وداد جبور: على الأجر أن يحترم الممثل

تقول لـ«الشرق الاوسط» : التمثيل في لبنان علاقات

الممثلة وداد جبور من الجيل اللبناني المُذهّب
الممثلة وداد جبور من الجيل اللبناني المُذهّب
TT

وداد جبور: على الأجر أن يحترم الممثل

الممثلة وداد جبور من الجيل اللبناني المُذهّب
الممثلة وداد جبور من الجيل اللبناني المُذهّب

وصل إلى يد الممثلة اللبنانية وداد جبور نصّا مسلسلين فاعتذرت لسببين: الدور والأجر. منذ مدة وهي في استراحتها: «أفضّل البُعد على الاستغلال. ما عُرض، لا يسدّد ثمن وقود السيارة. أترقّب فرصاً لن ترفعني مراتبَ في الثراء، لكنها تحترمني. (شي ومنّو). يأخذون ولا يعطون. ويريدون الممثل مقابل فتات». تُخبر «الشرق الأوسط» أنّ المسافات لا تتوحّش دائماً برغبة من أصحابها.
منذ سن الرابعة عشرة، وجبور أمام الكاميرات: عشرات المسرحيات والأفلام، منها مع صباح، ودريد لحام، وسميرة توفيق، وفريد شوقي... وما يزيد على مائة مسلسل. يسرّها انتماؤها لزمن لم تعد سوى قلة تتشبّث به. حين يكون السؤال: ألا يترك الغياب فراغاته ويُحدِث نقصاً أليماً؟ تجيب بـ«بلى»، مُلحقة بتعقيب: «أفتقد الشاشة ويُشعل فراقها جمري، لكن راحتي تصبح الأهم. الأجر المحترم لن يُغني الممثل، إنما ذلك لا يعني جرّه إلى العمل بإذلال».
التحقت بسحر الألوان وهي تزجّ تلفزيون الأسود والأبيض بصفحات الماضي. تحطّ كاستراحة طير على غصن بداياتها، لتكمل بما يبدو أنه منحها شيئاً من الرضا: «أدّيتُ كل الأدوار في الكوميديا والدراما. لم تكن مسيرة سهلة. تجاوزتُ الصعاب بحُب التمثيل واعتباره بعضي».
هل يكتفي الفنان؟ أيبلغ لحظة الإشباع من شغفه؟ تُدلي بالجواب المُتوقع: «الاكتفاء مُحال». التجارب تلقّن القسوة: «بتُ أضع صحتي فوق الاعتبارات. عقود من العطاء، وفي النهاية يُعامَل الممثل بازدراء مادي ويُحال على الغياب. أدعو بالتوفيق للجميع، مع رجاء بأن يبذلوا تعباً بذلناه ويقدّموا للمهنة ما قدّمناه». تتمهّل أمام المقارنات، فمَن يشهد على الأمس يُصاب بلوعة اليوم: «لم تكن المسلسلات تُستنسخ عن التركي، وبلغت غير مستويات. كتّابنا صدّروا قصصهم إلى الخارج، وصنعوا للدراما بديع المحطات». إذن، أهي أزمة كتّاب؟ «بل أزمة كل شيء. ما يسرّ هو النادر. في لبنان، منتجان أساسيان: صادق الصبّاح حَسَن المعاملة، وجمال سنان؛ يجدان قصصاً يمكن تصويرها. بالنسبة إليّ، المعضلة في شبكة العلاقات».
تُفسّر قصدها، رداً على سؤال: «لِمَ لا يرسخ اسمكِ في ركائز أعمال المنتجَيْن؟ ألا تخطرين على البال كلما تطلّب السياق فنانة من جيل مُذهّب؟»: «هنا، يعتادون على انتقاء الأسماء وفق منطق (الشلل). نسمّيها باللغة المحكية، (بوطة). الوجوه نفسها تتكرر؛ لأنّ العادة درجت على انتقاء فلان أو فلانة. أحدهم قال لي: حين أقرأ أنّ المسلسل من كتابة هذا الاسم؛ أدرك على الفور مَن هم الممثلون حتى قبل العرض، ولا أُخطئ».
تصل إلى قناعة تصون الكرامة: «البقاء في المنزل إلى حين يتفضّل الدور المناسب مع الأجر المناسب بطرق الباب. لن أركض للالتحاق بالشلّة. يصبح التمثيل علاقات ومجموعة أصحاب، ووجوهاً تتكرر. المطلوب تكثيف الاتصالات وإتقان اختيار مفردات الإطراء. أنا حاسمة، لا أتصل بمَن لا يجمعني به عملٌ مُتفق عليه».
منذ نجاحات «بنات عماتي وبنتي وأنا» و«عيلة عَ فرد ميلة»، وغيرهما... ووداد جبور جزء من الذاكرة الكوميدية الجميلة. بدورها، تُقدّم حب الكوميديا على الدراما، وإن أجادت التمرّس بالحقلين. تمنح ملامحها شعوراً باختزانها «شخصية متسلّطة» تسيطر على باقي الأدوار. أهذه أنتِ، أم أنه احتراف التمثيل؟ لا تحبّذ تعداد المزايا، لكنها العكس مما يبدو. تتلقّى الدور، فتُغادر شخصيتها من أجله: «أنا في الواقع امرأة تميل إلى الحنان وتمقت الجفاء. حين أمثّل، أسلخ وداد عني. أنساها وأفكّر بما ينتظرني على الورق. أذكر كم بكيتُ في الكواليس لتقديمي أدواراً لا تشبهني. مع الوقت، أدركتُ أنها المهنة، فهوّنتُ عليّ».
تقرّ بما هو معلوم، إلا على المدّعين والدخلاء: «نعم، إضحاك الناس صعب، خصوصاً في مآسي الأيام اللبنانية. إننا ننتظر الضحكة. يخطئ مَن يعتقد أنّ أي كاتب وأي ممثل يصنعان لحظة كوميدية. الكوميديا موهبة من الله، فتخرج المواقف من الموهوبين بلا تدخّل مُفتَعل».
تخطر خلال الحديث زميلتها الغائبة نجلاء الهاشم، رفيقة ضحكات تغدو منسيّة. مثّلتا معاً بمسلسلات يقارب عددها أصابع اليد، فتذكُرها بخير يعانق الحسرة: «لو تحقّقت عدالة في لبنان، لتحققت عدالة في هذه المهنة وسواها».
تسأل إرجاء سؤال يتعلق بما تحضّر، وهل من شخصيات تشاركها خفقان القلب: «أنتظر دورين والاتفاق على أجرهما». تحترم السنوات، فإن دُفع لها لتطبيق مقولة: «الغرام والانتقام» مع شاب بعمر ابنها، لما ترددت في الرفض: «أبحث عن أدوار مختلفة، لكنني أحترم عمري. بعض الأدوار لم يعد يليق، وهذا قراري. الممثل الحقيقي يتفادى وضع خطوط حمراء على دور، بشرط التحاقه بسياق مُبرَّر. العبثية ليست لي».
لا تتذمّر من دور الأم: «هو الأحب إليّ». يصبح ابنها الوحيد عالمها، ومن غربته الكندية تتنفّس وجودها. يُثقلها الهَم اللبناني حدّ تكبيلها: «قلّما أخرج من البيت إلا لضرورات السوبرماركت. بتُّ أخافُ القيادة ليلاً. الظرف لا يرحم. حتى إنني نهيتُ وحيدي عن المجيء بعائلته إلى لبنان في عطلتَي الميلاد ورأس السنة. لا كهرباء ولا ماء ولا طمأنينة. أزوره شهراً وأعوّض غيابه بالحب العميق».


مقالات ذات صلة

مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

يوميات الشرق مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

انشغلت الأوساط الفنية في فرنسا بخبر تدهور صحة الممثلة المعتزلة بريجيت باردو ودخولها وحدة العناية المركزة في مستشفى «تولون»، جنوب البلاد. يحدث هذا بينما يترقب المشاهدون المسلسل الذي يبدأ عرضه الاثنين المقبل، ويتناول الفترة الأولى من صباها، بين سن 15 و26 عاماً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق خالد يوسف: «سره الباتع» تعرّض لحملة ممنهجة

خالد يوسف: «سره الباتع» تعرّض لحملة ممنهجة

دافع المخرج المصري خالد يوسف عن مسلسله الأخير «سره الباتع» الذي عُرض في رمضان، قائلاً إنَّه تعرَّض لحملة هجوم ممنهجة. وربط يوسف في «سره الباتع» بين زمن الحملة الفرنسية على مصر (1798 - 1801)، وحكم «الإخوان المسلمين» قبل ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، ورصد التشابه بينهما في سعيهما لتغيير «هوية مصر». ورأى يوسف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنَّ المصريين لديهم كما يبدو «قرون استشعار» لمسألة الهوية، و«هذا ما شعرت به من قراءاتي للتاريخ، وهو ما يفسّر لماذا ثاروا على الحملة الفرنسية، وعلى حكم (الإخوان) بهذه السرعة». وواجه المسلسل انتقادات عدة، بعضها يرتبط بالملابس وشكل جنود الحملة الفرنسية، لكن يوسف رد على

