حميدتي يترأس وفداً سودانياً إلى جوبا لبحث السلام في البلدين

المباحثات تضمنت فتح المعابر وقضية ترسيم حدود الدولتين

محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أ.ف.ب)
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أ.ف.ب)
TT

حميدتي يترأس وفداً سودانياً إلى جوبا لبحث السلام في البلدين

محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أ.ف.ب)
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أ.ف.ب)

أجرى وفد أمني واستخباري سوداني، ترأسه نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي)، جولة مباحثات أمنية في عاصمة جنوب السودان جوبا، التي وصل إليها الوفد أمس في زيارة استغرقت ساعات، التقى خلالها الرئيس سلفاكير ميارديت، وتناولت قضايا الحدود والسلام في البلدين، وترسيم الحدود وفتح المعابر الحدودية.
وقال «حميدتي»؛ الذي يقود «قوات الدعم السريع»، في تصريحات صحافية بمطار الخرطوم عقب عودته من جوبا، إنه بحث مع الرئيس سلفاكير ميارديت قضايا أمنية وسياسية متشابكة بين الدولتين، تناولت بالخصوص قضايا السلام في الدولتين، وإنفاذ اتفاقيتي «سلام جوبا» بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، و«اتفاقية سلام جنوب السودان»، ومستويات الالتزام بالتنفيذ، وأوضاع الموقعين على تلك الاتفاقيات وغير الموقعين، إضافة إلى قضايا الحدود والانفلاتات الأمنية التي تشهدها.
وأضاف «حميدتي» أن ميارديت أبدى انزعاجه من أحداث العنف في ولاية أعالي النيل التابعة لبلاده، والتي أدت لنزوح عشرات الآلاف من المواطنين الجنوبيين إلى السودان، وقال إن سلفاكير «أبدى أيضاً استعداده لدعم اتفاقيتي السلام: السودانية، والجنوب سودانية»، مبرزاً أن المباحثات تناولت كذلك قضايا اقتصادية بين البلدين؛ على رأسها إحياء عملية تخصيص ميناء لجنوب السودان على شاطئ البحر الأحمر، وفتح المعابر بين الدولتين، وقضية ترسيم حدود الدولتين، وقضايا الأمن القومي لكلا البلدين، مضيفاً أن الاجتماعات بحثت من جهة ثانية أوضاع السودانيين في جنوب السودان، وقضايا إقامتهم، وأن القيادة الجنوبية أصدرت قراراً يتم بموجبه اعتبار السوداني في جنوب السودان «مواطناً تتم معاملته كما تتم معاملة المواطن الجنوبي».
وقالت نشرة صادرة عن إعلام مجلس السيادة الانتقالي إن الهدف من الزيارة «بحث مسيرة العلاقات بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها وتطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة»، دون الكشف عن تفاصيل الزيارة التي يشارك فيها قادة الاستخبارات في السودان.
واستقبل وفد حميدتي في جوبا كل من: مستشار رئيس جنوب السودان توت قلواك، ورئيس هيئة أركان جيش جنوب السودان سانتينو دينق وول، ومدير جهاز الأمن الداخلي الجنرال أكول كور، ورئيس جهاز الأمن الخارجي سايمون ين مكواج. وأجرى الوفد مباحثات مع حكومة جنوب السودان، عقد خلالها حميدتي جلسة مباحثات مغلقة مع رئيس جنوب السودان. ومنذ إعلان جنوب السودان انفصاله رسمياً عن السودان في 2011، لا تزال ملفات أمنية عديدة معلقة بين البلدين؛ على رأسها النزاع على ترسيم الحدود، وتحديد تبعية منطقة أبيي النفطية، فضلاً عن النزاعات التي تنشب بين المجموعات السكانية الشمالية والجنوبية، إضافة إلى ملف الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاقية سلام مع الخرطوم، وعلى وجه الخصوص «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز الحلو ذات العلاقة الوثيقة مع جوبا؛ لأنها امتداد للصراع بين البلدين قبل الانفصال، إلى جانب «حركة تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد محمد نور المقيم في جوبا حالياً.
وتأتي زيارة حميدتي إلى جوبا بعد نحو 3 أسابيع من توقيع «الاتفاق الإطاري» بين الجيش والمدنيين في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الذي نص على خروج الجيش من السياسة، ودمج «قوات الدعم السريع» التي يقودها وقوات حركات مسلحة أخرى في الجيش، وفقاً لمصفوفة زمانية يتم الاتفاق عليها.
وكانت وساطة بين رئيس الدولة سلفاكير ميارديت ونائبه الأول رياك مشار قد أنقذت من العودة للحرب مرة أخرى، إثر تعثر اتفاقية السلام الموقعة بين الرجلين في عام 2016 وظهور شبح الحرب مجدداً في الدولة الوليدة. وفي سبتمبر (أيلول) 2018 استطاع حميدتي إعادة الرجلين إلى طاولة التفاوض، وتوقيع اتفاق جديد، نص على إعادة هيكلة القيادة العليا لـ«الجيش الشعبي لتحرير السودان (جيش جنوب السودان)»، وتكوين جيش قومي من القوات التابعة لكلا الرجلين.
ونالت الوساطة التي حالت دون اندلاع الحرب مجدداً قبولاً واسعاً في جنوب السودان. وفي مارس (آذار) 2021 كرمت حكومة جنوب السودان حميدتي بـ«درع القيادة وجائزة السلام الأولى»، وقالت إن التكريم جاء استحقاقاً لجهوده في تحقيق السلام بجنوب السودان.
وفي المقابل؛ توسطت دولة جنوب السودان في مفاوضات الحكومة السودانية والحركات المتمردة المسلحة، التي استمرت لأكثر من عام، وقاد التفاوض الذي انتهى بتوقيع «اتفاقية سلام جوبا» حميدتي بتناغم مع الوسطاء الجنوبيين.
ويحتفظ جنوب السودان بتأثير قوى على الحركات المسلحة الموقعة على «اتفاقية جوبا للسلام». وقال حميدتي إن ملف هذه الحركات غير الموقعة على «الاتفاقية الإطارية» التي يدعمها حميدتي بقوة، جرت مناقشته مع جوبا، إلى جانب ملف الحركات غير الموقعة على «اتفاقية السلام».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
TT

