مناكفات أميركية ـ روسية حول دور «الجنائية الدولية» في محاكمة سيف القذافي

المنقوش بحثت مع كريم خان تعزيز التعاون في قضايا حقوق الإنسان والمقابر الجماعية

سيف الإسلام القذافي لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية نهاية 2021 (مفوضية الانتخابات)
سيف الإسلام القذافي لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية نهاية 2021 (مفوضية الانتخابات)
TT

مناكفات أميركية ـ روسية حول دور «الجنائية الدولية» في محاكمة سيف القذافي

سيف الإسلام القذافي لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية نهاية 2021 (مفوضية الانتخابات)
سيف الإسلام القذافي لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية نهاية 2021 (مفوضية الانتخابات)

انعكست المناكفات السياسية بين روسيا وأميركا، في ليبيا، على قضية سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، بعد مطالبة الأخيرة للسلطات في البلاد بضرورة تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وعقد مجلس الأمن الدولي، جلسة مساء أول من أمس، قدم خلالها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إحاطة للمرة الأولى من العاصمة الليبية طرابلس عن الأوضاع في البلاد، بعد محادثات ولقاءات عدة مع مسؤولين في السلطة وقيادات محلية.
ولا يزال سيف الإسلام القذافي يخضع لمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب» خلال اندلاع «الثورة» التي أطاحت بنظام والده في 17 فبراير (شباط) عام 2011.
وجددت الولايات المتحدة على لسان ريتشارد ميلز، نائب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة في إحاطة لمجلس الأمن الدولي، مطالبة السلطات الليبية بضرورة تسليم سيف الإسلام القذافي، إلى المحكمة الدولية، وقال: «إن السلطات الليبية لم تتعاون في تقديم سيف القذافي ليخضع أمام المحكمة في لاهاي. يجب أن يحدث هذا في أقرب وقت ممكن».
وقال خالد الغويل، مستشار اتحاد القبائل الليبية للشؤون الخارجية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «حديث الأميركيين لم يعد يعوّل عليه، و(الدكتور) سيف الإسلام مستمر في عمله، وتنسيقه مع كل التيارات الليبية مع أجل الانتخابات الرئاسية».
ورأى الغويل أن «السياسيات الأميركية ضد الديمقراطية وضد حقوق الإنسان، كما أنها تعمل ضد الدول العربية».
وأضاف: «كل ما نسعى إليه هو العمل من أجل الشعب الليبي، ونحن مستمرون في ذلك بغضّ النظر عن التوجهات الأميركية».
ومنذ بروز توتر في العلاقات بين واشنطن وموسكو في التعاطي مع الأزمة الليبية، وأميركا تدعو سيف، إلى تبرئة ساحته أولاً أمام المحكمة الدولية، بينما يحظى بمساندة روسيا على قاعدة «ضرورة مشاركته في الحياة السياسية، كونه مواطناً ليبياً».
ورفض سياسيون ليبيون محسوبون على نظام القذافي، ما سمّوه «تدخل أميركا في شأن بلادهم»، لافتين إلى أن المحكمة الجنائية الدولية «لم تقدم أي اتهام ضد (الدكتور) سيف حتى الآن، إلى جانب أنها توقفت عن المطالبة باستدعائه».
كما استغرب أحد مشايخ قبيلة القذاذفة في حديث إلى «الشرق الأوسط” من «إصرار أميركا، وبريطانيا أيضاً على المطالبة الدائمة لسيف القذافي تسليم نفسه للمحكمة الجنائية»، ورأى أن «هاتين الدولتين أسهمتا في تدمير بلاده، والآن تريد فرض وصايا عليها في تجاوز لقضائها الوطني».
وسبق لكارولاين هرندل، السفيرة البريطانية لدى ليبيا، التلويح بالمحكمة الجنائية خلال تقدم سيف القذافي بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية التي تأجلت نهاية العام الماضي، وقالت: «يجب عليه (سيف القذافي) الاستعداد لمواجهة التهم الموجهة إليه من المحكمة»، وهو الأمر الذي رفضه حينها مسؤول حملته الانتخابية.
وحث ميلز، بحضور المدعي العام للمحكمة الجنائية عبر تقنية الفيديو، على ضرورة أن «يواجه كبار المسؤولين السابقين في نظام القذافي، مثل سيف، العدالة، وعلى المحكمة التحقيق في ذلك في أقرب وقت ممكن».
في سياق قريب، استقبلت وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة» المؤقتة نجلاء المنقوش صباح أمس، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، في مقر الوزارة بالعاصمة طرابلس، في لقاء هو الأول من نوعه بين خارجية ليبيا والمدعي العام.
وناقش الجانبان، وفقاً لوزارة الخارجية، تعزيز التعاون بين القضاء الليبي والمحكمة الجنائية ومكتب المدعي العام، في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، وجرائم القتل، وقضية المقابر الجماعية في مدينة ترهونة.
ولفتت الوزارة إلى بحث «توفير الدعم الدولي الفني والتقني في المسائل الجنائية، وتطوير نطاق التعاون وآلياته، بالإضافة إلى إمكانية إقامة مؤتمر دولي في ليبيا بإشراف المحكمة الجنائية في ليبيا بأقرب وقت ممكن».
وأفصح خان، خلال إحاطته إلى مجلس الأمن، عن لقائه مع كثير من الضحايا في مدن بنغازي ودرنة وتاجوراء وترهونة، بالإضافة لمعاينته السجون التي احتُجز فيها مدنيون في ظروف وصفها بـ«البشعة»، هذا فضلاً عن إلقاء جثث بعض الأشخاص الذين قُتلوا «في المكبّات والمقابر الجماعية»، وفقاً له.
ولفت المدعي العام للمحكمة ضمن إحاطته إلى توثيق انتهاكات لحقوق الإنسان في ليبيا بالأدلة، وللمرة الأولى منذ 2011، وقال بالخصوص: «لقد جمعنا كثيراً من الأدلة بفضل الصور والشهود والتسجيلات في لاهاي وتونس ومناطق أخرى».
ولفت إلى ضرورة فتح تحقيق شامل في جرائم سابقة منذ عام 2011 وقعت في مدن مصراتة والزاوية والشرق وتاجوراء، وعمليات تهريب واتجار بالبشر، واحتجاز لمهاجرين.
وكشف خان، عمّا دار خلال اللقاء الذي جمعه (الثلاثاء) مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، وقال: «كنت شديد الوضوح في لقائي مع حفتر، في بنغازي بشأن حصول المحكمة الجنائية على أدلة حول مزاعم انتهاكات ارتكبتها قوات تابعة للجيش»، وقلت له: «إننا سنركز عملنا في ليبيا على تدابير تؤدي إلى نتائج ملموسة، سواء كان الأمر يتعلق بقائد عسكري أو فرد مدني»، كما أوضحت أن «القيادات العسكرية مسؤولة عن منع الجرائم والمعاقبة عليها عندما تُرتكب».
ولمزيد من المناكفات، طالب جورجي كوزمن، نائب المندوب الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة، بسحب الملف الليبي من المحكمة الجنائية، ورأى أن مجلس الأمن يستمع مرتين سنوياً منذ 11 عاماً إلى تقارير تتعلق بالوضع في ليبيا «دون إحراز تقدم في هذه الاتجاه».
وبشأن التقرير الذي رفعه خان إلى المجلس بشأن ليبيا، استهجن المندوب الروسي، تعميم التقرير عليهم عشية الجلسة، وفسّر ذلك بأن «رفع التقارير إلى المجلس بات مجرد إجراء شكلي مزعج».
وسيف، المولود في 25 يونيو (حزيران) عام 1972 هو النجل الأكبر للقذافي من زوجته الثانية صفية فركاش البرعصي، وثاني أولاد العقيد الراحل التسعة، قبع في مدينة الزنتان بـ(غربي البلاد) عشر سنوات قبل ظهوره مجدداً وإعلان ترشحه لرئاسة ليبيا.


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

«هدنة غزة»: جولة جديدة للوسطاء لبحث «المقترح المصغر»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: جولة جديدة للوسطاء لبحث «المقترح المصغر»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

في الوقت الذي بدأ فيه الوسطاء الساعون لإبرام صفقة لتبادل المحتجزين والسجناء ووقف إطلاق النار في غزة، جولة جديدة من المفاوضات في الدوحة، كشف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن القاهرة اقترحت وقفاً لإطلاق النار لمدة يومين في غزة لتبادل أربع رهائن إسرائيليين مع بعض السجناء الفلسطينيين.

