الثقافة السعودية تقيم معرضاً للتعريف بفن العرضة

جناح للتعريف بطريقة صنع العقال المقصب
جناح للتعريف بطريقة صنع العقال المقصب
TT

الثقافة السعودية تقيم معرضاً للتعريف بفن العرضة

جناح للتعريف بطريقة صنع العقال المقصب
جناح للتعريف بطريقة صنع العقال المقصب

دشنت وزارة الثقافة السعودية معرضاً خاصاً في العرضة السعودية بساحة الصفاة بجانب قصر المصمك التاريخي في مدينة الرياض أمس (الاثنين)، الذي سيقدم على مدى 6 أيام أنشطة وفعاليات متنوعة تحتفي بواحد من عناصر التراث الثقافي السعودي، وتُبرز قيمته الثقافية، ومدى ارتباطه بالهوية الوطنية.
ويسعى المعرض إلى تقديم تجربةٍ نوعية وثرية للزائرين بمحتوى تاريخي غنيّ، وفي قالب بصري مستمد من الطبيعة الصحراوية، متضمناً عرضاً مرئياً لعرضة حداء الخيل بالطريقة التي أدّاها الملك عبد العزيز مؤسس السعودية مع عرض للفرسان وهم على ظهور الخيول، وقصائد الحداء مع نغماتها. بالإضافة إلى عرض للعلم السعودي وتطوره خلال تاريخ الدولة السعودية، ومقولات لعددٍ من الملوك والأمراء، وقصائد في مدح راية التوحيد والتفاخر بها، إلى جانب تجسيد «عرضة الانتصار في الحرب» عبر عرض مصور.

جناح للتعريف بالأدوات التي تستخدم في العرضة

وضم المعرض شرحاً مفصلاً للأدوات والأزياء التي تستخدم في أداء العرضة منها المرودن هو ثوب فضفاض أبيض تصل أكمامه إلى ما دون الركبة، والصاية «الدقلة» وهي رداء طويل ملون ومطرز يغطي كامل الجسد والمحزم هو حزام أسود يوضع على الصدر، ويوضع فيه الرصاص الخاص بالبنادق والجنبية هو حزام يلف على الوسط ويوضع فيه الخنجر.
كما تضمن المعرض شرحاً لعناصر العرضة وهم الملقن وهو الذي يلقي القصيدة المغناة على المشاركين، ويتولى نقلهم من بيت القصيدة للبيت الذي يليه، والعارضون بالسيوف وهم من يلعبون بسيوفهم في صفوف عن طريق حركات منتظمة، وحامل البيرق: هو من يحمل البيرق «علم أخضر»، يبلغ متوسط طوله 3 أمتار، بيده اليسرى ويضع طرفه الأخير على عنقه، ويشارك في صفوف العارضين بالسيوف. بالإضافة إلى قارعي الطبول الكبيرة «طبول التخمير» الذين يكون موقعهم ثابتا في الصف الخلفي، ويرددون البيت الأول من القصيدة لبداية العرض وقارعي الطبول الصغيرة «طبول التثليث» الذين يكون موقعهم ثابتا في الأمام، ويشرعون بالقرع على طبولهم بعد قرعات الطبول الكبيرة الأولى. ويمكنهم المشاركة في اللعب وسط ميدان العرضة.

عرض مرئي للعرضة

ويشتمل المعرض على جناح «العرضة في عهد الملوك»، الذي يتضمن عرضاً مصوراً لملوك المملكة أثناء تأديتهم لها، والأزياء التي ارتداها الملوك لهذه المناسبات، وسيوفهم المستخدمة فيها، وعدة صور منها.
ويحتوي المعرض على «معهد فرسان العرضة» الذي سيتم من خلاله تعليم جميع الفئات العمرية عبر مدربين محترفين ومعتمدين على أداء العرضة السعودية وطريقة ارتداء أزيائها وأشهر قصائدها، بالإضافة إلى توزيع أدوارهم وشرح الأدوار الموجودة فيها.

جانب من العرضة السعودية

ويضم المعرض جناح «العرضة عالمياً» الذي يتكون من صور متنوعة لعدد من رؤساء دول العالم والدبلوماسيين البارزين لحظة أدائهم للعرضة السعودية؛ منهم الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولاي ساركوزي، والرئيس الأميركي دونالد ترمب، والملك البريطاني تشارلز الثالث.
ويوجد أيضاً جناح «حرفيي العرضة» الذي يُعرِّف بصناعة أزياء العرضة، والعقال المقصب، متضمناً أسماء صانعيها، بالإضافة إلى سينما العرضة، ومنطقة التصوير، والمقهى، ومعرض التذكارات، وعرض حي لفرقة الدرعية للعرضة السعودية.
وتهدف وزارة الثقافة من فعالية العرضة السعودية إلى التعريف بها كفنٍ سعودي أصيل، ولتعزيز المعرفة، وتصحيح المفاهيم المرتبطة بها، إضافة للاحتفاء بها باعتبارها تراثاً ثقافياً عالمياً غير مادّي مسجلاً لدى اليونسكو منذ 2015.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«كويبُوكا»… يذكّر بحروب الإبادة في رواندا

نال الفيلم إشادات عدة خلال عرضه في مهرجان البحر الأحمر (الشركة المنتجة)
نال الفيلم إشادات عدة خلال عرضه في مهرجان البحر الأحمر (الشركة المنتجة)
TT

«كويبُوكا»… يذكّر بحروب الإبادة في رواندا

نال الفيلم إشادات عدة خلال عرضه في مهرجان البحر الأحمر (الشركة المنتجة)
نال الفيلم إشادات عدة خلال عرضه في مهرجان البحر الأحمر (الشركة المنتجة)

في فيلمه «كويبُوكا، تذكَّر»، الذي شارك في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، يعود المخرج البلجيكي–الرواندي جوناس داديِسكي إلى موطنه رواندا لا بوصفها مسرحاً لمأساة تاريخية فحسب، بل إنه فضاء حيّ يعيد طرح أسئلة الذاكرة، والهوية، والانتماء من منظور جيلٍ عاش الإبادة الجماعية من بعيد، لكنه ظل يحمل آثارها في داخله.

تدور أحداث الفيلم حول «ليا»، لاعبة كرة سلّة بلجيكية–رواندية، تواجه نهاية مسيرتها الاحترافية في أوروبا، قبل أن تتلقى دعوة غير متوقعة للانضمام إلى منتخب رواندا الوطني، والمشاركة في بطولة تُقام في كيغالي. الرحلة التي تبدو في ظاهرها رياضية بحتة، تتحول تدريجياً إلى مواجهة داخلية مع الذاكرة، والمنفى، وصمت العائلة، وهوية ممزقة بين مكانين وزمنين.

يقول داديِسكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الدافع الأساسي لصناعة الفيلم كان رغبتي الشخصية في إعادة الاتصال برواندا، البلد الذي أنتمي إليه عبر والدي، رغم أنه وُلد ونشأ في بلجيكا»، مشيراً إلى أنه لم يُرِد العودة بصفة أنه سائح، بل من خلال مشروع يتيح له خوض تجربة إنسانية حقيقية مع الناس هناك، وهو ما تحقق عبر الفيلم، الذي أعاده مراراً إلى رواندا، وفتح أمامه علاقات، واكتشافات غيّرت نظرته إلى البلد، وإلى نفسه.

صور الفيلم بالعديد من المواقع الحقيقية داخل رواندا (الشركة المنتجة)

ويوضح أن شخصية «ليا»، بطلة الفيلم، جاءت انعكاساً جزئياً لتجربته الذاتية، فهي تنتمي إلى الجيل نفسه، وتحمل الهوية المختلطة ذاتها، وتعود إلى رواندا ليس بدافع الحنين، بل عبر مهمة محددة، وهي الانضمام إلى منتخب كرة السلة الوطني. ومع ذلك، فإن هذه العودة تفتح أسئلة مؤجلة حول العائلة، والماضي، والإبادة الجماعية.

وأكد أن الفيلم انطلق من الشخصية أولاً، لكن استحالة فصل العودة إلى رواندا عن تاريخها جعلت ذاكرة ما بعد الإبادة حاضرة بوصفها سياقاً لا يمكن تجاهله، مشيراً إلى أنه تعامل مع كرة السلة باعتبارها فقاعة تحتمي داخلها «ليا»، فالحياة الاحترافية القاسية سمحت لها بالتركيز على الحاضر، وتجنب مواجهة ماضيها. غير أن دعوة المنتخب الرواندي شكّلت أول شرخ في هذه الفقاعة، إذ سمحت لها بالعودة إلى البلد من دون أن تكون مطالبة فوراً بمواجهة أسئلتها العائلية.

ولفت إلى أن الفيلم يتعمد كسر صورة «الفيلم الرياضي الكلاسيكي»، إذ تبدأ «ليا» باعتبارها نجمة منتظرة، وقائدة للفريق، لكنها تنتهي بالتنازل عن موقعها، وإقناع المدرب بأن الفريق قادر على الفوز من دونها، في موازاة رمزية مع رواندا التي أعادت بناء نفسها بعد الإبادة.

عاد المخرج إلى رواندا عدة مرات للتحضير للفيلم (الشركة المنتجة)

وعن تجنب الميلودراما يقول داديِسكي إن «قوة الشخصية المهنية كانت عنصراً أساسياً في موازنة هشاشتها الداخلية. فالفيلم يقدّمها أولاً كلاعبة ناجحة، قبل أن يكشف تدريجياً تعقيدات ماضيها»، مؤكداً أن وعي البطلة بأنها لم تعش الإبادة بنفسها منح الشخصية تواضعاً أخلاقياً، منعها من إصدار الأحكام، وهو ما انعكس على نبرة الفيلم العامة، القائمة على الصمت، والكلمات القليلة، والانفعالات المكبوتة.

وفي تناوله للإبادة الجماعية، يوضح المخرج أنه اختار الابتعاد عن الصور المباشرة، أو الأرشيف، مفضّلاً تثبيت الفيلم في الحاضر، مشيراً إلى أن «الصمت والغياب كانا عنصرين أساسيين في السرد، قبل أن تأتي فكرة استخدام الرسوم المتحركة بوصفها وسيلة عضوية لاستعادة الذاكرة، فالبطلة لا تملك صوراً واضحة عن الماضي، بينما يحمل والدها ذكريات مؤلمة عبّر عنها عبر رسومات، وعندما تكتشف الابنة هذه الرسومات، تبدأ في إسقاط ذاكرتها المتخيلة عليها، في عملية إعادة بناء غير مكتملة، تعكس هشاشة الذاكرة، وتشوهها»، على حد تعبيره.

ويؤكد داديِسكي أن الرسوم المتحركة كانت خياراً أخلاقياً، وجمالياً، لأنها تبتعد عن إعادة تمثيل العنف، وتسمح بتجسيد الإحساس بدل الحدث، كما أنها شكّلت جسراً عاطفياً بين الأب، والابنة، وهي العلاقة التي يراها جوهر الفيلم.

وحول فكرة «العودة» إلى الوطن، يشدد على أن الفيلم لا يتعامل معها بوصفها حنيناً، لأن «ليا» لا تمتلك ذاكرة واضحة عن رواندا، فهي لا تتقن اللغة، والبلد تغيّر جذرياً، حتى ملاعب كرة السلة أصبحت أكثر تطوراً مما عرفته في أوروبا، لافتاً إلى أن وجودها في رواندا لاعبة، لا سائحة، منح السرد ديناميكية، وحوّل العودة إلى رحلة اكتشاف وبحث، لا استرجاع للماضي.

قدم الفيلم صورة عن واقع رواندا اليوم بنظرة جيل عاش خارجها (الشركة المنتجة)

ويرى المخرج أن البطلة تمثل جيلاً كاملاً من أبناء الشتات الرواندي، الذين غادروا البلاد خلال الإبادة، ونظروا إلى وطنهم لسنوات طويلة من خلال مأساة واحدة، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن الشخصية تتجاوز خصوصيتها، لتعبّر عن تجربة إنسانية أوسع، تشمل كل من عاش انكسار الهوية بسبب الحرب، أو المنفى، أو التبني القسري.

وعن التناقض بين ماضي رواندا الجريح وحاضرها النابض، يقول داديِسكي إن هذه المفارقة كانت من أقوى الصدمات التي عاشها شخصياً عند زيارته الأولى للبلد، بعدما اكتشف عاصمة حديثة، وطبيعة خلابة، وحياة يومية مليئة بالطاقة، لافتاً إلى أنه أراد نقل هذه الصورة إلى الفيلم، من دون إنكار الماضي، عبر لغة بصرية ملوّنة، وحيوية، تقابلها معالجة متقشفة وصامتة لأماكن الذاكرة، وقال إن «الفيلم يعكس قناعتي بأن الجيل الذي كان طفلاً وقت الإبادة يمتلك اليوم مسافة كافية تسمح له بمساعدة جيل الآباء على تفكيك صدماتهم».

وفي ختام حديثه، يشير داديِسكي إلى أن اسم الفيلم لا يعني التذكّر بوصفه عودة جامدة إلى الماضي، بل باعتبار أنه تفاعل حيّ بين الماضي والحاضر، معرباً عن أمله في أن يخرج المشاهد من الفيلم برغبة في مواجهة عقده الخاصة قبل فوات الأوان، وبإيمان حقيقي بإمكانية إعادة البناء، سواء على المستوى الفردي، أو الجماعي، حتى بعد أكثر التجارب الإنسانية قسوة.


«متحف قرّاء القرآن الكريم» يوثق لتاريخ التلاوة في مصر

جانب من افتتاح المتحف في العاصمة الجديدة (وزارة الثقافة المصرية)
جانب من افتتاح المتحف في العاصمة الجديدة (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«متحف قرّاء القرآن الكريم» يوثق لتاريخ التلاوة في مصر

جانب من افتتاح المتحف في العاصمة الجديدة (وزارة الثقافة المصرية)
جانب من افتتاح المتحف في العاصمة الجديدة (وزارة الثقافة المصرية)

يُوثق «متحف قرّاء القرآن الكريم» لتاريخ التلاوة والمقرئين في مصر، بوصفه مشروعاً ثقافياً يسعى إلى توثيق تراث صوتي يشكّل جزءاً مهماً من الذاكرة المصرية.

فالمتحف، الذي افتتح أخيراً، يوثّق تسجيلات كبار المقرئين في مصر إلى جوار مقتنياتهم الشخصية، ضمن سياق متحفي يعزّز قيمة التراث غير المادي المرتبط بتاريخ الاستماع للتلاوة القرآنية، وبذاكرة متجذّرة في الوجدان الجمعي، وبذلك، يصبح المتحف أقرب إلى توثيق حي لتاريخ التلاوة، لا مجرد أرشيف.

المقتنيات الشخصية للشيخ أبو العينين شعيشع في المتحف (وزارة الثقافة المصرية)

ويضم المتحف، الذي افتتح رسمياً، الثلاثاء، مقتنيات خاصة لأحد عشر من رموز مدرسة التلاوة المصرية، هم: محمد رفعت، وعبد الفتاح الشعشاعي، وطه الفشني، ومصطفى إسماعيل، ومحمود خليل الحصري، ومحمد صديق المنشاوي، وأبو العينين شعيشع، ومحمود علي البنا، وعبد الباسط عبد الصمد، ومحمد محمود الطبلاوي، وأحمد الرزيقي.

ركن القارئ مصطفى إسماعيل (وزارة الثقافة المصرية)

وتتوزع معروضات المتحف، المُلحق بدار القرآن الكريم بمركز مصر الثقافي الإسلامي بالعاصمة الجديدة (شرق القاهرة) على أربع قاعات رئيسية، ويضم مجموعة من المخطوطات والمقتنيات النادرة، من بينها إجازات الأزهر الشريف لعدد من المقرئين، إلى جانب نسخ من المصحف، من بينها نسخة من المصحف العثماني.

ويعتمد العرض المتحفي على الجمع بين المادة البصرية والتسجيلات الصوتية، بحيث لا تُعرض المقتنيات بوصفها أشياء منفصلة عن أصحابها، بل كجزء من مسار حياتهم ومسيرتهم في التلاوة.

ويعدّ الكاتب والناقد المصري الدكتور أحمد إبراهيم الشريف أن «المتحف يمثل إضافة مهمة في أكثر من اتجاه»، أبرزها أنه «لا يقدم مكاناً للعرض بقدر ما يقدّم معنى ثقافياً يعمل على تكريس هوية مصرية وذاكرة شعبية وروحانية إنسانية».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «المدرسة المصرية في قراءة القرآن الكريم ليست أداءً فقط، بل تقليد عريق تشكّل عبر أجيال، وترك بصمته على الذائقة الدينية والجمالية في العالم الإسلامي كله، ولأن القراءة هنا ارتبطت بمقامات الصوت وتقاليد الأداء والانضباط اللغوي، فقد تحولت إلى علامة ثقافية قائمة بذاتها، يلتقطها المستمع من طريقة النطق، ومن الإيقاع، ومن العلاقة المتوازنة بين الخشوع والجمال».

مقتنيات القارئ طه الفشني (وزارة الثقافة المصرية)

وتتنوع المقتنيات المعروضة داخل المتحف، من عمامات وملابس وعباءات وقفاطين وجلاليب وسبح، إلى أجهزة تسجيل صوتية قديمة، ودروع تكريم ونياشين وأوشحة ارتداها القراء في مناسبات مختلفة، كما تضم القاعات صوراً شخصية للمقرئين مع أسرهم، وصوراً لتكريماتهم، وشهادات تقدير، إلى جانب قصاصات صحافية وثّقت محطات مهمة في حياتهم، فضلاً عن وسائل حديثة تتيح للزائر الاستماع إلى تلاواتهم.

ركن الشيخ محمود خليل الحصري (وزارة الثقافة المصرية)

وكان المتحف قد افتتحه الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في إطار تعاون يهدف إلى حفظ أحد أبرز أوجه التراث الديني والثقافي المصري.

ووفق الدكتور أسامة رسلان، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، فإن افتتاح متحف قرّاء القرآن الكريم يمثل «إضافة نوعية وفريدة للمشهدين الديني والثقافي في مصر». وأوضح رسلان، خلال مداخلة تلفزيونية، أن «مدرسة التلاوة المصرية تعد علامة فارقة في تاريخ العالم الإسلامي، حيث وصلت أصوات قرائها إلى العالمية، مستشهداً بتلاوة القرآن الكريم لأول مرة داخل الكونغرس الأميركي بصوت الشيخ محمود خليل الحصري».

مقتنيات الشيخ عبد الباسط عبد الصمد (وزارة الثقافة المصرية)

ويشير الشريف إلى أن «الطابع المتحفي النوعي لهذا المشروع، يتيح حالة من التواصل الوجداني مع تلاوة القرآن الكريم، كما أن هذا النوع من المتاحف يملك قدرة خاصة على جذب جمهور واسع، بداية من محبي التلاوة، وعشاق المدرسة المصرية في القراءة، والمهتمين بتاريخ الأداء الصوتي، وحتى الزائر العادي الذي يبحث عن مساحة عرض متحفي جديدة».


جدة تُغيّر قواعد الترفيه من زرقة البحر إلى بياض الثلج وتكتب موسماً جديداً

منطقة «ونتر وندرلاند» بموسم جدة تستقبل زوارها الجمعة بطاقة استيعابية تصل إلى 15 ألف زائر يومياً (موسم جدة)
منطقة «ونتر وندرلاند» بموسم جدة تستقبل زوارها الجمعة بطاقة استيعابية تصل إلى 15 ألف زائر يومياً (موسم جدة)
TT

جدة تُغيّر قواعد الترفيه من زرقة البحر إلى بياض الثلج وتكتب موسماً جديداً

منطقة «ونتر وندرلاند» بموسم جدة تستقبل زوارها الجمعة بطاقة استيعابية تصل إلى 15 ألف زائر يومياً (موسم جدة)
منطقة «ونتر وندرلاند» بموسم جدة تستقبل زوارها الجمعة بطاقة استيعابية تصل إلى 15 ألف زائر يومياً (موسم جدة)

لم يكن الثلج يوماً ضيفاً مألوفاً على جدة، هذه المدينة التي اعتادت أن تصحو على زرقة البحر، وحكايات التاريخ في كل زواياها، ولكنها تفاجئ زائريها هذا العام ببياض ناعم يهبط من الخيال لا من السماء، مكوناً ثلوجاً تتكون ببرودة مصنوعة بعناية، لتكون تجربة فريدة ومتكاملة لزوار موسم شتاء جدة.

وتفتح المدينة العتيقة أبوابها يوم الجمعة لأضخم تجربة شتوية تشهدها على الإطلاق، ضمن فعاليات «موسم جدة 2025» في فعاليتها الجديدة «ونتر وندرلاند جدة» لتفتح الفرصة لقاطني المدينة وزوّارها لمحاكاة الشتاء من خلال استحضار طقوسه بالكامل «الجليد، الضوء، الموسيقى» لتُسجل الدهشة الأولى حين يرى الزائر الثلج في مدينة اعتادت الشمس.

ولن يكون الثلج مجرد خلفية في «ونتر وندرلاند جدة» بل بطل المشهد، إذ ينساب على الممرات، ضمن 4 مناطق رئيسية ترسم خريطة هذا الشتاء غير المتوقع متمثلة في القطب الشمالي؛ حيث الجليد المتلألئ وحلبات التزلج، إلى «توي تاون» التي تُعيد الطفولة إلى ألوانها الأولى، مروراً بـ«وايلد ونتر» المليئة بالتحدي والحركة، وصولاً إلى «فروست فير»؛ حيث يهدأ الإيقاع، وتصبح الفوانيس والموسيقى جزءاً من ذاكرة المكان.

واجهة جدة البحرية (واس)

ويتوقع أن تشهد هذه الفعاليات تدفقاً كبيراً من الزوار؛ خصوصاً أن الطاقة الاستيعابية تصل إلى 15 ألف زائر يومياً لكل المواقع التي تشمل منظومة متكاملة تضم 32 لعبة ترفيهية، و9 تجارب تفاعلية، و10 ألعاب مهارة، إلى جانب أكثر من 60 مطعماً ومتجراً، في مشهد تتداخل فيه النكهات العالمية مع دفء الاحتفال.

توفر واجهة جدة البحرية التي يقصدها السكان والزوار أجواء مميزة خاصة خلال أوقات الغروب (واس)

وتعيش مدينة جدة طفرة نوعية وبإيقاع مختلف، إذ فتحت مساحاتها للضوء والموسيقى، من خلال «موسم جدة 2025» بوصفه إطاراً جامعاً، ضم تحت مظلته طيفاً واسعاً من الفعاليات الترفيهية والثقافية والفنية، وفتح المدينة على إيقاعات متعددة، من الحفلات الغنائية الكبرى، إلى العروض المسرحية، والفعاليات العائلية التي توزعت على مواقع مختلفة من جدة، في حين تحوّلت الواجهة البحرية إلى مسرح مفتوح، احتضن مهرجانات موسيقية، وفعاليات فنية في الهواء الطلق.

