التغييرات المؤقتة للاعبين المصابين بارتجاج الدماغ أصبحت حتمية

ما حدث لدينيس زكريا وعلي رضا بيرانفاند تُظهر مخاطر بروتوكولات كرة القدم الحالية

حارس مرمى إيران علي رضا بيرانفاند (يمين) في تصادم مؤلم مع زميله في الفريق ماجد حسيني (رويترز)
حارس مرمى إيران علي رضا بيرانفاند (يمين) في تصادم مؤلم مع زميله في الفريق ماجد حسيني (رويترز)
TT

التغييرات المؤقتة للاعبين المصابين بارتجاج الدماغ أصبحت حتمية

حارس مرمى إيران علي رضا بيرانفاند (يمين) في تصادم مؤلم مع زميله في الفريق ماجد حسيني (رويترز)
حارس مرمى إيران علي رضا بيرانفاند (يمين) في تصادم مؤلم مع زميله في الفريق ماجد حسيني (رويترز)

على الرغم من أن دينيس زكريا تعرض لكثير من الانتقادات بعد مشاركته الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز، خلال المباراة التي فاز فيها تشيلسي على بورنموث الأسبوع الماضي، فإنه كان هناك إجماع في تحليلات ما بعد المباراة عبر وسائل الإعلام المختلفة، على أن اللاعب السويسري الدولي كان يجب أن يخرج من اللقاء بعد مرور 20 دقيقة فقط. فبينما كان زكريا يقوم بواجباته الدفاعية خلال ركلة ركنية على فريقه، ارتطم وجهه بقدم مهاجم بورنموث كيفر مور. وبعدما نجح لاعبو تشيلسي في تشتيت الكرة، سقط زكريا على الأرض وربما فقد الوعي لمدة 90 ثانية. تلقى زكريا العلاج من الفريق الطبي المكون من شخصين، بينما كان زميلاه كيبا أريزابالاغا وكاليدو كوليبالي ينظران إليه بقلق بالغ، ثم نهض زكريا في نهاية المطاف ووقف على قدميه؛ لكن بدا أنه لم يكن في وعيه بالكامل.
كان من الواضح أنه ما زال يعاني الارتباك وعدم الاتزان، وساعده الطاقم الطبي وزملاؤه على الخروج من الملعب؛ لكنه عاد سريعاً إلى المباراة وواصل اللعب، ولعب بشكل جيد لمدة ساعة أخرى، قبل أن يُستبدل به وسط تصفيق حار من جمهور الفريق الضيف.
ونظراً لأن زكريا لم يلعب سوى مرتين فقط منذ انضمامه إلى «البلوز» على سبيل الإعارة من يوفنتوس في سبتمبر (أيلول) الماضي، فقد كانت هذه الليلة بمثابة فرصة كبيرة للغاية بالنسبة للاعب خط الوسط البالغ من العمر 26 عاماً الذي كان يسعى جاهداً للدخول في التشكيلة الأساسية للفريق، وبالتالي لم يكن يرغب في أي حال من الأحوال في الخروج من الملعب في بداية المباراة.
وعلى الرغم من أنه لم تظهر أي أعراض واضحة للارتجاج في المخ على زكريا، فلا يوجد ما يضمن أنه لم يعانِ أياً من هذه الأعراض في حقيقة الأمر. إن فقدانه للوعي بشكل واضح، وإن كان لفترة زمنية قصيرة، يعد مؤشراً واضحاً على أنه تعرض لارتجاج في المخ بشكل شبه مؤكد.
لقد أوضح الخبراء في هذا المجال أنه لا يتعين على المرء أن يفقد الوعي تماماً لكي يعاني مثل هذه الإصابة في المخ؛ لكن الاستلقاء على الأرض بلا حراك ولو لبضع ثوانٍ بعد التعرض لضربة في الرأس، يعد مؤشراً كافياً على أن الشخص قد تعرض لارتجاج في المخ.
وفي ظل تجربة تطبيق التغيير الإضافي للاعب المصاب بارتجاج في المخ في الدوري الإنجليزي الممتاز، كان هناك خياران أمام الطاقم الطبي لنادي تشيلسي: إجراء تقييم روتيني أساسي لإصابة الرأس على أرض الملعب، والسماح لزكريا بمواصلة اللعب، أو إخراج اللاعب نهائياً من الملعب واستخدام أحد التغييرين المسموح بهما لكل فريق في حال التعرض لارتجاج في المخ. وكان الخيار الثاني يعني أن بورنموث سيتاح له خيار إجراء تبديل إضافي، بالإضافة إلى التبديلات الخمسة المسموح بها في المباراة، من أجل منع أي إشارة إلى أن تشيلسي قد حصل على ميزة إضافية غير عادلة، فيما يتعلق بعدد التغييرات المسموح بها في اللقاء.
أما الخيار الثالث والأكثر منطقية -وهو السماح لتشيلسي بإجراء تغيير مؤقت بينما يُخرج الطاقم الطبي زكريا من الملعب ويتجه به إلى النفق لإجراء مزيد من الفحوصات- فلم يكن متاحاً.
في يونيو (حزيران) الماضي، قرر مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (إيفاب)، ولسبب غير مفهوم، عدم المضي قدماً في تجربة التبديلات المؤقتة للاعبين المصابين بارتجاج في المخ، وقرر بدلاً من ذلك التركيز على التجارب الحالية للتغيرات الإضافية الدائمة التي يتم السماح بها في مناسبات نادرة للغاية.
في الحقيقة، لا يتعين علينا أن نذهب إلى هذا المدى الزمني البعيد لكي نثبت عدم ملاءمة هذه القرارات. فخلال مباراة إنجلترا الافتتاحية لكأس العالم في قطر، دخل حارس مرمى المنتخب الإيراني علي رضا بيرانفاند في تصادم مؤلم مع زميله في الفريق ماجد حسيني. كان بيرانفاند واعياً؛ لكنه كان مهتزاً ويعاني عدم التوازن بشكل واضح. وعلى الرغم من معاناته الواضحة للجميع، فلم يكن بيرانفاند يريد الخروج من الملعب؛ لأنه كان يعلم أنه إذا فعل ذلك فإنه لن يكون قادراً على العودة لاستكمال المباراة. واصل بيرانفاند اللعب لعدة دقائق قبل أن يدرك أن الإصابة كبيرة، ويسقط على الأرض من جديد. وبعد لحظات خرج من الملعب على نقالة وتم الاستبدال به. وخلال مباراة إنجلترا ضد ويلز، اصطدم نيكو ويليامز بماركوس راشفورد بكل قوة؛ لكنه تمكن من مواصلة اللعب لمدة 12 دقيقة أخرى قبل الاستبدال به، على الرغم من أن كل الأدلة كانت تشير إلى أنه لم يكن في حالة جيدة تمكنه من مواصلة اللعب. وتعرض الفريق الطبي لمنتخب ويلز لانتقادات لاذعة من محللي قناة «بي بي سي»: كريس ساتون، وآلان شيرر، وآخرين؛ لأنه سمح لويليامز بمواصلة اللعب على الرغم من تلك الإصابة القوية.
وقال شيرر عن رفض مسؤولي كرة القدم تطبيق التغييرات المؤقتة للاعبين المصابين بارتجاج في المخ: «يجب تطبيق هذا الأمر. أود أن أسأل مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (إيفاب) عن السبب الذي يجعله ينتظر ولا يطبق هذا القانون حتى الآن! الأطباء يحاولون كسب الوقت من خلال إخراج اللاعب المصاب وتقييم حالته الصحية، فما الذي ينتظره المسؤولون؟ يجب تطبيق هذا القانون الآن!».
لقد أجرى شيرر أبحاثاً أكثر من معظم النقاد الآخرين حول موضوع إصابات الدماغ المرتبطة بكرة القدم، عندما كان يعد فيلمه الوثائقي في عام 2017، الذي يحمل اسم «آلان شيرر: الخرف وكرة القدم وأنا»، وبالتالي كان من المفهوم تماماً أن نراه يعاني هذا القدر من الغضب والإحباط، وهو يرى ويليامز يواصل اللعب على الرغم من تعرضه لارتجاج في المخ.
وإضافة إلى ذلك، فإن ساتون، زميل شيرر السابق في بلاكبيرن، لديه خبرات كبيرة تمكنه من التحدث باستفاضة عن هذا الأمر، نظراً لأنه فقد والده، مايك الذي كان لاعب كرة قدم محترفاً سابقاً أيضاً، بعد معاناته الخرف، كما كان يطالب دائماً «إيفاب» بالتطبيق الفوري لقانون التغيير المؤقت للاعبين المصابين بارتجاج في المخ. وقال ساتون ذات مرة للنواب في لجنة شؤون الرقمنة والثقافة والإعلام والرياضة، التي كانت تحقق في إصابات الارتجاج بالمخ في الرياضة: «لسنا بحاجة إلى الاستمرار في عقد اجتماعات حول هذا الموضوع. يجب تطبيق هذا القانون على الفور».
وبعد ما يقرب من عامين وكثير من الاجتماعات حول هذا الموضوع، صوَّت «إيفاب» ضد نصيحة ساتون، ورفض تطبيق مثل هذا القانون.
ودفاعاً عن هذا القرار قبل بداية الموسم، قال الرئيس التنفيذي لـ«إيفاب»، لوكاس برود، إن المشكلة الأساسية فيما يتعلق بهذا هي عدم الالتزام بالبروتوكولات الحالية بشكل صحيح. وقال: «يمكننا أن نتفهم أسباب إحباط الناس؛ لكنهم يُعبرون عن إحباطهم من سوء إدارة البروتوكول الحالي. إذا لم تخرج اللاعب المصاب من الملعب، فلن يساعدك أي بروتوكول».
وقبل أيام قليلة من فترة أعياد الميلاد، تم الكشف عن أن الدوري الإنجليزي الممتاز، بالاشتراك مع الدوري الفرنسي الممتاز، والدوري الأميركي لكرة القدم، وبدعم من أطباء الأندية الأعضاء، قد طلب الإذن من «إيفاب» لتطبيق التغييرات المؤقتة للاعبين المصابين بارتجاج في المخ خلال الموسم المقبل، ومن المتوقع الحصول على الرد في فصل الربيع. ونظراً لرفض «إيفاب» سابقاً تسهيل هذا الإجراء الوقائي البسيط، فمن المتوقع أن يقول «لا» مرة أخرى من دون أي أسباب مقنعة، وهو الأمر الذي سيعرِّض حياة اللاعبين المصابين للخطر.


مقالات ذات صلة

فينغر يترأس فريق عمل تابعاً لـ«الفيفا» لرعاية مصالح اللاعبين

رياضة عالمية الهدف من فريق عمل «الفيفا» دراسة كيفية تقديم الضمانات المناسبة والفعالة للاعبين (رويترز)

فينغر يترأس فريق عمل تابعاً لـ«الفيفا» لرعاية مصالح اللاعبين

قال الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) أمس الاثنين إن الفرنسي أرسين فينغر مدرب آرسنال السابق سيترأس مجموعة عمل تابعة للاتحاد تركز على رعاية مصالح اللاعبين.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية قانون التسلل يخضع لمراجعات عدة (أ.ب)

احتمالات ضعيفة لإجراء تغيير كبير في قانون التسلل

يبدو أن احتمالات إجراء تغيير جديد في قانون التسلل بكرة القدم لصالح المهاجمين باتت ضعيفة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عربية تشرين أحد أبرز الفرق المشاركة في الدوري السوري (الاتحاد الآسيوي)

تأجيل مباريات 3 فرق في الدوري السوري بسبب عقوبات «فيفا»

تنطلق، الجمعة، النسخة الـ54 من الدوري السوري لكرة القدم وسط تأجيل مباريات ثلاثة فرق، بسبب شكاوى قديمة من مدربين ولاعبين أجانب لهم مطالب مادية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
رياضة عالمية «فيفا» لم يرد حتى الآن على شكوى المفوضية الأوروبية (رويترز)

تصاعد الخلاف بين «فيفا» و«فيفبرو» بسبب نقص تعويضات اللاعبين

تسبب الخلاف بين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)،واتحاد اللاعبين لكرة القدم (فيفبرو) بشأن ازدحام جدول مباريات كرة القدم، فيما يبدو، بانهيار كامل للتعاون بينهما.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية جياني إنفانتينو أعلن عقب فوز إنتر ميامي مشاركة الفريق في مونديال الأندية (أ.ف.ب)

بقيادة ميسي... إنتر ميامي يحجز مكاناً في كأس العالم للأندية 2025

حجز ليونيل ميسي وفريقه إنتر ميامي المنافس في الدوري الأميركي لكرة القدم مكانا في كأس العالم للأندية 2025 أمس السبت وسيستضيف المباراة الافتتاحية للبطولة الموسعة

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
TT

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة

تسببت صاعقة برق خلال مباراة كرة قدم محلية في وسط بيرو بمقتل لاعب وإصابة 4 آخرين يوم الأحد، بحسب شبكة «سي إن إن».

وأظهرت لقطات من المباراة اللاعبين وهم يغادرون الملعب في ملعب كوتو كوتو ببلدة تشيلكا، على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوب شرقي ليما، بعد توقف المباراة بسبب عاصفة.

وفي مقطع فيديو، شوهد كثير من اللاعبين وهم يسقطون على وجوههم على الأرض في اللحظة نفسها عندما ضربت الصاعقة الملعب.

وحسبما ظهر على محطة التلفزيون المحلية «أوندا ديبورتيفا هوانكافيليك»، لوحظت شرارة قصيرة وسحابة صغيرة من الدخان بالقرب من أحد اللاعبين. بعد ثوانٍ، بدا أن بعض اللاعبين يكافحون من أجل العودة إلى الوقوف.

وقالت السلطات ووسائل الإعلام الحكومية إن المتوفى هو المدافع هوجو دي لا كروز (39 عاماً).

وقالت البلدية المحلية في بيان: «نقدم تعازينا الصادقة لعائلة الشاب هوجو دي لا كروز، الذي فقد حياته للأسف بعد أن ضربته صاعقة أثناء نقله إلى المستشفى، نعرب أيضاً عن دعمنا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للاعبين الأربعة الآخرين المصابين في هذا الحادث المأساوي».

وحتى مساء الاثنين، خرج لاعبان من المستشفى، بينما لا يزال اثنان تحت المراقبة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية «أندينا». وأضافت أن حارس المرمى الذي أصيب في الحادث كان في حالة حرجة، لكنه أظهر تحسناً.

ويمكن أن تسبب ضربات البرق إصابات خطيرة للإنسان، وفي حالات نادرة، يمكن أن تكون قاتلة. وفرصة التعرض لها أقل من واحد في المليون، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC).

ووفقاً لـ«سي دي سي»، ينجو ما يقرب من 90 في المائة من جميع ضحايا ضربات البرق، ولكن الآثار يمكن أن تكون خطيرة وطويلة الأمد. «لقد عانى الناجون من إصابات وحروق وأعراض خطيرة بما في ذلك النوبات وفقدان الذاكرة».