4 أسباب ظاهرة وراء رحلة هبوط الجنيه المصري

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: لا يمكن التنبؤ بقاع الهبوط... والسوق الموازية خطيرة اقتصادياً

مصرية تخرج من أحد محلات الصرافة بحي الزمالك في العاصمة القاهرة (أ.ف.ب)
مصرية تخرج من أحد محلات الصرافة بحي الزمالك في العاصمة القاهرة (أ.ف.ب)
TT

4 أسباب ظاهرة وراء رحلة هبوط الجنيه المصري

مصرية تخرج من أحد محلات الصرافة بحي الزمالك في العاصمة القاهرة (أ.ف.ب)
مصرية تخرج من أحد محلات الصرافة بحي الزمالك في العاصمة القاهرة (أ.ف.ب)

أرجع خبراء مصرفيّون التراجع المستمر في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي إلى 4 أسباب جوهرية. تتمثل في؛ ظهور سوق موازية (سوداء) بسعر صرف بفارق كبير، ورفع البنك المركزي المصري لنسبة الفائدة 300 نقطة أساس دفعة واحدة مؤخراً، لترتفع بنسبة 8 في المائة خلال 2022، وشحّ العملة الصعبة في البنوك مقابل انخفاض الاحتياطي النقدي، وكذلك الأخطاء المتراكمة في السياسة النقدية منذ 2016.
وأظهر رصد، أجرته «الشرق الأوسط»، خسارة الجنيه المصري لنحو 58 في المائة من قيمته مقابل الدولار الأمريكي خلال 2022، حيث بدأ العام عند 15.75 جنيه للدولار، حتى وصل بنهاية العام إلى نحو 25 جنيهاً للدولار في تعاملات البنك المركزي، عطفاً على وصوله إلى حدود نحو 38 جنيهاً للدولار في السوق الموازية، ليحجز بذلك الجنيه المصري له مقعداً في قائمة «هانكي» لأسوأ 10 عملات أداء في 2022.
ومع بداية 2023، واصل الجنيه المصري رحلة الهبوط، والتراجع المستمر، ليحقق مستويات صرف متدنية جديدة وصلت إلى نحو 27.20 جنيه مقابل الدولار، حيث يرى مصرفيون أنها لن تكون نقطة القاع النهائية للجنيه خلال 2023، مرجحين أن يواصل الجنيه رحلة الهبوط، وتسجيل قاع جديد، حتى وصوله إلى أسعار صرف موازية لما يتم تداوله في السوق الموازية ما بين 30 إلى 33 جنيهاً مقابل الدولار.
من جانبه، قال الخبير المصرفي طارق حمادة، لـ«الشرق الأوسط»، إن أولى خطوات تصحيح مسار الجنيه المصري هي القضاء على السوق الموازية، موضحاً أن وجود السوق الموازية وسعرين متفاوتين لسعر الصرف مشكلة كبيرة جداً، تسببت في ظهور تسعير عشوائي لبعض السلع والمنتجات في السوق المصرية، وكذلك في ارتفاع معدلات التضخم ووصولها إلى مستويات 21.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).
ويرى حمادة، الذي كان يعمل مصرفياً لدى شركة بلوم مصر، سابقاً، أن أبرز العوامل التي ساهمت في تهاوي سعر صرف الجنيه، هو ظهور سوق موازية سوداء لصرف العملة، بفارق سعر صرف كبير عن السوق الرسمية، وكذلك تثبيت سعر صرف الجنيه منذ 2016 حتى 2022، رغم وجود تراكم للمشكلات في الاقتصاد المصري ومروره بأزمات اقتصادية خلال تلك الفترة، ومنها عجز الميزان التجاري، والإغلاق العام خلال أزمة «كورونا»، والحرب الروسية الأوكرانية، ونقص العملة الأجنبية والموارد السياحية.
وأضاف أن الجنيه يدفع الآن ثمن السياسة النقدية الخاطئة في تثبيت سعر الصرف خلال السنوات الست الماضية، مشيراً إلى أنه كان يفترض أن يتم خفض قيمة الجنيه بالتوازي مع ارتفاع معدلات التضخم، حتى لا نتعرض للانهيار الحالي في سعر الجنيه مقابل الدولار الأمريكي.
من جهته، قال الخبير المصرفي أيمن متولي، لـ«الشرق الأوسط»، إن استمرار رحلة انخفاض الجنيه المصري كان متوقعاً ولم يكن مفاجئاً، وعزا ذلك إلى سببين إضافيين، هما رفع المصرف المركزي المصري للفائدة بمقدار 300 نقطة أساس في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وشحّ العملة الصعبة في البنوك المحلية والبنك المركزي، وهما سببان، بحسب وصفه، جاءا من خلال ضعف تدفق الأموال من الخارج، والمضاربة على سعر الدولار في السوق الموازية.
ويضيف متولي أنه لا يمكن توقع إلى أين سيصل سعر الدولار مقابل الجنيه، كما أنه لا يوجد قاع لهذا الهبوط، لافتاً إلى أنه قد يتجاوز الخطوط الحمراء سعرياً ونفسياً، وقد يقف أو يتجاوز أسعار الصرف المتداولة في السوق الموازية، التي تتراوح ما بين 30 إلى 33 جنيهاً مقابل الدولار.
ويرى متولي أن وجود سوق موازية خطير على الاقتصاد المصري، ولن تدخل بسببه العملة الصعبة في الدوائر الاقتصادية الرسمية، وسيحد من الاستثمارات الأجنبية في البلاد، داعياً إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذه السوق الموازية، وتضييق الفجوة السعرية في سعر الصرف بين البنوك الرسمية والسوق الموازية.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

منطقة اليورو مهددة بركود اقتصادي بعد فوز ترمب

سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

منطقة اليورو مهددة بركود اقتصادي بعد فوز ترمب

سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

مع تحول «ترمب 2.0» إلى واقع، أصبحت أوروبا على استعداد لنزول مستنقع جيوسياسي وتجاري جديد مع أكبر شركائها التجاريين.

وقد يلحق فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية الضرر بالاقتصاد الأوروبي، فالرسوم الجمركية الأميركية المقترحة بنسبة 10 في المائة قد تؤثر على الصادرات الأوروبية، مثل السيارات والمواد الكيميائية، مما يؤدي إلى تآكل الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة أو نحو 260 مليار يورو.

ويحذر المحللون من خفض «البنك المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة، وضعف اليورو، وخطر الركود.

وفق كثير من التحليلات الاقتصادية، هناك اتفاق واسع النطاق على أن التعريفات الجمركية الشاملة التي اقترحها ترمب بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات الأميركية، قد تعطل النمو الأوروبي بشكل كبير، وتزيد من حدة التباين في السياسة النقدية، وتفرض ضغوطاً على القطاعات الرئيسية المعتمدة على التجارة، مثل السيارات والمواد الكيميائية.

وقد تكون التأثيرات طويلة الأجل على مرونة الاقتصاد الأوروبي أكثر أهمية؛ إذا كانت التعريفات الجمركية أدت إلى صراعات تجارية مطولة، مما دفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى الاستجابة بخفض أسعار الفائدة بشكل كبير لتخفيف التأثير، وفق «يورو نيوز».

والرسوم الجمركية التي اقترحها ترمب على الواردات، بما فيها تلك الآتية من أوروبا، قد تؤثر بشكل عميق على قطاعات تعتمد بشكل كبير على الصادرات إلى أميركا.

وتظهر بيانات «المفوضية الأوروبية» أن «الاتحاد الأوروبي» صدّر سلعاً بقيمة 502.3 مليار يورو إلى الولايات المتحدة في عام 2023، وهو ما يمثل خُمس إجمالي الصادرات غير الأوروبية.

وتتصدر الصادراتِ الأوروبية إلى الولايات المتحدة الآلاتُ والمركباتُ (207.6 مليار يورو)، والمواد الكيميائية (137.4 مليار يورو)، والسلع المصنَّعة الأخرى (103.7 مليار يورو)، وتشكل معاً نحو 90 في المائة من صادرات الكتلة عبر المحيط الأطلسي.

ويحذر محللون في بنك «إيه بي إن أمرو» بأن الرسوم الجمركية «ستتسبب في انهيار الصادرات إلى الولايات المتحدة»، حيث من المرجح أن تكون الاقتصادات المعتمدة على التجارة، مثل ألمانيا وهولندا، الأكثر تضرراً.

ووفق «البنك المركزي الهولندي»، فإن الرسوم الجمركية المتوقعة من شأنها أن تخفض النمو الأوروبي بنحو 1.5 نقطة مئوية، وهو ما يعني خسارة اقتصادية محتملة قدرها 260 مليار يورو، استناداً إلى الناتج المحلي الإجمالي المقدر لأوروبا في عام 2024 بنحو 17.4 تريليون يورو.

وإذا تعثر نمو أوروبا تحت وطأة هذه الرسوم الجمركية المقترحة، فقد يضطر «البنك المركزي الأوروبي» إلى الرد بقوة، وخفض أسعار الفائدة إلى نحو الصفر بحلول عام 2025.

وفي المقابل، قد يستمر «بنك الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي في رفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى «أحد أكبر وأطول الاختلافات في السياسة النقدية» بين «البنك المركزي الأوروبي» و«الاحتياطي الفيدرالي» منذ إنشاء اليورو في عام 1999.

يرى ديرك شوماخر، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي الأوروبي في مؤسسة «ناتيكسيس كوربوريت» الألمانية، أن زيادة التعريفات بنسبة 10 في المائة قد تقلل الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.5 في المائة بألمانيا، و0.3 في المائة بفرنسا، و0.4 في المائة بإيطاليا، و0.2 في المائة بإسبانيا.

ويحذر شوماخر بأن «منطقة اليورو قد تنزلق إلى الركود بتأثير التعريفات الجمركية الأعلى».

كما أن أرباح الشركات الأوروبية والاستثمارات في خطر، فوفقاً لخبراء الاقتصاد في «غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تؤدي التعريفات الجمركية واسعة النطاق إلى تآكل الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنحو واحد في المائة.

ويتوقع الخبراء أن تؤدي خسارة واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى ضربة لأرباح سهم «EPS» للشركات الأوروبية بنسبة بين 6 و7 نقاط مئوية، وهذا سيكون كافياً لمحو نمو ربح السهم المتوقع لعام 2025.