كما برزت المعارض والمناسبات الكبرى، ومنها معرض الكتب، والملتقيات الثقافية، وفعاليات ريادة الأعمال، التي جعلت من جدة منصة للحوار، والفكر، والتبادل المعرفي، إلى جانب كونها وجهة للترفيه، فيما حضرت الرياضة في مساراتها المختلفة بقوة من السباقات البحرية إلى سباقات السيارات والبطولات الكروية.

وفي قلب الذاكرة، عادت جدة التاريخية (البلد) لتكون من أبرز عناوين العام، عبر موسم جدة التاريخية، وما رافقه من فعاليات ثقافية وتراثية، شملت عروض الفنون الشعبية، والأسواق التراثية، والمعارض الفنية التي أعادت الحياة إلى الأزقة والبيوت القديمة، وقدّمت التراث بوصفه تجربة معيشة.

فعاليات ثقافية وتراثية أعادت الحياة إلى الأزقة والبيوت القديمة في المنطقة التاريخية بجدة (واس)

هذا الحراك السياحي والترفيهي لا ينفصل عن حركة الوصول إلى المدينة، فقد أعلن مطار الملك عبد العزيز الدولي أن إجمالي عدد المسافرين عبر المطار بلغ منذ بداية العام حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 48 مليون مسافر، بنسبة نمو 8.9 في المائة، فيما وصل عدد الرحلات إلى 273.7 ألف رحلة، بنمو 8.2 في المائة، في مؤشرات تعكس توسعاً متسارعاً في خدمات المطار، وترسيخ مكانته بوصفه من أبرز المراكز الجوية في المنطقة والجاذبة للمدينة، فيما سجّل شهر نوفمبر وحده عدد مسافرين بلغ 4.86 مليون، محققاً نمواً بنسبة 8.6 على ما كان مسجلاً للفترة نفسها في العام الماضي.

هذه الأرقام لا تُقرأ بمعزل عن المشهد العام، فهي تعكس جاذبية المدينة التي تتحرك بثقة، وتستعد لاستقبال العالم، وتُعيد بناء علاقتها بالزائر من لحظة الوصول حتى تفاصيل التجربة، متكئة على تاريخها العتيق، فلم تكن منذ اكتشافها قبل 3 آلاف عام منعزلة عن الطرق الكبرى والمسارات الإقليمية والدولية في التجارة والفن والأدب.

جدة التاريخية... قلب الذاكرة (واس)

هكذا تبدو جدة اليوم كما كانت، مدينة تجمع بين تاريخ عميق وحاضر سياحي متجدد، ومستقبل ترفيهي يصنع مواسمه بجرأة، تعتمد فيه على الحداثة والتطوير وأفكار تناسب الشارع المحلي بكل شرائحه وفئاته، خصوصاً أن قطاع السياحة متشعب، وله أبعاد ثقافية واقتصادية على البلاد.

جدة التاريخية «البلد» محطة رئيسية لعشاق التراث (واس)

وكشف التقرير أن إجمالي عدد السياح المحليين والوافدين في 2024 وصل إلى 116 مليون سائح، بنسبة نمو بلغت 6 في المائة مقارنة بعام 2023، وبلغ إجمالي الإنفاق السياحي 284 مليار ريال، بنسبة نمو 11 في المائة مقارنة بعام 2023، فيما بلغ إنفاق السياح الوافدين من الخارج إلى (168.5) مليار ريال، وهذه الأرقام لا تقتصر على مدينة بذاتها، بل شملت كل المدن السعودية بما في ذلك المدينة العتيقة «جدة».