وزراء خارجية أردنيون سابقون لـ {الشرق الأوسط}: الأمة خسرت مدافعًا عن قضاياها

ناصر جودة: بوفاة الفيصل فقدنا دبلوماسيا لامعا معطاء مثقفا * المصري: الفيصل لعب دورا في قرار وقف الحرب الإيرانية العراقية

وزراء خارجية أردنيون سابقون لـ {الشرق الأوسط}: الأمة خسرت مدافعًا عن قضاياها
TT

وزراء خارجية أردنيون سابقون لـ {الشرق الأوسط}: الأمة خسرت مدافعًا عن قضاياها

وزراء خارجية أردنيون سابقون لـ {الشرق الأوسط}: الأمة خسرت مدافعًا عن قضاياها

وصف نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، الأمير الراحل سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي السابق، بأنه صاحب الدبلوماسية الهادئة، فيما أكد وزراء خارجية أردنيون سابقون أن الأمة العربية فقدت مدافعا فذا عن قضاياها بوفاة الأمير فيصل.
وقال جودة إن العالم بشكل عام والأمتين العربية والإسلامية بشكل خاص فقدوا بوفاة الفيصل دبلوماسيا لامعا معطاء مثقفا قضى حياته متفانيا في خدمة قضايا أمته، ومدافعا صلبا عن حقوقها في المحافل الدولية والإقليمية عبر أربعة عقود من الحضور المميز كوزير للخارجية السعودية.
وأضاف: «على مدى أربعين عاما كان الأمير سعود الفيصل يمثل كل الصفات العربية الحميدة وكان بأسلوبه الحضاري جدا في التعامل مع قادة الدول ووزراء خارجيتها يعالج كثيرا من القضايا السياسية المعقدة بأسلوب سلس ودبلوماسية هادئة تنم عن خبرة طويلة وحكمة وعن معرفة ودراية».
ولفت جودة إلى حضور الأمير سعود الفيصل المميز في المحافل الدولية، مشيرا إلى أن كلماته كانت دائما منتقاة ودقيقة.
من جانبه قال وزير الخارجية الأردني، السابق طاهر المصري (الذي شغل أيضا منصب رئيس الوزراء) إن الأمير الفيصل من أعلام السياسة الخارجية في العالم أجمع، وإن تمرسه بالعمل الدبلوماسي والعلاقات الدولية ودماثة خلقة وثقافته وأيضا تمثيله لبلد مهم في العالم جعلت له هذا الوضع المميز. وأضاف المصري لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تزاملت معه لمدة ست سنوات كوزيرين للخارجية وفي أوقات وظروف صعبة وهي الحرب الإيرانية العراقية وما تلاها وكانت فترة حرجة على الخليج العربي وعلى العراق بالتحديد وفي العلاقات الدولية».
وتابع المصري «كنا نتحرك سوية ضمن مظلة الجامعة العربية لدعم العراق ووقف الاعتداءات الإيرانية في ذلك الوقت وكان الهاجس الأكبر في الخليج العربي ولأمتنا العربية هو ما طرحته الثورة الإيرانية من مبدأ تصدير الثورة، وأخذ هذا المبدأ مناحي خطيرة جعلت الأمير سعود الفيصل والدبلوماسية العربية بشكل عام تتحرك باستمرار لشرح أهداف هذه الحرب».
وقال المصري «كان سعود الفيصل واضحا وجريئا في إظهار مواقفه ولكن من دون استفزاز وكانت كلمته أي كلمة المملكة العربية السعودية مسموعة في المنابر العربية والدولية». وقال المصري «كنا نحن الثلاثة، الأمير سعود الفيصل والشيخ صباح الأحمد (وزير خارجية الكويت آنذاك) وأنا، نذهب إلى بغداد باستمرار للتعامل مع الحرب الإيرانية العراقية وكان اعتدال الفيصل ومنطقه يقنع القيادة العراقية آنذاك بوجهة نظرنا التي كانت في بعض الأحيان تختلف مع الموقف العراقي».
ويتابع المصري «أتذكر وبعد طلب الخميني وقف إطلاق النار وقوله إنه تجرع السم بهذا القرار.. اتخذ مجلس الأمن قرارا بإنهاء الحرب وضرورة اتخاذ إجراءات معينة تتعلق بإجراء مفاوضات لاستكمال وقف إطلاق النار، والوصول إلى تفاهمات بين البلدين، ولكن العراق رفض هذا القرار إلا إذا تم تطبيق كافة بنوده. ذهبنا ثلاثتنا إلى بغداد للقاء الرئيس صدام حسين وكان طارق عزيز وزير الخارجية موجودا في نيويورك ويرفض مقابلة الأمين العام للأمم المتحدة بناء على أوامر من صدام، وهذا الرفض خلق أزمة شديدة بين العراق ومجلس الأمن، وقبل الدخول على صدام، رافقنا سعدون حمادي الذي كان وزير دولة للشؤون الخارجية وطلب منا إقناع صدام بتغيير موقفه من القرار، حتى يتمكن طارق عزيز من لقاء الأمين العام للأمم المتحدة، وفعلا أذكر أننا ناقشنا الموضوع مع صدام وباعتبار الفيصل العميد، فكان هو المتحدث الرئيسي واستطعنا إقناع صدام بتغيير موقفه وتم إنهاء آثار الحرب الإيرانية العراقية منذ تلك اللحظة وتم الحوار بين طارق عزيز والأمين العام للأمم المتحدة آنذاك وهو ديكويلار». واتصل الأمين العام بنا نحن الثلاثة وشكرنا على ما حصل.
وقال المصري «وفاة سعود الفيصل بما يمثله من فكر مستنير وأدب وثقافة ودبلوماسية خسارة ليس للسعودية فحسب ولكن للعرب جميعا». وأوضح المصري أن سياسة والده الملك فيصل بن عبد العزيز تجاه فلسطين كانت في صلب أفكاره ومعتقداته ودافع عنها وعن القدس دفاع الأبطال في كل المحافل الدولية.
وقال وزير الخارجية الأردني السابق الدكتور صلاح البشير «لقد فقدنا في العالم العربي كما فقدت الدبلوماسية العالمية عميدها بوفاة الأمير سعود الفيصل». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن وفاة الأمير الفيصل هي خسارة لنا في الأردن وخسارة لأمتنا العربية بل للعالم أجمع لما كان يمثله الفيصل من حضور سياسي واطلاع كبير في مجال العلاقات الدولية. ويتحدث الدكتور البشير عن صفات الأمير سعود الفيصل وخلقه ولطفه الشخصي في التعامل وسعة اطلاعه وأفقه الواسع: «فهو دائما كان واضح الموقف.. لكنه لا يحتمل أي مهادنة في القضايا العربية».
وتابع: «كان للأمير سعود الفيصل حضور سياسي مهم في كل المحافل الدولية وفي كل اجتماعات الجامعة العربية أو الأمم المتحدة، ونحن وزراء الخارجية العرب كنا نتعلم من خبرته الشخصية في الدبلوماسية العالمية والعربية وكان الأمير الفيصل يدعم وزراء الخارجية العرب في عملهم وخاصة الجدد فكان الأخ الكبير ومصدر الدعم والخبرة في العلاقات الدولية».
ويقول البشير كان الأمير سعود الفيصل من خيرة الدبلوماسيين العرب الذين عملوا لمصلحة القضايا العربية وقضيتنا المركزية فلسطين، وشدد البشير على أن الأمير سعود الفيصل كان دائما صاحب الموقف السليم. وحرص وزير الخارجية الأردني السابق د. مروان المعشر نعى الفقيد الكبير الأمير سعود الفيصل بالقول: «رحمة الله على الأمير سعود الفيصل. كان زميلا وصديقا عملنا معا على ملفات عدة، ولي معه ذكريات جميلة. تغمده الله بواسع غفرانه».



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».