نصر الله يقحم لبنان في مواجهة سياسية مباشرة مع الولايات المتحدة

ردود على مواصفاته لرئيس الجمهورية واتهاماته لحراك «17 تشرين»

أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله
أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله
TT

نصر الله يقحم لبنان في مواجهة سياسية مباشرة مع الولايات المتحدة

أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله
أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله

أقحم «حزب الله» لبنان في مواجهة سياسية مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية، إثر انتقادات عنيفة بدأها قياديوه قبل أيام، على خلفية رفض أميركي لاستجرار «الفيول الإيراني»، واستكملها أمين عام الحزب، حسن نصر الله، بهجوم أكثر عنفاً، على خلفية تصريحات مسؤولة في الخارجية الأميركية حول الحزب، وحدد فيه شروطه لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ما أثار ردوداً لبنانية معارضة له.
وبدت الساحة اللبنانية، خلال الأيام الماضية، «ساحة صراع بالوكالة» بين إيران، عبر «حزب الله»، وواشنطن، حسبما تقول مصادر مناهضة للحزب. وتضيف أن الحزب «زاد إقحام لبنان في الصراعات الدولية بدلاً من تحييده»، مستندة إلى الهجوم الذي أطلقه نصر الله على الإدارة الأميركية، واصفاً إياها بـ«اللعنة»، رداً على تصريح مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، التي كانت وصفت الحزب بأنه «لعنة».
ولا يرى النائب أشرف ريفي استخدام الحزب للبنان كساحة اشتباك مع واشنطن جديداً، مشيراً إلى أن «إيران، وعبر أدواتها في المنطقة، لطالما حولت المنطقة إلى ساحة صراعات من لبنان إلى اليمن والعراق»، مضيفاً أن «(حزب الله) يعمل لصالح إيران، وحول البلد إلى ورقة بيدها». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «حتى ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، لم يكن قراراً لبنانياً كاملاً؛ فقد أدت الأوامر الإيرانية إلى صحوة لبنانية أنهت هذا الملف».
وبدأ تصعيد «حزب الله» ضد الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي، بعد اتهامها بأنها تمنع اللبنانيين من قبول هبة إيرانية تقدم عبرها طهران 600 ألف طن من الفيول المخصص لتشغيل معامل الكهرباء في لبنان. وتطرق نصر الله إلى هذا الملف، قائلاً إن واشنطن تحرم اللبنانيين من تغذية كهربائية هم بحاجة إليها، فيما أضاف نائبه الشيخ نعيم قاسم أمس: «مُنع لبنان من تسلم هبة الفيول الإيراني (600 ألف طن) وقيمتها نحو 350 مليون دولار، وبالتالي مُنع لبنان من الإضاءة بالكهرباء من خمس إلى ست ساعات يومياً لعدة أشهر».
وتزامن هذا الملف مع ضربة عسكرية في منطقة البوكمال السورية، استهدفت ناقلات نفط إيراني قال مقربون من الحزب إنها كانت بصدد التوجه إلى لبنان، واتهموا قوات التحالف الدولي بالوقوف وراءها.
لكن ريفي، وهو مدير عام سابق لقوى الأمن الداخلي في لبنان ووزير عدل سابق، قال إن «القافلة كانت عبارة عن 22 شاحنة، جرى استهداف شاحنتين منها فقط كانتا تحملان سلاحاً، ضمن القافلة، من ضمن الصهاريج الأخرى المحملة بالوقود»، مضيفاً أن قافلة الوقود «كانت عملية تمويه لتهريب السلاح وجرى استهدافها». وقال: «لنفترض أن القافلة تضمنت 22 صهريجاً، فهذه الكمية لا تكفي حتى لإنارة مدينة طرابلس (شمال لبنان)».
وسادت تقديرات في بيروت، خلال الأسابيع الماضية، بأن الحزب دخل في عملية ربط نزاع مع الولايات المتحدة، على خلفية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، رغم أنه يكرر موقفه بأن «سلاح المقاومة حمى الثروة النفطية»، و«ضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل للقبول بالترسيم»، ويقول قياديوه إنه «لولا مسيراته وسلاحه لما كان لبنان توصل إلى الاتفاقية».
في المقابل، يرى ريفي أن عملية ربط النزاع «لم تكن مطروحة»، مضيفاً أن الحزب «ليس في موقع يخول له طرح استراتيجية معينة، بل هو ينفذ المصالح الإيرانية». وقال: «الإيراني أعطى أوامره للمضي بعملية الترسيم، ولم تكن لدى الحزب أي مصالح لبنانية يأخذها بعين الاعتبار، لأن القرار لا يعود له».
ويوظف الحزب إنجاز ترسيم الحدود بهدف «ضمانة شرعية سلاحه»، وهو ما لم يخفه نصر الله في تصريحه الأخير، حيث قال إنه يريد رئيساً للجمهورية «مطمئناً للمقاومة»، وأضاف: «لا نريد رئيساً يغطي المقاومة أو يحميها. المقاومة في لبنان ليست بحاجة لغطاء أو حماية. ما نريده هو رئيس لا يطعنها في ظهرها ولا يبيعها، وهذا من الحد الأدنى لمواصفات رئيس الجمهورية».
وأثارت شروط نصر الله انتقادات واسعة، وقال ريفي في تغريدة: «نصر الله الذي خوّن ثورة اللبنانيين معترفاً بأنه أبو المنظومة وأمها، ما زال يتحدث عن (المقاومة)، متجاهلاً أنه رعى اتفاق التطبيع من دون توقيع مع إسرائيل وبوساطة أميركية». وتوجه إليه بالقول: «خطابك الخشبي تخطاه الزمن، ولن يُفرض على لبنان رئيس يحمي سلاح الغدر والغلبة». وقال: «نريد رئيساً يحمي لبنان واللبنانيين، كل اللبنانيين، من كل المخاطر والتهديدات، بما فيها خطر سلاحكم وخطركم». وختم: «حان الوقت لتتعظوا من ثورة الشعب الإيراني البطل على نظام الملالي».
من جهة ثانية، قال النائب في كتلة «الجمهورية القوية»، فادي كرم، في حسابه على «تويتر»: «الرئيس الإنقاذي الفعلي هو الذي لا يخاف من سلاحكم ولا يشتري بوعودكم ولا يبيع لبنان لمحوركم ولا يخضع لقراركم. هذا هو الرئيس الذي نحن نريده. رئيسكم تحدّ لأجل محوركم، ورئيسنا تحد لأجل لبنان».
إلى ذلك، علقت النائبة حليمة القعقور على كلمة الأمين العام لـ«حزب الله»، معتبرة أن «اتهامه لـ(17 تشرين) بالعمالة لن يبرر له الهجوم عليها وحمايته للعهد والنظام خلال الثورة وحتى اليوم».
وتابعت: «اتهام كل مَن يقول: (لا) بوجهه بالعمالة، هو ضرب للديمقراطية ولحرية التعبير ولأي احتمال بالتغيير، لأن التغيير يرعبه ومعه كل أركان النظام والمنظومة. الخراب والإفلاس صنعكم أنتم وشركاءكم، أما ثورة (17 تشرين)، فهي لحظة صادقة ونظيفة كسرت قمعكم، وجعلت صوت الناس فوقكم جميعاً».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
TT

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)

رأت أنقرة أنَّ الرئيس السوري، بشار الأسد، لا يريد السلام في بلاده، وحذرت من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب في الشرق الأوسط بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية آستانة»، التي أوقفت إراقة الدماء في سوريا. وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أنَّ جهود روسيا وإيران، في إطار «مسار آستانة» للحل السياسي مهمة للحفاظ على الهدوء الميداني، لافتاً إلى استمرار المشاورات التي بدأت مع أميركا بشأن الأزمة السورية.

وقال فيدان، خلال كلمة في البرلمان، إنَّ تركيا لا يمكنها مناقشة الانسحاب من سوريا إلا بعد قبول دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود، مضيفاً أن موقف إدارة الأسد يجعلنا نتصور الأمر على أنه «لا أريد العودة إلى السلام».