فيما عده مراقبون تطوراً «يعمق خلافات تنظيم (إخوان مصر) بعد أشهر من الصراع بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) على منصب القائم بأعمال المرشد»، تسببت طبعة جديدة لكتاب «في ظلال القرآن»، المعروف بـ«الظلال»، لسيد قطب (مُنظر الإخوان) في «معارك» وتلاسن جديد بين «قيادات الخارج» بشأن مضمونه.
وقال خبراء ومتخصصون في الشأن الأصولي، إن «(جبهة لندن) تحاول إسقاط (مجموعة إسطنبول)، وتسويق رؤية جديدة لتبرئة أفكار قطب من (العنف والتكفير)».
لكنهم أشاروا في هذا الصدد، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «التحركات الإخوانية الأخيرة بشأن مُنظر التنظيم، لا تدخل ضمن (المراجعات)، لأن (التنظيم لم يتبرأ من أفكار قطب)».
وما زال الصراع بين جبهتي «إسطنبول» و«لندن» متفاقماً بسبب تعيين اثنين في منصب القائم بأعمال مرشد «الإخوان» خلفاً لإبراهيم منير؛ محيي الدين الزايط في «لندن»، ومحمود حسين في «إسطنبول».
وصراع «الإخوان» كان قد تعمق خلال الأشهر المـــــــــاضية، بعد قيام إبراهيــــــــــم منير بحل المكتب الإداري لشـــــــــؤون التنظيـــــــــم في تركيا، وشكل «هيئـــــــــة عليا» بديلة عن مكتب «إرشـــــــــــاد الإخوان»، كما صعد بتشكيل «مجلس شورى لندن»، وإقالة أعضاء «مجلس شورى إسطنبول»، في مقدمتهم محمود حســــــــين، من مناصبهـــــم.
الخبير المصري في شؤون الحركات الأصولية، أحمد بان، قال إن «كتاب (في ظلال القرآن) وكتاب (معالم في الطريق) وغيرهما من كُتب مُنظر (الإخوان) التي حملت أفكاره ومشروعه (التكفيري)، هي التي اعتمد عليها (التيار القطبي داخل الإخوان)، والتي كانت تأويلاً لأفكار أبو الأعلى المودودي في شبه القارة الهندية، وتوصف باعتبارها الأساس لجميع (الأفكار التكفيرية) التي جسدتها (المجموعات المسلحة) لـ(الإخوان)، و(داعش)، و(القاعدة)».
وأضاف: «في هذا السياق ربما تسعى (مجموعة لندن) لإسقاط مشروعية (مجموعة إسطنبول) أو تسويق نفسها لدى أطراف متعددة عبر قراءة جديدة لأفكار قطب، تحاول خلالها تبرئته من (العنف والتكفير) لتصنع (آيديولوجية جديدة) قابلة لـ(التقويم) بعدما (تأثرت) شعبية تنظيم (الإخوان)، وزادت الانقسامات داخل المعســـــــــــــكر القطبي نفسه، لإقامة مجموعة داخل هذا المعسكر تريد أن تتمايز بأفكارها عبر هذا التأويل الجديــــــــــد (أي طبعة «الظــــــــــــــــلال» الجديدة)».
ووفق مراقبين، فإن «تنظيم (الإخوان) مر بعدة مراحل حول أفكار قطب؛ مرحلة تأييد أفكاره، ثم مرحلة الاستفادة من أفكار التكفير لديه، خصوصاً بعدما أعاد إنتاج (الظلال)، خصوصاً في تفسيره لآيات القتال والجهاد، ثم التبرؤ الكامل من أفكار قطب عقب الهجوم عليه، ثم تأييد أفكاره مرة أخرى بعد تولي المجموعة القطبية التنظيم في 1982، أعقب ذلك التراجع من جديد في تأييد أفكاره بعد الوصول إلى الحكم بمصر عام 2013».