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق «سهير شو» مع معتصم النهار: المجتهد ونصيبه

«سهير شو» مع معتصم النهار: المجتهد ونصيبه

تعود العراقية سهير القيسي إلى «إم بي سي» بعد غياب. تُجدّد في الاتجاه، فيصبح حواراً في الفن بعد قراءة لنشرات الأخبار ولقاءات في السياسة. ضيف الحلقة الأولى من برنامجها «سهير شو من أربيل» الفنان السوري معتصم النهار. طفت محاولات نفضها الصورة «الجدّية» وإذعانها لبداية جديدة. تزامُن عرض الحلقة مع العيد برّر غلبة «الإنترتيمنت»؛ دبكة و«بوش آب» و«راب»، دفعها للتعليل الآتي لشخصيتها التي عهدها الناس وللحوارات العميقة. لعلّها مع تقدّم الحلقات لن تحتاج لجهد ساطع يثبت العفوية ويؤكد للآخرين أنها في موقعها. ستفسح المجال للانسياب فيعبّر عن نفسه وعنها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق وسام فارس لـ «الشرق الأوسط» : «سفر برلك» كان نقلة نوعية لي

وسام فارس لـ «الشرق الأوسط» : «سفر برلك» كان نقلة نوعية لي

حقق الممثل وسام فارس حضوراً مميزاً في دراما رمضان 2023 المشتركة، وكاد أن يكون النجم اللبناني الوحيد الذي سطع في سمائها. وسام الذي تابعه المشاهد العربي قبيل موسم رمضان في مسلسل «الثمن» كان له حضوره المميز في العملين الدراميين الرمضانيين «سفر برلك» و«وأخيراً». وجاء اختياره في دور بطولي في «سفر برلك» بمثابة فرصة سانحة، ليطل على الساحة العربية مرة جديدة، ولكن من باب عمل تاريخي ضخم. هذا العمل يصنّفه فارس بالمتكامل الذي برز فيه مستوى عال في التصوير والإخراج بميزانية عالية رصدتها له الـ«إم بي سي». بدأ الاتصال بوسام فارس من أجل المشاركة في «سفر برلك» منذ عام 2018.

يوميات الشرق يامن الحجلي لـ «الشرق الأوسط» : لا أدخل مسلسلاً لست مقتنعاً بنصه

يامن الحجلي لـ «الشرق الأوسط» : لا أدخل مسلسلاً لست مقتنعاً بنصه

يتمتع الممثل يامن الحجلي، صاحب لقب «فارس الدراما السورية»، بخلفية درامية غنية، فإضافة إلى كونه كتب مسلسلات عدّة، فقد حقق نجاحات واسعة في عالم التمثيل، إذ قدّم، في 10 سنوات، أكثر من 30 مسلسلاً؛ بينها «الصندوق الأسود»، و«أرواح عارية»، و«أيام الدراسة»، و«طوق البنات»، و«هوا أصفر»، و«باب الحارة 7»، وغيرها... وهو يطلّ حالياً في مسلسل «للموت 3»، مجسداً شخصية «جواد»، الذي يُغرَم بإحدى بطلات العمل «سحر» (ماغي بوغصن). يؤدي الحجلي المشاهد بلغة جسد يتقنها، خصوصاً أنّ دوره تطلّب منه بدايةً المكوث على كرسي متحرك لإصابته بالشلل.


مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي
TT

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي

نثر مهرجان للمسرح، أقيم في درنة الليبية بعضاً من الفرح على المدينة المكلومة التي ضربها فيضان عارم قبل أكثر من عام.

ومع حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة وفنانين وممثلين ليبيين وغيرهم من الضيوف الفنانين من بعض الدول العربية، أبرزها سوريا والأردن ومصر وتونس.

الفنان صابر الرباعي

واختتم، مساء الخميس، المهرجان الذي استهل أعماله بحفل غنائي أحياه الفنان صابر الرباعي، على مسرح المدينة الرياضية، وسط حضور جماهيري وفني، محلي ومن دول عربية من بينها مصر وتونس.

وتحت شعار «درنة عادت، درنة الأمل»، دعا المهرجان سبع فرق: خمساً من ليبيا، وفرقةً من مصر، وأخرى من تونس.

