إنجازات 2022 العلمية... انطلاقة بعد «هدوء إجباري»

مهمات فضائية وكونية جديدة وأبحاث طبية وابتكارات تكنولوجية مذهلة

مهمة «دارت» الكوكبية
مهمة «دارت» الكوكبية
TT

إنجازات 2022 العلمية... انطلاقة بعد «هدوء إجباري»

مهمة «دارت» الكوكبية
مهمة «دارت» الكوكبية

أجبرت جائحة «كورونا» قطار البحث العلمي على السير بهدوء شديد، فلم يكن المزاج العام يحتفي كثيراً بأي إنجاز خارج نطاق الأدوية واللقاحات التي تتعامل مع تحديات الوباء، لكنّ الباحثين الذين استثمروا فترات الإغلاق التي فرضتها الجائحة، في مزيد من البحث والتفكير، كشفوا عن بعض الاكتشافات المذهلة في عام 2022، عندما بدأت سحابة «كورونا» تنقشع إلى حد ما، عن حياتنا اليومية.
واستطاع الباحثون تغيير الكثير من المفاهيم عن أشياء كثيرة، من فترات ما قبل التاريخ، إلى مستقبل الفضاء، إلى سبب تقدم البشر في العمر، وما يستطيع الدماغ القيام به، ولماذا تكون الخسائر الناجمة عن تغير المناخ أكثر خطورة مما يُعتقد حاليا، كما اتخذوا خطوة مهمة نحو فهم الكثير من الأمراض، بما قد يقود لاحقا لأدوية ولقاحات جديدة...
ومن أبرز الإنجازات العلمية الإعلان في 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي عن نجاح علماء الفيزياء الأميركيين في إنتاج طاقة الاندماج النووي (Nuclear fusion energy)، بعد حصولهم، تجريبياً ولأول مرة، على طاقة ناتجة أكبر من الطاقة التي استخدمت لإنتاج الاندماج نفسه بنسبة 1.54. وقد أجريت التجربة في منشأة الإشعال الوطني التابعة لمختبر لورنس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا.
وفيما يلي أبرز الإنجازات الأخرى.
ما قبل التاريخ
1. فترات ما قبل التاريخ. حملت إنجازات هذا العام كثيرا من الاكتشافات التي تعود إلى فترات ما قبل التاريخ، ومنها:
* وثّق علماء جامعة كالغاري في كندا، اكتشاف أنثى ماموث صوفي يبلغ من العمر حوالي 30 ألف عام، بأظافر أصابع وجلد وجذع وشعر محفوظ تماماً… وكان عمال المناجم في كندا قد اكتشفوا حيواناً متجمداً داخل التربة الصقيعية، وسرعان ما تواصلوا مع الباحثين من جامعة كالغاري، الذين صُدموا عندما اكتشفوا أنهم أمام اكتشاف أقرب ما يكون إلى الماموث الحي، لدرجة أنه لا يزال لديه شعر، رغم مرور 30 ألف عام على وفاته، ووصف دان شوغار، الباحث المشارك بالدراسة، الاكتشاف بأنه «أكثر الأشياء العلمية إثارة على الإطلاق».
* كشفت دراسة نُشرت في أغسطس (آب) أن العلماء وجدوا 88 أثراً متحجراً لأقدام بالغين وأطفال، يرجع تاريخها على الأرجح إلى 12000 عام، في مجاري الأنهار الضحلة في ولاية يوتا الأميركية، وهذا يشير إلى أن البشر احتلوا المنطقة قبل 7500 عام مما كان يُعتقد سابقاً، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زعزعة الفهم الحالي لكيفية تطور البشر.
* توصلت دراسة لمعهد ماكس بلانك الألماني لعلوم تاريخ البشرية، نشرتها مجلة «ساينس أدفانسيس» في فبراير (شباط)، إلى أن كهف (ماندرين) على أحد التلال المطلة على وادي الرون الخلاب في جنوب فرنسا، اجتذب كلاً من الإنسان البدائي «إنسان نياندرتال» و«الإنسان الحديث»، قبل فترة طويلة من الاعتقاد بأن هذا الأخير قد وصل إلى هذا الجزء من أوروبا.
