ملف «الأخطاء الطبية» يتجدد في مصر عقب وفاة زوجة داعية

اتهم أحد المستشفيات بـ«التسبب في رحيلها»

الداعية عبد الله رشدي (فيسبوك)
الداعية عبد الله رشدي (فيسبوك)
TT

ملف «الأخطاء الطبية» يتجدد في مصر عقب وفاة زوجة داعية

الداعية عبد الله رشدي (فيسبوك)
الداعية عبد الله رشدي (فيسبوك)

أعاد اتهام داعية مصري لأحد المستشفيات الخاصة بالتسبب في وفاة زوجته، فتح ملف «الأخطاء الطبية»، وهي مشكلة قديمة تطفو على السطح من حين لآخر، مع تجدد حوادث الإهمال.
وبينما كانت أغلب حوادث الإهمال في الماضي بطلتها مستشفيات حكومية، وكانت مثل هذه الحوادث تثير تعليقات تطالب بمزيد من الإنفاق الحكومي على تدريب الأطباء وتطوير هذه المستشفيات، فإن ملفات المحاكم المصرية أصبحت مؤخراً مليئة بقضايا إهمال، وقعت أحداثها في المستشفيات الخاصة أيضاً، مثل قضية وفاة زوجة الداعية عبد الله رشدي، والتي ستأخذ طريقها نحو القضاء بعد البلاغ الذي تقدم به الداعية إلى الشرطة المصرية، الأحد.
واتهم رشدي مستشفى بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة، بارتكاب خطأ طبي أدى إلى دخول زوجته البالغة من العمر 35 عاماً في حالة حرجة، وتوقف قلبها؛ مشيراً في بلاغه إلى أنه تم وضعها على أجهزة إعاشة، حتى وافتها المنية خلال ساعات.
ولم تحقق جهات التحقيق في شكوى رشدي إلى الآن لبيان صحتها من خطئها، غير أن متابعين على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلوا مع شكواه، بالحديث عن تضخم ملف الأخطاء الطبية في مصر بالآونة الأخيرة.
وقال محمد البسيوني (مدرس) إنه «بعد أن كان بعض أخطاء الأطباء في الماضي من نوعية نسيان أدوات جراحية داخل بطن مريض، وبعضها الآخر من نوعية تلوث نتيجة عدم تعقيم غرفة العمليات، أصبحت الأخطاء أسرع في التسبب بحدوث الوفاة».
وحاول حامد المحلاوي (محاسب) البحث عن أسباب لتواتر حالات الإهمال الطبي في مصر مؤخراً، وقال إن «السبب الرئيس هو تكالب المستشفيات الشديد على جمع الأموال بكل الطرق الممكنة، خلافاً للقواعد المهنية. وطبعاً يأتي هذا على أعصاب الطبيب، نتيجة للجهد المبذول فوق الطاقة، وهو ما ينعكس بدوره على تركيزه خلال الكشف، وقد لا ينتبه إلى علاج خاطئ وربما قاتل يفتك بالمريض».
وإذا كان الداعية رشدي قد اهتم بتقديم بلاغ في اليوم نفسه لوفاة زوجته، فإن المشكلة -في رأي المحلاوي- أن أهل المريض المتوفى نتيجة الخطأ الطبي ينشغلون في مصيبتهم، فلا يجد الطبيب المذنب من يحاسبه.
