مؤتمر المناخ يصل إلى محطته الأخيرة دون توافق في نسخة «كوب 30»

بين دعوات إلى «خريطة طريق» ومطالبات بـ«مصالح الدول النامية»

جانب من الجلسات في اليوم الختامي لمؤتمر المناخ «كوب 30» المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية (أ.ب)
جانب من الجلسات في اليوم الختامي لمؤتمر المناخ «كوب 30» المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية (أ.ب)
TT

مؤتمر المناخ يصل إلى محطته الأخيرة دون توافق في نسخة «كوب 30»

جانب من الجلسات في اليوم الختامي لمؤتمر المناخ «كوب 30» المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية (أ.ب)
جانب من الجلسات في اليوم الختامي لمؤتمر المناخ «كوب 30» المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية (أ.ب)

دخل مؤتمر المناخ «كوب 30»، المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية وسط غابات الأمازون، يومه الأخير على وقع توتر غير مسبوق، بعد تعثر المحادثات حول مستقبل الوقود التقليدي وتمويل التكيف المناخي، بالإضافة إلى تعطل المفاوضات لساعات بسبب حريق اندلع في موقع انعقاد القمة، ليعيد إلى الواجهة صورة التوترات التي كثيراً ما ترافق اللحظات الأخيرة لمؤتمرات المناخ.

وفجر الجمعة، نشرت الرئاسة البرازيلية للمؤتمر مسودة جديدة لاتفاق «كوب 30»، جاءت خالية تماماً من أي إشارة إلى الوقود التقليدي، بعد أن كانت النسخة السابقة تتضمّن خيارات متعددة تتعلق بوضع خطة عالمية للتخلي التدريجي عن النفط والفحم والغاز. غياب هذا البند فجّر جدلاً واسعاً بين أكثر من 30 دولة، من بينها فرنسا وألمانيا وكولومبيا وجزر المارشال، التي وجّهت رسالة رسمية إلى رئيس المؤتمر أكدت خلالها أن «المسودة الحالية لا تفي بالحد الأدنى من شروط الخروج باتفاق».

على الجهة المقابلة، تعارض دول منتجة ومستهلكة للنفط أي «خريطة طريق» تُفرض عليها. ونقلت «رويترز» عن مفاوضين مشاركين أن هذه الدول ترى أن «الطاقة التقليدية لا يمكن استبعادها» في ظل احتياجات النمو والتفاوت الاقتصادي العالمي، وأن أي التزام جديد يجب أن يكون «طوعياً» ويراعي ظروف الدول النامية.

التعثر المالي والتكيف

إحدى نقاط الخلاف الكبرى تتعلق بالتمويل، فالمسودة الجديدة دعت إلى «ثلاثة أضعاف التمويل المخصص للتكيف بحلول 2030 مقارنة بمستويات 2025»، لكنها لم تحدد مصدر هذا التمويل، وهل سيأتي مباشرة من الدول الغنية أم من القطاع الخاص أم من البنوك التنموية؟

وتقول الدول الفقيرة إن مشاريع التكيف، مثل تعزيز مقاومة البنى التحتية للعواصف أو الحرّ وإنشاء أنظمة حماية ساحلية، رغم أهميتها البالغة لحماية الأرواح، فإنها لا تجذب الاستثمارات الخاصة لأنها غير مربحة، وبالتالي تحتاج إلى التزام حكومي مباشر، وهو ما لم تقدمه المسودة بشكل صريح.

حريق كبير في قلب القمة

وتعطلت المفاوضات يوم الخميس لساعات طويلة، بعد اندلاع حريق في ذروة العمل التفاوضي داخل موقع المؤتمر المكوّن من خيام ضخمة مكيّفة. والتهمت النيران سقف قسم كامل يضم أجنحة وطنية، بينها جناح دول شرق أفريقيا، قبل أن تنجح فرق الإطفاء في السيطرة على الحريق خلال ست دقائق. لكن تأثير الحادث كان كبيراً، حيث أُعلن أن 19 شخصاً تلقوا علاجاً نتيجة استنشاق الدخان، وشخصين تعرضا لنوبات هلع، وتأخر استئناف المفاوضات حتى مساء الخميس، على أن تُستأنف بالكامل صباح الجمعة. ويمثّل هذا الحريق ثالث حادث يعطّل سير المؤتمر، بعد اقتحام متظاهرين من السكان الأصليين موقع القمة، ثم إغلاق المداخل في حادثين منفصلين خلال الأسبوع.

التجارة العالمية على المائدة

جدير بالذكر أن أحد البنود التي ظهرت للمرة الأولى في مسودة الاتفاق هو إطلاق «حوار حول التجارة» في مؤتمرات المناخ الثلاثة المقبلة، بمشاركة منظمة التجارة العالمية. ويُعد ذلك انتصاراً لبلدان مثل الصين التي تطالب منذ سنوات بإدراج تأثير السياسات التجارية وعلى رأسها «ضريبة الكربون الأوروبية على الحدود»، ضمن نقاشات المناخ. لكن هذا البند يُثير غضباً أوروبياً، إذ ترى بروكسل أنه «محاولة لإعادة فتح ملفّات تجارية» تحت مظلة المناخ.

الوقت ينفد

ويواجه فريق الرئاسة البرازيلية مهمة شاقة لجمع موافقة 194 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، في وقت تقول فيه الوفود إن الهوّة بين المواقف «لا تزال كبيرة جداً». وكان من المقرر أن تُختتم أعمال المؤتمر مساء الجمعة، لكن عادة ما تمتد الساعات الحاسمة لمؤتمرات المناخ حتى صباح اليوم التالي أو أكثر، كما حدث في أغلب الجولات السابقة. وبين ضغوط دول تطالب بإجراءات صارمة، وأخرى ترفض المساس بمنظومة الطاقة الحالية دون وجود بدائل حقيقية، ومع فجوة مالية واسعة لم تُسدّ بعد؛ تبدو احتمالات التوصل إلى اتفاق شامل ضعيفة حتى وقت كتابة هذا التقرير... ومع ذلك، تشير التجارب السابقة إلى أن «لحظات ما قبل الإغلاق» قد تشهد تنازلات غير متوقعة، خصوصاً تحت ضغط سياسي وإعلامي عالمي كبير.


مقالات ذات صلة

علاج 13 شخصاً بعد استنشاق الدخان إثر حريق بمقر مؤتمر المناخ «كوب 30»

أميركا اللاتينية انتشر الدخان داخل وخارج المكان الذي يستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (أ.ف.ب)

علاج 13 شخصاً بعد استنشاق الدخان إثر حريق بمقر مؤتمر المناخ «كوب 30»

قال منظمون، في بيان، إن 13 شخصاً تلقوا العلاج من استنشاق الدخان الناجم عن حريق اندلع في المقر الذي ينعقد فيه مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب 30).

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))
تحليل إخباري الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يصافح نائب رئيس الوزراء الصيني دينغ شيويه شيانغ قبل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في بيليم (رويترز)

تحليل إخباري الصين تتربع على عرش «كوب 30» وتملأ الفراغ الأميركي

لأول مرة منذ 3 عقود، تغيب أميركا عن قمة الأمم المتحدة للمناخ، تاركة الباب مفتوحاً أمام الصين لتتصدر المشهد قائدةً جديدة في مكافحة الاحتباس الحراري.

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))
أميركا اللاتينية قارب مهجور يرقد في خزان مائي جفّ بفعل الجفاف على مشارف صنعاء (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: أزمة المناخ أكبر تهديد في عصرنا

رغم الحروب والنزاعات الكثيرة في أنحاء العالم، عدّت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنالينا بيربوك، أزمة المناخ «أكبر تهديد في عصرنا».

«الشرق الأوسط» (بيلم (البرازيل))
أميركا اللاتينية اشتبك متظاهرون مع قوات الأمن في محاولة لاقتحام مقر مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 30» في بيليم بالبرازيل (إ.ب.أ) play-circle 00:37

متظاهرون من السكان الأصليين يشتبكون مع الأمن في قمة المناخ بالبرازيل (صور)

اشتبك عشرات المتظاهرين من السكان الأصليين مع حراس أمن، الثلاثاء، في قمة المناخ (كوب 30) في بيليم البرازيلية، في حدث نادراً ما يحصل في مؤتمر المناخ السنوي.

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم خلال مشاركته في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (رويترز)

حاكم ولاية كاليفورنيا ينتقد ترمب بسبب سياسة المناخ الأميركية

قال نيوسوم في أول ظهور له خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ في مدينة بيليم «الصين تفرض سيطرتها على المنطقة وستهيمن على الصناعة العالمية الكبرى القادمة».

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.