الكون والفضاء
2. بدايات نشأة الكون. ومن عصور ما قبل التاريخ إلى فترات أبعد، وهي بدايات نشأة الكون، التي يكشف أسرارها تلسكوب «جيمس ويب» من وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، حيث كان العالم هذا العام على موعد مع صور فريدة التقطها هذا التلسكوب، والذي ينظر في الفترة التي تلت الانفجار العظيم في بدايات تشكل النجوم والمجرات قبل 13.8 مليار سنة.
وتوصف الصور الخمس التي نشرتها وكالة ناسا يومي 11 و12 يوليو (تموز)، بأنها تمثل «فجر حقبة جديدة في علم الفلك»، إذ إنها «أعمق صور فلكية للكون البعيد»، وتُظهر أقدم ضوء موثق في تاريخ الكون، منذ أكثر من 13.5 مليار سنة ضوئية... وهذه الصور هي:
* صور لعنقود المجرات (SMACS 0723)، المعروف باسم «الحقل العميق»، وهي تفيض بالتفاصيل، وتُظهر آلاف المجرات.
- البصمة الكيميائية لكوكب خارج المجموعة الشمسية، حيث يظهر في الصورة التحليل الطيفي للغلاف الجوي المشبع ببخار الماء لكوكب (WASP-96 b)، وهو واحد من أكثر من 5 آلاف كوكب خارجي مؤكد في مجرة درب التبانة.
* السديم الكوكبي الدائري الجنوبي الذي كان مخفيا في السابق عن علماء الفلك، والذي يبعد عنا بمقدار حوالي 2500 سنة ضوئية.
* خمس مجرات متقاربة يطلق عليها «خماسية ستيفان»، وتقع على بُعد 290 مليون سنة ضوئية.
* حافة منطقة تَشكُّل نجومٍ قريبة في سديم كاريناتسمى (NGC 3324)، ويقع سديم كارينا على بُعد 7600 سنة ضوئية، ويُعتبر حضانةً للنجوم الناشئة، وتوصف هذه الصورة بأنها أكثر المناظر الطبيعية جمالا، حيث تبدو وكأنها جبال ووديان مليئة بالنجوم المتلألئة.
3. عام التوجه إلى القمر. ومن الماضي البعيد إلى الحاضر، حيث شهد هذا العام إطلاق مهمتين إلى القمر، بالإضافة إلى ظهور نتائج أبحاث حول عينات تم الحصول عليها من مهام سابقة للقمر، لذلك يمكن وصف عام 2022 بأنه هو الاتجاه إلى القمر، وهو ما يظهر في الآتي:
* إطلاق المركبة أوريون ضمن برنامج «أرتميس» بوكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) من مركز كينيدي للفضاء في كيب كنافيرال بولاية فلوريدا، ونجحت مهمتها إلى القمر التي استغرقت 25 يوما، وعادت إلى الأرض. وتمهد هذه الرحلة لصعود رواد فضاء على متن الرحلة التالية، حيث يطيرون حول القمر ويعودون في أقرب وقت في عام 2024، ويمكن أن يتبع ذلك هبوط شخصين على سطح القمر بينهما أول امرأة وأول شخص من أصحاب البشرة الملونة بحلول نهاية عام 2025.
* إرسال المستكشف راشد الإماراتي، والذي يقوم برحلته إلى القمر بواسطة مركبة الهبوط «هاكوتو - آر» التي بنتها الشركة اليابانية «آي سبيس»، ونقل صاروخ «فالكون 9»، التابع لشركة «سبيس إكس» الأميركية، المهمة إلى الفضاء، يوم 11 ديسمبر من قاعدة كيب كانافيرال الفضائية، في ولاية فلوريدا، ويدرس المستكشف راشد خصائص التربة على سطح القمر وصخور وجيولوجيا القمر، كما سيدرس حركة الغبار والبلازما والغلاف الكهروضوئي.
