مصر لمكافحة تأثيرات التغيرات المناخية على المواقع التراثية

أطلقت صندوقاً تمويلياً خلال «كوب 27»

جانب من جلسة إطلاق مبادرة صندوق حماية المواقع التراثية والمتاحف من أضرار التغيرات المناخية (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة إطلاق مبادرة صندوق حماية المواقع التراثية والمتاحف من أضرار التغيرات المناخية (الشرق الأوسط)
TT

مصر لمكافحة تأثيرات التغيرات المناخية على المواقع التراثية

جانب من جلسة إطلاق مبادرة صندوق حماية المواقع التراثية والمتاحف من أضرار التغيرات المناخية (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة إطلاق مبادرة صندوق حماية المواقع التراثية والمتاحف من أضرار التغيرات المناخية (الشرق الأوسط)

سعياً لمواجهة تأثير التغيرات المناخية على المواقع الأثرية والتراثية، أطلقت مصر، بالتعاون من منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو»، الجمعة، مبادرة صندوق حماية المواقع التراثية والمتاحف من أضرار التغيرات المناخية.
جاء إطلاق الصندوق التمويلي ضمن فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن المناخ «كوب 27»، الذي تجري فعالياته حالياً في مدينة شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر.
ويستهدف الصندوق «توفير التمويل اللازم لدراسة ورصد تأثير التغيرات المناخية على المواقع التراثية في مصر ودول المنظمة، وعمل إحصائيات كاملة عنها»، وفقاً لسالم بن مالك، رئيس «منظمة الإيسيسكو»، الذي شدّد، خلال جلسة خاصة عُقدت للإعلان عن المبادرة، على «أهمية إنشاء مثل هذا الصندوق لحماية التراث المهدَّد بفعل التغيرات المناخية».
بدوره قال الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري، إن «كل الجامعات المصرية تعكف على دراسة آثار التغيرات المناخية على مختلف القطاعات، وتُولي اهتماماً كبيراً بمدى تأثير التغيرات المناخية على الآثار»، لافتاً إلى أن «الدراسات تؤكد أن خطر تغير المناخ على الآثار المصرية سيكون كبيراً، ما لم نُسرع في اتخاذ إجراءات الحماية والوقاية».
وأشاد الوزير المصري بمبادرة الإيسيسكو للحفاظ على الآثار، عبر «تسجيل المناطق الأثرية في الدول الأعضاء، والتي وصلت إلى 260 موقعًا في 33 دولة من الدول الأعضاء، بينها 7 مواقع أثرية مصرية».
وتطرقت الجلسة إلى بعض المخاطر المناخية التي تهدد الآثار المصرية، وخصوصاً ارتفاع منسوب مياه البحر، وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، والمياه الجوفية.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، إن «المصري القديم عرف كيفية التكيف مع الظروف المناخية منذ 5 آلاف سنة»، مشيراً إلى أنه «على مدار السنوات الماضية كشفت الحفائر عن مصدّات للفيضانات، وممرّات للسيول وغيرها».
وأضاف وزيري أن «التغيرات المناخية تتسبب في ارتفاع منسوب مياه البحر، ما دفع إلى إنشاء مصدّات للأمواج حول قلعة قايتباي بالإسكندرية، على سبيل المثال»، لافتاً إلى «تأثير الحرارة والرطوبة على الآثار، سواء جرى اكتشافها، أو ما زالت مخفية تحت الأرض، فما نراه في مصر حالياً لا يشكل سوى 40 % فقط من الآثار الموجودة في مصر».
من جهته قال الدكتور محمد بيومي، مساعد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن «المناطق الساحلية مهددة بسبب البحر»، مؤكداً «أهمية إنشاء مثل هذا الصندوق التمويلي، لا سيما أن تكلفة معالجة هذه الأضرار المناخية كبيرة جداً، مما يجعلنا في حالة تفاوض بين الأرض والبحر، فقد نترك جزءاً من الأرض للبحر، مقابل توفير تمويل لإنقاذ آخر».
في سياق متصل، نظّمت وزارة السياحة والآثار المصرية جلسة أخرى بعنوان «تأثير المناخ على التراث الثقافي في مصر... تحديات وحلول»، بمتحف شرم الشيخ.
واستعرض مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار بمصر، مجموعة من الظواهر التي جرى رصدها عالمياً للتغير المناخي والآثار المترتبة عليه. وقال إن «هذه التغيرات كان تأثيرها طفيفاً وغير محسوس حتى وصول العالم للثورة الصناعية، التي زادت الانبعاثات الكربونية»، لافتاً إلى أن بيانات منظمة اليونسكو تشير إلى أن «واحداً من كل ثلاثة مواقع طبيعية، وواحداً من كل ستة مواقع للتراث الثقافي يتعرضان للتهديد حالياً بسبب تغير المناخ، وأنه حال عدم اتخاذ أية إجراءات سيؤثر ذلك بالسلب على مواقع التراث الطبيعي بحلول نهاية القرن».
ويوجد في مصر 257 منطقة أثرية في 25 محافظة، من بينها 145 منطقة مفتوحة للزيارة، تحظى الأقصر وحدها بنحو 34 منطقة أثرية، و40 متحفاً، إضافة إلى 7 مناطق أثرية مصرية ضمن قائمة التراث العالمي، و31 محمية طبيعية، وفقاً للبيانات الرسمية.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».