الغنوشي مجدداً أمام قضاء مكافحة الإرهاب... وأقطاب «النهضة» ينتظرون دورهم في التحقيق

ملف «تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر» خلال عامي 2012 و2013

الغنوشي لدى وصوله إلى التحقيق في القضية ذاتها سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
الغنوشي لدى وصوله إلى التحقيق في القضية ذاتها سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

الغنوشي مجدداً أمام قضاء مكافحة الإرهاب... وأقطاب «النهضة» ينتظرون دورهم في التحقيق

الغنوشي لدى وصوله إلى التحقيق في القضية ذاتها سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
الغنوشي لدى وصوله إلى التحقيق في القضية ذاتها سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)

مثل راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة» الاثنين، مجدداً، أمام قاضي التحقيق الأول في «القطب القضائي لمكافحة الإرهاب»، على خلفية شبهة «تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر» إبان حكم الحركة في عامي 2012 و2013، وتورطه في شبكات التسفير، بينما تجمع عدد من أنصاره في محيط المحكمة.
وكان قاضي التحقيق المتعهد بالملف، قد قرر يوم 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، ترك الغنوشي حراً، وتأجيل الاستماع إليه إلى جلسة يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وقبل مثوله أمام قاضي التحقيق، أكد مختار الجماعي، محامي الغنوشي، أن هذه القضية «كغيرها من القضايا الموجهة، تفتقد الدليل والحجة، وسيكون مصيرها الحفظ، ومغادرة الغنوشي مكتب التحقيق مثل كل مرة».
ومن الناحية النظرية، لم يستبعد الجماعي أي احتمال من الاحتمالات: «بما في ذلك إصدار مذكرة إيداع بالسجن ضد الغنوشي»، خصوصاً أن النيابة العامة التونسية استأنفت الحكم السابق القاضي بالإبقاء عليه حراً.
وفي السياق ذاته، اعتبر نور الدين البحيري، عضو هيئة الدفاع عن الغنوشي، أن الغاية الأساسية من استدعائه في مناسبات متقاربة هو «التنكيل به، والهدف المكشوف للجميع هو إلهاء التونسيين بملف سياسي، عن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية»؛ مؤكداً أن «لا علاقة» لموكله بملف التسفير، وأن «أحد المتهمين ذكر اسمه بصفة عرضية قائلاً إنه قد تكون للغنوشي علاقة بالملف»، على حد تعبيره.
وخلال الأسبوع الماضي، شرع القضاء التونسي في التحقيق بالتهمة نفسها، مع عدد من القيادات الأخرى الذين ينتمي معظمهم إلى حركة «النهضة». واستمع إلى الحبيب اللوز، عضو مجلس شورى «النهضة» والنائب البرلماني السابق.
ومن المنتظر دعوة نور الدين الخادمي، وزير الشؤون الدينية السابق، خلال هذا الأسبوع، للاستماع إلى أقواله. وكذلك علي العريض، رئيس الحكومة السابق، ووزير الداخلية السابق، وذلك في 19 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، للمثول أمام القضاء، ومواصلة التحقيق معه.
وسبق أن استمع القضاء التونسي لمحمد العفاس، القيادي في حزب «ائتلاف الكرامة»، المقرب من حركة «النهضة».
وكانت النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، قد قررت الطعن في قرار إبقاء 39 متهماً من بين 820، ممن شملتهم الأبحاث في الملف نفسه، في حال سراح، من بينهم الغنوشي والعريض، وطالبت في المقابل بإصدار مذكرات إيداع في السجن ضدهم. وأسفرت جلسات التحقيق السابقة عن سجن 5 متهمين؛ هم: فتحي البلدي الذي كان مسؤولاً في ديوان وزير الداخلية، ومحرز الزواري المدير العام السابق للمصالح المختصة في الوزارة ذاتها، وعبد الكريم العبيدي الرئيس السابق لـ«فرقة حماية الطائرات»، إضافة إلى سيف الدين الرايس، المتحدث السابق باسم تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور، ونور الدين قندور، القيادي في التنظيم نفسه.
وقضية «تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر»، انطلقت على خلفية شكوى قضائية إلى المحكمة العسكرية، تقدمت بها سنة 2021 فاطمة المسدي، النائبة البرلمانية السابقة عن حزب «حركة نداء تونس» الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.
وكانت فاطمة المسدي عضوة في لجنة التحقيق البرلمانية التي تشكلت لكشف أسرار وملابسات شبكات التسفير، غير أن المحكمة العسكرية قررت التخلي عن الملف لفائدة «القطب القضائي لمكافحة الإرهاب».
وانطلقت التحقيقات في هذا الملف، بعد أن تم الاستماع لفاطمة المسدي بصفتها شاكية من قبل «الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب»؛ حيث قدمت كل المعطيات التي تمكنت من الحصول عليها، ليتقرر على أثره فتح تحقيق في الموضوع، وبدأ القضاء في استدعاء كل الأطراف المتهمة بالمشاركة المباشرة أو غير المباشرة، في تسفير آلاف الشبان إلى بؤر التوتر خارج تونس.
على صعيد آخر، خلَّف الإعلان عن الكشف عن 25 متهماً بـ«التآمر على أمن الدولة»، جدلاً سياسياً واسعاً؛ خصوصاً لوجود أسماء شخصيات سياسية وإعلامية معروفة، ومنها من عُرف بولائه وتأييده لمسار 25 يوليو (تموز) الذي قرره الرئيس التونسي سنة 2021.
وشملت قائمة المتهمين التي نشرتها وسائل إعلام محلية: نادية عكاشة المديرة السابقة لـ«الديوان الرئاسي» لسعيد، وإعلاميين معروفين، من بينهم الصحافية شهرزاد عكاشة، ومفدي المسدي الملحق الإعلامي السابق في رئاسة الحكومة، بالإضافة إلى الممثلة التونسية سوسن معالج، والإعلاميتين مية القصوري وملاك البكاري. وأصدر القضاء التونسي 4 بطاقات إيداع بالسجن، ضد: آمن الشارني، والحطاب الهيشري، ومحمد بن خذر، ومحمد الدريري، وهم غير معروفين سياسياً وإعلامياً.


مقالات ذات صلة

الرئيس التونسي يقيل وزيرة الطاقة

شمال افريقيا الرئيس التونسي يقيل وزيرة الطاقة

الرئيس التونسي يقيل وزيرة الطاقة

أعلنت الرئاسة التونسية في بيان، مساء الخميس، أن الرئيس قيس سعيد أقال وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي، وفق وكالة «رويترز» للأنباء. وورد في بيان للرئاسة التونسية على «فيسبوك» أن سعيد أصدر أمرًا يقضي بإنهاء مهمات «السيدة نائلة نويرة القنجي، وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة»، دون الإفصاح عن التفاصيل والأسباب أو تكليف من سيخلفها في المنصب.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الغنوشي يقرر رفض الاستجابة لأي دعوة أمنية أو قضائية... حتى إشعار آخر

الغنوشي يقرر رفض الاستجابة لأي دعوة أمنية أو قضائية... حتى إشعار آخر

خلفت تقارير إعلامية تونسية عن تقدّم راشد الغنوشي باستقالته من رئاسة «حركة النهضة» بعد إصدار مذكرة توقيف بالسجن ضده منذ يوم 20 أبريل (نيسان) الحالي، تساؤلات حول حقيقة هذه الاستقالة، وهل تمت بالفعل، أم أن تعيين منذر الونيسي رئيسا مؤقتا للحركة هو الذي غذاها. التقارير نسبت قرار استقالة الغنوشي إلى مصادر في «حركة النهضة»، وأرجعت الأسباب إلى «عجزه عن قيامه بمهامه بسبب وضعه القانوني الحالي، بالإضافة إلى كبر سنه ومعاناته من عدة أمراض مزمنة»، غير أن هذه «الاستقالة المزعومة» بقيت في حاجة إلى توضيحات رسمية تؤكدها، أو تنفيها. وفي هذا الشأن، نفى بلقاسم حسن عضو المكتب التنفيذي لـ«النهضة» في تصريح لـ«الشرق ا

المنجي السعيداني (تونس)
المشرق العربي عودة العلاقات التونسية - السورية... واستئناف التعاون الأمني والاقتصادي

عودة العلاقات التونسية - السورية... واستئناف التعاون الأمني والاقتصادي

تمخضت زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لتونس بعد انقطاع دام 11 سنة، عن اتفاق على عودة العلاقات بين البلدين «إلى مسارها الطبيعي». كما أفرزت الزيارة، التي وصفها المقداد بـ«التاريخية»، اتفاقا على تعزيز التعاون في المجال الأمني، خاصة «في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وشبكات الاتجار بالبشر». واتفق الجانبان، إثر الزيارة التي دامت ثلاثة أيام وانتهت الأربعاء، على «تكثيف التواصل بين البلدين في المرحلة المقبلة بهدف تعزيز التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والمسائل الثنائية ذات الاهتمام المشترك، والعمل على التئام اللّجنة المشتركة بينهما». ونص بيان مشترك صدر عن الزيارة أيضا، على استئناف التع

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا نقل راشد الغنوشي إلى المستشفى بعدما أوقفه الأمن التونسي

نقل راشد الغنوشي إلى المستشفى بعدما أوقفه الأمن التونسي

نُقل راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» الإسلامية والبرلمان المنحل إلى المستشفى، اليوم (الثلاثاء)، بسبب تدهور حالته الصحية إثر إيقافه من الأمن، حسبما أفاد به مستشاره الإعلامي ماهر المذيوب. ووفق وكالة الأنباء الألمانية، أُوقف الغنوشي منذ ليل الاثنين-الثلاثاء بعد تصريحات له من مقر «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة للرئيس قيس سعيد، حذّر خلالها من أن إقصاء «الإسلام السياسي» أو اليسار أو أي طرف سياسي آخر، يهدد بحرب أهلية في البلاد. وقال المذيوب: «نحمّل قيس سعيد، المسؤولية كاملة على الخطر الداهم المهدِّد لحياته». من جانبه، قال مسؤول بوزارة الداخلية إن الغنوشي سيبقى على ذمة التحقيقات في قضية تتعلق بتصريحات

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الشرطة التونسية تداهم مقر «النهضة» وتبدأ إخلاءه وتفتيشه

الشرطة التونسية تداهم مقر «النهضة» وتبدأ إخلاءه وتفتيشه

قال مسؤولون من «حركة النهضة» التونسية لوكالة «رويترز» للأنباء إن قوات الشرطة داهمت المقر الرئيسي للحركة بالعاصمة تونس وبدأت إخلاءه وتفتيشه، اليوم الثلاثاء، بعد ساعات من إلقاء القبض على زعيم الحركة راشد الغنوشي. وقال رياض الشعيبي القيادي بالحركة لوكالة «رويترز» إن الشرطة أظهرت إذناً قضائياً وبدأت إخلاء المقر من كل من فيه. وأعلنت «حركة النهضة» التونسية، أمس الاثنين، أن قوات الأمن أوقفت زعيمها رئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي، في بيان نشرته على «فيسبوك»، مشيرة إلى أنه اقتيد إلى «جهة غير معلومة من دون احترام أبسط الإجراءات القانونية». ونددت الحركة «بهذا التطور الخطير جداً»، وطالبت بـ«إطلاق سراح ا

«الشرق الأوسط» (تونس)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».