* وبالإضافة إلى هذه المهام، فإن عينات قمرية تقدر بـ1731 غراما، جلبتها مهمة «تشانغ آه - 5» الصينية، التي عادت إلى الأرض في 2020، خضعت للدراسة، لتظهر النتائج في سبتمبر (أيلول) حاملة معها مفاجأة جديدة، وهي اكتشاف معدن جديد على سطح القمر، تمت تسميته Changesite- (Y)، وهذا هو سادس معدن جديد تكتشفه البشرية على سطح القمر، وأصبحت الصين ثالث دولة في العالم بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق تكتشف معدنا جديدا على سطح القمر.
4. أول مهمة للدفاع الكوكبي. ومن الماضي والحاضر للاستعداد للمستقبل، وذلك عبر تنفيذ وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» أول مهمة للدفاع الكوكبي في سبتمبر.
ونجحت المركبة الفضائية التي أطلقتها (ناسا) في تغيير مدار الكوكيب «ديمورفوس»، وهو جسم صغير قطره 530 قدما (160 مترا)، يدور حول كويكب أكبر يبلغ ارتفاعه 2560 قدما (780 مترا) يسمى «ديديموس»، ولا يشكل أي من الكويكبين أي تهديد للأرض، والهدف الذي كانت تسعى له المهمة، هو اختبار إمكانية تنفيذ مهمة شبيهة في المستقبل، عندما يكون هناك تهديد بوجود كويكب في مسار تصادمي مع الأرض.
وبينما كان هدف المركبة (دارت) هو تقصير مدار الكويكب «ديمورفوس» حول الكويكب الأكبر (ديديموس)، بمقدار 73 ثانية على الأقل، جاءت النتائج أكثر من المأمول، حيث أعلن مسؤولو ناسا، أن الحسابات أظهرت أن اصطدام (دارت) بالكويكب أدى إلى اختصار مداره بمقدار 32 دقيقة، فبعد أن كان يدور حول (ديديموس) كل «11 ساعة و55 دقيقة» أصبحت الفترة المدارية كل «11 ساعة و23 دقيقة».

أبحاث جديدة
5. أبحاث الخلايا الجذعية. وما زلنا في الاستعداد للمستقبل، لكن في مجال آخر، وهو الصحة، حيث ستقود أبحاث الخلايا الجذعية إلى اختراقات خلال الأعوام القادمة، ظهرت بشائرها هذا العام، من خلال الآتي:
* قام باحثون أستراليون بتنمية خلايا المخ البشري من الخلايا الجذعية وأجنة الفئران إلى دماغ صغير يتكون من 800 ألف خلية، وقد نجحوا في تدريب تلك الخلايا على أن تلعب لعبة فيديو.
* نجح باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد الأميركية في زرع أنسجة من المخ البشري في الفئران، حيث أصبحت جزءا وظيفيا من أدمغتهم، وتم إنشاء أنسجة المخ البشري المزروعة في المختبر باستخدام تقنية تسمح للعلماء بتحويل خلايا الجلد إلى ما يعادل الخلايا الجذعية الجنينية، وهي الخلايا التي تنمو منها جميع الخلايا الأخرى مع نمو الجنين، وستشمل التطبيقات الفورية لهذه الدراسة البحث في علاج حالات مرضية حرجة مثل التوحد والصرع والفصام والإعاقات الذهنية.
* نجح فريق بحثي دولي، عبر مشروع «بايوريسكو»، الذي يشرف عليه معهد «لايبنتز» بألمانيا، في إنتاج خلايا جرثومية بدائية، من الخلايا الجذعية لوحيد القرن الأبيض الشمالي، وهي خطوة نحو إنشاء بويضات وحيوانات منوية في المختبر، لهذا النوع الفرعي المهدد بالانقراض.
والخطوة التالية التي يجب على العلماء تنفيذها، هي الانتقال لمهمة صعبة، وهي إنضاج الخلايا الجرثومية الأولية في المختبر، لتحويلها إلى خلايا بويضة وحيوانات منوية وظيفية، ليتم زرع الأجنة الناتجة في إناث وحيد القرن الأبيض الجنوبية ذات الصلة الوثيقة، والتي ستحمل بعد ذلك النسل البديل إلى المدى البعيد، وبالتالي فإن سلالات وحيد القرن الأبيض الشمالية التي قضى عليها البشر بالفعل بشكل فعال من خلال الصيد الجائر، قد يتم إنقاذها بفضل هذه التقنيات.