الباحث في شؤون الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، فسر ظهور الطبعة الجديدة من «الظلال» بأنها «قد تكون مقدمة لمرحلة جديدة لـ(الإخوان)، يحاول التنظيم خلالها امتصاص الضغوط التي تعرض لها خلال الـ10 سنوات الماضية، حتى يتماسك التنظيم ويخرج من التحديات التي تواجهه».
وأضاف أن «هذه المرحلة الجديدة لا بد أن تكون بأدبيات وأفكار جديدة، ومن هنا كانت المرحلة هي التعامل مع أفكار قطب، التي دائماً توصف بأنها (أفكار تكفيرية) تدعو إلى العزلة عن المجتمع وصناعة (التنظيمات المسلحة)».
وكانت «مجموعة إسطنبول» قد اتهمت القيادي بالتنظيم عصام تليمة، الذي شغل منصب مدير مكتب يوسف القرضاوي (الذي يوصف بالأب الروحي لـ«الإخوان») بنشر الكتاب، الذي سبق وتمت طباعته من قبل، بأنها «محاولة للتنصل من أفكار قطب».
وقالت الباحثة في الحركات الإسلامية بمصر، هناء قنديل، إن «(جبهة إسطنبول) هاجمت الطبعة الجديدة، واتهمت (جبهة لندن) بأنها وراء الطبعة التي فُرغت من أفكار سيد قطب».
لكن تليمة رد على الهجوم حول الطبعة الجديدة، عبر منشور بصفحته على «فيسبوك»، بأن «قطب واحد من هؤلاء الذين مر فكرهم بمراحل، لذا يثور الجدل كثيراً حول فكره، خصوصاً في مسائل (الجاهلية) و(التكفير)».
وأضاف أن «الكتاب مر بتحولات، وكتب على مراحل، فما كتبه قطب منه قبل السجن يختلف عما كتبه في السجن، ولذلك تقرر نشر الطبعة لتتحول (دفة) الحديث البحثي في اتجاه جديد يتناول مرحلة قطب الفكرية الأخيرة».
وهنا قال أحمد بان، «ربما تليمة المحسوب على (جبهة لندن) أكثر من (مجموعة إسطنبول)، يحاول أن يكون هو (مُنظر) هذا الاتجاه الجديد».
ولفت إلى أن «تليمة أراد أن ينفي عن سيد قطب أفكاره حول (التكفير)، وحاول أن يبرئ قطب، رغم أن شيخه القرضاوي لم يبرئ قطب من (الأفكار التكفيرية) وتحفظ عليها».
عودة إلى عبد المنعم الذي يرى أن «النسخة الجديدة من الكتاب لا تُعد (مراجعات) حتى الآن، لأنها لم تتبرأ من أفكار قطب، والحقيقة أن أفكاره بدأت منذ معالمه الأولى، فهناك مقال لقطب في (مجلة الرسالة) عام 1946 بعنوان (مدارس للسخط)، هذا المقال هو أفكار قطب في كتابي (المعالم) و(الظلال)، وهذا يدل على أن قطب لم يُغير أفكاره، ولم يقدم أي جديد سوى أفكــــاره التي كانت في الطبـــعـــة الأولى من (الظــــــلال) والأخيــــــــــــرة».
ويشرح أحمد بان، بأن «الطبعة الجديدة من الكتاب قد تكون محاولة لصُنع شرعية جديدة لـ(جبهة لندن) على حساب (مجموعة إسطنبول)»، و«المشهد الأخير حول مُنظر (الإخوان) يعمق الخلافات ويكرسها»، موضحاً أن «(الإخوان) يتأرجحون بين التمكن والتمسكن، وفي كل محاولة لديهم خطاب غير الآخر».
وأصدرت «جبهة لندن» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وثيقة سياسية أعلنت فيها «تجاوز الصراع على السلطة بمصر، والانسحاب من أي معارك عليها». فيما لوحت «جبهة لندن» بـ«الابتعاد عن العمل السياسي».
لماذا أثار «ظلال» سيد قطب الخلاف بين «إخوان مصر»؟
«معارك» بين قيادات الخارج حول مضمون طبعته الجديدة
لماذا أثار «ظلال» سيد قطب الخلاف بين «إخوان مصر»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة