تحولت ولاية بنسلفانيا، مساء السبت، إلى ساحة «معركة سياسية» قبيل انتخابات الكونغرس النصفية، إذ حشد الرئيس الأسبق دونالد ترمب في لاتروب دعما للمرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ محمد أوز، فيما انضم باراك أوباما إلى الرئيس جو بايدن لدعمٍ في فيلاديلفيا لتحفيز القاعدة الديمقراطية، ودعم المرشح لمجلس الشيوخ جون فيترمان.
انتخابات «تاريخية»
تجمع الآلاف من مناصري ترمب، السبت، في بنسيلفانيا لرص الصفوف مع «رئيسهم» ودعم «موجة حمراء ضخمة» جمهورية في انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة.
ويشكل استحقاق الثلاثاء «رافعة» لترشح الرئيس الأميركي السابق لانتخابات 2024؛ وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ديكسي شابيل (49 عاماً) العاملة في حضانة، أثناء مغادرتها التجمع برفقة ابنتها وأختها ووالديها. وأضافت المرأة التي جاءت من فيرجينيا على بعد 4 ساعات في السيارة لتستمع إلى الرئيس السابق أنه «يضخ طاقة في هذه الحملة». وتابعت «نحتاج إلى أشخاص سيُنتخبون لمتابعة المسيرة نحو 2024».
وكانت شابيل من بين قلائل لم يرتدوا قبعة حمراء أو قميصاً مطبوعاً بحروف «MAGA» (اجعل أميركا عظيمة من جديد)، بل ارتدت سترة سوداء أثناء مشاركتها مع الحشد الكبير القادم لتشجيع دونالد ترمب قائد الحملة الجمهورية في انتخابات التجديد النصفي، والذي يأمل مناصروه ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة. ولمح ترمب مجددا لترشيحه المحتمل، قائلاً: «بعد وقت قصير جداً جداً، ستكونون سعداء جداً جداً»، ما حمس الجمهور. وأكد ترمب أنه يرغب في تأجيل الإعلان عن ترشحه «للحفاظ على الاهتمام» بالمرشحين الجمهوريين.
وقال من على مدرج مطار في لاتروب بالقرب من بيتسبرغ: «إذا كنتم تريدون إنهاء دمار بلدنا وإنقاذ الحلم الأميركي، فعليكم أن تصوتوا للجمهوريين هذا الثلاثاء لإحداث موجة حمراء ضخمة». وأكد في نهاية خطاب استمر أكثر من ساعتين وغادره كثيرون قبل نهايته لطوله «إننا أمام أهم انتخابات في تاريخ الولايات المتحدة»، وأضاف «سنستعيد مجلس النواب ومجلس الشيوخ».
ويقود الرئيس الجمهوري السابق الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية بزخم، مكثفاً خطاباته في ولايات متأرجحة مثل بنسيلفانيا، قد تغير وجه الكونغرس لصالح الجمهوريين وتحرم جو بايدن من الأغلبية. ويعتمد دونالد ترمب خطاباً مناقضاً لجو بايدن وباراك أوباما، مع تركيزه على الهجرة والجريمة.
وتفاعل آلاف من مناصري ترمب مع خطابه مرددين شعارات داعمة له. وأشار ترمب بشكل متكرر إلى انتخابات 2020 التي يعتبرها مزورة رغم غياب أي أدلة على ذلك، وأنهى حديثه على وقع مقطوعة موسيقية.
وجاء نورم فولبي مع مجموعة من سائقي الدراجات النارية لدعم ترمب، وهو أحد مؤيديه المؤمنين بنظرية المؤامرة الانتخابية التي رُفضت مراراً أمام القضاء. ولكن يكمن الأمر الرئيسي بالنسبة له في «الأسعار المجنونة». وقال مرتدياً قميصاً بألوان العلم الأميركي إن «الأسعار تضاعفت بين اليوم وما كانت عليه قبل ثلاث سنوات! الطعام، النفط، كل شيء!». ودعا العامل في مجال المعادن، والبالغ 57 عاما، إلى معاقبة الديمقراطيين بسبب ذلك، وأضاف «ارتفع ثمن كل شيء منذ توليهم السلطة».