6. أدوية جديدة تدخل الخدمة قريبا. ومن بشائر ما زلنا ننتظرها مع أبحاث الخلايا الجذعية، إلى بشائر تحققت بالفعل مع بعض الأدوية، التي دخل بعضها الخدمة، والبعض الآخر بات قريبا جدا من ذلك، ومنها:
* دواء (ليكانيماب) لعلاج ألزهايمر، الذي طورته شركتا «إيساي» اليابانية و«بيوغن» الأميركية للأدوية، وأجريت تجربة إكلينيكية للدواء على مدار 18 شهرا، مع 1795 متطوعاً يعانون المرض في مراحله المبكرة، ووجد الباحثون في الدراسة التي نُشرت في مجلة «نيو إنغلاند» الطبية أن الدواء أبطأ تدمير المرض للدماغ بنسبة 27 في المائة، وذلك عن طريق مهاجمة بروتين «بيتا أميلويد»، الذي يتراكم في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر... ويتم في الوقت الحالي تقييم بيانات ونتائج الدراسة من الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة، التي سوف تقرر قريباً ما إذا كان يمكن الموافقة على استخدام الدواء على نطاق واسع.
* دواء «ريبيوتا»، وهو أول علاج باستخدام البكتيريا لعلاج اضطراب الأمعاء، ويعطي الدواء كعلاج بجرعة واحدة لعدوى بكتيريا «المطثية العسيرة»، حيث تعطل هذه البكتيريا المنتجة للسموم التوازن الطبيعي في الجهاز الهضمي للشخص، وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في نوفمبر على تسويق هذا الدواء.
* المركب (SK-124)، هو دواء لا يزال في طور التجارب، أنتجه باحثون من جامعة كاليفورنيا الأميركية، كعلاج لهشاشة العظام، حيث يتم تقديمه كعلاج فموي بديل لأدوية الحقن، التي تعطى لمرضى الهشاشة.
* البروتين الشوكي الشهير الذي يعطي فيروس «كورونا» المستجد، شكله التاجي الشهير (بروتين سبايك)، سيصبح قريبا علاجا لأحد أخطر أنواع السرطانات، وهو سرطان الرئة، وذلك وفقا لـ«كاليبادا باهان»، أستاذ الكيمياء الحيوية وعلم الأدوية بجامعة راش الأميركية، والذي قاد دراسة نشرت بدورية (كانسر) وأثبتت فاعلية هذا البروتين في علاج حيوانات التجارب، وقال باهان لـ«الشرق الأوسط»: «نبحث في الوقت الحالي عن شركاء لنقل هذه التقنية في العلاج إلى عيادة سرطان الرئة قريبا، وفي البداية، سنختار مرضى سرطان الرئة في المراحل المتأخرة للتجارب السريرية».
* اكتشف باحثون من جامعة نوتنغهام البريطانية، فئة جديدة من «البوليمر» يمكنها تحفيز الخلايا المناعية وغير المناعية للمساعدة في التئام جروح السكري التي يصعب علاجها، وتم الإعلان عن هذا الإنجاز في دورية «أدفانسيد ماتريالز».
7. حل ألغاز الأمراض. وفي سبيل السعي نحو إنتاج المزيد من الأدوية، لا بد من فهم الأعضاء البشرية جيدا، وشهد عام 2022، الكثير من الإنجازات في هذا المجال، وأهمها نجاح فريق بحثي مكون من أكثر من 160 باحثا، في إنتاج أطلس رقمي ضخم يضم خرائط تمثل التعبير الجيني عما يقرب من نصف مليون خلية يعود مصدرها إلى 24 عضواً ونسجياً بشرياً، من ضمنها الرئتان والجلد والقلب، وتم الإعلان عن هذا الإنجاز في شهر مايو (أيار) بدورية «ساينس».
وهذا الأطلس هو مشروع مرجعي، يضم أنسجة متعددة من متبرعين، وهو الأول من نوعه الذي يحتوي على صور تشريحية للأنسجة، ويكشف تفاصيل المجتمعات الميكروبية التي تتخذ أجزاء مختلفة من قناتنا الهضمية مسكنا، وهذا من شأنه أن يزيد من المعرفة بصحة الإنسان، والأمراض التي تصيبه.

