انسحاب خيرسون اكتمل... «علينا أن نتراجع أحياناً حتى نتقدم دائماً»

كيف يقرأ الروس قرار الخروج من المدينة؟ جولة على مواقف المعلقين في موسكو

مدنيون خلال خروجهم من خيرسون إلى شبه جزيرة القرم (رويترز)
مدنيون خلال خروجهم من خيرسون إلى شبه جزيرة القرم (رويترز)
TT

انسحاب خيرسون اكتمل... «علينا أن نتراجع أحياناً حتى نتقدم دائماً»

مدنيون خلال خروجهم من خيرسون إلى شبه جزيرة القرم (رويترز)
مدنيون خلال خروجهم من خيرسون إلى شبه جزيرة القرم (رويترز)

لم يكن قرار الانسحاب من خيرسون بعد أسابيع من المعارك الضارية حول المدينة الاستراتيجية، مفاجئاً للنخب الروسية. كانت التحضيرات لذلك تجري على قدم وساق خلال الأسبوعين الأخيرين على الأقل، وتم استباق الانسحاب العسكري بإجلاء أكثر من 115 ألف مدني وآلاف المعدات الضرورية بما في ذلك سيارات إطفاء الحريق وسيارات الإسعاف من المدينة على وقع التقدم الأوكراني المتواصل في ضواحيها.
لكن برغم كل ذلك، أثار قرار الانسحاب - الذي أعلن الجيش الروسي أنه اكتمل اليوم - كثيراً من السجالات ونشر ظلالاً من خيبة الأمل حول المعركة «المصيرية» التي خاضتها موسكو في المنطقة الحيوية التي تحظى بأهمية خاصة، ليس فقط كونها «انضمت» أخيراً إلى قوام روسيا الاتحادية، و«غدت أرضاً روسية إلى الأبد» وفق تعليق الرئيس فلاديمير بوتين، بل أيضاً لأنها المنطقة الأهم في تعزيز الدفاعات عن - والإمدادات إلى - شبه جزيرة القرم. وهذا ما يفسّر حرص موسكو في الأيام الأولى للحرب على انتزاع هذه المدينة من القوات الأوكرانية.
خلال الشهور التسعة الماضية، كانت موسكو قادرة على نقل الإمدادات للمرة الأولى براً إلى شبه الجزيرة، وأيضاً استخدام خيرسون كنقطة انطلاق وإمداد لكل المناطق «الروسية» في جنوب أوكرانيا وشرقها. لذلك فإن قرار الانسحاب، ومهما كانت مبرراته الميدانية والعسكرية، ترافق مع موجة غضب برزت في تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، وشعور مرير بالهزيمة بسبب الاضطرار إلى تقديم تنازلات مؤلمة على وقع المعارك.
دفعت التعليقات الكثيرة في هذا الشأن إلى تعزيز محاولات التصدي لموجة القلق التي انتابت المزاج الشعبي، وهو ما برز من خلال مسارعة إعلان المركز الروسي لدراسات الرأي العام عن تنظيم استطلاع أظهرت نتائجه أن «الروس يحافظون على معدلات ثقة عالية بقرارات القيادة الروسية». لكن الأهم ليس الاستطلاع الذي أجراه المركز المقرب من الكرملين، بل في آليات مناقشة الموضوع في وسائل الإعلام الروسية، التي خلت من أي انتقاد لأداء المؤسسة العسكرية، خلافاً لبعض التغطيات التي ظهرت في فترة سابقة، خصوصاً عند التراجع عن مواقع حول كييف وعند التراجع الواسع في خاركيف لاحقاً.
الأبرز من ذلك كان التركيز على أهمية اتخاذ القرار وتوقيته، بهدف المحافظة على أرواح المدنيين والعسكريين وحماية المعدات القتالية ومنع وقوع الأسوأ من خلال ترك القوات تُحاصر من دون إمدادات داخل منطقة قد تغرقها فيضانات في حال أقدمت أوكرانيا - كما يقول الروس - على تفجير السدود المقامة على نهر دنيبر.
