النفط السوري... تعاون بين «أثرياء الحرب» وصراع أميركي ـ روسي

إنتاج حوالي 90 ألف برميل يومياً شرق الفرات للاستهلاك المحلي والتهريب إلى مناطق الحكومة والدول المجاورة

قوات أميركية تقوم بتدريبات مع «قوات سوريا الديمقراطية» بريف الحسكة في 7 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
قوات أميركية تقوم بتدريبات مع «قوات سوريا الديمقراطية» بريف الحسكة في 7 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

النفط السوري... تعاون بين «أثرياء الحرب» وصراع أميركي ـ روسي

قوات أميركية تقوم بتدريبات مع «قوات سوريا الديمقراطية» بريف الحسكة في 7 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
قوات أميركية تقوم بتدريبات مع «قوات سوريا الديمقراطية» بريف الحسكة في 7 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)

مع دخول الحرب في سوريا عامها الثاني عشر، ومع استمرار الصراع الأميركي - الروسي للسيطرة على قطاع النفط وإمكانياته، وجد المسلحون المحليون و«أثرياء الحرب» والخصوم الإقليميون في النفط نقطة إجماع نادرة على التعاون والاستحواذ على ما تبقى من الثروات وعائداتها.
بلغ إنتاج النفط من الحقول والمنشآت الواقعة بشكل رئيسي في شمال شرقي سوريا حوالي 400 ألف برميل يومياً قبل بدء الصراع. وبعد اندلاعه عام 2011، سيطرت قوى متناحرة مختلفة، بما في ذلك فصائل من المعارضة و«تنظيم داعش»، على جزء كبير من هذه الثروة النفطية. وأدت العقوبات الغربية المفروضة على قطاع النفط السوري إلى مغادرة شركات النفط الأجنبية البلاد.
حالياً، تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وهي عبارة عن ائتلاف مدعوم من الولايات المتحدة، على ربع الأراضي السورية، بما في ذلك منطقة شرق الفرات، الغنية بالثروات النفطية والغازية والزراعية والمائية. ويعني هذا أن «قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر الآن على 90 في المائة من النفط، وأكثر من 50 في المائة من حقول الغاز الطبيعي، فضلاً عن البنية التحتية المملوكة لشركات أجنبية، تبعاً لعقود موقعة مع حكومة دمشق، بما في ذلك «غلف ساندز بتروليوم» و«توتال» و«شل». وجرى تطويق آبار ومنشآت النفط و«حمايتها» من قبل «قوات سوريا الديمقراطية» بقيادة أميركا.
من جهة أخرى، أعلنت دمشق أن خسائر قطاع النفط، منذ بداية الأزمة، بلغت 91.5 مليار دولار. وكشف وزير النفط بسام طعمة أن إنتاج النفط اليومي يبلغ 89 ألف برميل، معظمها في المناطق الخاضعة لسيطرة «قسد». ويصف طعمة هذا النفط بأنه «مسروق» من الشعب السوري.

- صراع دولي
بعد التدخل الروسي العسكري أواخر عام 2015، وقعت دمشق عقوداً مع شركات روسية للاستثمار في قطاعي النفط والغاز في سوريا والمياه الإقليمية التابعة لها. كما تعاقدت دمشق مع شركة «إفرو بوليس»، المرتبطة برجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين، الذي يتولى تمويل مرتزقة «فاغنر»، لحماية منشآت النفط والغاز الطبيعي وتحريرها من قبضة «داعش»، مقابل 25 في المائة من العائدات. وتضمن ذلك سيطرة «إفرو بوليس» على موقع إيبلا الضخم لإنتاج الغاز الطبيعي التابع لشركة «سنكور» قرب تدمر، في عملية أدت لوقوع الكثير من الضحايا.
كان هذا الاتفاق الغطاء الذي تعمل تحته مجموعة «فاغنر» العسكرية. وتشير التقديرات إلى أن «فاغنر» كان لديها ما يصل إلى 2500 مقاتل داخل سوريا عام 2018، وقد شاركوا في القتال في سوريا أو في معسكرات التدريب والإعداد في روسيا، وجرى نقل بعضهم إلى ليبيا، والآن إلى أوكرانيا.
في الواقع، غطى الاتفاق بين «إفرو بوليس» ودمشق المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة فقط. وفي مطلع عام 2018 شن مرتزقة «فاغنر» هجوماً على منشأة إنتاج للغاز تتبع شركة «كونوكو» شرق الفرات، وهو موقع يخضع لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، لكنهم تعرضوا لقصف شديد بالمدفعية الأميركية وغارات جوية أميركية أسفرت عن مقتل نحو 200 من المرتزقة.
وفي عام 2019 أصدر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إعلاناً صادماً عن انسحاب القوات الأميركية من المنطقة المحيطة بالحدود السورية مع تركيا، الواقعة شرق الفرات، ما يمنح تركيا الضوء الأخضر للتوغل في شمال سوريا ووضع «قوات سوريا الديمقراطية»، حلفاء واشنطن، تحت ضغوط جديدة.
وفي 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أقنع السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، مع بعض المسؤولين الأميركيين والأوروبيين، الرئيس ترمب بالاحتفاظ بـ900 من أفراد الجيش الأميركي شرق سوريا، لحماية النفط. وقال ترمب في وقت لاحق إن «عدداً صغيراً من الجنود سيبقون في المناطق التي تحتوي على النفط»، مؤكداً «حرصنا على تأمين وحماية النفط».
وفي يوليو (تموز) 2020 أعلنت واشنطن أن قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، أبلغ إدارة ترمب بتوقيع اتفاق مع شركة «دلتا كريسنت إنرجي» الأميركية للاستثمار في النفط بعد الحصول على إعفاء من وزارة الخزانة من العقوبات المفروضة على سوريا. وصرح وزير الخارجية آنذاك، مايك بومبيو، أن الهدف من الصفقة «تحديث صناعة النفط».
وتسبب الموقف في إحراج وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) التي أصدرت بيانات متضاربة بهذا الشأن. بادئ الأمر، أعلن البنتاغون أن «النفط السوري للشعب السوري، وسنظل ملتزمين بوحدة وسلامة أراضي سوريا». لكن وزير الدفاع الأميركي السابق، مارك إسبر، أعلن لاحقاً: «نتخذ الآن إجراءات لتعزيز موقعنا في دير الزور لمنع (داعش) من الوصول إلى حقول النفط». وأكد البنتاغون إرسال قوات ومدرعات لحماية حقول النفط.
اليوم، لا يزال الصراع الأميركي - الروسي للسيطرة على النفط والغاز مستمراً. وقال قيادي في المعارضة إن ضباطاً روسيين رفيعي المستوى طالبوا مراراً قادة «قوات سوريا الديمقراطية» بالسماح لشركات روسية وقعت عقوداً مع دمشق بالعمل في حقول النفط الواقعة شرق الفرات، لكن المسؤولين الأكراد ردوا بأن الأمر يتطلب موافقة حلفاء الولايات المتحدة المشاركين في السيطرة على حقول النفط.

- «أثرياء الحرب»
تفاقم الصراع الروسي - الأميركي المستمر جراء الحرب في أوكرانيا، وتجمد الوضع العسكري في سوريا، خاصة في ظل غياب احتمال التوصل لحل سياسي مع تصاعد الاحتياجات الاقتصادية والإنسانية للشعب السوري. ويعني هذا أن النفط برز كعامل من عوامل التعاون الضمني بين المسلحين غير الشرعيين من السوريين والأجانب لتقاسم عائدات حوالي 89 ألف برميل يومياً. وتستغل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (الجناح الإداري لقوات سوريا الديمقراطية) جزءاً من الإنتاج محلياً، بينما ينقل الوسطاء والمتربحون من الحرب جزءاً آخر إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة (وتشكل ثلثي الأراضي السورية) من أجل التكرير أو الاحتفاظ به. وتنقل الصهاريج النفط من شرق الفرات إلى مصافي النفط في مناطق تخضع لسيطرة الحكومة السورية، علماً بأن الحكومة السورية تتهم القوى المهيمنة في شرق البلاد بأنهم «خونة» و«عملاء للاحتلال الأميركي».
ووفقاً لتقديرات بعض الخبراء، تتلقى الإدارة الذاتية في الشمال والشرق حوالي 16 دولاراً أميركياً للبرميل، فيما يذهب 15 دولاراً أميركياً أخرى للحكومة السورية. أما المبلغ المتبقي، والذي قد يصل إلى 50 دولاراً أميركياً للبرميل، فإنه «يُفقد» وينتهي به المطاف في أيدي هؤلاء المتربحين من الحرب.
وفي السياق ذاته، قال مصدر مطلع إن مسؤولين في «حزب العمال الكردستاني» نصحوا قادة «قوات سوريا الديمقراطية» بالتنسيق مع دمشق فيما يتعلق ببيع النفط على الصعيدين الداخلي والإقليمي.
كما تحدث مسؤولون عن شبكات تعمل في الظل لتهريب النفط ومشتقاته بين منطقة شرق الفرات الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية العماد الرئيسي لها، ومناطق «درع الفرات» أو جيوب أخرى تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية والجيش التركي. يذكر أن القوات العسكرية في هاتين المنطقتين تخوض يومياً قتالاً وغارات وضربات، وتتبادل الاتهامات بـ«الخيانة» و«الإرهاب».
واللافت أن التعاون بين المتناحرين يمتد إلى ما وراء الحدود. وتشير تقارير إلى تهريب النفط إلى كردستان العراق وبعض المناطق التركية، بمشاركة وسطاء وأفراد مقربين من أصحاب القرار هناك، رغم استمرار الخلافات السياسية والعسكرية بين أصحاب القرار في القامشلي وأربيل. كذلك أفادت تقارير بأن النفط يجري تهريبه إلى داخل كردستان العراق، إما من أجل الاستخدام المحلي أو التهريب إلى تركيا. ويجري بيع النفط بأسعار ضئيلة للغاية، في الوقت الذي تعاني فيه حقول النفط والبيئة المحيطة بها حالياً من ظروف شديدة.
وفي هذا الصدد، قال مسؤول غربي مطلع: «على الأرجح أن صناع القرار في هذه المناطق ليسوا في عجلة من أمرهم للوصول إلى حل سياسي يعيق تدفق الأموال إلى جيوبهم. والأرجح أن المتربحين من الحرب داخل مناطق النفوذ المحلية والدول المجاورة لا يريدون للحرب أن تنتهي».

- اقتراح بديل
عندما تولى الرئيس جو بايدن منصبه، أعلنت إدارته إعفاءات من العقوبات سمحت ببعض الاستثمارات الهادفة، (رغم أن هذا استثنى صناعة النفط)، في شرق الفرات. إلا أنها قررت عدم تمديد الإعفاء من العقوبات الممنوح لشركة «دلتا كريسنت إنرجي» لأسباب عدة، أهمها اعتراض شركات أجنبية تملك حقوق السيادة في الحقول النفطية. على سبيل المثال، وقعت شركة «غلف ساندز بتروليوم» (غلف ساندز) عقداً مع دمشق عام 2003 للاستثمار في البلوك 26 شرق الفرات وتطويره. وطبقاً لما ورد في تقريرها السنوي لعام 2021 وصل الإنتاج غير المصرح به من البلوك 26 منذ أوائل عام 2017 قرابة 20 ألف برميل يومياً، ما يعني أنه جرى إنتاج حوالي 35 مليون برميل منذ ذلك الحين.
وفي غضون ذلك، تدعو شركة «غلف ساندز»، ومقرها لندن، إلى مبادرة إنسانية «رابحة للجانبين» من شأنها أن تمكنها وشركات النفط العالمية الأخرى من استعادة السيطرة على أصولها. وبدلاً من أن يتدفق النفط إلى الكيانات الخاضعة للعقوبات وغيرها من الوسطاء غير المصرح لهم، ستسهم مبادرة «غلف ساندز» في تحويل عائدات مبيعات النفط إلى صندوق تسيطر عليه الأمم المتحدة. من جهته، قال جون بيل، العضو المنتدب لشركة «غلف ساندز»، إن ثمة حاجة إلى توجه جديد للتخفيف من المعاناة الهائلة في سوريا. وأضاف «سوريا بحاجة إلى مليارات الدولارات التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال النفط والغاز»، ووصف الخطط بأنها «مكسب للأكراد ودمشق والشعب السوري». واقترح توجيه نصيب من عوائد النفط إلى حساب مخصص للأغراض الإنسانية يخضع لسيطرة الأمم المتحدة، بحيث تتوافق مدفوعاته بالكامل مع العقوبات المفروضة على سوريا. وقد يبدو هذا الأمر بسيطاً، لكنّ محللين ربطوا المبادرة ببرنامج «النفط مقابل الغذاء» الذي جرى تطبيقه في العراق قبل الغزو الأميركي عام 2003، ويقر بيل بضرورة تعلم الدروس من هذا البرنامج المشؤوم، بينما يقترح المبادرة على أصحاب المصلحة الدوليين. وتأتي هذه المبادرة في الوقت المناسب، مع استمرار المناقشات حول توسيع نطاق تقديم المساعدات الدولية عبر الحدود، بما في ذلك شموله تمويل مشروعات التعافي المبكر وشؤون إنسانية وصحية أخرى.


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


5 نقاط أساسية عن معبر رفح بين غزة ومصر

شاحنة محملة بمواد غذائية تنتظر في الجانب المصري الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول قطاع غزة عبر معبر رفح في 27 يوليو 2025 (أ.ف.ب)
شاحنة محملة بمواد غذائية تنتظر في الجانب المصري الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول قطاع غزة عبر معبر رفح في 27 يوليو 2025 (أ.ف.ب)
TT

5 نقاط أساسية عن معبر رفح بين غزة ومصر

شاحنة محملة بمواد غذائية تنتظر في الجانب المصري الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول قطاع غزة عبر معبر رفح في 27 يوليو 2025 (أ.ف.ب)
شاحنة محملة بمواد غذائية تنتظر في الجانب المصري الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول قطاع غزة عبر معبر رفح في 27 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

أبدت مصر وقطر وست دول أخرى، الجمعة، قلقها حيال إعلان إسرائيل نيتها فتح معبر رفح في اتجاه واحد للسماح حصراً بخروج سكان غزة إلى مصر.

وكانت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) أعلنت، الأربعاء، أن معبر رفح سيفتح «في الأيام المقبلة» للسماح حصراً بخروج سكان غزة إلى مصر. لكن القاهرة نفت وجود اتفاق يسمح بعبور السكان في اتجاه واحد.

فيما يأتي خمس نقاط أساسية ينبغي معرفتها عن معبر رفح.

1 - نقطة عبور حيوية:

يعدّ معبر رفح نقطة عبور حيوية لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، ولا سيما الغذاء والوقود لإمداد القطاع المحروم من الكهرباء بالطاقة.

ولفترة طويلة، كان المعبر أيضاً نقطة الخروج الرئيسية للفلسطينيين الذين يُسمح لهم بمغادرة القطاع الصغير الذي تحاصره إسرائيل منذ عام 2007.

بين 2005 و2007 كان معبر رفح أول منفذ حدودي فلسطيني تديره السلطة الفلسطينية إلى أن تحول رمزاً لسيطرة حركة «حماس» على القطاع بعد فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، ثم توليها السلطة إثر مواجهات مع حركة «فتح».

2 - سيطرة إسرائيلية:

في 7 مايو (أيار) 2024، سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من المعبر، مدعياً أنه «يُستخدم لأغراض إرهابية»، وسط شكوك في تهريب الأسلحة.

منذ ذلك الحين، أُغلقت معظم نقاط العبور إلى غزة بما فيها تلك التي تستخدمها الأمم المتحدة.

وأُعيد فتح المعبر لفترة وجيزة خلال وقف إطلاق نار قصير بين إسرائيل و«حماس» في 19 يناير (كانون الثاني)، ما سمح بمرور بعض الأفراد المصرّح لهم، ومرور الشاحنات.

3 - هل يُفتح مجدداً؟

في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2025، دخل اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ بوساطة أميركية - مصرية - قطرية.

فلسطينيون يحملون جوازات سفر أجنبية يغادرون قطاع غزة إلى مصر عبر معبر رفح في 19 نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

حينذاك، تحدث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر عن خطط لإعادة فتح المعبر، في حين أكد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه سيظل مغلقاً «حتى إشعار آخر».

وفي بداية ديسمبر (كانون الأول)، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن معبر رفح سيفتح في «الأيام المقبلة» للسماح حصراً بخروج سكان غزة إلى مصر، فيما نفت الأخيرة وجود اتفاق يسمح بعبور السكان في اتجاه واحد.

وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) إنه «وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح في الأيام المقبلة بشكل حصري لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر».

في المقابل، أكدت مصر، على لسان «مصدر مسؤول»، أنه «إذا تم التوافق على فتح المعبر، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب».

وأوضحت «كوغات» أن المعبر سيعمل تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية، «على غرار الآلية التي كانت سارية في ديسمبر 2025».

وتنص خطة ترمب، التي تعدّ أساس اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، على أن يعاد فتح معبر رفح للسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

لكن منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، تماطل السلطات الإسرائيلية في فتح المعبر، متهمة «حماس» بتعطيل الاتفاق لعدم تسليمها جميع جثث الرهائن التي ما زالت داخل القطاع.

4 - معبر كرم أبو سالم:

عادة ما تصل المساعدات الدولية إلى مصر عبر ميناءي بورسعيد والعريش على البحر المتوسط، ومنهما إلى الجانب المصري من معبر رفح.

ووفقاً لشهادات سائقي شاحنات المساعدات، يتم توجيه الشاحنات فور عبورها حاجز رفح جنوباً إلى معبر كرم أبو سالم على بعد بضعة كيلومترات.

وهناك، يترجل السائقون تاركين الشاحنات لتفتيش دقيق يُجرى بعده إفراغ الحمولات التي حصلت على الموافقة الإسرائيلية، ثم يعاد تحميلها على مركبات أخرى مُصرّح لها بدخول غزة.

5 - معابر أخرى:

ينص اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعاه ترمب على دخول 600 شاحنة مساعدات إلى غزة يومياً.

ولكن ما زالت إسرائيل تسمح بدخول أعداد أقل مما ورد في الاتفاق، معظمها عبر معبر كرم أبو سالم والباقي عبر معبر كيسوفيم، وفقاً للأمم المتحدة.

وكان قد تم تدمير معبر بيت حانون الواقع بين غزة وجنوب إسرائيل في أثناء هجوم «حماس» على الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأعيد فتحه لفترة وجيزة مطلع عام 2025، غير أنه أغلق مجدداً حتى إشعار آخر.

وهناك نقاط عبور أخرى بين قطاع غزة وإسرائيل كانت تعمل حتى قبل بدء الحرب، ولم تعلن السلطات الإسرائيلية بعد ما إذا كانت تعتزم معاودة فتحها.


مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
TT

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

قالت عائلة المعتقل الفلسطيني المسن من قياديي حركة «حماس» محمد أبو طير، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري، وفق ما نشرت «رويترز».

وقال مصعب نجل محمد أبو طير (75 عاماً): «داهمت قوات إسرائيلية منزل العائلة في قرية دار صلاح شرق بيت لحم قبل الفجر منذ نحو ثلاثة أسابيع واعتقلت والدي الذي أمضى ما مجموعه 44 عاماً في سجون الاحتلال».

وأضاف لـ«رويترز» عبر الهاتف: «يعاني والدي من أمراض السكري والضغط والصدفية ولا نعلم إن كان يحصل على دوائه أم لا ولا نعرف سبب اعتقاله».

وأوضح مصعب أبو طير أن تحويل والده للاعتقال الإداري لأربعة أشهر يعني أن إسرائيل لم تجد تهماً توجهها إلى والده. وقال: «هذه المرة الأوضاع في السجون الإسرائيلية صعبة جداً ووضع والدي الصحي لا يتحمل هذه الظروف».

وتستخدم إسرائيل قانوناً بريطانياً قديماً يتيح لها اعتقال الفلسطينيين من دون محاكمة بين ثلاثة وستة أشهر قابلة للتجديد بدعوى وجود ملف أمني سري للمعتقل.

ولم يصدر بيان من الجهات الإسرائيلية ذات الصلة عن أسباب اعتقال أبو طير.

وقال نادي الأسير الفلسطيني، في بيان: «قرار الاحتلال بنقل المعتقل الإداري المقدسي والمسنّ محمد أبو طير إلى قسم ركيفت الواقع تحت الأرض في سجن نيتسان بالرملة، هو قرار إعدام بحقه». وعاودت إسرائيل فتح ركيفت بعد الحرب للزج بمعتقلي غزة فيه.

وأضاف النادي في بيانه: «أبو طير هو نائب سابق (في المجلس التشريعي الفلسطيني)، وقد قرر الاحتلال إبعاده عن القدس إلى جانب مجموعة من النواب المقدسيين كما أقدم الاحتلال لاحقاً على سحب هويته المقدسية».

وفاز أبو طير في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في 2006، وحصلت حركة «حماس»، التي شاركت فيها للمرة الأولى، على أغلبية مقاعد المجلس.

وتشير الإحصاءات الفلسطينية الرسمية إلى أن عدد المعتقلين إدارياً من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ 3368 حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وحذرت الرئاسة الفلسطينية «من خطورة ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمسّ كرامتهم الإنسانية وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة».

واستنكرت الرئاسة في بيان لها اليوم «بشكل خاص ما يتعرض له القائد الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجون الاحتلال».


«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
TT

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية، في خطوة قال مفوض الوكالة، فيليب لازاريني، إنها تعكس تضامناً عالمياً واسعاً مع اللاجئين الفلسطينيين.

وقال لازاريني، في منشور على «إكس»، إن قرار الأمم المتحدة «هو أيضاً إقرار بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات الإنسانية والتنموية للاجئي فلسطين، إلى حين التوصُّل إلى حل عادل ودائم لمعاناتهم المستمرة منذ عقود».

وزعمت إسرائيل، أوائل العام الماضي، أن 12 من موظفي «أونروا» شاركوا في الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأشعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ مما دفع دولاً عدة، من بينها الولايات المتحدة إلى تعليق تمويل الوكالة.

وخلصت مراجعة، صدرت في وقت لاحق من ذلك العام أجرتها مجموعة عمل أممية، إلى أن إسرائيل لم تقدِّم أدلةً على مزاعمها بأنَّ موظفين في «أونروا» أعضاء في جماعات إرهابية.

وتأسست «أونروا» في 1949 بعد إعلان قيام إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في العام السابق، وتقدم خدمات تعليمية وصحية، ومساعدات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.