الجزائر تعزز استخدام «ورقة» الطاقة لتحقيق مكاسب سياسية

محمد عرقاب (وزارة الطاقة)
محمد عرقاب (وزارة الطاقة)
TT

الجزائر تعزز استخدام «ورقة» الطاقة لتحقيق مكاسب سياسية

محمد عرقاب (وزارة الطاقة)
محمد عرقاب (وزارة الطاقة)

انخرطت الجزائر في الموقف الروسي الرافض لمسعى الاتحاد الأوروبي إلى تسقيف أسعار الغاز، مؤكدة بذلك توجهها منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا لتوظيف الغاز بقوة كورقة لربح معارك سياسية؛ حيث رفضت -مثلاً- طلب إسبانيا إمدادها بكميات إضافية من الغاز، ما لم تسحب دعمها للمغرب بشأن مقترح الحكم الذاتي في الصحراء. كما شجعتها هذه الورقة على الانضمام إلى مجموعة «بريكس».
وقال وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، أمس، بالعاصمة، بمناسبة أشغال «يوم الطاقة الجزائري الألماني» إن إجراءات الاتحاد الأوروبي حول تسقيف أسعار الغاز: «أحادية الجانب، ومن الممكن أن تزعزع استقرار السوق»؛ مشيراً -وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية- إلى أن «أسواق الغاز المفتوحة والشفافة، وغير المقيدة أو التمييزية، أصبحت أكثر من مجرد ضرورة في الوقت الحالي».
وأكد عرقاب أن بلاده «تعتبر مُورداً آمناً وموثوقاً للغاز، وما تملكه من إمكانات يؤهلها إلى أن تكون غداً مُورداً موثوقاً للكهرباء وبكفاءة عالية. فالجزائر تتوفر على قدرة إنتاج للكهرباء تزيد على 24 ألف ميغاواط، بمتوسط استهلاك 12 ألف ميغاواط، وذروة لا تتجاوز 17 ألف ميغاواط، ما يتيح لها طرح قدرة يومية تبلغ 10 آلاف ميغاواط في السوق الإقليمية من أجل التصدير»، معلناً عزم الحكومة الجزائرية «تطوير بنية تحتية واسعة للنقل الكهربائي، وشبكة مترابطة تربط الجزائر بالضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط».
وأضاف عرقاب موضحاً أن الجزائر «بصدد إطلاق دراسة تتعلق بإنشاء أنبوب الغاز (سردينيا غالسي)، بمواصفات ومعايير فنية، يمكنها التكيف مع عمليات تصدير الهيدروجين والأمونيا في المستقبل، باتجاه أوروبا عموماً، وألمانيا خصوصاً... واستعمال هذا الخط سيكون مبدئياً لتصدير الكميات الإضافية من الغاز الجزائري إلى أوروبا، وذلك لحين تأسيس وإنشاء سوق حقيقية وتنافسية للهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء». كما أكد الوزير أيضاً أن تطوير الاستثمارات في مجال الطاقة «يعتمد على أطر قانونية شفافة وغير تمييزية، مدعومة بسياسات طاقوية مالية وبيئية واضحة، في البلدان المستهلكة للغاز وبلدان العبور».
وبإعلانها رفض تسقيف أسعار الغاز، تلتحق الجزائر بالمنظور الروسي للمسعى الأوروبي. فقد حذَّرت وزارة الخارجية الروسية، أول من أمس، من «تداعيات تحديد الاتحاد الأوروبي سقفاً لأسعار الغاز»، مؤكدة أن ذلك «سيؤدي إلى زعزعة الأسواق العالمية».
وقال سفير المهام الخاصة بالوزارة، يوري سينتيورين، حسبما أوردت قناة «روسيا اليوم» الإخبارية، إن مبادرة الاتحاد الأوروبي بشأن تحديد سقف لأسعار الغاز «تتناقض مع قواعد السوق، وستؤدي إلى تدهورها»، مبرزاً أن «بحث مثل هذه المبادرات يزعزع استقرار الأسواق، ويرفع مستوى الغموض، ويزيد من عدم اليقين».
وأطلقت الجزائر على خلفية وقف الإمدادات الروسية بالغاز إلى أوروبا في بداية الحرب في أوكرانيا، مساعي لفرض نفسها «لاعباً دولياً فاعلاً في سوق الطاقة»، بغرض تحقيق مكاسب دبلوماسية. ففي أبريل (نيسان) الماضي، صرح توفيق حكار، المدير العام لشركة المحروقات الحكومية (سوناطراك)، بأنه «منذ بداية الأزمة في أوكرانيا انفجرت أسعار الغاز والبترول، وقررت الجزائر الإبقاء على الأسعار التعاقدية الملائمة نسبياً مع جميع زبائنها، غير أنه لا يُستبعد إجراء عملية مراجعة حساب للأسعار مع زبوننا الإسباني».
وجاء التصريح بعد أقل من شهر من تنديد الجزائر بتغيير مدريد موقفها من نزاع الصحراء الذي يُحدث قطيعة بين الجزائر والمغرب منذ عشرات السنين. وعُدّ كلام حكار يومها «تأديباً لإسبانيا» التي طلبت مزيداً من إمدادات الغاز الجزائري؛ لكن طلبها لقي رفضاً لأسباب سياسية، بعكس إيطاليا التي وافقت الجزائر على طلبها ضخ كميات إضافية من الغاز خارج العقود المبرمة، وعبر خط الأنبوب الرابط بين البلدين الذي يمتد إلى الأراضي السلوفينية.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»
TT

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حمّلت مصر مجدداً «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب (مصر والسودان). وقال وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، إن «التصرفات الأحادية الإثيوبية تتسبب في تخبط كبير في منظومة إدارة المياه بنظام النهر، وارتباك في منظومة إدارة السدود».

واستعرض سويلم، خلال لقائه عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج، رؤية مصر للتعامل مع قضية «سد النهضة»، وتاريخ المفاوضات، ونقاط الاختلاف مع إثيوبيا، مع «إبراز أوجه التعنت الإثيوبي خلال العملية التفاوضية، وخطورة التصرفات الإثيوبية الأحادية».

سويلم يلتقي عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج (وزارة الري المصرية)

وفشلت آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي دون التوصل لاتفاق.

وقال الوزير المصري إن «دول منابع حوض النيل تتمتع بوفرة في مواردها المائية، إذ يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالى 1600 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يصل حجم الأمطار المتساقطة على دول حوض النيل - داخل حوض نهر النيل أو غيره من الأحواض بهذه الدول - إلى حوالي 7000 مليار متر مكعب سنوياً، في وقت تصل حصة مصر من المياه إلى 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تعتمد عليها مصر بنسبة 98 في المائة لتوفير مواردها المائية».

وحذر خبراء مصريون من عدم التوصل لاتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» يضمن حقوق دولتي المصب، وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطورة عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة لا تتوقف عند ما يثيره السد من مخاوف، إذ إنه قد يتحول لسابقة تدفع دولاً أخرى من دول المصب إلى إنشاء سدود دون اتفاقيات ودون التشاور مع دولتي المصب».

وأكد شراقي أن «النهج الإثيوبي في بناء سد النهضة في كل مراحله ينطوي على قدر كبير من التخبط وعدم الوضوح، ففي الوقت الراهن مثلاً لا نعرف متى تعمل توربينات توليد الكهرباء ومتى تتوقف». وحسب شراقي، فإن «الممارسات الإثيوبية بشأن سد النهضة تعمق الخلافات بين دول حوض النيل وتتسبب في توترات».

وتحرص مصر، وفق وزير الري، على دعم جهود التنمية المستدامة في دول حوض النيل بتنفيذ «العديد من المشروعات في مجال المياه لخدمة المواطنين في هذه الدول مثل مشروعات تطهير المجاري المائية من الحشائش، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وآبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية بالمناطق النائية، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه بتكلفة إجمالية 100 مليون دولار لكافة المشروعات».

وزير الموارد المائية والري المصري يلقي كلمة عن التحديات المائية لبلاده (وزارة الري المصرية)

ويرى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب أن «استمرار السياسات الإثيوبية الأحادية يزيد مخاطر توتر العلاقات بين دول حوض النيل، ويحول قضية المياه إلى أداة للصراع، خصوصاً مع ازدياد متطلبات التنمية بالعديد من دول الحوض»، وحسب تصريحات عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «لا يمكن إدارة ملف المياه بين دول حوض النيل دون اتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

بدورها، أشارت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، إلى خلاف آخر بين مصر وإثيوبيا يتعلق بما يعرف بـ«اتفاقية عنتيبي»، وهي الاتفاقية التي أبرمت عام 2010، وتعارضها مصر والسودان، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون التوافق مع دولتي المصب.

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية أحدثت شرخاً في العلاقات بين دول المنابع والمصب، وهو ما سيؤدي إلى عرقلة أي جهود تنموية أو مشروعات مائية بدول حوض النيل، لأن الشرط الأساسي للمؤسسات الدولية المانحة هو وجود توافق وإجماع بين دول الحوض حول هذه المشروعات».

ووفق الطويل، فإن «السياسات الإثيوبية الإقليمية في مجملها تؤثر سلباً على العلاقات بين دول حوض النيل».