تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن بتحقيق أهداف بلاده في خفض الانبعاثات بحلول عام 2030، مطالباً دول العالم ببذل المزيد من الجهد لمواجهة «أزمة المناخ»، التي «تهدد الحياة على كوكب الأرض».
وألقى الرئيس الأميركي، الجمعة، كلمة في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة حول المناخ «كوب 27»، الذي يُعقد حالياً في مدينة شرم الشيخ المصرية. وامتلأت القاعة الرئيسية بالحضور؛ للتعرف على سياسة الولايات المتحدة الأميركية المناخية، لا سيما أنها ثاني أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية.
واعتذر بايدن، في بداية كلمته، عن انسحاب الولايات المتحدة من «اتفاقية باريس للمناخ»، مشيراً إلى أنه اتخذ قراراً بعودتها فور تولّيه منصبه رئيساً للبلاد، وأشار إلى أن «بلاده تعمل على حشد الجهود الدولية من أجل مكافحة التغيرات المناخية»، داعياً دول العالم للتعامل مع التحدي المناخي باعتباره «عاجلاً». وكان سلفه دونالد ترمب قد انسحب من «اتفاقية باريس» عام 2017.
وربط بايدن بين الأزمة المناخية وبين اقتصاد وأمن البشر، وقال إن «التغيرات المناخية تتعلق بأمن البشر، والأمن القومي والحياة على الكوكب ككل». وأضاف أن «سياسات جيدة للمناخ هي سياسات جيدة للاقتصاد»، مشيراً إلى أن «بلاده تسير على الطريق الصحيح لتحقيق هدفها الرامي لخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 50 إلى 52 % دون مستويات عام 2005، بحلول عام 2030»، لافتاً إلى تشريع أقرّته إداراته «يعتبر أكبر استثمار حكومي أميركي في الطاقة النظيفة».
وقال بايدن إنه «يتوجب على كل دول العالم أن تبذل المزيد خلال مؤتمر المناخ من أجل تحقيق طموحاتنا في هذا المجال»، لافتاً إلى أن «بلاده ستواصل النضال في مواجهة التغيرات المناخية». واستعرض بايدن عدداً من الخطوات التي اتخذتها إدارته في هذا المجال، ومن بينها الاتجاه للاستثمار النظيف، وخفض انبعاثات الميثان.
وأشار بايدن إلى «مسؤولية الدول القادرة على مساندة الدول النامية في القضايا المناخية وتسهيل عملية التحول في الطاقة».
وفي هذا الإطار أعلن بايدن عن «صفقة بقيمة 500 مليون دولار لدعم الطاقة النظيفة في مصر». وقال إن «الولايات المتحدة، إلى جانب ألمانيا والاتحاد الأوروبي، ستعمل معاً في هذه الصفقة التي ستتيح لمصر الحصول على 10 غيغاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وتحسين استخدامات نحو 5 غيغاوات من الطاقة المولّدة بالغاز الطبيعي، ما يساهم في تخفيض انبعاثات مصر بنسبة 10 %»، لافتاً إلى أن «هذه المشروعات ستساهم في تحقيق مصر مستهدفاتها الوطنية في مجال المناخ».
وأشار الرئيس الأميركي إلى ما تشهده دول القارة الأفريقية من موجات جفاف من تبِعات التغيرات المناخية، ما تسبَّب في ضعفها، وأثَّر على الأمن الغذائي. ولفت إلى أن بلاده «ستقدم 150 مليون دولار لدعم التكيف في أفريقيا».
وقال الرئيس الأميركي إن الحرب الروسية الأوكرانية «أبرزت الحاجة المُلحّة لوقف ارتهان العالم للوقود الأحفوري»، حيث عزّزت أزمتي الغذاء والطاقة على مستوى العالم.
وتوقّف بايدن لساعات قليلة في شرم الشيخ، لإلقاء الكلمة، وعقد لقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل أن يغادر إلى كمبوديا للمشاركة في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا، ثم إلى إندونيسيا لحضور قمة مجموعة العشرين.
وقبل إلقاء كلمته، عقد الرئيس الأميركي جلسة مباحثات ثنائية مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي. وقال بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن الرئيس السيسي أكد، خلال اللقاء، «علاقات الشراكة الاستراتيجية الممتدّة بين البلدين، ودورها المحوري في دعم الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط»، معرباً عن «تطلعه لتعزيز التنسيق والتشاور بين الجانبين بشأن مختلف الملفات السياسية والأمنية وقضايا المنطقة، فضلاً عن مواصلة الارتقاء بتلك الشراكة وتعزيزها في مختلف مجالات التعاون الثنائي في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة».
وأضاف المتحدث الرئاسي المصري أن «الرئيس الأميركي ثمّن قوة ومتانة العلاقات بين البلدين»، وأكد أن «الولايات المتحدة تعتبر مصر صديقاً وحليفاً قوياً تُعوِّل عليه في المنطقة»، معرباً عن «التطلع لتكثيف التنسيق والتشاور المشترك حول جميع القضايا الإقليمية والدولية، في ضوء الثقل السياسي الذي تتمتع به مصر ودورها المتّزن في محيطها الإقليمي، وإسهاماتها بقيادة السيسي في تحقيق الاستقرار لكل شعوب المنطقة».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1591125351920390144
وتطرّق اللقاء إلى قضية «سد النهضة»، حيث أكد السيسي «تمسك بلاده بالحفاظ على أمنها المائي للأجيال الحالية والقادمة من خلال التوصل إلى اتفاق (قانوني مُلزِم) لملء وتشغيل السد يضمن الأمن المائي لمصر، وذلك وفقاً لمبادئ القانون الدولي لتحقيق المصالح المشتركة لجميع الأطراف، ومن ثم أهمية الدور الأمريكي للاضطلاع بدور مؤثر لحلحلة تلك الأزمة»، وفقاً للمتحدث الرسمي.
كما تناول اللقاء مستجدّات القضية الفلسطينية. وأشاد الرئيس الأميركي بالجهود المصرية «الحثيثة والمحورية» في هذا الإطار، لا سيما الحفاظ على التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. فيما أكد السيسي «موقف بلاده الثابت الرامي إلى التوصل لحلٍّ عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وفق المرجعيات الدولية»، وفقاً للمتحدث الرئاسي المصري.
وفيما يتعلق بملف مكافحة «الإرهاب والفكر المتطرف» أكد الرئيس المصري «إرادة الدولة المصرية الثابتة حكومة وشعباً لمواصلة جهودها الحثيثة لمواجهة تلك (الآفة)، وتقويض خطرها أمنياً وفكرياً»، في حين أشاد الرئيس الأميركي «بنجاح الجهود المصرية الحاسمة في هذا الإطار، وما تتحمله من أعباء في (مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف)»، مؤكداً «دعم الإدارة الأميركية لجهود مصر باعتبارها شريكاً مركزياً في التصدي لتحدي (الإرهاب العابر للحدود)».
وقال المتحدث الرئاسي المصري إن المباحثات بين السيسي وبايدن شهدت «تبادل الرؤى ووجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية، خاصة الأزمة الروسية الأوكرانية وامتداد تداعياتها السلبية على مستوى العالم، لا سيما في قطاعي الغذاء والطاقة، فضلاً عن التباحث بشأن تطورات الأوضاع في كل من ليبيا واليمن وسوريا»، مشيراً إلى أن «الرئيس السيسي أكد أن الوصول بالتسويات السياسية لتلك الأزمات يرتكز بالأساس على ترسيخ مفهوم الدولة الوطنية وإنهاء تواجد المرتزقة والميليشيات الأجنبية من المنطقة».