بايدن يتعهد بخفض الانبعاثات... ويحشد العالم لمواجهة «أزمة المناخ»

التقى السيسي وأعلن صفقة بنصف مليار دولار لدعم الطاقة النظيفة بمصر

جانب من الحضور أثناء إلقاء بايدن كلمته (الشرق الأوسط)
جانب من الحضور أثناء إلقاء بايدن كلمته (الشرق الأوسط)
TT

بايدن يتعهد بخفض الانبعاثات... ويحشد العالم لمواجهة «أزمة المناخ»

جانب من الحضور أثناء إلقاء بايدن كلمته (الشرق الأوسط)
جانب من الحضور أثناء إلقاء بايدن كلمته (الشرق الأوسط)

تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن بتحقيق أهداف بلاده في خفض الانبعاثات بحلول عام 2030، مطالباً دول العالم ببذل المزيد من الجهد لمواجهة «أزمة المناخ»، التي «تهدد الحياة على كوكب الأرض».
وألقى الرئيس الأميركي، الجمعة، كلمة في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة حول المناخ «كوب 27»، الذي يُعقد حالياً في مدينة شرم الشيخ المصرية. وامتلأت القاعة الرئيسية بالحضور؛ للتعرف على سياسة الولايات المتحدة الأميركية المناخية، لا سيما أنها ثاني أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية.

واعتذر بايدن، في بداية كلمته، عن انسحاب الولايات المتحدة من «اتفاقية باريس للمناخ»، مشيراً إلى أنه اتخذ قراراً بعودتها فور تولّيه منصبه رئيساً للبلاد، وأشار إلى أن «بلاده تعمل على حشد الجهود الدولية من أجل مكافحة التغيرات المناخية»، داعياً دول العالم للتعامل مع التحدي المناخي باعتباره «عاجلاً». وكان سلفه دونالد ترمب قد انسحب من «اتفاقية باريس» عام 2017.
وربط بايدن بين الأزمة المناخية وبين اقتصاد وأمن البشر، وقال إن «التغيرات المناخية تتعلق بأمن البشر، والأمن القومي والحياة على الكوكب ككل». وأضاف أن «سياسات جيدة للمناخ هي سياسات جيدة للاقتصاد»، مشيراً إلى أن «بلاده تسير على الطريق الصحيح لتحقيق هدفها الرامي لخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 50 إلى 52 % دون مستويات عام 2005، بحلول عام 2030»، لافتاً إلى تشريع أقرّته إداراته «يعتبر أكبر استثمار حكومي أميركي في الطاقة النظيفة».
وقال بايدن إنه «يتوجب على كل دول العالم أن تبذل المزيد خلال مؤتمر المناخ من أجل تحقيق طموحاتنا في هذا المجال»، لافتاً إلى أن «بلاده ستواصل النضال في مواجهة التغيرات المناخية». واستعرض بايدن عدداً من الخطوات التي اتخذتها إدارته في هذا المجال، ومن بينها الاتجاه للاستثمار النظيف، وخفض انبعاثات الميثان.
وأشار بايدن إلى «مسؤولية الدول القادرة على مساندة الدول النامية في القضايا المناخية وتسهيل عملية التحول في الطاقة».

