «التجسس» يطارد المسؤولين «النوويين» في إيران

مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القنصلية حسن قشقاوي خلال مؤتمر صحافي بعد وصول أميري إلى طهران فی یولیو 2010 (مهر)
مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القنصلية حسن قشقاوي خلال مؤتمر صحافي بعد وصول أميري إلى طهران فی یولیو 2010 (مهر)

لم يكن علي رضا أكبري الذي أعلنت السلطات الإيرانية عن إعدامه السبت، أول مسؤول تنقّل بين مناصب عديدة في أجهزة صنع القرار الإيراني يواجه تهماً بـ«التجسس»، ونقل معلومات حساسة، خصوصاً في المجالين النووي والعسكري، لكن حجم الاتهامات الموجهة إليه يجعله أبرز الملفات التي خرجت للعلن خلال الحكومات التي حملت على عاتقها إدارة الملف النووي منذ عام 2003.
وتعيد قضية أكبري ملفات ضخمة في قضايا التجسس شغلت الرأي العام الإيراني لفترات طويلة، وكشفت عن حجم المواجهة بين الأطراف المتنافسة على السلطة في وقت تترقب فيه إيران هوية من يتولى خلافة المرشد علي خامنئي، خلال السنوات القليلة المقبلة.
وواجه عدد من المسؤولين المرتبطين بالمجالات الحساسة، مثل الحقول العسكرية والأمنية والملف النووي، اتهامات بالتجسس، وحكم على أغلبهم بعقوبات تصل للإعدام، والفصل عن المناصب الرسمية والسجن.
وتزداد الاعتقالات ومطارد المسؤولين مع كل تغيير في الحكومة الإيرانية التي تقاسمها المعسكران المحافظ، والإصلاحي، وهو الأمر الذي يظهر مدى التباين بين المتنافسين على القوة والنفوذ في داخل التركيبة المعقدة للنظام.
في مايو (أيار) 2016، أعلن مجيد أنصاري نائب الرئيس الإيراني السابق عن إعدام مسؤول إيراني بتهمة التجسس. ولم تكشف السلطات عن هوية المسؤول الرفيع لكن أنصاري قال إنه «تغلغل» في بعض الدوائر. وتداولت حينها معلومات صحافية عن إعدام مسؤول ملف إسرائيل في دائرة مكافحة التجسس بوزارة الاستخبارات الإيرانية، بتهمة التجسس لإسرائيل.
- عبد الرضا دري أصفهاني
كان دري أصفهاني أبرز الخبراء الماليين في المفاوضات النووية خلال فترة حسن روحاني، قبل أن تعلن وسائل إعلام إيرانية اعتقاله بتهمة التجسس في يوليو (تموز) 2016.
شغل منصب مسؤول الشؤون المصرفية في الفريق المفاوض النووي، وكان ممثلاً للبنك المركزي في المفاوضات التي انتهت بالاتفاق النووي لعام 2015.
وبعد شهور من اعتقاله في ظروف غامضة على يد جهاز استخبارات «الحرس الثوري» بتهمة بـ«التجسس» خلال المفاوضات النووية، أدين في المحكمة بعشر سنوات سجناً، بتهمة «التجسس لصالح الاستخبارات البريطانية والكندية»، و«التعاون مع الولايات المتحدة المتخاصمة». وكذلك «عدم رفع العقوبات عن البنوك الإيرانية» بعد التوصل للاتفاق النووي. واتهم أيضاً بمحاولة عرقلة الاتفاق النووي، وإضافة البنود المتعلقة باتفاقية «فاتف» (مجموعة مراقبة العمل المالي) المعنية بمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
يحمل دري أصفهاني الجنسيتين الإيرانية والكندية. وذكرت تقارير إيرانية أنه يحمل الجنسية البريطانية.
وقال النائب المتشدد جواد كريمي قدوسي إن أصفهاني كان موظفاً في وزارة الخزانة الأميركية، وعاد بعد 1979 للعمل في وزارة الدفاع الإيرانية، وأصبح مسؤولاً عن ملف الأموال الإيرانية المحتجزة في الولايات المتحدة.
- حسين موسويان
يعد موسويان في الوقت الحالي واحداً من بين الصقور في الأوساط الإيرانية بالولايات المتحدة، وخصوصاً المنتقدين للسياسة الأميركية تجاه إيران في فرض العقوبات، والخروج من الاتفاق النووي، وممارسة الضغط على طهران.
وكان موسويان الذي شغل مناصب دبلوماسية من بينها السفير الإيراني لدى ألمانيا، قد واجه تهماً بالتجسس على خلفية عضويته في الفريق المفاوض النووي إبان تولي الرئيس السابق حسن روحاني منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، في عهد رئاسة محمد خاتمي.
ولعب موسويان دور المتحدث باسم الفريق المفاوض النووي، واليد اليمنى لروحاني. وانتهى دوره في الفريق المفاوض النووي، في بداية حكومة محمود أحمدي نجاد، وتولى علي لاريجاني منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي.