ابتكارات ومفاجآت
8. ابتكارات تكنولوجية مذهلة. وتبرز في خريطة الإنجازات العلمية، ابتكارات تكنولوجية مذهلة هدفها مساعدة البشر وتسهيل حياتهم، ومنها:
* طور باحثون من جامعة «نورث كارولاينا»، روبوتا ناعما موفرا للطاقة يمكنه السباحة بأكثر من أربع مرات أسرع من الروبوتات السابقة للسباحة، وأطلقوا عليه اسم «روبوتات الفراشة»، لأن حركته في السباحة تشبه الطريقة التي تتحرك بها أذرع الشخص عندما يسبح بضربة الفراشة، وتم الإعلان عن هذا الإنجاز في دورية «ساينس أدفانسيس».
* ابتكر علماء في جامعة نورث ويسترن بولاية إلينوي الأميركية «أصغر روبوت» في العالم، لإنجاز مهام دقيقة للغاية، ووفق دراسة نشرت في دورية «ساينس روبوتكس»، فإن هذا الروبوت يبلغ عرضه، حوالي نصف ملّيمتر، أي أصغر من سمك عملة «البنس» المعدنية، ويتم التحكم فيه عن بعد، ويأخذ أشكال حيوانات صغيرة مثل الديدان والسرطانات، ويكون هذا الروبوت في حالته الأصلية مسطحا، مثل قطعة من الورق، ثم يتم إدخال حرارة الليزر لتتغير حالته ويبدأ في التحرك.
* عرضت إحدى شركات السيارات، تصميما جديدا لسيارة يمكن للمستخدمين تغيير لونها من الأبيض إلى الأسود أو العكس بضغطة زر.
9. تأثيرات التغيرات المناخية. وبالتزامن مع ظواهر مناخية متطرفة شهدها العالم هذا العام، اهتم البحث العلمي برصد تداعيات التغيرات المناخية في أكثر من اتجاه، ومن أبرز الأبحاث التي تناولت الظاهرة، الآتي:
* رصدت دراسة نُشرت في مجلة «نيتشر جيوساينس»، أن أكبر صفيحة جليدية في العالم، والمعروفة أيضا باسم غرينلاند، تختفي بشكل أسرع مما كان يعتقد العلماء سابقا، حيث أدى ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات وارتفاع درجات حرارة الهواء إلى تسريع الذوبان، حيث تفقد غرينلاند حوالي 250 مليار طن متري من الجليد كل عام.
* رجحت دراسة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بأميركا، تغير المناخ، كسبب لاختفاء مليار سلطعون من ألاسكا في العامين الماضيين، وهذا العدد يمثل 90 في المائة من أعدادها. وقالت الإدارة، إن ألاسكا هي الأكثر سخونة في الولايات المتحدة، وتحتاج السرطانات إلى الماء البارد للبقاء على قيد الحياة.
10. مفاجآت علمية. ولم تخل إنجازات 2022 من بعض المفاجآت، ومنها:
* اكتُشف أن بعض الأشخاص الذين يبدو أنهم في غيبوبة قد يكونون في الواقع واعين ويسمعوننا. ويطلق على ذلك اسم «الوعي الخفي»، وهي حالة يتفاعل فيها الدماغ مع العالم الخارجي ببعض الفهم، لكن الجسم يظل غير مستجيب، وذكر باحثون من جامعة كولومبيا، أن ما يصل إلى 15 إلى 20 في المائة من المرضى الذين يبدو أنهم في غيبوبة يظهرون هذا النوع من الوعي الخفي عند مراقبته باستخدام تقنية يمكنها قياس نشاط الدماغ.
* اكتشفت دراسة ألمانية نشرت في ديسمبر بدورية «نيتشر إيجينغ»، مؤشرات على أن تأثير عقار «رابامايسين» الواعد لمكافحة الشيخوخة، سيكون أكثر فاعلية عند النساء، مقارنة بالرجال.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً