هل تُصبح المراهنات الإلكترونية خطراً جديداً يهدد المراهقين المصريين؟

عقب تحذيرات من تزايدها خاصة في مباريات كرة القدم

اللاعب أحمد حسام (إنستغرام)
اللاعب أحمد حسام (إنستغرام)
TT

هل تُصبح المراهنات الإلكترونية خطراً جديداً يهدد المراهقين المصريين؟

اللاعب أحمد حسام (إنستغرام)
اللاعب أحمد حسام (إنستغرام)

عرفت المراهنات الرياضية الإلكترونية طريقها إلى الشباب المصري، وأصبحت شعبيتها بينهم تزداد يوماً بعد يوم؛ مما أثار قلقاً وتساؤلات حول المخاطر الناجمة عنها، وتأثيرها السلبي عليهم، واتساع دائرة الفئات التي تستهويهم هذه اللعبة، لا سيما في ضوء اعتبار البعض لها بمثابة روتين يومي، أو نوع من الإدمان، فهل يمكن أن تكون خطراً إلكترونياً قادماً يهدد مستقبل الشباب؟
وكان أحمد حسام (ميدو) نجم نادي الزمالك والمنتخب الوطني السابق لكرة القدم أثار هذه القضية حين أعلن في تصريحات تلفزيونية أن نجله الذي لم يبلغ بعد سن الرشد، يمارس لعبة المراهنات. وقال: «عرفت بموضوع المراهنات بعد أن اكتشفت أن أحد أبنائي معه مبلغ 2000 جنيه إضافة إلى مصروفه، وحين سألته من أين حصل على هذا المبلغ، أبلغني أنه يراهن على المباريات عند كشك سجائر». وأضاف: «أحد مواقع المراهنات متاح مجاناً في مصر، ويوجد أولاد عندهم 12 سنة يشاركون في المراهنات»، وحذر من وجود «موقع منتشر بين الأطفال والمراهقين خلال هذه الفترة، يستغلهم في لعب القمار، وهناك آلاف الشباب الذين باتوا يراهنون بشكل شبه يومي على المباريات».
وقالت د. ريهام صلاح خبيرة الإعلام لـ«الشرق الأوسط»: «اجتذبت مواقع ومحلات المراهنات الافتراضية الخاصة بمباريات كرة القدم والتنس وسباقات الخيل وبعض ألعاب القوى أعداداً كبيرة من الشباب العربي الحالمين بالثروة». وأضافت: «عند الدخول إلى هذه المواقع يجد المراهن الشاب عبارات تشجعه على الانضمام لها؛ عبر التأكيد على أن المراهنات الافتراضية أصبحت واسعة الانتشار بين الشباب العربي، وأن منطقة الشرق الأوسط أصبحت من أعلى المناطق حول العالم التي تجتذب المراهنين لعشقهم لكرة القدم»، وتابعت: «كما تقدم له ضمانات تطمئنه إلى خوض التجربة، وجملاً جاذبة له مثل: نقودك إلى عتبة مراهنة آمنة وسرية على الإنترنت، ونحقق لك حماية كاملة لخصوصيتك، علاوة على إخفاء هويتك».
وتلعب هذه المواقع على أوتار هامة للشباب مثل القول إنه «يمكن أن تربح المال أو تصبح من الأثرياء في مجال الرياضة مهما كنت صغيراً في السن، أو حتى لو لم تكن على دراية كاملة بقواعد اللعب؛ لأننا نوفر لك كل ما تحتاجه من معلومات عن الفرق والمباريات، إضافة إلى الإحصائيات وأحدث التوقعات على منصة الموقع».
وتشرح المواقع الخطوات، موضحة أن البداية تكون من خلال اختيار عدد من المباريات، وتحديد توقعهم لنتائجها أو بعدد الأهداف المسجلة، على أن يحصل المراهن الذي يصل إلى التوقع الصحيح على أضعاف المبلغ الذي دفعه، وعادة ما يتسلم المال من خلال السحب البنكي الذكي، أو من صاحب المحل أو الكشك الذي تعاقد على مثل هذه المراهنات مع جهات محددة.
ويرى د. عاصم حجازي أستاذ علم النفس التربوي المساعد في كلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة أن هذه «المراهنات تشكل خطراً حقيقياً ربما يفوق الكثير من الألعاب الإلكترونية»، ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «تحقق أرباحاً كبيرة وسريعة، وهو ما يعني أنه يصبح بين أيدي الصغار مبالغ مالية قد ينفقونها في شراء أشياء ممنوعة وتضر بصحتهم، مثل المخدرات أو السجائر، وقد تكون أيضاً مدخلاً إلى الكثير من الأفعال المستقبلية المرفوضة مثل التعود على الكسب السريع غير الشرعي».
ويتابع: «قد تؤدي أيضاً إلى الشعور بالعجز والفشل والإحباط في حال الخسارة؛ مما يدفع الطفل إلى السلوك العدواني اللفظي أو الجسدي أو الاجتماعي، وهو ما قد يتحول في ظل إقباله المتزايد عليها إلى جزء من سلوكه الدائم وشخصيته».
وساعد على انتشار هذه المقامرات، بحسب حجازي عدة عوامل في مقدمتها ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، مع ارتفاع الأسعار، وازدياد التطلعات أمام إغراءات السلع التي تروجها الإعلانات والإنترنت. وأضاف: «كما قد تنبع أيضاً من مشكلات واضطرابات نفسية لدى المراهنين الصغار؛ فهي مشكلة وثيقة الارتباط لدى البعض بالفراغ في الوقت والعاطفة». وأردف: «قد يسعى المراهق أو الطفل إلى تأكيد ذاته واستعراض خبراته الزائفة بطريقة خاطئة، فيلجأ إلى هذه المراهنات ربما لإثبات أنه محلل رياضي جيد، كما قد يكون ذلك مجاراة لجماعة الأصدقاء بهدف الحصول على مكانة مميزة داخلها».
ولمساعدة المراهق على التخلص من هذه المشكلة قال حجازي: «يجب الحرص على شغل وقته بما يفيد ومساعدته على تأكيد ذاته، والحصول على المكانة من خلال أساليب مفيدة ومقبولة اجتماعياً، وتدعيم ثقته بنفسه ومراقبة أنشطته وتفاعلاته مع أصدقائه، وتوجيهه إلى أسس المنافسات الرياضية المقبولة وجوهرها، والاستمتاع الجيد بمشاهدتها من دون التورط في سلوكيات سلبية»، كما دعا إلى «التعرف على مصادر أي مبالغ مالية كبيرة معه، ومتابعة حجم وطبيعة مشترياته بشكل مستمر».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».