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

قال رئيس منظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، إن كثيراً من النساء وأطفالهن يعانون من صدمات نفسية سيئة جراء الحرب الدائرة في السودان، مشيراً إلى أن بعض الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم بضعة أشهر تعرضوا لإصابات بالذخيرة الحية في مناطق الرأس والصدر.

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أننا إزاء أسوأ أزمة إنسانية شهدتها المنظمة على الإطلاق... آلاف الأسر تفرقت، خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً، أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم، ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية، يبدو هذا الأمر مستحيلاً في بعض أجزاء البلد.

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم زمزم للنازحين (أ.ف.ب)

ورأى أن «الحرب تعد مشكلة حقيقية للنساء والأطفال تحديداً... أجرينا في أحد المستشفيات العاملة بالعاصمة الخرطوم فحوصات لنحو 4200 امرأة وطفل، ووجدنا أن ثلثهم يعاني من سوء التغذية الحاد، وهذا القياس يدل على أن كل الذين أجريت لهم فحوصات، يعانون من سوء التغذية المتوسط والحاد بدرجات متفاوتة».

وأوضح أن «واحداً من كل 6 جرحى يعالجون في المستشفى ذاته، يعاني من أمراض مصاحبة... لدينا أطفال لا تتعدى أعمارهم شهوراً تعرضوا لإصابات بالرصاص في الرأس أو الصدر، وللأسف في بعض الأحيان لا تتوفر المواد الطبية اللازمة لعلاجهم، في ظل حالة الحصار على المستشفى، ومنع وصول المعونات الطبية إليه».

الوضع في دارفور

وكشف الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، عن ارتفاع نسبة حالات الإصابة بسوء التغذية وسط النساء الحوامل والمرضعات والأطفال الرضع في إقليم دارفور (غرب البلاد)، «وهو ما يتسبب في الوفيات لأسباب بسيطة يمكن علاجها لو توفرت الإمدادات الطبية».

امرأة وطفلها في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وقال إن «نسبة انتشار أمراض سوء التغذية وفقر الدم أعلى بكثير من قدرة فرقنا على علاجها».

وأضاف كريستو: «في أغسطس (آب) الماضي، أجرينا فحوصات لنحو 30 ألف طفل في عمر سنتين وأقل، حيث أثبتت أن ثلث هذا العدد يعاني من سوء تغذية حاد».

وكشف تقرير سابق لمنظمة «أطباء بلا حدود» في فبراير (شباط) الماضي عن وفاة طفل كل ساعتين في «مخيم زمزم» للنازحين في ولاية شمال دارفور.

ووفقاً للمنظمة، فإن الصراع في إقليم دارفور «أخذ طابعاً عرقياً، وعلى وجه الخصوص أحداث العنف التي جرت في ولاية غرب دارفور، وأدت إلى مقتل الآلاف ولجوء أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد».

وتجاوزت نسبة وفيات الأمهات في جنوب دارفور منذ مطلع العام الحالي التي سجلتها مرافق «أطباء بلا حدود»، 7 في المائة، وبينت الفحوصات التي أُجريت لرصد سوء التغذية بين الأطفال، معدلات هائلة تتجاوز عتبات الطوارئ.

وحض كريستو المجتمع الدولي «على بذل مزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة للسماح بمرور المساعدات الإنسانية العاجلة؛ لتوفير الغذاء والدواء للآلاف من المدنيين في السودان».

وعالجت فرق «أطباء بلا حدود» أكثر من 4214 إصابة ناجمة عن العنف، بما في ذلك الأعيرة النارية وانفجارات القنابل، وشكلت نسبة الأطفال دون سن الخامسة عشرة، 16 في المائة منهم.