وعلى الرغم من أن كثيراً من الأخطاء لا تصل إلى المحاكم أو نقابة الأطباء، -حسب تعليق المحلاوي- فإن تقريراً أصدرته مؤسسة «ملتقى الحوار للتنمية» (مؤسسة حقوقية مصرية) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يشير إلى أن عدد الأخطاء الطبية في مصر سنوياً يبلغ 180 ألف حالة، وأن نحو 20 طبيباً يتم شطبهم من نقابة الأطباء سنوياً، بسبب الأخطاء الطبية.
ولفت التقرير إلى أن الأخطاء الطبية تقع في جميع دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية؛ حيث تمثل السبب الثالث للوفاة بعد أمراض القلب والسرطان مباشرة؛ لكن المشكلة التي أشار إليها معدو التقرير، هي تواتر الأخطاء في مصر، وكأنها مسلسل لا ينتهي.
ومع اعتراف الطبيب خالد مناع، استشاري أمراض القلب، بوجود أخطاء طبية؛ فإنه يرفض من ناحية أخرى تضخيم المشكلة، معتبراً أن رقم 180 ألف حالة سنوياً مبالغ فيه.
وقال مناع لـ«الشرق الأوسط»: «تضخيم مثل هذه الأمور يضر بالطبيب المصري الذي له سمعة طيبة في الخارج، تدفع كثيراً من أبناء الدول العربية إلى القدوم للعلاج في المستشفيات الخاصة المصرية».
ولفت إلى أنه «من الخطورة الإسراع في الحديث عن وجود خطأ طبي، لمجرد أن شخصاً ما تقدم ببلاغ دون انتظار لنتائج التحقيقات الرسمية التي غالباً ما تنتهي بحفظ البلاغ، لسبب بسيط هو أن أهل المريض من حرصهم على شفائه ورغبتهم في تجاوز أزمته الصحية، حتى لو كانت صعبة، يتخيلون أن المستشفى لم يبذل ما في وسعه لإنقاذه، فيتقدمون ببلاغ يتهم المستشفى بالإهمال».
ويخشى أن يأخذ قانون الممارسة الطبية المعطل في البرلمان طريقة نحو التنفيذ؛ حيث إن هذا القانون الذي يتم تقديمه على أنه سيعالج المشكلة، لن يزيدها إلا تعقيداً.
وقال مناع: «هذا القانون الذي يضع عقوبات بالحبس على الأطباء في حالة الإهمال الطبي، سيدفع الأطباء إلى الخوف من التعامل مع الحالات الصعبة، وقد يدفع المستشفيات إلى رفض قبول دخول هذه الحالات من الأساس، وبذلك نكون قد حاولنا علاج مشكلة فأنتجنا مشكلة أكبر».
والحل في رأي دسوقي أحمد، استشاري الصدر وسرطان الرئة (طبيب حر)، يبدأ بمراجعة تعريف الخطأ الطبي بشكل قانوني، وكذلك بشكل مجتمعي، والتفرقة بين المضاعفات الممكنة والأخطاء الطبية، ومعرفة درجات الخطأ الطبي. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نحتاج اختراع العجلة من جديد، فكل هذه القوانين معروفة بشكل عالمي وفي متناول الجميع، وعلى الجهات المشرعة للقوانين أن تبدأ جهداً قانونياً في إطار حوار مجتمعي بين الجمهور والفئات المتخصصة، للوصول إلى هذه التفاهمات، وإلزام الجميع بها».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


