البرهان يعلن حل جميع النقابات والاتحادات ووضع حساباتها تحت السيطرة

المعارضة السودانية تعرب عن استعدادها لتوقيع اتفاق مع العسكريين بشرط تهيئة الأجواء

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

البرهان يعلن حل جميع النقابات والاتحادات ووضع حساباتها تحت السيطرة

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)

أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، قراراً مفاجئاً، أمس، بتجميد نشاط جميع النقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام لأصحاب العمل، وذلك وسط تقدم مساعي التسوية السياسية التي تقودها الآلية الثلاثية الدولية لحل أزمة الحكم بين العسكريين والمدنيين. ونص قرار البرهان على تشكيل لجنة لمراجعة أرصدة وحسابات هذه النقابات والاتحادات داخل السودان وخارجه لوضعها تحت السيطرة، كما شمل القرار تشكيل لجنة من النائب العام ووزارة العدل برئاسة مسجل عام تنظيمات العمل والمراجع العام، تتولى الإشراف على تأسيس لجان تسيير للنقابات والاتحادات المهنية إلى حين انعقاد جمعياتها العمومية لانتخاب أعضاء جدد.
ولا يعد قرار البرهان بحل النقابات الأول من نوعه، إذ كان قد حلها أثناء رئاسته للمجلس العسكري الانتقالي عقب الإطاحة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، ثم تراجع عنه تحت مزاعم ضغوط نقابية دولية تمنع حل النقابات. وبعد تشكيل الحكومة المدنية التي تولت تفكيك سلطة نظام البشير، أصدرت الحكومة قرارات بحل النقابات المحسوبة على أنصار نظام البشير، وعينت بدلاً منها نقابات جديدة. ثم مرة أخرى تولى الجيش السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وحل الحكومة المدنية، وألغت المحكمة العليا قرارات الحكومة المدنية المقالة وأعادت النقابات لأنصار نظام البشير. ويأتي قرار البرهان الجديد، بحل النقابات التي يسيطر عليها حالياً أنصار البشير، وسط توقعات بالوصول إلى تسوية سياسية شاملة تعيد الحكم إلى المدنيين.
وفي غضون ذلك، أبلغ تحالف المعارضة السودانية «الحرية والتغيير»، الآلية الدولية الثلاثية، باستعداده لتوقيع الاتفاق الإطاري والوصول إلى حل سياسي للأزمة التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عام، مشترطاً لذلك تهيئة الأجواء عبر وقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. من جانبها، نددت الآلية الدولية باستمرار استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، الذي أدى لمقتل شخصين الأسبوع الماضي وحده، و120 قتيلاً منذ تولي الجيش السلطة في 25 أكتوبر الماضي.
وأعلن المتحدث باسم المجلس المركزي لتحالف «الحرية والتغيير» المعارض، الواثق البرير، أن القوى الموقعة على «مشروع الإعلان الدستوري» الذي أعدته نقابة المحامين، أبلغت الآلية الدولية الثلاثية رسمياً باستعدادها للتوقيع على الاتفاق الإطاري مع قيادة الجيش، وذلك في آخر تطور وصلت له العملية السياسية الجارية بين المكون العسكري وتحالف المعارضة. وطالب تحالف «الحرية والتغيير» العسكريين بتهيئة الأجواء قبل توقيع الاتفاق الإطاري، عبر القيام بخطوات مهمة قبل التعهد بوقف العنف ضد المتظاهرين السلميين، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وذلك عقب اجتماع ضم الآلية مع ممثلين للتحالف المعارض.
