تحذيرات من خطورة الوضع شمال لبنانhttps://aawsat.com/home/article/4042186/%D8%AA%D8%AD%D8%B0%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%86-%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B6%D8%B9-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86
أثار إطلاق النار على الشاب عبد الله عيسى في طرابلس وإصابته إصابة بليغة برصاصة في رأسه خلال خلاف على أسبقية المرور؛ استنكاراً كبيراً في مدينة طرابلس شمال لبنان. وانتشرت صور الحادث على مواقع التواصل الاجتماعي عندما توجه شاب على دراجته النارية باتجاه عبد الله عيسى الذي كان يقود سيارة «فان»، في منطقة الزاهرية بالمدينة، فأطلق النار عليه بعدما طلب منه أن يتقدم وسط زحمة السير ليفتح له الطريق، وفر سريعاً على دراجته. وعدّ النائب أشرف ريفي أن «إطلاق النار على الشاب بدمٍ بارد يسلّط الضوء على خطورة الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تحولت إلى انفلاتٍ أمني مقلق حوّل حياة أهل طرابلس إلى جحيم»، مطالباً القوى الأمنية والعسكرية بـ«بذل مزيد من الجهد لضبط الأمن كي لا نصل إلى المحظور». من جهته، رأى النائب كريم كبارة أن «الفلتان الأمني في طرابلس بلغ حداً غير مقبول خلقياً وإنسانياً، وما شهدناه اليوم أكبر مثال!». وأكد كبارة أن «مسؤولية الأجهزة الأمنية والعسكرية أساسية، والدعم لها مطلق للإمساك بالأمور والحزم من دون التساهل مع أي مرتكب… فالتراخي الأمني أو الحماية السياسية جريمة بحق طرابلس وأهلها».
تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.
وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها».
القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع
رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح».
ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى.
وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر
جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية.
وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا
تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل
محمد شقير (بيروت)
بغداد بعد دمشق... أسئلة «اليوم التالي»https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5091626-%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-%D8%A3%D8%B3%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D9%84%D9%8A
مروحيات تابعة للخارجية الأميركية ترافق الوزير أنتوني بلينكن أثناء توجهه نحو سفارة بلاده في بغداد في 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
في مساء 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، تبنت «المقاومة الإسلامية في العراق» ما يبدو أنه آخر هجوم «روتيني» على إسرائيل. بعد أسبوعين فقط هرب بشار الأسد إلى روسيا، وأعلنت فصائل مسلحة أن «سوريا حرة».
ختم الإعلان عن الهجوم المزعوم، الذي نشرته قناة «تلغرام»، سجل أنشطة «محور المقاومة» في إطار «حرب الإسناد» قبل أن يدخل اتفاق لوقف النار في لبنان حيز التنفيذ.
صباح الأربعاء 27 نوفمبر (تشرين الثاني) تحركت الفصائل السورية في ريف حلب الغربي، ودوى في بغداد إنذار سياسي، وتصاعد حراك دبلوماسي مع عواصم غربية وعربية لفهم «ما سيجري»، على وقع مزاعم متفشية في كل مكان بأن «بغداد هي الهدف التالي» بعد الأسد.
على الحدود الغربية مع سوريا تتحشد قوات عراقية بداعي «التحصين» من تسلل «عناصر مسلحة»، وربما من تمدد فكرة «انهيار النظام»، كما يحذر زعماء عراقيون. كل هذا لم يبدأ مع سقوط الأسد، بل منذ أن بدأت الفصائل السورية رحلتها الخاطفة نحو دمشق، في غضون 10 أيام.
بمراجعة الأحداث وتوقيتات المعارك في سوريا، فإن بغداد أرسلت إلى الحدود السورية وحدات من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي»، مرة واحدة على الأقل كلما سقطت مدينة في سوريا.
ومنذ 27 نوفمبر الماضي، زار الحدود العراقية - السورية قادة في الجيش و«الحشد» أكثر من 6 مرات، حتى صباح يوم الجمعة 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024.
مجمل الصورة لا يقول الكثير عن الوضع في العراق، بعد سقوط الأسد، وانكفاء طهران، وقبلهما تراجع قوة «حزب الله» اللبناني، لكن ثمة عناصر أساسية يبحث فيها صناع القرار، تشمل أسئلة عن «الحكام الجدد» في دمشق، و«مستقبل النفوذ الإيراني»، و«شكل العملية السياسية» في بغداد.
أخذت الأسئلة منحى جدياً، مع تصريحات أدلى بها المبعوث الأممي إلى العراق، محمد الحسان، بعد لقائه المرجع الديني علي السيستاني، في النجف يوم 12 ديسمبر 2024.