حراك سياسي في الجزائر مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية

أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» منذر بودن خلال تجمع في جنوب الجزائر (إعلام حزبي)
أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» منذر بودن خلال تجمع في جنوب الجزائر (إعلام حزبي)
TT

حراك سياسي في الجزائر مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية

أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» منذر بودن خلال تجمع في جنوب الجزائر (إعلام حزبي)
أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» منذر بودن خلال تجمع في جنوب الجزائر (إعلام حزبي)

تشهد الساحة السياسية في الجزائر حراكاً لافتاً في ظل التحضير للانتخابات التشريعية والمحلية المقرر تنظيمها قبل نهاية النصف الأول من عام 2026. وتبرز في هذا السياق عودة تشكيلتَي المعارضة، «حزب العمال» و«جبهة القوى الاشتراكية»، بعد غيابهما عن الاستحقاقات السابقة.

وكثف رؤساء الأحزاب السياسية، في الأيام الأخيرة، تنقلاتهم عبر البلاد؛ فهم يجوبون الولايات، ويلتقون المناضلين والمتعاطفين، ويعيدون تنظيم هياكلهم المحلية لتعزيز وجودهم وحشد قواعدهم.

وركّز «التجمع الوطني الديمقراطي» الموالي لسياسات الحكومة، على التنمية في مناطق الجنوب، خلال تجمّع في تمنراست في أقصى الجنوب، حيث أكد أمينه العام، منذر بودن بأنه «سيدافع عن بناء مطار دولي في الولاية يكون قادراً على منافسة، بل وتجاوز، مطار العاصمة». وأشار إلى أن جميع الخطوط الجوية التي تربط أوروبا وأميركا الشمالية بأفريقيا، تعبر المجال الجوي لتمنراست، وهي ميزة يراها حاسمة لإنشاء مطار دولي بالولاية. ولفت بودن إلى اقتناء الخطوط الجوية الجزائرية طائرات جديدة، في المدة الأخيرة، مؤكداً على «ضرورة وضع برنامج خاص مدعوم من الحكومة لتوسيع أسطوله لربط تمنراست بجميع العواصم الأفريقية».

ودعا عبد الكريم بن مبارك أمين عام «حزب جبهة التحرير الوطني»، وهو الحزب الأول في البرلمان، خلال تجمع بغرب البلاد، إلى «تقوية الجبهة واليقظة الدائمة لمواجهة الخصومات الخارجية»، مناشداً الجزائريين «الالتفاف حول الخيارات السيادية للبلاد ومواقفها على الساحة الدولية».

وحسب بن مبارك، فإن البلاد «تتقدم بثقة نحو البناء والتنمية معتمدة على إمكاناتها الذاتية، وهذا التوجه يزعج أطرافاً معينة تسعى إلى زرع الشك حول الدولة ومؤسساتها»، من دون توضيح ما يقصد، ولكن كلامه جزء من سردية رسمية تحذّر من احتمال تعرض الدولة لمضايقات من الخارج، على أساس أن مواقفها من بعض الملفات «باتت مزعجة»، منها نزاع الصحراء والوضع في غزة منذ العدوان الإسرائيلي عليها عام 2023.

الأمين العام لـ«حزب جبهة التحرير الوطني» عبد الكريم بن مبارك خلال تجمع دعائي (إعلام حزبي)

رسائل سياسية إلى الخارج

وشدد بن مبارك على «التماسك الوطني»، مؤكداً أن «رسالتنا لمن يزعجهم حرصنا على سيادة قرارنا هي: جيشها متين ومؤسساتنا راسخة وشعبها موحد، وكلنا نشكل جسداً واحداً وقلباً واحداً». وندّد بن مبارك بـ«تصرفات جماعات إرهابية تنشط في الخارج تسعى للمساس بالوحدة الوطنية (...) وكل هذه المحاولات مصيرها الفشل»، في إشارة ضمنية إلى ما يسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل» التي أعلنت عن إطلاق «دولة مستقلة» في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2025 بفرنسا.

من جهته، أكد فاتح بوطبيق، رئيس «حزب جبهة المستقبل» المتماشي مع خطط السلطة التنفيذية، في لقاء مع المناضلين بورقلة (800 كلم جنوب)، أن «الظرف الحالي يتطلب تكاتف جهود الجميع لبناء جزائر قوية»، مذكراً بأن المسؤولين الحكوميين «مطالبون بالوجود في الميدان للإصغاء إلى انشغالات المواطنين، خاصة في مناطق الجنوب التي تواجه تحديات متعددة». وأشار إلى «أهمية إدماج المزيد من الكفاءات الشابة في الخطط الاقتصادية جديدة».

ووفق فاتح بوطبيق، فإن حزبه مستعد للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، «وسنقدم مقترحات عملية قادرة على المساهمة في تحسين الخدمة العمومية ودعم الاستثمار المحلي، بهدف الاستجابة إلى تطلعات المواطنين وتحسين معيشتهم».

رفع القيود عن الصحافة

أما رئيس حزب «صوت الشعب» الأمين عصماني، فدعا خلال مهرجان دعائي بوسط البلاد، إلى «إرساء إطار قانوني فعلي وعملي يضمن للصحافيين ممارسة مهنتهم في ظروف مناسبة»، في إشارة إلى مضايقات تتعرض لها وسائل إعلام وصحافيين، حيث أدان القضاء، الخميس الماضي، «عميد الصحافيين» سعد بوعقبة بالسجن 3 سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة «الإساءة إلى رموز الثورة».

وفي مؤتمر صحافي عقده بعد نهاية التجمع، خاطب عصماني الصحافيين بقوله: «أنتم، بشكل أو بآخر، سلطة تنظيم الحياة السياسية، نحن في حاجة إلى نقدكم وتساؤلاتكم، وعلينا كسياسيين أن نضمن لكم وضعاً يليق بكم». وأبرز أن «طريق حرية الصحافة طويل، على رغم ما تحقق من مكاسب». وتابع: «صحيح أن الصحافة الجزائرية راكمت إنجازات عدة، غير أن صحافيينا في حاجة إلى مساحة أكبر من الحرية ليؤدوا مهامهم بكرامة ووفق الضوابط المهنية، من خلال نقل مختلف الآراء بكل حرية».

الأمينة العامة لـ«حزب العمال» لويزة حنون خلال اجتماع مع كوادر الحزب (إعلام حزبي)

بدورها، عرضت الأمينة العامة لـ«حزب العمال» لويزة حنون، على كوادر حزبها، ما دار بينها وبين الرئيس عبد المجيد تبون خلال لقائها به يوم 25 من الشهر الماضي، مؤكدة أنها ناقشت معه مشروع تعديل قانون الأحزاب السياسية، الذي انتقدته بعض الأحزاب بدعوى أنه «يقيد حريتها في النشاط».

وفي الشهر نفسه، ترأست اجتماعاً لأطر الحزب في شرق البلاد، حيث تم تقييم الوضع الاقتصادي، مع التأكيد على ضرورة تعزيز حضور الحزب ميدانياً والاستعداد الجيد للمواعيد السياسية القادمة.

أما «جبهة العدالة والتنمية» المعارضة، فشددت خلال اجتماع ترأسه زعيمها عبد الله جاب الله، على «رفض الغلق السياسي والإعلامي، والمطالبة برفع القيود عن الحريات وإطلاق سراح معتقلي الرأي». كما دعا جاب الله إلى «إعادة الاعتبار للعمل السياسي ودور الأحزاب، وإصلاح المنظومة القانونية للانتخابات بما يضمن نزاهتها ويمنح اللجنة المستقلة صلاحيات فعلية».

زعيم «حزب جبهة العدالة والتنمية» عبد الله جاب الله (إعلام حزبي)

وطالب جاب الله أيضاً بإصلاحات اقتصادية عاجلة «لمواجهة التضخم وتدهور القدرة الشرائية، وتحسين تسيير الاقتصاد الوطني». مع التأكيد على «ضرورة التحكم في قيمة الدينار كي تكون أي زيادات في الأجور ذات أثر حقيقي». داعياً مناضلي الحزب إلى تعزيز حضورهم الميداني استعداداً للاستحقاقات السياسية المقبلة.


«مخالفات النواب» تقود لمطالب بإصلاح انتخابي في مصر

توافد على اللجان الانتخابية في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب -أرشيفية)
توافد على اللجان الانتخابية في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب -أرشيفية)
TT

«مخالفات النواب» تقود لمطالب بإصلاح انتخابي في مصر

توافد على اللجان الانتخابية في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب -أرشيفية)
توافد على اللجان الانتخابية في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب -أرشيفية)

جدل واسع صاحب الانتخابات البرلمانية الحالية في مصر، ودفع رئيس البلاد للتدخل، والتوجيه بمعالجة «مخالفات» شابت العديد من دوائرها، لتعلو معه أصوات تطالب بتغيير النظام الانتخابي ككل. وأكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» الحاجة الماسة لتغيير نظام القوائم المعمول به حالياً لاختيار نصف عدد المقاعد.

ومنتصف الشهر الماضي حث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الهيئة الوطنية للانتخابات المشرفة على العملية الانتخابية على «التدقيق التام عند فحص هذه الأحداث والطعون المقدمة بشأنها»، واتخاذ ما يلزم من قرارات، بما في ذلك إعادة الانتخابات «حتى يأتي أعضاء مجلس النواب ممثلين فعليين عن شعب مصر تحت قبة البرلمان».

وعقب التوجيه الرئاسي مباشرة قررت الهيئة الوطنية للانتخابات إلغاء انتخابات مجلس النواب في 19 من أصل 70 دائرة انتخابية بالجولة الأولى نظراً لطعون، و«مخالفات».

