لماذا تجاهل سيف القذافي انتقادات الدبيبة لنظام والده؟

وسط اعتقاد بوجود تحالف بين الطرفين

سيف الإسلام القذافي لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية في ليبيا نهاية 2021 (مفوضية الانتخابات)
سيف الإسلام القذافي لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية في ليبيا نهاية 2021 (مفوضية الانتخابات)
TT

لماذا تجاهل سيف القذافي انتقادات الدبيبة لنظام والده؟

سيف الإسلام القذافي لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية في ليبيا نهاية 2021 (مفوضية الانتخابات)
سيف الإسلام القذافي لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية في ليبيا نهاية 2021 (مفوضية الانتخابات)

تضمنت تصريحات رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، خلال الأسبوع الماضي، حول عملية تسليم ضابط الاستخبارات السابق أبو عجيلة المريمي إلى الولايات المتحدة الأميركية، أكثر من إشارة حول مسؤولية نظام الراحل معمر القذافي عن «وصم ليبيا بكونها دولة حاضنة للإرهاب».
وفي حين أبدى كثيرون تعجبهم من تلك التصريحات في ظل معرفتهم بعمل الدبيبة مع نظام القذافي، تساءل آخرون عن أسباب صمت أنصار القذافي ونجله سيف الإسلام عن الرد على تلك الاتهامات.
وعزا عضو مجلس النواب الليبي جاب الله الشيباني الإجابة عن هذا الصمت إلى أسباب عدة؛ في مقدمتها «الإقرار بحق الجميع، بمن فيهم الدبيبة، بأن يقول كلمته، سواء مدحاً أو ذماً بحق نظام سابق استمر لأكثر من أربعين عاماً في الحكم».
ولم يستبعد الشيباني، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، «ظهور أصوات تندِّد بما ذكره الدبيبة، خلال الأيام المقبلة»، مشيراً إلى أن «قطاعاً كبيراً من أنصار القذافي يتعاطون مع الأمر من زاوية أن الراحل شخصيته معروفة للجميع داخل ليبيا وخارجها، وأن أي حديث جديد حوله وحول نظام حكمه لن يقدم أو يؤخر شيئاً، ولذا فضّلوا التركيز على قضية تسليم أبو عجيلة».
كان الدبيبة قد قال إن «الشعب الليبي دفع ثمناً باهظاً لمغامرات إرهابية، وأن الزمن قد توقف في ليبيا عشر سنوات بسبب توريطها في عمليات إرهابية حتى أصبحنا في عيون العالم بكل أسف ننتمي لدولة الإرهاب».
ورغم توافقه وما يطرحه عدد من المراقبين بأن العلاقة بين أنصار القذافي والدبيبة لم تشهد أي توتر منذ تولّي الأخير الحكومة، يتوقع الشيباني «تضرر شعبية رئيس الحكومة بدرجةٍ ما بسبب تصريحاته بين أنصار النظام السابق»، مرجعاً تغيّر لغة الدبيبة إلى «تقلبات السياسة».
واعتبر عضو مجلس النواب الليبي صلاح أبو شلبي أن «انتقاد الدبيبة نظام القذافي وتحميله المسؤولية عن وصم ليبيا بالإرهاب، كما يزعم، ليس إلا محاولة لإيجاد مبرر منطقي لنفسه أمام الغضب الشعبي إزاء تسليم أبو عجيلة، فضلاً عن كونها قد تكون عملية إقصاء مبكرة لأحد منافسيه بالسباق الرئاسي».
وقال أبو شلبي، لـ«الشرق الأوسط»: «ربما يتعلق الأمر بمحاولة إقصاء سيف الإسلام من الترشح للرئاسة، وهو الأمر الذي قد يكون جرى بمباركة بعض الدول الغربية التي أعلنت من قبل اعتراضها على خوض القذافي الابن السباق الرئاسي».
ورأى أبو شلبي أن شعبية الشخصيات المتصدرة للمشهد السياسي كافة تتآكل، بمن في ذلك سيف الإسلام، موضحاً «نعم، ابتعاده عن صناعة القرار احتفظ له ببعض الشعبية، مقارنة بالآخرين، إلا أن اختفاءه عن الأنظار منذ إعلان ترشحه، نهاية العام الماضي، يستنزف رصيد شعبيته».
وعزا عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي أحمد الشركسي «صمت أنصار القذافي؛ وفي مقدمتهم نجله سيف الإسلام، إلى وجود تحالف بينه وبين الدبيبة»، مرجحاً «وقوف الأخير وراء تأمين حركة وتنقلات الأول بعموم البلاد».
ولفت الشركسي، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «رغم حالة الغموض التي يمارسها سيف الإسلام حول مكان إقامته وندرة ظهوره، فإنه كان من السهل عليه إصدار بيان للتنديد بخطابات الدبيبة حول والده وتلميحه بكونه نظاماً إرهابياً، والتنديد أيضاً بعملية تسليم أبو عجيلة التي أغضبت كل الليبيين». ورأى أنه «كان بإمكانه مهاجمة حكومة تُحسب على مُخرجات (ثورة فبراير) وكيف أنها سلَّمت مواطناً ليبياً دون سند قانوني، لدولة أجنبية».
ووافق رئيس مؤسسة «سلفيوم للأبحاث والدراسات» جمال شلوف مع الطرح السابق في وجود تحالف بين الدبيبة وسيف القذافي وأنصار النظام السابق، وقال: «هذا التحالف هو ما دفع هؤلاء لعدم الرد على تصريحاته لتفادي الطعن علناً به».
وأشار شلوف، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الكثير من النخب باتت تربط بين دخول كل من الدبيبة وسيف الإسلام السباق الرئاسي، وبين عرقلة إجراء الاستحقاق نهاية العام الماضي».
وشارك الباحث الليبي تعجب قطاعات كثيرة من إدانة الدبيبة نظام القذافي، موضحاً «نعم، الجميع يدرك أن الدبيبة كان يحاول إيجاد مَخرج لنفسه ولحكومته أمام الغضب الشعبي جراء عملية تسليم أبو عجيلة، لكن ما لم يتصوره أحد أن يكون هذا المخرج هو إدانة نظام كان رئيس الحكومة نفسه جزءاً منه».
ولفت شلوف إلى أن بعض فريق الدبيبة الوزاري وقيادات الصف الثاني وبعض فريق مستشاريه هم من المحسوبين أيضاً على نظام القذافي، ورأى أنهم «نفعيون استفادوا من النظام السابق وهربوا مع سقوطه، والآن يتنصلون من أية علاقة لهم به، ولا مشكلة لديهم باتهامه».
وفي معرض تعليقاتهم على خطابات الدبيبة، حرص عدد من المدونين الليبيين على نشر صور تجمع الدبيبة بكل من القذافي ونجله سيف الإسلام، في مرحلة ما قبل ثورة فبراير.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.