«أطلعتُ السيد السيستاني على لقاءات جرت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك حول العراق. الأوضاع في المنطقة صعبة ومتغيرة ومتسارعة (...) العراق يحتاج إلى قرارات جريئة وعاجلة ونحن نقول، خير البر عاجله، ونشجع أصحاب القرار على اتخاذ القرارات المطلوب اتخاذها، والتي بعضها طال أمدها، لهذا البلد من مصالحة وتصالح».
سألت «الشرق الأوسط» ممثلي 6 أحزاب عراقية عما فهموه من كلام الحسان؛ سمعنا تأويلات لا يمكن التحقق منها، مأسورة بنظرية المؤامرة، وصلت درجة الحديث عن «سقوط النظام السياسي»، وإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 2003، غالبيتها تخرج من بطانة أحزاب شيعية تقليدية.
كان هؤلاء يتعاطون مع أحداث متسارعة محورها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني. ففي يوم 10 ديسمبر 2024، اجتمع قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) الجنرال مايكل إريك كوريلا مع مسؤولين في قوات «قسد» الكردية في سوريا، ثم سافر إلى بغداد واجتمع بالسوداني، الذي كرر له الموقف العراقي بشأن «احترام خيارات الشعب السوري».
في اليوم التالي، سافر السوداني إلى الأردن، والتقى في عمان الملك عبد الله الثاني، هذا الأخير سافر في اليوم نفسه إلى أبوظبي للقاء رئيس الدولة، محمد بن زايد.
وبينما عاد السوداني إلى بغداد، تلقى اتصالاً من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واستقبل في اليوم نفسه وفداً من الخارجية الأميركية، بينما كان وزير الدفاع الألماني يتنقل بين بغداد وأربيل في زيارة رسمية.
ما كان يُسمع في بغداد وعمان، هو «ضبط الحدود» مع سوريا. ملخص الاتصالات الدولية التي شملت لاحقاً الرئيس الأميركي جو بايدن، ومستشاره جاك سوليفان، ووزير الخارجية البريطاني، أفادت بأن العالم «حريص على تقوية الأمن لدى جيران سوريا» الجديدة.
لكن مم يخاف قادة الأحزاب الشيعية في بغداد؟
لم تقدم 6 شخصيات عراقية ضالعة في صناعة القرار العراقي، ومقربون منهم، أي تصور متماسك عن عراق ما بعد الأسد، ولا حتى كيف يمكن أن يستجيبوا لضغوط إقليمية هائلة.
ليس من المبالغة وصف الحالة السائدة بأنها الأكثر اهتزازاً منذ سنوات في العراق، على ما يقول مستشار حكومي سابق. مع ذلك، ثمة عناصر أساسية تشكل الأسئلة والمخاوف العراقية من الحالة السورية.
حرب عقائد... وخصوم محليون
تقول شخصية شيعية متنفذة لـ«الشرق الأوسط» إن «المخاوف متبادلة. في سوريا من اندفاع جماعات عراقية قلقة من النظام الجديد؛ وفي العراق من شرارة في (السيدة زينب) بدمشق قد تشعل العراق، والمنطقة».
وفقاً لهذه الشخصية، فإن الأسد كان قد منح طهران وصاية كاملة بصلاحيات أمنية مفتوحة على المرقد. الآن انتهت هذه الصيغة، و«الجميع خائف».
وتضيف: «مع ذلك، نسمع تطمينات دولية من أن مسار الأمور لن ينقلب في دمشق بسرعة، كما سقط الأسد».
منذ أن فر الأسد إلى موسكو تحمس الشارع الشيعي العراقي لفكرة أن الأضرحة الشيعية في سوريا «باتت دون حماية». تغذت هذه الحماسة بسيل من منشورات غزت مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن دبلوماسيين عراقيين أطلعا «الشرق الأوسط» على اتصالات مع فاعلين إقليميين بشأن «ضمانات عدم الوصول إلى سيناريو قد يشعل حرباً في المنطقة، مدعومة بسلوك منضبط للفصائل السورية حتى الآن». يقول أحدهما: «الضمانات قد تكسر بخطأ مقصود، أو غير مقصود».
كل من تحدثنا إليهم كانوا يعتقدون أن «الحكومة التي نأت بنفسها عن نظام الأسد، ولم تتدخل لتغيير مصيره، لا تحلم اليوم بأن ينهار كل شيء وتفقد السيطرة على الفصائل الشيعية»، التي يبدو أنها الأقل ضجيجاً هذه الأيام.
ثمة خوف آخر يصدره قادة أحزاب شيعية في بغداد، من خصوم محليين من السنة والكرد، قد يفكرون باقتناص هذه اللحظة النادرة؛ حيث الفاعل الإيراني ينكفئ على نحو غير مسبوق، رغم أن البعض يسمي هذا الانكفاء «انسحاباً تكتيكياً».