وفي هذا الإطار أعلن بايدن عن «صفقة بقيمة 500 مليون دولار لدعم الطاقة النظيفة في مصر». وقال إن «الولايات المتحدة، إلى جانب ألمانيا والاتحاد الأوروبي، ستعمل معاً في هذه الصفقة التي ستتيح لمصر الحصول على 10 غيغاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وتحسين استخدامات نحو 5 غيغاوات من الطاقة المولّدة بالغاز الطبيعي، ما يساهم في تخفيض انبعاثات مصر بنسبة 10 %»، لافتاً إلى أن «هذه المشروعات ستساهم في تحقيق مصر مستهدفاتها الوطنية في مجال المناخ».
وأشار الرئيس الأميركي إلى ما تشهده دول القارة الأفريقية من موجات جفاف من تبِعات التغيرات المناخية، ما تسبَّب في ضعفها، وأثَّر على الأمن الغذائي. ولفت إلى أن بلاده «ستقدم 150 مليون دولار لدعم التكيف في أفريقيا».
وقال الرئيس الأميركي إن الحرب الروسية الأوكرانية «أبرزت الحاجة المُلحّة لوقف ارتهان العالم للوقود الأحفوري»، حيث عزّزت أزمتي الغذاء والطاقة على مستوى العالم.
وتوقّف بايدن لساعات قليلة في شرم الشيخ، لإلقاء الكلمة، وعقد لقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل أن يغادر إلى كمبوديا للمشاركة في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا، ثم إلى إندونيسيا لحضور قمة مجموعة العشرين.
وقبل إلقاء كلمته، عقد الرئيس الأميركي جلسة مباحثات ثنائية مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي. وقال بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن الرئيس السيسي أكد، خلال اللقاء، «علاقات الشراكة الاستراتيجية الممتدّة بين البلدين، ودورها المحوري في دعم الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط»، معرباً عن «تطلعه لتعزيز التنسيق والتشاور بين الجانبين بشأن مختلف الملفات السياسية والأمنية وقضايا المنطقة، فضلاً عن مواصلة الارتقاء بتلك الشراكة وتعزيزها في مختلف مجالات التعاون الثنائي في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة».
وأضاف المتحدث الرئاسي المصري أن «الرئيس الأميركي ثمّن قوة ومتانة العلاقات بين البلدين»، وأكد أن «الولايات المتحدة تعتبر مصر صديقاً وحليفاً قوياً تُعوِّل عليه في المنطقة»، معرباً عن «التطلع لتكثيف التنسيق والتشاور المشترك حول جميع القضايا الإقليمية والدولية، في ضوء الثقل السياسي الذي تتمتع به مصر ودورها المتّزن في محيطها الإقليمي، وإسهاماتها بقيادة السيسي في تحقيق الاستقرار لكل شعوب المنطقة».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1591125351920390144
وتطرّق اللقاء إلى قضية «سد النهضة»، حيث أكد السيسي «تمسك بلاده بالحفاظ على أمنها المائي للأجيال الحالية والقادمة من خلال التوصل إلى اتفاق (قانوني مُلزِم) لملء وتشغيل السد يضمن الأمن المائي لمصر، وذلك وفقاً لمبادئ القانون الدولي لتحقيق المصالح المشتركة لجميع الأطراف، ومن ثم أهمية الدور الأمريكي للاضطلاع بدور مؤثر لحلحلة تلك الأزمة»، وفقاً للمتحدث الرسمي.
كما تناول اللقاء مستجدّات القضية الفلسطينية. وأشاد الرئيس الأميركي بالجهود المصرية «الحثيثة والمحورية» في هذا الإطار، لا سيما الحفاظ على التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. فيما أكد السيسي «موقف بلاده الثابت الرامي إلى التوصل لحلٍّ عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وفق المرجعيات الدولية»، وفقاً للمتحدث الرئاسي المصري.
وفيما يتعلق بملف مكافحة «الإرهاب والفكر المتطرف» أكد الرئيس المصري «إرادة الدولة المصرية الثابتة حكومة وشعباً لمواصلة جهودها الحثيثة لمواجهة تلك (الآفة)، وتقويض خطرها أمنياً وفكرياً»، في حين أشاد الرئيس الأميركي «بنجاح الجهود المصرية الحاسمة في هذا الإطار، وما تتحمله من أعباء في (مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف)»، مؤكداً «دعم الإدارة الأميركية لجهود مصر باعتبارها شريكاً مركزياً في التصدي لتحدي (الإرهاب العابر للحدود)».
وقال المتحدث الرئاسي المصري إن المباحثات بين السيسي وبايدن شهدت «تبادل الرؤى ووجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية، خاصة الأزمة الروسية الأوكرانية وامتداد تداعياتها السلبية على مستوى العالم، لا سيما في قطاعي الغذاء والطاقة، فضلاً عن التباحث بشأن تطورات الأوضاع في كل من ليبيا واليمن وسوريا»، مشيراً إلى أن «الرئيس السيسي أكد أن الوصول بالتسويات السياسية لتلك الأزمات يرتكز بالأساس على ترسيخ مفهوم الدولة الوطنية وإنهاء تواجد المرتزقة والميليشيات الأجنبية من المنطقة».


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.