سارعت وسائل الإعلام الحكومية الروسية إلى تأكيد أن الخطوة «مؤقتة» وتكتيكية سيتبعها تحرك قوي بعد استكمال إعادة توزيع القوات على الضفة اليسرى للنهر، وفقاً لمعلقين في وكالة «نوفوستي» الحكومية التي عنونت مقالة رئيسية بعبارة «لم ننسحب من خيرسون». بينما نشرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» في ملحقها العسكري، الجمعة، مقالة مطولة تبرز حيثيات قرار الانسحاب وخلفياته والتوقعات المستقبلية، ورأت فيها أن انسحاب القوات الروسية من خيرسون إلى الضفة اليسرى لنهر دنيبر «لن يكون سريعاً». وقالت إن الخبراء العسكريين يعتقدون أن نقل وحدات القوات المسلحة الروسية سيستغرق عدة أسابيع (بيان الجيش الروسي خالف هذا الكلام بالإعلان عن اكتمال الانسحاب).
اللافت هنا أن خبراء أقروا بأنه «ليس من المؤكد أن المناورة الاستراتيجية (بالانسحاب) ستجلب لموسكو أي فوائد دفاعية كبيرة. إذ تتعرض القوات الروسية المنسحبة لضربات مدفعية من القوات المسلحة الأوكرانية».
هنا تكمن واحدة من الإشارات المهمة للتحليلات العسكرية، إذ يواصل الجيش الأوكراني الضغط العسكري المباشر حتى خلال الانسحاب، ويجري ضرب المعابر والجسور العائمة التي يتم إجلاء القوات من خلالها. وبحسب القائد السابق للجيش الثامن والخمسين، النائب في مجلس الدوما أندريه غوروليف، فإن الانسحاب «من أصعب أنواع العمليات العسكرية»، مشيراً إلى أن هناك أيضاً «تهديداً جدياً» بأن وحدات القوات المسلحة الأوكرانية التي تم تخفيف الضغط عليها في الجنوب يمكن أن تنتقل إلى مناطق الجبهات في دونباس ومنطقة خاركيف وتشارك في هجمات مضادة على مواقع القوات الروسية في هذه الاتجاهات. واللافت أن الصحافة الروسية ذهبت أبعد من تصريحات المسؤولين العسكريين، فهي أشارت إلى ضرورة قيام الجيش الروسي أثناء الانسحاب بتدمير الجسور في زاباروجيا ودنيبروبيتروفسك وكريمنشوك و«أن تقويض هذه الجسور، حتى الجزئية منها، سيسمح بتأجيل وصول الاحتياطيات الأوكرانية لفترة طويلة. في المقابل، سيسمح لنا هذا بمحاولة التحرك نحو زاباروجيا ودنيبروبيتروفسك، لتغطية نهر دونباس من الغرب».
الأبرز من ناحية ثانية، كان في إطلاق تحذيرات من تكرار تجربة الانسحاب من خاركيف، ووفقاً لبعض الخبراء فإن «هناك أملاً في أنه عند الانسحاب عبر نهر دنيبر، سيأخذ الجيش الروسي في الاعتبار الأخطاء التي حدثت أثناء إعادة تجميع القوات قرب خاركيف في سبتمبر (أيلول)، ويجب التيقن من أنه في خيرسون لن يتم الحفاظ على القوة البشرية فحسب، بل سيتم أيضاً الحفاظ على المركبات المدرعة وأسلحة القوات الروسية»، كما قال الخبير العسكري الجنرال المتقاعد يوري نيتكاتشيف لـ«نيزافيسيمايا غازيتا».
وهنا يتذكر الروس مشاهد الانسحاب خلال الهجوم المضاد الأوكراني على خاركيف؛ عندما انسحبت القوات الروسية من مواقعها وتخلت عن مدينتي إيزيوم وبالاكليا المهمتين. وزعمت وسائل الإعلام الأوكرانية والمراسلون العسكريون الروس أنه في بعض الحالات تحركت القوات على عجل، من دون تحضير مناسب، ما أدى إلى خسائر فادحة في صفوف الجيش الروسي.
وثمة خلاصة أخرى ذكرها اللواء المتقاعد ألكسندر ميخائيلوف لصحيفة «أر بي كا»، فهو وصف الحدث بأنه «تراجع غير سار». لكنه شدد على أنه «قبل استخلاص النتائج من المفيد تحليل الوضع الحالي بعناية... الوضع العسكري في خيرسون متوتر للغاية». قال الجنرال: «من الواضح أن الجميع مستعد للمضي قدماً، والتراجع يمكن أن يسبب القلق والذهول وخيبة الأمل. لكن الوضع يتطور بطريقة تجعل وجود قواتنا اليوم على الضفة اليمنى لنهر دنيبر محاطاً بالمخاطر».
وانتقد المسؤول العسكري السابق معارضي خطوة الانسحاب من خيرسون، قائلاً: «أولئك الوطنيون الذين يصرخون قائلين: دعونا نمضي قدماً، من غير المرجح أن يتمنوا لآبائهم أو أبنائهم أن ينتهي بهم الأمر في هذا المرجل من دون قذائف وطعام وأسلحة. الحرب شيء متموج... في بعض الأحيان يتعين علينا تقديم بعض التنازلات لإنقاذ حياة الناس». وأضاف أن دخول منطقة خيرسون إلى روسيا خطوة جادة ومدروسة. لكن الأمر سيستغرق الكثير من الوقت والجهد للسيطرة على المنطقة.
أما المعلق السياسي لوكالة «نوفوستي» وهي الهيكل الإعلامي الأهم لدى الكرملين، فقد سارع للتحذير من تصاعد موجة خيبة الأمل بعبارات لافتة للغاية. كتب: «ليست هناك خيانة في النخب، لأن أولئك الذين لا يشاركونهم تطلعات النصر، أولاً، ليس لهم تأثير على السلطة العليا، وثانياً، كفّوا عن كونهم نخباً. نعم، لدينا مشكلة كبيرة في الموظفين بسبب حقيقة أن المحترفين غالباً ما يكونون غير وطنيين، والوطنيون غير محترفين، ولكن في الحالات القصوى يتم تسريع جميع العمليات وتشكيل نخبة جديدة ذات تفكير حكومي من السلطة إلى الأعمال التجارية والثقافة أسرع بكثير. لكن التجديد ينبغي ألا يحل محله البحث عن خونة وخونة في السلطة (باستثناء الخونة الحقيقيين بالطبع)، فنحن لا نحتاج إلى تطهير من أجل التطهير - نحتاج إلى التخلص من القادة الضعفاء وغير الأكفياء، مع الاعتماد على توحيد كل القوى التي تدرك خطورة التحديات التي تواجهنا بالمهام».
ودعا المشككين إلى «عدم إلقاء اللوم المرير (على أحد) بسبب التخلي عن خيرسون. فبعد كل شيء، خيرسون مدينة روسية، مثل أوديسا تدمر الروسية، ونيكولاييف، مدينة بناة السفن. أينما نقرت على الخريطة، ستجد نفسك في مكان يمكنك بثقة إضافة صفة (الروسية) إليه».
ولا بأس هنا من استعارة دروس التاريخ لمواجهة حال فقدان الثقة أو خيبة الأمل، ويكفي أن يتذكر المواطن الروسي العادي، وفقاً للمعلق السياسي، أن هذه «ليست المرة الأولى التي تغادر فيها روسيا مناطق مهمة جداً، وميخائيل كوتوزوف يمكن أن يخبرنا الكثير عن الانسحاب الاستراتيجي الذي يفتح دائماً الطريق أمام روسيا للعودة والتقدم». إنها استعارة تذكّر بانسحاب القائد الروسي أمام جيوش نابليون التي دخلت موسكو عام 1812 قبل أن يدير حملة مقاومة ضارية انتهت بهزيمة القائد الفرنسي.


مقالات ذات صلة

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.