يقول مستشار سياسي، وعضو في حزب شيعي، إن «هروب الأسد أشعل فرضيات عن مسارين يشكلان أكبر مخاوف القوى الشيعية الحليفة لإيران، أن تتحرك القوى السنية لاستغلال اللحظة في تغيير ميزان القوى، بدافع التمرد على تعاقد سياسي مع الأخ الأكبر الذي جفت أصوله في دمشق وبيروت».
يفيد المسار الثاني، وفقاً لهاتين الشخصيتين، أن «السوداني نفسه سيقفز من سفينة (الإطار التنسيقي) إلى عقد سياسي جديد، بورقة رابحة اسمها حماية بغداد من استمرار سقوط عواصم محور المقاومة». يقول أحدهما: «لا شيء ينفي هذه الفرضية، والسوداني بيده الآن ورقة رابحة».
لا يفصح السياسيون الشيعة عن هذه المخاوف علناً. بدلاً من ذلك يضخون في المجال العام سرديات عن «حكم المتطرفين» في سوريا الجديدة، واحتمالية تدفق آلاف المسلحين إلى العراق، وهو تكرار لكلام محسن رضائي، القيادي في «الحرس الثوري» الإيراني، أن «11 ألف عنصر في سوريا يخططون لاحتلال مدن عراقية».
كان من الغريب أن نسأل سياسيين عراقيين عن تداعيات الزلزال السوري، فترد الإجابات عن «الصراع الداخلي بين اللاعبين العراقيين، وفرصهم في الانتخابات المقبلة، انطلاقاً مما حدث في دمشق».
يتعزز الحديث عن هذين المسارين بوقائع على الأرض. إذ تسافر شخصية سياسية عراقية إلى سوريا، حاملة رسالة من السوداني. لم يتسن الحصول على تأكيد من مصدر مستقل أو حكومي عن الرسالة، لكن مطلعين أبلغوا «الشرق الأوسط» أن «مضمونها هو تعهدات عراقية بعدم التأثير على مسار الحكم الجديد، بينما ثمة طلب ملح للمزيد من الضمانات بشأن وضع الشيعة في سوريا».
لم يكن التعاطي الإيجابي مع الفصائل السورية هو موقف الحكومة منذ البداية. تقول مصادر موثوقة إن القرار بشأن سوريا لم يكن بيد السوداني، إذ إن التعاقد السياسي على تشكيل الحكومة قضى بأن الملفات الاستراتيجية هي من اختصاص «الإطار التنسيقي»، تضيف: «في البداية، قرروا الدفاع عن الأسد. أرسلوا بالفعل مجموعات من فصائل شيعية إلى سوريا».
لم تتماه الحكومة العراقية مع الفصائل السورية إلا بعد أن تعرضت أرتال مدرعة لنقل المسلحين الشيعة لقصف جوي داخل الأراضي السورية، كما أن انهيار الجيش السوري وتأخر المبادرة الإيرانية حررا السوداني، والخطاب العام في العراق إلى حد ما، من التعاقد السياسي المبرم سلفاً مع تحالف «الإطار التنسيقي».
بغداد اليوم التالي
يقول دبلوماسي غربي مقيم في بغداد، طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث علناً، إن «استقرار العراق أولوية ملحة الآن بالنسبة للمجتمع الدولي»، رغم أن «المسار الإقليمي يضغط باتجاه إنهاء جيل من الميليشيات التي أسهمت في تكريس التوتر والاضطراب».
يلمح الدبلوماسي إلى «صدام في الرؤى» حول وضع العراق الخاص بعد الأسد، ويتزامن هذا التلميح مع سؤال يصفه سياسيون عراقيون بـ«العجائبي»، في ما إذا وصل زحف سقوط العواصم في بلدان المحور إلى بغداد؟ جزء من هذا السؤال لا يستند إلى معطى متماسك.
يقول سياسي عراقي، زعم أنه اطلع على جانب من اتصالات عراقية - أميركية حول العراق، إن واشنطن فاوضت الإسرائيليين الذين يرغبون بـ«إكمال مهمة القضاء على محور المقاومة، والذي لم يبق منه سوى العراق».
تزعم فرضية «المفاوضات» أن الطرف الإسرائيلي ينظر إلى بغداد على أنها «الذخيرة الأهم لطهران، التي ستعيد من خلال مواردها المالية والسياسية المحور الذي هوى، وفر». ما يعني أن «الأمر لن يتوقف عند الأسد».
إلا أن الأميركيين، ولكبح هذه الرغبة، وضعوا «خريطة طريق بديلة للهجمات الإسرائيلية» تفضي إلى الغرض نفسه. يقول مستشار عراقي إن «نزع سلاح الفصائل، وإنهاء مصانع المسيرات، وتعديل وضع (الحشد الشعبي) بصهره داخل المؤسسة الحكومية، وانسحاب الميليشيات ومكاتبها الاقتصادية من المدن السنية، هو جوهر المسار الجديد».
يزعم هذا السياسي أن واشنطن تريد تتويج المسار المزعوم بإجراء انتخابات في العراق، في بيئة سياسية مختلفة، وتعتقد أن «إيران مجبرة الآن على تقبل الأمر الواقع».
تقول ثلاث شخصيات من «الإطار التنسيقي» إن هذا السيناريو «محض خيال»، لكنهم يعترفون بأن ما يصل بغداد من رسائل مفاده أن «قطع الجسر العراقي لنفوذ إيران مفروض الآن».
يصعب تخيل كيف يمكن تنفيذ هذا السيناريو، وأن يجري تحييد مجموعات تضخمت في العراق، وتكرست بنيوياً في المؤسسات الحكومية.
يرجح مستشار سياسي عراقي أن يتم هذا بالتفاوض مع الإيرانيين أنفسهم، ويقول: «من الصعب استبعاد النفوذ الإيراني بهذه السهولة. إنهم جزء من اتصالات نشطة حول المنطقة، والعراق في قلب التفاوض، ولو حدث تغيير في تركيبة المعادلة العراقية فإن طهران على الخط».
أقدار الشرق الأوسط وحظ السوداني
تطرح غرف حزبية سؤالاً يبدو بدائياً، أو أنه مأخوذ بأجواء الصدمة: «لماذا يجب أن تتعرض بغداد إلى ضربات (مثلاً) وهي التي نأت بنفسها عن حرب الإسناد، ولم تقدم الدعم لمنع سقوط الأسد؟». سؤال يضمر البحث عن مكافأة الإعفاء من تكاليف اليوم التالي للحرب.
لا يبدو أن هذا هو السياق الإقليمي، إذ تؤشره أحداث متتالية تفضي إلى أن تغييراً في العراق مطلوب إقليمياً، حتى لا يجد نفسه أمام خيارات صعبة.
يقول الدبلوماسي الغربي لـ«الشرق الأوسط»، إن «المنطقة تغيرت (...) الأمر لا يحتاج إلى الكثير لفهم أن المنطقة تغيرت وعلى اللاعبين التعايش».
للمرة الأولي منذ 2003، وإذا استثنينا التحدي الوجودي الذي شكله «داعش» عام 2014، فإن القوى الشيعية العراقية تواجه حصاراً من ضغوط مركبة، ما يجعلها أمام اختبار سياسي في الطريقة التي تختارها للتكيف.
أظهر الإعلام الأميركي أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن لم يرتد سترة واقية من الرصاص حين نزل في بغداد، في نهار 13 ديسمبر، كما فعل في آخر زيارة قام بها للعاصمة العراقية منتصف ليلة 5 نوفمبر 2023. لم ينس الوزير المنتهية ولايته تفسير النزول في المطار بهذه الطريقة المريحة: «أحد الأشياء التي أخبرتُ بها السوداني كانت مدى روعة السفر بالطائرة من المطار، حيث يمكن رؤية حيوية المدينة».
بعد هذا التندر الأميركي المفرط بالعراق، لخص بلينكن المفيد في بيانه الصحافي قبل أن يصل إلى العقبة في الأردن للاجتماع مع وزراء خارجية جيران سوريا: «هذه هي اللحظة المناسبة للعراق لتعزيز سيادته وأمنه».
أكبر المخاوف العراقية من تطمينات بلينكن أنها كلمات دبلوماسي يقضي شهره الأخير في المنصب، قبل أن تأتي حكومة أميركية جمهورية بتعهدات مسبقة بالضغط الأقصى على إيران، والعراق آخر ما تبقى لها نظرياً.
يتفق سياسيون عراقيون على قناعة بأن «شيئاً ما سيحصل»، لكنهم يختلفون حول حقيقته. لا يفعلون شيئاً هذه الأيام سوى التنبؤ؛ هل هناك ضربة إسرائيلية وشيكة، أم أن واشنطن تريد حماية العراق بصفقة جديدة، ثمنها تحجيم النفوذ الإيراني؟
ويضخ مقربون من السوداني، هذه الأيام، تطمينات باستبعاد الضربات العسكرية، لكنهم في المقابل يمهدون لتغييرات سياسية «ملزمة» تخفف من وطأة اليوم الأول لرونالد ترمب في البيت الأبيض، وفي هذه السردية ألغام جاهزة للانفجار ينصبها خصوم السوداني، في بغداد وطهران، إذ يرون الحظ وأقدار الشرق الأوسط تساق إليه أكثر مما ينبغي، ومن هنا يخشى الجميع المفاجآت.