وتتكون القوى الموقعة على الإعلان الدستوري من تحالف «الحرية والتغيير» الذي يضم عدة أحزاب وتنظيمات مجتمع مدني، من بينها أحزاب «الأمة» و«التجمع الاتحادي» و«المؤتمر السوداني»، إلى جانب ممثلين عن «الجبهة الثورية»، بينهم عضوان في مجلس السيادة، بالإضافة إلى «قوى الانتقال»، الممثلين في الحزب الاتحادي الديمقراطي - جناح محمد الحسن، وحزب «المؤتمر الشعبي»، وجماعة «أنصار السنة»، وهم مجموعة القوى والأحزاب التي كانت مشاركة في حكومة الرئيس المعزول عمر البشير حتى سقوطها في 11 أبريل 2019، لكنهم أعلنوا رفضهم تولي الجيش السلطة في أكتوبر 2021، وقاوموا حكم العسكر.
وتنص مسودة «الدستور الانتقالي» المقترحة على توحيد القوات المسلحة ودمج قوات «الدعم السريع» في الجيش وفقاً لخطة زمنية متفق عليها، إضافة إلى قوات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا.
وتشمل المسودة أيضاً إنشاء مجلس وزراء مدني بالكامل توكل له مهمة اختيار وزارته، وتكوين مجلس أمن ودفاع يشارك فيه قادة القوات المسلحة، ويترأسه رئيس الوزراء، إضافة إلى مجلس سيادة محدود الصلاحيات يتولى منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ونص الإعلان الدستوري أيضاً على أن تشكل «قوى الثورة» مجلساً عدلياً مؤقتاً مهمته اختيار رئيس القضاء ونوابه، ورئيس المحكمة الدستورية وأعضاء المحكمة والنائب العام ومساعديه، إلى جانب مجلس تشريعي مؤقت محدود لتشريع القوانين والرقابة على الدولة، مع حصانات للقيادات العسكرية.
من جهتها، وزعت الآلية الدولية، المكونة من بعثة الأمم المتحدة «يونتامس» والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا «إيغاد»، بياناً أدانت فيه «استمرار استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين في السودان، ما أدى إلى مقتل شخصين يوم الخميس الماضي». وقدم ممثلو الآلية الثلاثية في البيان الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، أمس، التعازي لأسر الضحايا وعائلاتهم، مشيرين إلى أن «لكل شخص الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير». ودعوا السلطات السودانية للتحقيق في حوادث العنف والإسراع في تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، وشددوا على مواصلة السعي «من أجل استعادة الفترة الانتقالية»، بما يتيح المجال لتشكيل حكومة مدنية ديمقراطية ذات مصداقية، و«خاضعة للمساءلة لتحقيق السلام والتنمية في البلاد».
وتزايدت أعداد القتلى والجرحى وضحايا عنف السلطات الأمنية في السودان منذ 25 أكتوبر 2021، ليبلغ 121 قتيلاً وآلاف الجرحى والمصابين، آخرهم قتيلا مدينة أم درمان يوم الخميس الماضي. وفشلت إجراءات الجيش التي حلت الحكومة الانتقالية في تحقيق وعودها حول تكوين حكومة وجهاز تنفيذي يقود البلاد، بسبب الرفض الشعبي الواسع لإجراءات الجيش والمطالبة بالحكم المدني، بجانب الضغوط الدولية والإقليمية التي واجهها الجيش والتي تطالب باستعادة الحكم المدني الانتقالي والتهيئة لانتخابات حرة نزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

قارب يقل 130 شخصاً ينقلب جنوب الشابة في تونس

شخصان غرقا عندما انقلب قارب جنوب مدينة الشابة التونسية (أرشيفية - رويترز)
شخصان غرقا عندما انقلب قارب جنوب مدينة الشابة التونسية (أرشيفية - رويترز)
TT

قارب يقل 130 شخصاً ينقلب جنوب الشابة في تونس

شخصان غرقا عندما انقلب قارب جنوب مدينة الشابة التونسية (أرشيفية - رويترز)
شخصان غرقا عندما انقلب قارب جنوب مدينة الشابة التونسية (أرشيفية - رويترز)

قالت شركة «أمبري» البريطانية، اليوم (الأربعاء)، إن شخصين غرقا عندما انقلب قارب على متنه 130 شخصاً جنوب مدينة الشابة التونسية.