وأكدت الهيئة أنها ألغت نتائج التصويت على المقاعد الفردية في 19 من أصل 70 دائرة انتخابية بالجولة الأولى، بعد تلقي طعون، وتوثيق مخالفات. وقال رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات حازم بدوي في مؤتمر صحافي إن المخالفات شملت الدعاية الانتخابية أمام مراكز الاقتراع، وعدم إعطاء المرشحين أو مندوبيهم صورة من محضر حصر الأصوات، والتفاوت في عدد الأصوات في اللجان الفرعية، واللجان العامة.

وفي 10 الشهر الماضي تم فتح باب الاقتراع للجولة الأولى من بين جولتين لانتخاب مجلس النواب، الذي تمتد ولايته التشريعية إلى غاية نهاية الولاية الثالثة للرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي الأخيرة له بموجب الدستور الحالي.

ومنذ بدء التصويت، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو ترصد مخالفات، وأحاديث لمرشحين عن اتهامات تتعلق بعدم السماح لهم بالمنافسة النزيهة خلال الانتخابات، حتى إن البعض طالب بإلغاء الانتخابات كلياً، خاصة بعد صدور أحكام قضائية ببطلان العديد من الدوائر الفردية بسبب المخالفات، ورغم التدخل الرئاسي، وإجراءات الهيئة المنظمة للانتخابات لمعالجة المخالفات، لم يتوقف الجدل، وذهب البعض إلى ضرورة تغيير النظام الانتخابي نفسه.

إقبال على لجان الاقتراع في انتخابات مجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب)

ويرى الإعلامي والبرلماني مصطفى بكري أنه: «بالقطع كل شيء وارد بعد أن يمارس مجلس النواب المقبل مهامه، ومن حق أي نائب أو مجموعة طرح قانون جديد للانتخابات، وتغيير نظامها جزئياً أو كلياً بشرط المحافظة على الثوابت المنصوص عليها في الدستور، وخصوصاً ما نصت عليه المواد المتعلقة بتمثيل المرأة، والفئات المتميزة إيجابياً، وهي العمال، والفلاحين، والأقباط، والشباب، وذوي الهمم، والمصريين في الخارج». وتابع بكري لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان هناك أي نظام انتخابي يحقق التمثيل المنصوص عليه لتلكم الفئات بحيث لا نصطدم مع الدستور فهو مرحب به قطعاً، ولا شك أنه بعد ما حدث في الانتخابات الحالية فإن الأمر يحتاج إلى نقاش، وأيضاً مراجعة أحكام المحكمة الدستورية العليا التي أبطلت قانون القوائم النسبية 3 مرات، ومن ثم فكل ذلك يقود إلى قواسم مشتركة، سواء بالإبقاء على النظام الحالي، أو تغييره».

ونظم قانون مجلس النواب إجراءات النظام الانتخابي في مصر التي تجمع بين النظامين الفردي والقوائم المغلقة المطلقة بواقع 284 مقعداً للنظام الفردي، و284 مقعداً بنظام القوائم المغلقة المطلقة. وخول القانون الخاص لمجلس النواب تخصيص مقاعد لعدد من الفئات بالمجتمع، من بينها «المرأة، والشباب، والأقباط، وذوو الإعاقة، والمصريون بالخارج، والعمال، والفلاحون».

ويتضمن القانون الحق للأحزاب السياسية والمستقلين الترشح في دوائر كل من نظامي الانتخاب، ولا يجوز للمترشح أن يجمع بين الترشح في دائرتين بالنظام الفردي، أو في قائمة انتخابية، وعلى مقعد فردي، أو في أكثر من قائمة انتخابية.

ورغم أن المخالفات التي تم رصدها في الانتخابات الحالية وأحكام البطلان طالت الدوائر الفردية فقط، فإن الحديث لا يتوقف عن كون القوائم يشوبها عوار قبل العملية الانتخابية، وتحدث البعض عن دور كبير للمال السياسي في تحديد المرشحين على القوائم.

ويقول مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هاشم ربيع: «بجانب المخالفات الصارخة، فمُناخ الانتخابات نفسه تغير نتيجة تغير المرشحين، إذ لم يعد هؤلاء مجرد نخبة من ملاك الأراضي، والتجار، والصناع، والعلماء، والمثقفين، إذ زاد فوق كل هؤلاء ما نضح به النظام الاقتصادي، والاجتماعي الذي تغير، وتبدل بعد عدة عقود، بفعل الحراك الاقتصادي، والاجتماعي الذي ساهم في تبدل الطبقات، ونخب الأعمال، والمستثمرين».

وجرت الانتخابات العام الحالي مناصفة وفق نظامي «الفردي» و«القائمة المطلقة المغلقة». وضمِنت «القائمة الوطنية»، التي تضم أحزاباً موالية ذات أغلبية نيابية سابقة أبرزها «مستقبل وطن» و«حماة الوطن» و«الجبهة الوطنية»، الفوز بمقاعد القائمة في المرحلتين الأولى والثانية، في ظل عدم وجود أي قوائم منافسة.

وشدد ربيع على «الحاجة إلى نظام يستطيع أن يمثل الناس تمثيلاً جيداً، ليكون هناك نظام انتخابي تنافسي، لا يفضي إلى خيار واحد يتم الاستفتاء عليه، كالذي يسمى بالقوائم المطلقة المعيبة دستورياً، وأخلاقياً». وأكد أن هناك العديد من أساتذة القانون الدستوري، وخبراء علم السياسة، وأساطين الانتخابات، والنظم البرلمانية، وبالتعاون، وأخذ رأي الشارع، كل هؤلاء يمكنهم وضع إطار جديد يحقق التمثيل الجيد، والتعبير عن المصالح بأفق أوسع، وأرحب.


حوادث «تحرش» مدرسية بمصر تستنفر جهود الرقابة والتوعية

وزير التربية والتعليم المصري محمد عبد اللطيف (يساراً) خلال زيارته إلى مدرسة في القاهرة (وزارة التربية والتعليم المصرية)
وزير التربية والتعليم المصري محمد عبد اللطيف (يساراً) خلال زيارته إلى مدرسة في القاهرة (وزارة التربية والتعليم المصرية)
TT

حوادث «تحرش» مدرسية بمصر تستنفر جهود الرقابة والتوعية

وزير التربية والتعليم المصري محمد عبد اللطيف (يساراً) خلال زيارته إلى مدرسة في القاهرة (وزارة التربية والتعليم المصرية)
وزير التربية والتعليم المصري محمد عبد اللطيف (يساراً) خلال زيارته إلى مدرسة في القاهرة (وزارة التربية والتعليم المصرية)

تعددت مبادرات التوعية التي تم الإعلان عنها في مصر مؤخراً على خلفية حوادث «تحرش» وقعت في عدد من المدارس وأثارت اهتمامات الرأي العام المحلي، بالتزامن مع اتخاذ وزارة التربية والتعليم المصرية إجراءات لتشديد الرقابة على المدارس بما لا يسمح بتكرار مثل هذه الوقائع.

وتستمر جهات التحقيق في قضية «التحرش» المتهم فيها 7 أشخاص بحق عدد من طلاب إحدى المدارس الدولية بالقاهرة. ومؤخراً تدخلت «النيابة العسكرية» على خط القضية، في حين شهدت إحدى المدارس الدولية بمحافظة الإسكندرية (شمالاً) واقعة مماثلة حيث اتهم خمسة من أولياء الأمور «عاملاً» بالمدرسة بالتعدي على أبنائهم، وما زالت تخضع للتحقيقات أيضاً.

وأطلقت مديريات تعليمية في مصر، الأحد، مبادرة «جسمي ملكي لا تلمسه»، وتهدف إلى «تعزيز السلوكيات والممارسات الإيجابية بين الأطفال وذويهم بالمؤسسات التعليمية، وصناعة التغيير المجتمعي بهدف مناهضة العنف»، وهي تستهدف المدارس الحكومية في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي.

وتتضمن مبادرة «جسمي ملكي لا تلمسه» عقد لقاءات توعية وتنفيذ ورش عمل ومعسكرات وأنشطة متنوعة للطلاب والطالبات والمعلمين والأخصائيين الاجتماعيين وأولياء الأمور، لمناهضة «ظاهرة التحرش بالألفاظ والأفعال واللمس، والتحرش الإلكتروني، والاعتداء والتنمر على الطلاب، وخطورة التحرش والاعتداء الجنسي والتنمر على بناء الشخصية المتوازنة»، وفق بيان رسمي.

ووجهت وزارة التربية والتعليم المصرية جميع المدارس بتنفيذ مبادرة «السلامة الشخصية»، لتوعية الطلاب بأساليب حماية أنفسهم من الأخطار اليومية التي قد تواجههم في المنزل أو المدرسة أو الشارع.

وتعمل «التعليم» المصرية على تنفيذ المبادرة من خلال توجيه «التربية النفسية»، وتشمل توعية الأطفال والمعلمين والأخصائيين والإداريين والعمال وأولياء الأمور، وتتضمن التعريف بطرق الحفاظ على السلامة الشخصية والجسدية، وأهمية طلب المساعدة من الكبار الموثوق بهم، والفرق بين اللمسات الآمنة وغير الآمنة، وذلك باستخدام الأنشطة المختلفة، بحسب توجيهات أرسلتها للمديريات الأسبوع الماضي.

وقال وكيل وزارة التربية والتعليم في المنوفية (شمال مصر)، محمد صلاح، لـ«الشرق الأوسط» إن «المديريات التعليمية تعمل كل منها على حدة في إعداد مبادرات للتوعية ضد التحرش الجنسي، والتي بينها مبادرة (جسمي ملكي لا تلمسه)»، مشيراً إلى أنه يعقد اتفاقيات مع منظمات أهلية لتوعية التلاميذ داخل مجمعات كبيرة للوصول إلى أكبر عدد. وأضاف أن المبادرات يتم تطبيقها على الطلاب من المرحلة التمهيدية حتى سن 15 عاماً، مشيراً إلى أن المبادرات تتضمن تخصيص فقرات في الإذاعة المدرسية للتوعية بخطورة الاعتداءات الجسدية وكيفية حماية الجسد.

ودفعت الحوادث التي وقعت داخل مدارس دولية مؤخراً وزارة التربية والتعليم لإقرار مجموعة من «الضوابط الجديدة» على تلك المدارس بهدف حماية الطلاب، ووجهت بتحديث أنظمة كاميرات المراقبة، والتأكيد على تغطية كل المساحات داخل نطاق المدرسة وفصولها دون استثناء، كما ألزمتها بالمتابعة الدورية وإجراء تحاليل الكشف عن المخدرات على كل العاملين من معلمين وإداريين ومشرفين وسائقين، وعلى أي موظف جديد يلتحق بالعمل.

ماراثون للتوعية بمخاطر العنف ضد الأطفال في مصر (المجلس القومي للأمومة والطفولة)

وقالت أستاذة الصحة النفسية بجامعة بني سويف، رشا الجندي، إن التوعية وتعزيز الرقابة على المدارس إجراءات مهمة، لكنها لا تكفي للتعامل مع ظاهرة «التحرش» داخل المؤسسات التعليمية، والوضع القائم يتطلب مزيداً من الردع القانوني، إلى جانب إعادة النظر في الكم الهائل من المحتويات التعليمية والمناهج التي يتلقاها الطلاب، بخاصة في مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية، لكي يكون هناك فرصة للمدرسة للعب دورها التربوي والنفسي.

وأوضحت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «مع التركيز فقط على المقررات التعليمية الطويلة تغيب إجراءات تحليل سلوكيات المعلمين وكافة العاملين داخل المدرسة، وعلاج الاضطراب السلوكي الذي قد يطرأ على البعض».

وفي أبريل (نيسان) الماضي، هزت قضية اعتداء جنسي على الطفل «ياسين» داخل إحدى المدارس الخاصة في محافظة البحيرة بدلتا مصر من قِبل موظف بالمدرسة يبلغ من العمر 79 عاماً، الرأي العام.

وأطلق «المجلس القومي للطفولة والأمومة» في مصر، السبت، ماراثون «واعي وغالي»، بالتعاون مع منظمة «اليونيسف» وجهات أهلية أخرى، ورفع شعار: «أنا طفل... وأنا أستحق الأمان والاحترام والحماية»، وهدف للتوعية بالتربية الإيجابية وتأثيراتها على شخصيات الأطفال.