ركود أقل من المتوقع في منطقة اليورو

تزامناً مع بيانات متوالية تظهر تراجع حدة التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية خلال فترة احتفالات العام الجديد (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية خلال فترة احتفالات العام الجديد (رويترز)
TT

ركود أقل من المتوقع في منطقة اليورو

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية خلال فترة احتفالات العام الجديد (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية خلال فترة احتفالات العام الجديد (رويترز)

أظهر مسح أن حجم النشاط التجاري في منطقة اليورو انكمش بوتيرة أقل مما كان متوقعاً في نهاية العام الماضي، مع تراجع ضغوط الأسعار، ما يشير إلى أن الركود في المنطقة ربما أقل مما هو متوقع.
وارتفع المؤشر ستاندرد آند بورز غلوبال لمديري المشتريات في منطقة اليورو، الذي يقيس الأداء الاقتصادي، إلى 49.3 نقطة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مرتفعاً من 47.8 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، وهو ما يزيد على التوقعات المبدئية البالغة 48.8 نقطة. وعلى الرغم من أن المؤشر لم يتخطَّ حاجز الـ50 الذي يفصل بين النمو والانكماش منذ يوليو (تموز)، فقد سجل أعلى مستوى له خلال خمسة أشهر في ديسمبر. وجُمعت البيانات النهائية في وقت مبكر عن المعتاد الشهر الماضي بسبب عطلة رأس السنة. وقال جو هايس، كبير الاقتصاديين في ستاندرد آند بورز غلوبال: «لا توفر نتائج المسح أدلة قوية على أن اقتصاد منطقة اليورو قد يعود إلى النمو المنشود والمستقر في أي وقت قريب». وتوقع استطلاع أجرته «رويترز»، في ديسمبر الماضي، أن ينكمش اقتصاد المنطقة 0.3 في المائة في الربع الأخير، و0.4 في المائة في الربع الأول من 2023. وتأتي بيانات الركود متزامنة مع بيانات متوالية تظهر تراجع ضغوط أسعار المستهلكين في كبريات الدول الأوروبية، ما يخفف الضغط على المركزي الأوروبي.
وتباطأ التضخم في فرنسا على نحو غير متوقع في ديسمبر، ما يزيد من علامات تراجع ضغط الأسعار عبر منطقة اليورو، بحسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء. وفي ظل تباطؤ تضخم الطاقة والخدمات، ارتفعت أسعار المستهلك 6.7 في المائة من عام سابق، بعد زيادات قياسية بواقع 7.1 في المائة في كل من أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر. كما تباطأ التضخم في ألمانيا أكثر من المتوقع الشهر الماضي، بحسب بيانات صدرت الثلاثاء. ومن المتوقع أن تظهر البيانات التي سوف تصدر يوم الجمعة تراجعاً آخر يصل إلى 9.5 في المائة، من 10.1 في المائة سابقاً. فيما رسمت بيانات إسبانية، الأسبوع الماضي، صورة مشابهة.
وهذه العلامات على وصول التضخم للذروة تجعل صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يتنفسون الصعداء. وفضل البنك ومقره فرانكفورت زيادة أسعار الفائدة بواقع نصف نقطة في آخر اجتماع له، بعدما أظهرت البيانات تباطؤ التضخم في نوفمبر.
وفي آخر تصريحات من المركزي الأوروبي قبل صدور البيانات، قال مارتينس كازاكس، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، إن اجتماعي المجلس في الشهرين المقبلين قد يشهدان زيادة كبيرة جديدة في أسعار الفائدة.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن كازاكس قوله: «أعتقد أننا يمكننا المضي بخطى واسعة في زيادة أسعار الفائدة خلال الاجتماعين المقبلين... بالطبع قد تصبح الخطوات أقل إذا دعت الحاجة ووجدنا أنها مناسبة لخفض التضخم إلى 2 في المائة».
يذكر أن البنك المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة الرئيسية خلال النصف الثاني من العام الماضي بمقدار 250 نقطة أساس، بسبب وصول معدل التضخم في منطقة اليورو إلى مستويات تاريخية، في حين تتوقع الأسواق زيادتين جديدتين للفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في كل مرة خلال الشهرين المقبلين.
وقال عضو مجلس محافظي البنك يواخيم ناغل بدوره، الأسبوع الماضي، إن التدابير الإضافية مطلوبة لكبح التوقعات المرتفعة لأسعار العقود الآجلة وإعادة التضخم إلى هدف 2 في المائة. وأضاف: «تظهر استطلاعاتنا الشهرية للشركات والمنازل زيادة كبيرة في توقعات التضخم طويلة الأمد». ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن ناغل قوله: «أعتقد بشدة أننا بحاجة إلى اتخاذ تحرك آخر في السياسة النقدية لوقف هذا الاتجاه وإبطاله». وكرر ناغل تلك المشاعر، قائلاً إنه «سوف يكون من الخطأ التصرف بتردد الآن بدافع الخوف من إمكانية أن تضر تكاليف الاقتراض الأعلى بالنمو».


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

موازنة روسيا تعود إلى العجز مع ارتفاع الإنفاق العسكري

طائرات «ميغ - 29» و«سو - 30 إس إم» المقاتلة تحلّق في استعراض جوي خلال «يوم النصر» في موسكو (رويترز)
طائرات «ميغ - 29» و«سو - 30 إس إم» المقاتلة تحلّق في استعراض جوي خلال «يوم النصر» في موسكو (رويترز)
TT

موازنة روسيا تعود إلى العجز مع ارتفاع الإنفاق العسكري

طائرات «ميغ - 29» و«سو - 30 إس إم» المقاتلة تحلّق في استعراض جوي خلال «يوم النصر» في موسكو (رويترز)
طائرات «ميغ - 29» و«سو - 30 إس إم» المقاتلة تحلّق في استعراض جوي خلال «يوم النصر» في موسكو (رويترز)

عادت موازنة روسيا إلى تسجيل عجز بنسبة 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في أكتوبر (تشرين الأول)، بعد فائض قدره 0.1 في المائة في الشهر السابق، وفقاً لبيان صادر عن وزارة المالية الروسية يوم الخميس؛ إذ تجاوزت النفقات حجم الإيرادات.

وبلغ العجز في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر نسبة أقل مقارنة بالعام الماضي، حينما وصل إلى 0.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في ظل تأثير العقوبات الغربية على موسكو، التي تضمنت تحديد سقف لأسعار النفط وحظر تصديره، مما أثر في عائدات الطاقة الروسية، وفق «رويترز».

ووصل العجز، خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، إلى 220 مليار روبل (2.24 مليار دولار)، وذلك وفقاً للبيانات الأولية من الوزارة، مقارنة بعجز قدره 1.05 تريليون روبل للفترة نفسها من عام 2023، ورغم ذلك فإن الفترة من يناير إلى سبتمبر (أيلول) كانت قد سجلت فائضاً بلغ 169 مليار روبل.

كما أظهرت البيانات ارتفاع الإيرادات الحكومية بنسبة 28.4 في المائة مقارنة بالعام السابق، مدعومة بزيادة في إيرادات الطاقة بنسبة 32.3 في المائة، نتيجة ارتفاع أسعار النفط الروسي.

وقد أنفقت وزارة المالية حتى الآن هذا العام نحو 29.89 تريليون روبل، بزيادة بلغت 23.7 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، ويعود ذلك إلى الزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري مع استمرار روسيا في غزوها لأوكرانيا منذ عام 2022.

وتخطّط الوزارة لإنفاق 9.52 تريليون روبل إضافية في الشهرين المتبقيين من العام، وفقاً لخطط الموازنة، وهو ما سيؤدي إلى عجز يزيد على 3 تريليونات روبل، أو نحو 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، للعام الثالث على التوالي.

ويخصّص مشروع موازنة عام 2025 نحو 13.5 تريليون روبل للقطاع العسكري، وهو ما يمثّل ثلث إجمالي الإنفاق العام، أو 6.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا هو أعلى معدل إنفاق منذ حقبة الحرب الباردة، ومن المحتمل أن يرتفع المعدل أكثر.

وللمرة الأولى، سيكون الإنفاق الدفاعي في روسيا ضعف الإنفاق على الرعاية الاجتماعية. ويرى خبراء اقتصاديون أن روسيا ستحتاج إلى زيادة إضافية في الضرائب لتمويل حربها في أوكرانيا؛ إذ إن الإجراءات المعلنة لزيادة الإيرادات قد لا تكون كافية.