أحد العروض

وعُرضت أعمال عديدة من بينها مسرحية «خرف» لفرقة الركح الدولي من بنغازي، التي أثنى عليها الجمهور، من حيث الأداء المميز لجميع الفنانين المشاركين، كما عرضت مسرحية «صاحب الخطوة» لفرقة المسرح القوريني من مدينة شحات، وجاء العرض مليئاً بالرسائل العميقة، وقد نال إعجاب الحضور.

وأعلنت إدارة المهرجان عن توزيع جوائز للأعمال المشاركة، بالإضافة لتكريم عدد من نجوم الفن في ليبيا ودول عربية.

وحاز جائزة أفضل نص دنيا مناصرية من تونس، عن مسرحية «البوابة 52»، بينما حصلت الفنانة عبير الصميدي من تونس على جائز أفضل ممثلة عن العمل نفسه.

ومن ليبيا حاز الفنان إبراهيم خير الله، من «المسرح الوطني» بمدينة الخمس، جائزة أفضل ممثل عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع»، وذهبت جائزة أفضل إخراج للمخرج منير باعور، من المسرح الوطني الخمس عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع».

عرض مسرحي

كما كرمت إدارة المهرجان الفنان المصري أحمد سلامة، والفنانة عبير عيسى، والإعلامية صفاء البيلي؛ تقديراً «لإسهاماتهم القيمة في مجال الفن والمسرح». وقالت إدارة المهرجان إن هذا التكريم «يعكس التقدير والاحترام للفنانين الذين ساهموا في إثراء الثقافة والفنون، ويعزّز من أهمية دعم المواهب الفنية في المجتمع».

وكانت الدورة السادسة لمهرجان «درنة الزاهرة»، وهو اللقب الذي يُطلق على هذه المدينة المعروفة بأشجار الياسمين والورد، قد ألغيت العام الماضي بسبب الدمار الذي طال معظم مبانيها التاريخية جراء الكارثة.

في ليلة 10 إلى 11 سبتمبر (أيلول) 2023، ضربت العاصفة «دانيال» الساحل الشرقي لليبيا، ما تسبّب في فيضانات مفاجئة تفاقمت بسبب انهيار سدين في أعلى مدينة درنة. وخلفت المأساة ما لا يقل عن 4 آلاف قتيل وآلاف المفقودين وأكثر من 40 ألف نازح، حسب الأمم المتحدة.

مسرح جامعة درنة

وتقول الممثلة المسرحية التونسية عبير السميتي، التي حضرت لتقديم مسرحية «الباب 52»، لـ«وكالة الأنباء الفرنسية»، «هذه أول مرة آتي فيها إلى هنا. بالنسبة لي، درنة اكتشاف. كنت متشوقة للمجيء. عندما نصل إلى هنا، نشعر بالألم، وفي الوقت نفسه، نشعر بالفرح وبأن الشعب كله لديه أمل».

بدورها، ترى الممثلة والمخرجة الليبية كريمان جبر أن درنة بعدما خيّم عليها الحزن، عادت إلى عهدها في «زمن قياسي».

جانب من تكريم الفنانين في مهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

ومن الكنوز المعمارية الشاهدة على الماضي الفني والأدبي الذي فقدته درنة في الفيضانات، «بيت الثقافة»، وخصوصاً «دار المسرح»، أول مسرح تم افتتاحه في ليبيا في بداية القرن العشرين.

وفي انتظار إعادة بنائه، اختارت الجهة المنظمة إقامة المهرجان على خشبات «المسرح الصغير» بجامعة درنة.

تكريم الفنانة خدوجة صبري بمهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

وقال المدير الفني للمهرجان نزار العنيد: «كلنا نعرف ما حدث في درنة العام الماضي، أصررنا على أن يقام المهرجان (هذا العام) حتى لو كان المسرح لا يزال قيد الإنشاء».

وأوضحت عضوة لجنة التحكيم، حنان الشويهدي، أنه على هامش المهرجان، «يُنظَّم العديد من الندوات وورش العمل التدريبية المهمة للممثلين والكتاب المسرحيين الشباب».

وتقول الشويهدي: «الصورة التي تقدمها درنة اليوم تُفرح القلب، رغم الموت والدمار»، معتبرة أن المدينة المنكوبة تظهر «بوجه جديد؛ درنة تستحق أن تكون جميلة كما يستحق سكانها أن يفرحوا».