من جهتها، قالت ليسلي بوسويل من المدرج الواقع في سهول بنسيلفانيا الريفية، والتي ارتدت قميصاً أحمر كُتب عليه «ترمب 2020» على كتفيها، إنها جاءت «للاستماع لترمب والتصويت له»، وإنها لا تستطيع الانتظار حتى 2024 لدعمه في صندوق الاقتراع. وقالت: «إنه يُعيد الإيمان إلى بلادنا، لقد خفض الأسعار، ونفذ كل ما وعد به». وشددت الأم الشابة وربة المنزل على أنه «الوحيد الذي يستحق الرئاسة».
مخاوف ديمقراطية
وفي الجانب الآخر من الولاية، تخشى جاكلين سميث، على غرار الآلاف من مؤيدي الحزب الديمقراطي، من انتكاسة مؤلمة في حال فوز الجمهوريين. وقالت خلال تجمع كبير في فيلادلفيا إن «حقوقي كامرأة على المحك». وأضافت سميث (30 عاماً) المتخصصة بالصحة العقلية: «لقد ألغوا رو ضد وايد»، في إشارة إلى القانون الضامن لحق النساء في الإجهاض في جميع أنحاء الولايات المتحدة والذي ألغته المحكمة العليا.
ورأت أنه «من المرعب معرفة أنه بناء على نتائج انتخابات الثلاثاء، لن أتمتع بحق الاختيار».
وارتدت سميث سترة «فيليز» فريق البيسبول المحلي ونظارات شمسية، وجاءت إلى التجمع المنعقد في نهاية الحملة الانتخابية لتستمع إلى الرئيس جو بايدن، وخصوصاً إلى الرئيس السابق باراك أوباما الشخصية الملهمة للديمقراطيين. وحذرت من أن «هذه الانتخابات يمكن أن تغير كل شيء».
ووقفت في طابور طويل امتد مئات الأمتار على رصيف أمام مركز «لياكوراس» للرياضة والترفيه في جامعة «تمبل»، مكان التجمع. وليست جاكلين سميث الوحيدة التي تخشى هزيمة حزبها، ففي المدرجات، تفاعلت آشلي روبيو البالغة 27 عاما، مع نغمات أغاني «دافت بانك» وويتني هيوستن وبيونسيه في ظل أعلام أميركية كبيرة. وقالت: «إنه أمر مخيف لامرأة هذه الأيام... كنا نظن أن ذلك أصبح من الماضي». وبالإضافة إلى الإجهاض تخشى إلغاء التأمين الصحي، وقالت: «أعمل بدوام كامل، وأريد فقط أن أتمكن من الوصول إلى طبيب».
وتدور المعركة الانتخابية الرئيسية في فيلادلفيا، مهد الديمقراطية الأميركية منذ القرن الثامن عشر، وفي جميع أنحاء ولاية بنسلفانيا، على مقعد في مجلس الشيوخ. وسيُمنح الجمهوريون الأغلبية في حال فوز محمد أوز نجم التلفزيون المدعوم من دونالد ترمب.
ويعلق الديمقراطيون آمالهم على نائب حاكم ولاية بنسلفانيا جون فيترمان البالغ طوله أكثر من مترين، وله ميول تقدمية، وكان عمدة مدينة صغيرة تضررت بشدة من تراجع النشاط الصناعي. وبعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تفوق فيترمان لفترة طويلة، تقلص الفارق لصالح المرشح الجمهوري. وأظهر جون فيترمان، الذي أصيب بسكتة دماغية في مايو (أيار)، بعض الصعوبة في إيجاد كلماته خلال المناظرة التلفزيونية مع منافسه.
ورأى مايكل كوبرمان، وهو مدرس يبلغ 54 عاماً ارتدى قميصاً أبيض ووضع نظارات شمسية، أن فيترمان «بدا شجاعاً ولذلك يستحق الحصول على نقاط». وفي حين اعتبر أن الحنين إلى باراك أوباما في أوجه، تذكر زيارته إلى فيلادلفيا في 2006 وخطابه «المثير للإعجاب» الذي يمكن مقارنته بـ«جون إف. كينيدي». ولفت إلى أن انتخاب جو بايدن «كان تصويتا للعودة إلى الحياة الطبيعية».
وأقر أوباما في خطابه أن «البلاد مرت بأوقات عصيبة في السنوات الأخيرة»، خصوصا جراء «الجائحة التاريخية». وهاجم مهندس نظام التأمين الصحي «أوباماكير» الجمهوريين الذين يريدون «تفكيك الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية ومنح الشركات الكبيرة والأثرياء مزيداً من التخفيضات الضريبية».