على الرغم من أن «شرم الشيخ» هي المدينة نفسها التي طالما زرناها مصريين وعرباً وأجانب، إلا أنها تبدو مختلفة أشد اختلاف عن عهدنا بها تزامناً مع انطلاقة مؤتمر «كوب 27» على أرضها.
هي الشوارع والفنادق والشواطئ والمناظر ذاتها، لكن العين الفاحصة ستدرك على الفور أن ثمة شيئاً غير معتاد. لا ليس الوجود الأمني الذي رغم كثافته إلا أنه لا يؤرق الزائرين، بل يزيد من طمأنة قلوبهم. بل المميز حقاً أن المدينة كانت هذه المرة أكثر اخضراراً قولاً وفعلاً، فالمساحات الخضراء زادت بشكل ملحوظ رغم المحيط الصحراوي للمدينة، لكن ساعد في ذلك على الجانب الآخر أن الخريف لم يزر المدينة بعد رغم حلول شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، فالحرارة الدنيا هنا تفوق بضع وعشرين درجة.
ومن زجاجات مياه جديدة مصنعة من مواد يعاد تدويرها كلية، إلى حافلات تعمل بالكهرباء، فإنه كما يبدو تم وضع كثير وكثير من التفاصيل الدقيقة في الحسبان.
كما كان لافتاً أن الترشيد يبدو أولوية قصوى للجميع، من لافتات ترافقك في كل لحظة بداية من ولوج صالة الوصول بالمطار، إلى صنابير موفرة لهدر المياه، إلى نصائح مهذبة أينما ذهبت بالحفاظ على البيئة.
العاملون في كل مكان يبدو كما لو أنهم قد أدرجوا في دورات تدريبية مكثفة على الاهتمام بالبيئة والحياة والأرض، ففي كل بؤرة تجد أحدهم يتحدث عن المؤتمر، لا عنواناً فقط، لكن يقيناً أن المستقبل لا بد أن يكون أخضر... يظهر هذا جلياً في تصرفاتهم العفوية، كأنما زرع في قلوبهم ولا يجري على ألسنتهم فحسب.
الكل هنا يأمل بطبيعة الحال في «عود أحمد» للسياحة التي شاء القدر أن تتوالى عليها الضربات تباعاً، من توترات أمنية قبل 10 سنوات، مروراً بطائرة سقطت إرهاباً، إلى حرب على بعد آلاف الكيلومترات في أوكرانيا قطعت أرزاق آلاف من المصريين.
هنا، في شرم الشيخ المصرية، يبدو أن ثمة بذرة أمل جديدة تنبت، لا على مستوى القادة والإدارات والسياسيين فقط، بل في صميم الأرواح مصريين وعرباً وأجانب... أملاً في المقبل والغد الأخضر. ومع لقاءات تضم ممثلين عن أكثر من 200 دولة وتستمر لنحو أسبوعين، فإن الأمل يتزايد بالتأكيد.