تباينت آراء سياسيين ليبيين حول «الجهة الرابحة»، أو الشخص المستفيد بشكل أكبر من تجميد المباحثات بين رئيسي مجلسي النواب و«الدولة»، عقيلة صالح وخالد المشري، وتوقف لجنة «المسار الدستوري» إثر إقرار مجلس النواب قانون المحكمة الدستورية العليا، منتصف الأسبوع الماضي.
ورأى سياسيون، تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، يبقى «الرابح الأكبر» من تعطّل مباحثات المجلسين، غير أن رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي»، أسعد زهيو، أكد أن المشري وصالح وأعضاء مجلسيهما هم أيضاً ضمن قائمة المستفيدين من هذا التعطل.
وأشار إلى أن خلاف صالح والمشري حول قانون المحكمة الدستورية العليا «قدم تبرئة لساحة الدبيبة أمام الجميع داخلياً وخارجياً من الاتهامات، التي لاحقته منذ أن أعلنا تقاربهما الأخير بالمغرب في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وكيف أنه يسعى لإفشال مسار التفاوض بينهما».
ولفت زهيو إلى أن «غالبية الليبيين كانت تساورهم شكوك حول صمود التوافق بين المجلسين لأمد طويل، وهذا لا يعود فقط لفشل جولات والتفاوض كافة، التي جرت بينهما في السنوات الماضية، وإنما بالنظر إلى أن أي تحرك إيجابي باتجاه إجراء الانتخابات سيعني إزاحتهما عن السلطة، قبل إزاحة خصمهما المشترك، وهو الدبيبة». وتوقع أن يحاول الدبيبة تعظيم مكاسبه مستقبلاً، منوهاً في هذا الخصوص باستقباله أخيراً وفداً من مشايخ وأعيان المنطقة الشرقية، «وهي الرسالة التي حرص على إرسالها للمجتمع الدولي، والتي تفيد بأن ليبيا بها حكومة واحدة منفتحة، وتقدم خدمات للأقاليم كافة».
ورغم تفهمه ما يطرح حول استفادة مجلسه و«الأعلى للدولة» من تعليق المشاورات، والإبقاء على الوضع الراهن، رفض عضو مجلس النواب، المبروك الخطابي، تعميم الاتهام بأن كل الشخصيات بالمجلسين، أو بأية أجسام أخرى بالمشهد السياسي، مثل المجلس الرئاسي وشاغلي المناصب السيادية، وحتى قيادات التشكيلات المسلحة «راضون بالفعل عن الوضع الراهن».
وعلى الرغم من اتهامه حكومة الدبيبة بمحاولة إفشال التقارب بين المجلسين، وأنها المستفيد الأول من هذا التجميد الجزئي للمشاورات بينهما، فإن الخطابي انتقد رد فعل «الأعلى للدولة» بشأن إقرار قانون المحكمة الدستورية. وقال بهذا الخصوص إن القرار «غير موفق ومبالغ به، والأمر لم يكن يستوجب تلك الحدة، لدرجة تعليق المشاورات على مستوى الرئاسة وأعمال اللجنة المشتركة للمسار الدستوري، المكونة من وفدي المجلسين».
وأضاف أن تلك اللجنة «كان من المفترض أن تدشن حالياً جولة جديدة من المفاوضات حول المسارات الثلاثة، التي تم التوافق عليها بالمغرب، وهي تسمية المناصب السيادية، وتوحيد السلطة التنفيذية، وإنتاج القاعدة الدستورية... ولم تكن قضية إنشاء المحكمة الدستورية حينذاك ستبدو كبيرة، وكان من المرجح أن تُجرى مراجعات».
ورأى الخطابي أن الأجسام الموجودة كافة «تواصل حصد الخسائر بشأن شعبيتها، بينما تواصل أطراف ودول غربية استفادتها من استمرار الانقسام والفوضى ببلادنا بما يخدم مصالحها»، مؤكداً أن «هذه الأطراف معروفة للجميع، وتباهت أخيراً بإيقافها تقدم حكومة فتحي باشاغا نحو طرابلس، ولطالما كان تضارب المصالح الإقليمية والدولية وراء فشل أي توافق ليبي - ليبي».
ولم يبتعد رئيس الهيئة العليا لـ«قوى التحالف الوطنية»، توفيق الشهيبي، كثيراً عن الآراء السابقة، حيث توقع أن «يسارع الدبيبة لاستغلال الظرف الراهن بتجديد اتصالاته بشكل أو بآخر مع المشري». وقال إن «المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق المشري وصالح، اللذين يقتربان حيناً ويعلنان التوافق، ثم يختلفان مجدداً حول أي مشكلة».
في المقابل، اختلف وكيل وزارة الخارجية السابق، السفير حسن الصغير، مع الآراء السابقة كافة، وقلل إلى حد كبير مما طرح عن اهتمام الدبيبة بالتوافق بين المجلسين من عدمه، قائلاً: «إن تجميد المشاورات قد يكون مفيداً للدبيبة، لكنه يعول على التوصل أولاً لاتفاق مع القيادة العامة للجيش الوطني لإجراء تعديل وزاري على حكومته، لتكون هناك حكومة موحدة تحظى بتوافق، وفيما بعد يتم النظر لقضية الانتخابات».
أما عضو «المؤتمر الوطني العام» (المنتهية ولايته)، عبد المنعم اليسير، فأكد من جانبه أن الدبيبة «يعول على الدعم التركي له، كونها (تركيا) باتت المتحكم الأبرز بالمنطقة الغربية». لكنه وخلافاً للآراء السابقة، شكك في «وجود خلاف بين الدبيبة والمشري المحسوب على تنظيم الإخوان»، وقال إن «الإخفاق المتكرر في التوافق بين المجلسين يظهرهما جسمين فاشلين أمام المجتمع الدولي، وبالتالي لا يجد الأخير أمامه في التوقيت الراهن أي خيار سوى الدبيبة».
مَن الأطراف الليبية المستفيدة من تعطّل المسار السياسي؟
(تقرير إخباري)
مَن الأطراف الليبية المستفيدة من تعطّل المسار السياسي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة