بموازاة استمرار تحركات الحكومة المصرية الرامية إلى «تخفيف الأعباء» على المواطنين، ومساعدتهم على مواجهة تبعات الأزمة الاقتصادية، عبر توفير سلع استهلاكية بأسعار مُخفضة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مبادرات دعوات لترشيد الاستهلاك، وتشجيع المنتجات المحلية بديلا للسلع المستوردة، وحلولا «مؤقتة» لمواجهة الغلاء.
وتعاني مصر تبعات جائحة «كوفيد - 19»، والحرب الروسية - الأوكرانية، وما سببته من تداعيات على الاقتصاد العالمي، كان لها أثر كبير على المصريين الذين يشكون من تصاعد الغلاء، لا سيما عقب تحرير سعر صرف الجنيه المصري، ليسجل الدولار الأميركي نحو 30 جنيها.
ووجه مواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لترشيد الاستهلاك، والاعتماد على المنتجات المُصنعة محليا، بديلا للسلع المستوردة، وتداولوا منشورات تحت عنوان «تريد مساعدة بلدك... اشتر المنتج المصري»، تتضمن مجموعة من النصائح لمساعدة مصر على مجابهة تداعيات الأزمة الاقتصادية، مع توضيح أسماء السلع والمنتجات محلية الصنع، التي يمكن الاعتماد عليها خلال الفترة الحالية.
وبدأت منال محمود، سيدة أربعينية وأم لطفلين، البحث عن بدائل محلية لمنتجات مستوردة اعتادت شراءها، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع الارتفاع المبالغ فيه لأسعار المنتجات المستوردة، لا سيما مع تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار، أصبح البحث عن بدائل محلية ضرورة»، مشيرة إلى أنها «اعتمدت خلال الفترة الأخيرة على منتجات محلية للعناية بالبشرة والشعر، إضافة إلى البحث عن بديل محلي للقهوة المستوردة التي اعتادت شربها كل صباح».
ورغم تأكيد الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل، على أن مبادرات ترشيد الاستهلاك والاعتماد على المنتج المحلي قد «تساهم في مجابهة الأزمة الاقتصادية»، فإنه رهن فاعليتها بمدى توافر المعلومات، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا بد من توفير معلومات حول البدائل محلية الصنع، والعمل على تسويقها، حتى يتعرف عليها المواطن، وإلا فإن عناء البحث عنها قد يكلف وقتا وجهدا يفوقان تكلفة السلعة المستوردة».
وتحت عنوان «كن إيجابيا» أطلق المصريون في أميركا مبادرة «لدعم الاقتصاد المصري»، حسب وسائل إعلام محلية، أشارت إلى أن «المبادرة تدعو كل مصري في الخارج إلى تحويل 200 دولار إلى البنك المركزي».
وفي سياق توفير الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«استمرار (صندوق تحيا مصر) في تقديم مساهماته، وتعزيز أنشطته وبرامجه، في إطار الشراكة المتناغمة والمثمرة مع أجهزة الحكومة، ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، استنهاضاً لقدرات الدولة الذاتية بوصفها من أدوات التنمية ومواجهة التحديات المجتمعية»، وقال خلال اجتماع لاستعراض نشاط «الصندوق»، أمس، إن عمل الصندوق «يأتي في إطار استراتيجية الدولة لدعم وتلبية احتياجات الأسر الأولى بالرعاية ورفع مستوى أداء الخدمات المقدمة لها».
وأوضح السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، في إفادة رسمية أمس، أن اللواء محمد أمين، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية، استعرض خلال اجتماعه مع الرئيس مجمل نشاط ومساهمات «صندوق تحيا مصر»، لا سيما «دوره بوصفه معاونا لأجهزة الدولة في دعم برامج الحماية الاجتماعية، والمشروعات التنموية على مستوى الجمهورية، ونجاحه في العديد من القطاعات لتحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بالخدمات». مشيرا إلى أن «إجمالي المساهمات التي ضخها الصندوق في مختلف القطاعات والمجالات، منذ إنشائه وحتى الآن، بلغ 22 مليار جنيه».
وفي إطار محاولات تخفيف الأعباء على المواطنين أعلنت وزارة التنمية المحلية المصرية «استمرار مبادرة (سند الخير)، لتوفير السلع للمواطنين بأسعار مُخفضة»، وقال اللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية المصري، في بيان صحافي أمس، إن «استمرار المبادرة يأتي استكمالاً لجهود الحكومة في مواجهة ارتفاع الأسعار، واستغلال بعض التجار، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وتداعيات الحرب الروسية -الأوكرانية، وتنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي بضبط الأسواق، وتوفير السلع الغذائية بأسعار مناسبة خاصة للمواطنين بالقرى الأكثر احتياجاً ومحدودي الدخل». كما أشار وزير التنمية المحلية إلى أن «المبادرة التي أطلقت العام الماضي، تساهم في مزيد من الاتزان داخل الأسواق، كما تعمل على توفير فرص عمل للشباب». وقال إن «المبادرة حققت على مدار 39 أسبوعا مبيعات بأكثر من 170 مليون جنيه».
ولم تقتصر محاولات المصريين في مجابهة الغلاء على البحث عن منتجات أقل سعرا، بل امتدت إلى استعادة عادات قديمة، وهو ما فعلته سامية صالح، (ربة منزل خمسينية) التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها «اعتادت مع والدتها في السابق على استغلال سطح المنزل لتربية الدواجن، وهي عادة توقفت مع مرور الزمن، لكن الأزمة الحالية والارتفاع الكبير في أسعار الدجاج والبيض دفعاها إلى العودة لتربية بعض أنواع الدواجن على سطح منزلها». ونصحت الجميع بـ«التأقلم مع ظروف الحياة الجديدة». في سياق متصل، نفت الحكومة المصرية الأنباء المتداولة بشأن وقف البطاقات التموينية، التي لم يتلق أصحابها رسالة صرف المقررات التموينية للشهر الحالي، وأكد المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، في بيان صحافي أمس «انتظام صرف المقررات التموينية لجميع المستحقين من أصحاب البطاقات التموينية دون إيقاف، وذلك بما يعادل القيمة المخصصة لهم من الدعم، والبالغة قيمتها 50 جنيهاً شهرياً لكل فرد مقيد بالبطاقة التموينية».
مصريون يتصدون للغلاء بتشجيع المنتجات المحلية وترشيد الاستهلاك
في ظل تحركات الحكومة لتوفير السلع بأسعار مخفضة
مصريون يتصدون للغلاء بتشجيع المنتجات المحلية وترشيد الاستهلاك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة