استشارات طبية: البامية وحرقة المعدة... وهل السمنة مرض؟

استشارات طبية: البامية وحرقة المعدة... وهل السمنة مرض؟
TT

استشارات طبية: البامية وحرقة المعدة... وهل السمنة مرض؟

استشارات طبية: البامية وحرقة المعدة... وهل السمنة مرض؟

البامية وتأثيراتها على الجهاز الهضمي

* أعاني من حرقة المعدة بعد تناول البامية، ما السبب؟
- هذا ملخص أسئلتك. البامية الخضراء، هي من الثمار الكبسولية الشكل، التي تحتوي على كثير من البذور. و«غالبية» الدراسات العلمية حول البامية وتأثيراتها على صحة الجسم، تمت على حيوانات التجارب وعلى خلايا حية في المختبرات، و«قليل» منها على الإنسان.
وتؤكل البامية مطبوخة عادة، ولكن ربما من الآمن أكلها نيئة. وغالبية الناس لا تأكلها نيئة لأسباب عدة، الأول أن طبقة الصمغ اللزج في الباميا تتسبب بتغيرات غير مريحة في الفم. والآخر أن تلك المادة اللزجة النيئة تسبب زيادة في إفرازات المعدة، مما قد يؤدي إلى اضطراب المعدة وعدم الراحة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب البامية النيئة الإمساك. والقلي الخفيف قبل الغلي الشديد في الماء أثناء الطهو، يمكنه أن يخفف تلك اللزوجة. بينما الطهو البطيء على نار هادئة، يزيد من تكوينها وخروجها في يخنة (مرق) البامية. كما يُمكن أن تخف اللزوجة بالتجفيف قبل الطهو، أو بإضافة إما الطماطم أو عصير الليمون أثناء الطهو.
ومن ناحية القيمة الغذائية، فإن البامية منخفضة في محتواها من السعرات الحرارية، وتحتوي تشكيلة متنوعة من الفيتامينات والمعادن بنسبة متوسطة. ولكنها تعتبر مصدراً ممتازاً لفيتامين إيه A وفيتامين سي C وفيتامين كيه K. وتحتوي على الألياف بدرجة متوسطة، وغنية بالمواد المضادة للأكسدة.
وفي الوقت نفسه غنية بالأوكساليت، الذي يجدر تخفيف تناوله من قبل مرضى حصاة الكلى.
و يمكن أن يؤثر تناول كثير من البامية سلبًا ويؤدي إلى مشاكل في الجهاز الهضمي عند البعض، لأن البامية تحتوي على الفركتانز (بوليمر من جزيئات الفركتوز)، وهو نوع من السكريات التي يُمكن أن تسبب الإسهال والغازات وتشنجات آلام البطن والانتفاخ، لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الأمعاء بالأصل، كالقولون العصبي.
ولكن لدى غالبية الناس، فإن محتوى الباميا من الألياف، يُساعد في سهولة عمليات الهضم والإخراج. وللتوضيح، تساعد الألياف اللزجة «غير القابلة للذوبان» من البامية في الحفاظ على الجهاز الهضمي في حالة جيدة وترطيب الأمعاء الغليظة. وتغذي الألياف الموجودة في البامية أيضًا البكتيريا الصديقة في القولون، مما يعزز صحة الأمعاء. ويؤدي ذلك في النهاية إلى تقليل التقلصات والانتفاخ ومشاكل القولون المزعجة الأخرى. والأهم يُسهم في منع الإمساك. ولذا فإن أحد غايات تناولها هو ليونة وسهولة الإخراج.
وبالنسبة للمعدة، فهناك تجارب على الحيوانات، تُفيد بأنها قد تخفف من التهابات المعدة وقروحها، ولكن الأمر يحتاج إلى دراسات كافية على البشر. كما تجدر ملاحظة أن حرقة المعدة لها أسباب أخرى متعددة، وتحتاج إلى مراجعة الطبيب لمعرفتها. وأن البصل المطهو والطماطم المطهوة (المُضافين في طهو يخنة الباميا)، هما من أسباب ارتخاء العضلة العاصرة في أسفل المريء، الذي قد يتسبب بحرقة المعدة.
وأفادت بعض الدراسات على حيوانات التجارب في المختبرات، بأن البامية تُخفف من نسبة السكر في الدم عبر آليات عدة، ولكن تجدر ملاحظة أن بعض الدراسات أفادت بأن البامية تُعيق امتصاص عقار ميتفورمين لعلاج السكري.
كما أن هناك إشارة إلى احتمال تسبب مادة سولانين في الباميا (وهي أيضاً موجودة في الباذنجان الأسود والطماطم والبطاطا) بزيادة آلام المفاصل. ولكن الأمر يحتاج إلى إثبات علمي. وكذلك الحال مع ادعاءات أخرى لم تثبت علمياً، حول احتمال تسبب وجود مادة جوسيبول في الباميا بخفض الخصوبة وإعاقة إنتاج الحيوانات المنوية.

هل السمنة مرض؟

* هل السمنة مرض، وهل تتسبب فيها الجينات الوراثية؟
- هذا ملخص أسئلتك. وقد يستغرب البعض، ولكن السمنة «مرض جديد». ليس لأن البشر لم يُصابوا بالسمنة منذ القدم، بل لأن الأوساط الطبية تأخرت كثيراً في تصنيف السمنة كـ«مرض». وتحديداً، صنفت الجمعية الطبية الأمريكية AMA السمنة على أنها «مرض» في عام 2013.
- ونتيجة لذلك، تغيرت فكرة أن السمنة ناتجة فقط عن ضعف قوة الإرادة، أو تدني الانضباط في تناول الطعام، أو الاختيارات السيئة في انتقاء الأطعمة. بل وفق تعريف رابطة طب السمنة الأميركية OMA، فإن السمنة هي: «مرض سلوكي عصبي مزمن، وقابل لتكرار الانتكاس، ومتعدد العوامل (في التسبب به)، حيث تؤدي الزيادة في شحوم الجسم إلى اختلال وظيفي في الأنسجة الدهنية وتأثيرات جسدية غير طبيعية لكتلة الشحوم، مما يؤدي إلى تداعيات صحية في العمليات الكيميائية الحيوية، وعواقب على الصحة النفسية والاجتماعية».
ويوضح أطباء مايوكلينك بالقول: «السمنة مرض معقد، تزيد فيه كمية شحوم الجسم زيادة مفرطة. السمنة ليست مجرد مصدر قلق بشأن المظهر الجمالي، بل إنها مشكلة طبية تزيد من عوامل خطر الإصابة بأمراض ومشكلات صحية أخرى، مثل مرض القلب، وداء السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأنواع معينة من السرطان. وهناك العديد من الأسباب التي تجعل البعض يواجهون صعوبة في إنقاص الوزن».
ولذا لا تُعتبر السمنة فشلًا شخصيًا، بل حالة مرضية طبية. وزيادة تراكم الشحوم في الجسم لدى المُصابين بالسمنة، لا تُعزى «دائمًا» إلى تناول كثير من السعرات الحرارية أو قلة النشاط البدني. بل قد يعاني الأفراد المصابون بالسمنة من اختلال في مسارات التمثيل الغذائي، إلى جانب الإشارات المضطربة للشعور بكل من: الجوع والشبع والامتلاء.
وبالنسبة للبعض، فإن جهود إنقاص الوزن، تقابلها مقاومة شديدة من الجسم، تتمثل إما في عدم نقص الوزن أو ربما زيادته. وغالباً عبر لجوء الجسم إلى خفض مستوى نشاط عمليات الأيض (العمليات الكيميائية الحيوية للتمثيل الغذائي)، أو إحداث الجسم لمزيد من الاضطراب في شعور المرء بالجوع أو الشبع أو الامتلاء.
والآلية المرضية للسمنة (طريقة حصول السمنة لدى الشخص) متنوعة، بناء على سبب زيادة الوزن.
وليس هناك نوع واحد من السمنة، ولا سبب واحد لها. وثمة سمنة وراثية، وأخرى ناجمة عن إجهاد التوتر النفسي، وثالثة بعد انقطاع الطمث، ورابعة نتيجة اضطرابات هرمونية، وخامسة نتيجة لتناول بعض أنواع الأدوية، وغيرها.
وخلال السنوات القليلة الماضية، أصبحت السمنة مرضًا أكثر وضوحًا مع زيادة معرفتنا بميكانيكا الدهون والشحوم. و يتطلب النجاح في مواجهة جائحة السمنة التعامل العلاجي مع مسببات المرض وليس فقط مظاهر أعراضه.
أما بالنسبة لدور الوراثة في سؤالك، فإن أطباء مايو كلينك يوضحون قائلين: «تنتج السمنة عادة عن عوامل وراثية وفسيولوجية وبيئية، بالإضافة إلى اختيارات النظام الغذائي والنشاط البدني وممارسة الرياضة. وقد تؤثر الجينات الموروثة عن والديك في مقدار الدهون الذي يخزنه جسدك، وأماكن توزيع تلك الدهون. وقد تؤدي الخصائص الوراثية أيضًا دورًا في مدى كفاءة جسدك في تحويل الطعام إلى طاقة، وكيفية تحكم جسدك في شهيتك، وكيفية حرق جسدك للسعرات الحرارية أثناء ممارستك للرياضة. ويشيع انتشار السمنة بين أفراد الأسرة الواحدة. ولا يرجع سبب ذلك إلى الجينات التي يتشاركونها فحسب، بل يميل أفراد الأسرة الواحدة أيضًا إلى مشاركة العادات الغذائية ذاتها ومزاولة الأنشطة نفسها».

* استشاري باطنية وطب قلب للكبار
الرجاء إرسال الأسئلة إلى العنوان الإلكتروني: [email protected]


مقالات ذات صلة

أفضل الوجبات الصحية للعام الجديد

صحتك تساهم المكسرات والأسماك الدهنية والخضراوات والفواكه في رفع مستويات الكوليسترول الجيد (أرشيفية- جامعة ناغويا)

أفضل الوجبات الصحية للعام الجديد

خلص خبراء إلى أن أفضل وجبة غذائية لعام 2025، هي الوجبة «المتوسطية» التي ترتبط بالعادات الغذائية لسكان منطقة حوض المتوسط.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)

«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
TT

«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)

هل يستطيع أطباء الأورام اتخاذ قرارات أفضل لعلاج السرطان باستخدام الأسماك؟ تهدف تجربة سريرية من المقرر أن تبدأ هذا الشهر في البرتغال إلى معرفة ذلك.

وتُعدّ الدراسة التي استمرت خمس سنوات بقيادة عالمة الأحياء التنموية، ريتا فيور، من مؤسسة «تشامباليمود»، أول تجربة عشوائية يتلقّى فيها المرضى أدوية تم اختبارها مسبقاً في أجنة سمك الزرد المزروعة بالخلايا السرطانية وأعطت «نتائج واعدة» على الأسماك.

ويقول عالم أحياء الخلايا الجذعية من كلية الطب بجامعة هارفارد، ليونارد زون، الذي لم يشارك في التجربة: «يبحث الجميع عن شيء أكثر تنبؤاً» بكيفية تأثير العلاج في أورام المرضى. وتم استخدام الفئران والذباب قبل ذلك لتجربة أدوية للسرطان، لكن «جميعها كانت له حدود». ويضيف زون: «إذا أظهرت الدراسة الجديدة أن الأسماك لها قيمة تنبؤية عالية، فسوف يهتم الناس بهذا الأمر».

سيتم اختبار أدوية مجربة في سمك الزرد على المرضى لأول مرة (أ.ف.ب)

والاختلافات في أورام المرضى بسبب سمات مثل الوراثة، والتمثيل الغذائي، يمكن أن تجعل اختيار العلاج المناسب أمراً محيّراً لأطباء الأورام. ونظراً إلى إمكانية توفر الكثير من الخيارات المتماثلة تقريباً، فقد يضطر المرضى إلى تحمّل علاج ضار تلو الآخر حتى يستقروا على العلاج الذي يساعدهم. ويمكن للتحليل الجيني في بعض الأحيان أن يغربل الاختيارات، ولكن حتى عندما يحمل سرطان المريض طفرات تشير إلى علاج معين، فليس هناك ما يضمن أنه سيستجيب إليه، وفق ما ذكرته مجلة «ساينس» العلمية.

وبحثاً عن بديل أفضل، كان مختبر العالمة فيور يدرس سمك الزرد منذ ما يقرب من عقد من الزمن. وعزل الباحثون الخلايا السرطانية من المريض، ثم زرعوها في أجنة سمكة الزرد الشفافة التي تنمو بشكل طبيعي خارج الأم. وأضاف العلماء أدوية السرطان إلى مياه الأسماك، كما قدموا جرعات من الإشعاع، وراقبوا الخلايا السرطانية لقياس أي العلاجات «من المحتمل أن تكون فاعلة». وعلى القدر نفسه من الأهمية، ومن خلال الكشف عن الخيارات التي لم تنجح، تُنقذ التجربةُ على الأسماك المرضى من علاجات «قد تكون سامة وغير مجدية».

وفي تقرير صدر عام 2024، قال علماء إن الأسماك استطاعت التنبؤ بصورة صحيحة بالعلاج المناسب لـ50 مريضاً بالسرطان من وسط مجموعة تضم 55 مريضاً. ومن المميزات التي تشجع استخدام سمك الزرد هو أن هذه التجربة تقدّم نتائج سريعة بخصوص العلاج خلال 10 أيام فقط.

وفي التجربة السريرية، ستختبر فيور وفريقها دقة نتائج سمك الزرد على المرضى من خلال غربلة الخلايا السرطانية من السائل الذي يتراكم في بطن الأشخاص المصابين بسرطان الثدي أو المبيض، الذي عادة ما يتم تصريفه بوصفه جزءاً من العلاج.

وتقول فيور: «نحن لا نقوم بإجراءات إضافية على المرضى»، لكن سيتم زرع الخلايا السرطانية في أجنة الأسماك، وبدلاً من اختبار الأدوية التجريبية، كما تفعل الكثير من التجارب السريرية الأخرى، فستحدد الدراسة على الأسماك أي مجموعة من العلاجات المعتمدة تعمل بشكل أفضل، وسيحصل نصف المرضى على الأدوية التي تقترحها نتائج سمك الزرد، وسيتلقّى النصف الآخر العلاج الذي يختاره أطباؤهم، ثم سيجري تقييم النتائج.