واعتقل موسويان في نهاية أبريل (نيسان) 2007 بتهمة «التجسس والتخابر مع الأجانب والدعاية ضد النظام»، لكن أطلق سراحه بعد أيام بتقديم كفالة مالية. واتهمته الاستخبارات الإيرانية حينها بـ«تقديم معلومات عن البرنامج النووي للسفارة البريطانية».
وأسقط القضاء الإيراني التهم في البداية، لكن أحمدي نجاد مارس ضغوطاً على وزير الاستخبارات حينذاك، غلام حسين محسني إجئي (رئيس القضاء الحالي)، والادعاء العام في طهران؛ لإدانة موسويان.
في أبريل 2008، أدين موسويان بالسجن عامين مع وقف التنفيذ، وحرمانه خمس سنوات من المناصب الحكومية، بتهمة «الإخلال بالأمن القومي».
- شاهين دادخواه
كان دادخواه عضواً في الفريق المفاوض النووي ومستشاراً لروحاني خلال المفاوضات النووية لعام 2003. وهو موظف سابق في دائرة مكافحة التجسس في وزارة الاستخبارات الإيراني، وحضر مفاوضات إيرانية - أميركية - عراقية في بغداد بعد عام 2003. وبدأ تعاونه مع وزارة الاستخبارات عندما كان يقودها علي يونسي أحد أبرز وزراء الحكومة الإصلاحية برئاسة خاتمي.
اعتقل دادخواه في ديسمبر (كانون الأول) 2010 بتهمة التعاون مع دول متخاصمة، وأمضى 14 شهراً في الزنزانة الانفرادية، قبل نقله إلى الأقسام العامة بسجن «إيفين»، وأدانته محكمة «الثورة» بالسجن سبع سنوات. وأشرف على محاكمته القاضي أبو القاسم صلواتي.
وبقي بالسجن حتى أطلق سراحه في ديسمبر 2015، بعد عامين من تولي حسن روحاني الرئاسة. وبعد مغادرة إيران، كشف دادخواه في تصريحات صحافية عن حضوره في محادثات سرية بين إيران وإسرائيل حول حركة حماس، متحدثاً عن زيارات لإسرائيل بتكليف من المجلس الأعلى للأمن القومي عندما كان روحاني أميناً عاماً للمجلس.
ويقيم دادخواه في مكان غير معروف بعد مغادرة إيران في مايو 2016. وقال دادخواه، في حوارات صحافية، إن سبب اعتقال أعضاء الفريق المفاوض النووي الذي سبق حكم أحمدي نجاد، يعود إلى معارضتهم لسياسته في إدارة الملف النووي، وكذلك محاولة إبعاد روحاني من الترشح للانتخابات الرئاسية.
- شهرام أميري
كان شهرام أميري عالماً متخصصاً في النظائر المشعة للاستخدامات الطبية، في جامعة «مالك الأشتر» الخاضعة لـ«الحرس الثوري»، هرب إلى الولايات المتحدة في ربيع 2009، وقدمت السلطات روايات متضاربة حول اختفائه، وظهر في مقطع فيديو في السفارة الباكستانية التي ترعى المصالح الإيرانية في الولايات المتحدة، يدعي اختطافه من قبل الإدارة الأميركية، وطالبت طهران بإعادته في 2010، وفور وصوله إلى طهران اعتقل من قبل جهاز استخبارات «الحرس الثوري»، رغم أن السلطات رتبت له استقبالاً حضره نائب لوزير الخارجية، وبث لحظاته الأولى في التلفزيون، على غرار الإيرانيين الذين يتم استبدالهم خلال صفقات تبادل سجناء.
واختفى أميري فترة 20 شهراً حتى أعلنت السلطات إعدامه بشكل مفاجئ في أغسطس (آب) 2016. وكان أميري يقضي حكماً بالسجن 10 سنوات، بالإضافة إلى 5 سنوات ينفي فيها تهمة «التخابر سراً مع دول متخاصمة، وتهديد الأمن القومي الإيراني، وتقديم معلومات حساسة للأعداء».
وبعد اختفائه نفى رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية حينذاك، علي أكبر صالحي أن يكون أميري من علماء المنظمة الإيرانية، لكن بعد إعدامه في 2016، قال المتحدث باسم القضاء الإيراني «نفذ الإعدام شنقاً بشهرام أميري بسبب كشفه معلومات سرية للغاية عن البلاد إلى العدو (الولايات المتحدة)».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في يوليو 2010، نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تكشف هويتهم، أن «شهرام أميري وصف لرجال الاستخبارات تفاصيل حول كيفية تحول الجامعة في طهران مقراً سرياً لجهود إيران النووية».
وأضافت: «بينما كان أميري في إيران، كان كذلك أحد مصادر تقرير التقييم الاستخباراتي الوطني الذي أثار جدلاً حول برنامج إيران المشتبه بأنه يهدف إلى إنتاج أسلحة نووية والذي نشر في 2007».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.