إيتمار بن غفير... جذور عراقية وعداء «لليهود المنبطحين»

ثالث أقوياء إسرائيل كان قبل شهور يعتبر «طائشاً متهوراً»

ايتمار بن غفير يحتفل بفوزه في 2 نوفمبر الحالي (أ.ب)
ايتمار بن غفير يحتفل بفوزه في 2 نوفمبر الحالي (أ.ب)
TT

إيتمار بن غفير... جذور عراقية وعداء «لليهود المنبطحين»

ايتمار بن غفير يحتفل بفوزه في 2 نوفمبر الحالي (أ.ب)
ايتمار بن غفير يحتفل بفوزه في 2 نوفمبر الحالي (أ.ب)

يخطئ من يعتقد أن ايتمار بن غفير، المنتصر الأكبر في الانتخابات الإسرائيلية، بعد بنيامين نتنياهو، يبني رصيده السياسي فقط على كراهية العرب وعقيدة التفوق العرقي التي يؤمن بها ويجعلها منارا لطريقه. فهو يكره اليهود الذين ينشدون السلام مع العرب. ويكره الجنرالات الذين يديرون سياسة «ضعيفة» في نظره، من شأنها أن تقود إلى انهيار إسرائيل. ويسعى لإحداث تغيير جوهري في السياسة الإسرائيلية، يعيد فيها «السيادة اليهودية على أرض إسرائيل».
فمن هذا الرجل الذي «يضرب على كبير»، وهو الذي كان إلى ما قبل بضعة أشهر قليلة فقط «شابا طائشا ومتهورا يسيء لسمعة إسرائيل واليهود»؟ من هذا الرجل، الذي أصبح بين ليلة وضحاها زعيما سياسيا لثالث أكبر الأحزاب الإسرائيلية، وتفوق على حزب الجنرالات، الذي يقوده رئيسا أركان في الجيش (بيني غانتس وغادي ايزنكوت)، ويحصل على مقعدين أكثر منه ويطالب بوزارة الأمن الداخلي، المسؤولة أيضا عن الشرطة وحرس الحدود ومصلحة السجون. وبين يديه موازنة تزيد على 6 مليارات دولار. وتحت قيادته 60 ألف موظف. ومطلبه هذا يحظى بتأييد مئات ألوف الإسرائيليين.
حتى بن غفير نفسه، الذي بدأ حياته السياسية في مظاهرة ضد نساء يهوديات، لا يصدق ما يجري له. في الانتخابات السابقة لم يتخط 20 ألف صوت وسقط. في هذه الانتخابات حصل على ما يزيد على 420 ألف صوت. وكيف جاءت هذه القفزة؟
- لنعد إلى البدايات
ولد ايتمار بن غفير في سنة 1976، في القدس الغربية، لأبوين من أصول عراقية. والده ولد أيضا في القدس ولكن جده يعتبر من سلالة يهودية عاشت قرونا في العراق. ووالدته من جذور كردية عراقية، كانت منظمة في حركة الشباب التابعة لتنظيم «ايتسل»، الذراع العسكرية للتيار اليميني الإصلاحي للحركة الصهيونية. وقد اعتقلها البريطانيون وهي في سن الرابعة عشرة. منها رضع أيضا التطرف السياسي. عندما بلغ الرابعة عشرة، اقترب من التدين، وبدأ يشارك في مظاهرات يمينية، ضمن حزب «موليدت» المتطرف، الذي قاده وأسسه الجنرال رعبعام زئيفي، الذي قتل بأيدي شبان من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في سنة 2001.
المظاهرة الأولى التي شارك فيها كانت في ساحة صهيون في القدس الغربية، وكانت موجهة ضد مظاهرة لحركة «أربع أمهات»، وهن من أمهات الجنود الذين خدموا في لبنان وأبلغوا ذويهم أن هذه الحرب ليست لإسرائيل وعليهم الانسحاب منها. ونجحت هذه المهمة في سنة 2000، عندما قررت حكومة ايهود باراك الانسحاب من طرف واحد. لقد انضم ايتمار إلى حركة «كاخ»، التي أسسها في سنة 1971 مئير كهانا، وهو رجل دين يهودي بنى سياسته على ضرورة التخلص من العرب في أرض إسرائيل، أي كل فلسطين، في البداية بالإقناع وإن رفضوا فبالقوة. ويقول إن «معظم العرب المقيمين في أرض إسرائيل أعداء للشعب الإسرائيلي ولا يمكن التعايش معهم». وهو معاد للديمقراطية باعتبارها خيارا مناسبا فقط لأولئك الذين لم يمن الله عليهم بكتاب التوراة الذي يحتوي على نصوص ربانية حول طريقة السيادة السياسية لليهود.
لقد نجح كهانا في الفوز بعضوية الكنيست عام 1984 والتف حوله بضعة ألوف من المؤيدين. وفي سنة 1994، قام أحد مؤديه، الطبيب باروخ غولدشتاين باقتحام قاعة الحرم الإبراهيمي في الخليل عند صلاة التراويح وأطلق الرصاص من رشاشه على المصلين فقتل 29 منهم. ووقعت صدامات بين المصلين والجيش الإسرائيلي الذي قتل 20 آخرين منهم. في أعقاب ذلك، قررت الحكومة حظر هذا الحزب وإخراجه عن القانون. ومنع الجيش تجنيد شباب ينتمون لهذا الحزب ومنحهم إعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية وبينهم بن غفير. وعلى الرغم من النشاط المحظور، عرف بن غفير ورفاقه كيف يلتفون على القانون ويواصلون النشاط. وبسبب هذا النشاط، فتحت الشرطة 42 ملفا (حسب بن غفير 53 ملفا) ضده. وقد حوكم وأدين بثماني قضايا. وتمت تبرئته من القضايا الأخرى فرفع شكاوى ضد الشرطة حصل خلالها على تعويضات بحوالي نصف مليون شيكل (150 ألف دولار).
من بين القضايا التي أدين فيها قيامه بسرقة رمز سيارة رئيس الوزراء اسحق رابين. وقال في رسالة علنية: مثلما وصلنا الى الرمز يمكننا أن نصل إلى رابين. وبالفعل قام شاب يميني متطرف يدعى يغئال عمير باغتيال رابين احتجاجا على اتفاقيات اوسلو.
لكن بن غفير بقي في هامش السياسة الإسرائيلية، حتى شهر مايو (أيار) من سنة 2021. فقد استغل الصدامات العديدة بين اليهود والعرب التي وقعت في المدن المختلطة. وحضر إلى كل صدام وكل ساحة اشتباك. وعرف بصوته العالي وصراخه الدائم والتهجم بانفلات على خصومه. وحرص دائما على القيام باستفزازات تثير وسائل الإعلام. فحضر إلى مشفى لمقابلة وتأنيب أسير فلسطيني مضرب عن الطعام، وهناك التقى مع النائب أيمن عودة فاصطدم معه بشدة. وقاد عدة مجموعات مستوطنين إلى الصلاة في باحة الأقصى. واستغل كل عملية مسلحة للفلسطينيين، فحضر إلى المكان واتهم الحكومة بفقدان السيطرة وإهمال دورها السيادي.
على هذه الخلفية بنى مجده ووجد من يسير وراءه من اليهود ومن يشجعه من السياسيين اليهود واستغل كل تصريح ساخن من السياسيين العرب ليغذي غرائز الكراهية للعرب. ولكن، حتى هو، فوجئ بحجم التأييد له.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».