الجزائر: تبرئة «انفصاليين» من تهمة الإرهاب

الحكم بالسجن 10 سنوات على الأمين العام السابق لـ«الاتحاد العام للعمال»

TT

الجزائر: تبرئة «انفصاليين» من تهمة الإرهاب

في حين استعاد ناشطون سياسيون جزائريون متهمون بالإرهاب الحرية أمس بعد تبرئة بعضهم من التهمة، وانتهاء مدة المحكومية بالنسبة إلى آخرين، أدانت محكمة بالعاصمة زعيم «النقابة المركزية» سابقاً، عبد المجيد سيدي السعيد، بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ، بتهم فساد تعود وقائعها إلى الفترة التي كان فيها مقرباً من الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 – 2019).
ففي ختام محاكمة ماراثونية استغرقت 20 ساعة، نطقت محكمة الجنايات لمدينة الدار البيضاء بالضاحية الشرقية للعاصمة، أمس، بالأحكام بحق 40 متهماً بالانتماء إلى تنظيم يطالب باستقلال منطقة القبائل الأمازيغية، يدعى «حركة الحكم الذاتي في القبائل» المعروف اختصاراً بـ«ماك»، محلياً، والذي صنفته الحكومة جماعة «إرهابية» العام الماضي.
وتراوحت الأحكام بين البراءة، والسجن لمدة غطت فترة الحبس الاحتياطي التي قضاها النشطاء وراء القضبان. كما جرت إدانة زعيم التنظيم فرحات مهني، غيابياً، بالسجن مدى الحياة، وهو لاجئ في فرنسا منذ سنين طويلة. وبين النشطاء المتهمين بالإرهاب، بوعزيز آيت شبيب ممثل التنظيم، وهو سيبقى في السجن لاتهامه في قضية أخرى. كما يوجد بينهم فتيات وأساتذة بالجامعة.
وجرى اعتقال هؤلاء النشطاء بمنطقة القبائل (شرق العاصمة) العام الماضي، بسبب انخراطهم في مظاهرات وأنشطة سياسية، منسوبة إلى «ماك»، صنفتها الأجهزة الأمنية والنيابة «إرهاباً» و«مسّاً بالأمن العام والوحدة الوطنية». وكانت الحكومة عدَلت القانون الجنائي بإضافة مادة تتحدث عن «الأعمال الإرهابية والتخريبية»، وتصل عقوبتها إلى السجن 20 سنة. ووقع تحت طائلة هذه المادة عدد كبير من نشطاء «ماك».
وكان بعض الناشطين المنتمين إلى هذا التنظيم وإلى جمعية «رشاد» الإسلامية (موجودة على لائحة الارهاب أيضاً)، غادروا السجون في الأسبوعين الماضيين. وقال محامون وحقوقيون، إثرها، إن السلطات «أطلقت مؤشرات تهدئة» بعد فترة عصيبة عاشها المناضلون السياسيون المعارضون للحكومة.
وفي سياق المحاكمات الجارية حالياً بوتيرة سريعة، أنزل «القطب الجزائي لقضايا الفساد» في «محكمة سيدي امحمد» بالعاصمة، أول من أمس، عقوبة السجن 10 سنوات مع التنفيذ بحق عبد المجيد سيدي السعيد، الأمين العام السابق لـ«الاتحاد العام للعمال الجزائريين»، و5 سنوات مع التنفيذ لنجله حنفي، و3 سنوات مع التنفيذ لنجله الثاني جميل.
ولاحق القضاء النقابي الشهير؛ بتهم فساد تتعلق بمصدر أموال اشترى بها عقارات خارج البلاد، واكتسب بفضلها أملاكاً في الداخل كما أطلق مشروعات. وتضمنت لائحة الاتهام أن نجليه حققا أرباحاً من مشروعات، وبيع عقارات، تمت بفضل النفوذ الذي كان له، لعلاقته القوية بعائلة الرئيس السابق.
ونفى سيدي السعيد كل التهم الموجهة إليه والوقائع ذات الصلة بها، وقال للقاضي إنه شخص «لا علاقة لي بالفساد»، وإنه لم يكن على علم بالأنشطة الاقتصادية والتجارية لابنيه.
وشنت السلطات حملة اعتقالات كبيرة بعد استقالة بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) 2019 تحت ضغط المظاهرات، طالت مسؤولين مدنيين وعسكريين، بعضهم تمت إدانته بأحكام ثقيلة بالسجن؛ أبرزهم رؤساء الوزراء أحمد أويحيى وعبد المالك سلال ونور الدين بدوي، و18 وزيراً و15 رجل أعمال، والعديد من الجنرالات؛ أهمهم رئيسا الأمن الداخلي سابقاً بشير طرطاق وواسيني بوعزة.
وكان وزير العدل رشيد طبي نفى، الجمعة الماضي في جنيف، وقوع «حالات تعسف» من طرف القضاء بحق النشطاء المعارضين، أثناء ردَه على انتقادات بمقر «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة، وذلك بمناسبة دراسة «ملف حقوق الإنسان بالجزائر».
وأكد وزير العدل «التزام الدولة الجزائرية الثابت بالعمل من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في الجزائر، وفي أي مكان في العالم؛ بما في ذلك لصالح الشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية أو الأجنبية، من منطلق واجب التضامن مع الضحايا ومن لا صوت لهم، أو أولئك الذين يفتقدون مكاناً تحت الشمس».
وقال: «لا يمكن للديمقراطية استيعاب السلوك الذي ينتهك كرامة الناس، كما لا يمكن أن تستند حرية الرأي والتعبير أو التظاهر على منطق التخريب أو الدعوات إلى التمرد، و حتى الانفصال، أو لأغراض ومحاولات أخرى للتحايل على العملية الانتخابية، بغية الوصول إلى السلطة خارج الأطر الدستورية».


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.