وأضاف السيسي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، الأحد، في القاهرة، أن «مصر في خلال الأيام القليلة الماضية قامت بجهد في إطلاق مبادرة تهدف إلى تحريك الموقف وإيقاف إطلاق النار لمدة يومين يتم (خلالهما) تبادل أربع رهائن مع أسرى». وأردف: «ثم خلال 10 أيام يتم التفاوض على استكمال الإجراءات في القطاع، وصولاً إلى إيقاف كامل لإطلاق النار».

وتحتضن الدوحة جولة جديدة لوسطاء ضمن مساعي إبرام هدنة في قطاع غزة، بعد توقف نحو شهرين.

واستبقها وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بالحديث عن أهمية تقديم «تنازلات مؤلمة» لإتمام صفقة، يراها خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» ضمن تحركات جديدة للوسطاء لبحث إبرام صفقة تزداد قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، إن لم يعرقلها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، متوقعين «جولات أخرى من المحادثات أوسع وأشمل خلال الفترة القليلة المقبلة».

اتفاق قصير الأجل

وانطلقت مفاوضات الدوحة، الأحد، بحضور مدير المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز، ورئيس «الموساد» ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «بهدف التوصل إلى اتفاق قصير الأجل لأقل من شهر، وتبادل بعض الرهائن مع فلسطينيين محتجزين في سجون إسرائيل، كمقدمة لاتفاق أكثر استدامة»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، عن مصدر لم تسمه.

وأفادت «القناة 12» الإسرائيلية، الأحد، بأن جولة الدوحة «ستكون اجتماع عمل محدوداً في الدوحة بمشاركة رئيس (الموساد) ورئيس الـ(CIA) ورئيس وزراء قطر، والهدف بدء مفاوضات على أساس مقترح محدث، في محاولة لتمكين إجراء محادثات أوسع في الأيام المقبلة».

ووفق صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن الجانب الإسرائيلي قدم عرضاً جديداً بشأن وقف إطلاق النار يتمثل في إمكانية منح أعضاء «حماس» ممراً آمناً إلى دولة أخرى إذا ألقوا أسلحتهم وأطلقوا سراح الرهائن الذين تشير تقديرات غير رسمية إلى أن عددهم 97 رهينة.

وكشف وسطاء عرب للصحيفة أن الاقتراح الذي قدمه رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، في اجتماع مع مسؤولين مصريين، الأسبوع الماضي، من المرجح أن يُطرح مرة أخرى، الأحد، مع تجديد محادثات وقف إطلاق النار في قطر، رغم رفض «حماس» له.

نازحة فلسطينية تقف أمام خيمتها التي مزقتها غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

الورقة الرابحة

الأقرب أن تكون الصفقة المصغرة المحتملة بصدارة المباحثات، وفق تقديرات المحلل السياسي الفلسطيني، والقيادي بحركة «فتح»، الدكتور أيمن الرقب، وتشمل تبادل رهائن مزدوجي الجنسية مقابل أسرى فلسطينيين، ووقف إطلاق النار لأقل من شهر، وانسحاباً من بعض المناطق، وإدخال مزيد من المساعدات.

ويضيف الرقب: «هناك مقترح آخر طرحته (حماس)، ويشمل إتمام صفقة شاملة، يتم فيها تبادل كل الأسرى بعدد كبير من أسرى فلسطين، مع ترتيبات أمنية بين (حماس) والسلطة الفلسطينية ودول عربية مع انسحاب إسرائيلي من القطاع»، مضيفاً: «لكن قد لا يلقى هذا المقترح قبولاً إسرائيلياً، وبالمقابل لن تقبل (حماس) مهما تلقت من ضربات قاسية أن تفرط في الورقة الرابحة لديها، وهي ورقة الرهائن بأي ثمن».

ويدعو الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، إلى التمهل في حسم نتائج جولة الدوحة، لافتاً إلى أن أي صفقة ستنفذ ستحتاج لتنازلات، والأقرب أن تقدمها إسرائيل ليستفيد منها نتنياهو المتضرر من ملف الرهائن رغم مكاسبه التي يتحدث عنها.

وعلى إسرائيل تقديم «تنازلات مؤلمة»، وفق وزير الدفاع الإسرائيلي في كلمته، الأحد، بالقدس، لضمان استعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، مشيراً إلى أن العمليات العسكرية وحدها لن تحقق أهداف الحرب.

ويعزز تقديم تلك التنازلات وفق غالانت، أن «حماس» لم تعد قادرة على تنفيذ أي مهام عسكرية في قطاع غزة، كما تم القضاء تماماً على كبار قادة «حزب الله» وأغلب قدراته الصاروخية، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وكان نتنياهو، أحد رافضي وقف الحرب، قال الخميس، في بيان لمكتبه، إنه يرحب باستعداد مصر للدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة. وقاطعت عائلات الأسرى كلمة رئيس الوزراء في حفل تأبين بالقدس، الأحد، وطالبته بإبرام صفقة وإرجاع ذويهم.

الانتخابات الأميركية

وبتقدير اللواء سمير فرج، فإن ملف الرهائن «نقطة سوداء وضعف» لدى نتنياهو، لافتاً إلى أنه رغم المكاسب التي حققها بحسب تقديره من قتل يحيى السنوار وحسن نصر الله، فإن صفقة الأسرى لا تزال تطارده ويحتاج تحقيق إنجاز بشأنها يقلل الانتقادات الموجهة له من عائلات الأسرى.

ويدخل نتنياهو هذه الجولة وهو لديه جثة السنوار كورقة مساومة وضغط قد يستخدمها في جولات التفاوض، وفق اللواء سمير فرج، متوقعاً إقرار الصفقة المصغرة بهدنة تصل إلى 10 أيام أو نحو أسبوعين، إن حُسمت تفاصيلها قبل عقد الانتخابات الأميركية، وإلا فالانتظار لما بعد نتائجها.

ورغم كل الفرص المحتملة لإبرام صفقة مصغرة بحسب الرقب، فإنه يستبعد أن تكون قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية المقررة، في ظل حرص نتنياهو على دعم حليفه الجمهوري دونالد ترمب، بعدم تقديم أي فرصة لمكاسب انتخابية جراء عقد اتفاق لغريمته الديمقراطية، كامالا هاريس.

وبالتالي يعتقد أن المحادثات لن تتوقف، وسوف تشهد جولات أخرى، وربما يُكتب لها الذهاب لاتفاق بعد الانتخابات الأميركية، كما يتوقع الرقب.

صورة تم التقاطها في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ورغم عدم مشاركة مصر بهذا الاجتماع، فإن «الجهود المبذولة من جانب مصر، بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة»، ضمن النقاشات الرئيسية خلال اتصالين هاتفيين أجراهما وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، ونظيره الفلسطيني محمد مصطفى.

والتقى وفد أمني مصري رفيع المستوى بوفد من قيادات حركة «حماس» بالقاهرة، وكذلك برئيس «الموساد»، نهاية الأسبوع الماضي، لبحث مفاوضات الهدنة، وفقاً لما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» عن مصدر مسؤول.

وتحدث مصدر مطلع لوكالة «رويترز» عقب الاجتماع عن أن «(حماس) أكدت جاهزيتها لوقف القتال إذا التزمت إسرائيل بوقف النار، والانسحاب من القطاع، وعودة النازحين، وإبرام صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن لقاء القاهرة «ناقش أفكاراً واقتراحات تتعلق باستئناف المفاوضات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى».

ويوضح فرج أن مصر عضو رئيسي في مفاوضات هدنة غزة، وعدم مشاركتها لا يعني غيابها، لافتاً إلى أن القاهرة تواصل منذ اندلاع حرب غزة جهودها بالوساطة، واستضافت لقاءين بالقاهرة مع «حماس» و«الموساد»، دون مشاركة قطر، الخميس الماضي، مشيراً إلى أن كل دول الوساطة تفعل ما بوسعها لحل الأزمة.

وبالمثل، فإن اجتماع الدوحة بمثابة استكشاف من قطر كما فعلت مصر، على أن يشمل محادثات أخرى شاملة حال حدث تقدم بالمفاوضات، كما يتوقع سمير فرج، متفائلاً بحذر من مسار تلك الجولة الجديدة وإمكانية تحقيق اتفاق قريب.