تضمنت تصريحات رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، خلال الأسبوع الماضي، حول عملية تسليم ضابط الاستخبارات السابق أبو عجيلة المريمي إلى الولايات المتحدة الأميركية، أكثر من إشارة حول مسؤولية نظام الراحل معمر القذافي عن «وصم ليبيا بكونها دولة حاضنة للإرهاب».
وفي حين أبدى كثيرون تعجبهم من تلك التصريحات في ظل معرفتهم بعمل الدبيبة مع نظام القذافي، تساءل آخرون عن أسباب صمت أنصار القذافي ونجله سيف الإسلام عن الرد على تلك الاتهامات.
وعزا عضو مجلس النواب الليبي جاب الله الشيباني الإجابة عن هذا الصمت إلى أسباب عدة؛ في مقدمتها «الإقرار بحق الجميع، بمن فيهم الدبيبة، بأن يقول كلمته، سواء مدحاً أو ذماً بحق نظام سابق استمر لأكثر من أربعين عاماً في الحكم».
ولم يستبعد الشيباني، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، «ظهور أصوات تندِّد بما ذكره الدبيبة، خلال الأيام المقبلة»، مشيراً إلى أن «قطاعاً كبيراً من أنصار القذافي يتعاطون مع الأمر من زاوية أن الراحل شخصيته معروفة للجميع داخل ليبيا وخارجها، وأن أي حديث جديد حوله وحول نظام حكمه لن يقدم أو يؤخر شيئاً، ولذا فضّلوا التركيز على قضية تسليم أبو عجيلة».
كان الدبيبة قد قال إن «الشعب الليبي دفع ثمناً باهظاً لمغامرات إرهابية، وأن الزمن قد توقف في ليبيا عشر سنوات بسبب توريطها في عمليات إرهابية حتى أصبحنا في عيون العالم بكل أسف ننتمي لدولة الإرهاب».
ورغم توافقه وما يطرحه عدد من المراقبين بأن العلاقة بين أنصار القذافي والدبيبة لم تشهد أي توتر منذ تولّي الأخير الحكومة، يتوقع الشيباني «تضرر شعبية رئيس الحكومة بدرجةٍ ما بسبب تصريحاته بين أنصار النظام السابق»، مرجعاً تغيّر لغة الدبيبة إلى «تقلبات السياسة».
واعتبر عضو مجلس النواب الليبي صلاح أبو شلبي أن «انتقاد الدبيبة نظام القذافي وتحميله المسؤولية عن وصم ليبيا بالإرهاب، كما يزعم، ليس إلا محاولة لإيجاد مبرر منطقي لنفسه أمام الغضب الشعبي إزاء تسليم أبو عجيلة، فضلاً عن كونها قد تكون عملية إقصاء مبكرة لأحد منافسيه بالسباق الرئاسي».
وقال أبو شلبي، لـ«الشرق الأوسط»: «ربما يتعلق الأمر بمحاولة إقصاء سيف الإسلام من الترشح للرئاسة، وهو الأمر الذي قد يكون جرى بمباركة بعض الدول الغربية التي أعلنت من قبل اعتراضها على خوض القذافي الابن السباق الرئاسي».
ورأى أبو شلبي أن شعبية الشخصيات المتصدرة للمشهد السياسي كافة تتآكل، بمن في ذلك سيف الإسلام، موضحاً «نعم، ابتعاده عن صناعة القرار احتفظ له ببعض الشعبية، مقارنة بالآخرين، إلا أن اختفاءه عن الأنظار منذ إعلان ترشحه، نهاية العام الماضي، يستنزف رصيد شعبيته».
وعزا عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي أحمد الشركسي «صمت أنصار القذافي؛ وفي مقدمتهم نجله سيف الإسلام، إلى وجود تحالف بينه وبين الدبيبة»، مرجحاً «وقوف الأخير وراء تأمين حركة وتنقلات الأول بعموم البلاد».
ولفت الشركسي، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «رغم حالة الغموض التي يمارسها سيف الإسلام حول مكان إقامته وندرة ظهوره، فإنه كان من السهل عليه إصدار بيان للتنديد بخطابات الدبيبة حول والده وتلميحه بكونه نظاماً إرهابياً، والتنديد أيضاً بعملية تسليم أبو عجيلة التي أغضبت كل الليبيين». ورأى أنه «كان بإمكانه مهاجمة حكومة تُحسب على مُخرجات (ثورة فبراير) وكيف أنها سلَّمت مواطناً ليبياً دون سند قانوني، لدولة أجنبية».
ووافق رئيس مؤسسة «سلفيوم للأبحاث والدراسات» جمال شلوف مع الطرح السابق في وجود تحالف بين الدبيبة وسيف القذافي وأنصار النظام السابق، وقال: «هذا التحالف هو ما دفع هؤلاء لعدم الرد على تصريحاته لتفادي الطعن علناً به».
وأشار شلوف، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الكثير من النخب باتت تربط بين دخول كل من الدبيبة وسيف الإسلام السباق الرئاسي، وبين عرقلة إجراء الاستحقاق نهاية العام الماضي».
وشارك الباحث الليبي تعجب قطاعات كثيرة من إدانة الدبيبة نظام القذافي، موضحاً «نعم، الجميع يدرك أن الدبيبة كان يحاول إيجاد مَخرج لنفسه ولحكومته أمام الغضب الشعبي جراء عملية تسليم أبو عجيلة، لكن ما لم يتصوره أحد أن يكون هذا المخرج هو إدانة نظام كان رئيس الحكومة نفسه جزءاً منه».
ولفت شلوف إلى أن بعض فريق الدبيبة الوزاري وقيادات الصف الثاني وبعض فريق مستشاريه هم من المحسوبين أيضاً على نظام القذافي، ورأى أنهم «نفعيون استفادوا من النظام السابق وهربوا مع سقوطه، والآن يتنصلون من أية علاقة لهم به، ولا مشكلة لديهم باتهامه».
وفي معرض تعليقاتهم على خطابات الدبيبة، حرص عدد من المدونين الليبيين على نشر صور تجمع الدبيبة بكل من القذافي ونجله سيف الإسلام، في مرحلة ما قبل ثورة فبراير.
لماذا تجاهل سيف القذافي انتقادات الدبيبة لنظام والده؟
وسط اعتقاد بوجود تحالف بين الطرفين
لماذا تجاهل سيف القذافي انتقادات الدبيبة لنظام والده؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة