كتاب يمني يوثق انتهاكات الانقلاب بحق الأقليات

اتهم الميليشيات بإحداث تصدع واسع في النسيج الاجتماعي

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في لوكسمبورغ لدى زيارته أفراداً من الطائفة البهائية الذين أجبرهم الحوثيون على مغادرة البلاد (سبأ)
وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في لوكسمبورغ لدى زيارته أفراداً من الطائفة البهائية الذين أجبرهم الحوثيون على مغادرة البلاد (سبأ)
TT

كتاب يمني يوثق انتهاكات الانقلاب بحق الأقليات

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في لوكسمبورغ لدى زيارته أفراداً من الطائفة البهائية الذين أجبرهم الحوثيون على مغادرة البلاد (سبأ)
وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في لوكسمبورغ لدى زيارته أفراداً من الطائفة البهائية الذين أجبرهم الحوثيون على مغادرة البلاد (سبأ)

أصدر مجلس يمني يُعنى بشؤون الأقليات كتاباً يوثق فيه التنكيل الذي تعرضت له الأقليات الدينية في اليمن، منذ عام 2015، على يد الميليشيات الحوثية.
واستعرض تاريخ وجود الأقليات الدينية والتعايش بين مكونات المجتمع اليمني قبل اجتياح الميليشيات للعاصمة، وما تبع ذلك من أحداث دفعت برموز هذه الأقليات وكثير من أفرادها إلى الفرار خارج البلاد، أو الانتقال إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وذكر معدو الكتاب أن الهدف هو «التعريف بجملة الانتهاكات التي تعرضت لها هذه الفئات الاجتماعية، ونقل معاناتهم إلى كافة المحافل الإنسانية من أجل حمايتهم»، على أمل أن يسهم ذلك في تغيير بعض السياسات والإجراءات التي أثرت على مستويات معيشتهم وأمنهم وكرامتهم.
وأكد معدو الكتاب، وهم مجموعة غير حكومية، أن الأقليات في اليمن عاشت بسلام مع الأغلبية المسلمة، وأن التاريخ الحديث لم يسجل أي انتهاكات جسيمة بحق مجتمع الأقليات الدينية والعرقية «مثلما يحدث حالياً في مناطق سيطرة عصابة الحوثي».
وفق ما جاء في مقدمة الكتاب فإن «الممارسات الطائفية لعصابة الحوثي المدعومة من إيران تسببت في إحداث تصدع كبير في المجتمع اليمني كونها استهدفت التعايش المجتمعي القائم منذ مئات السنين»، حيث لم يعرف اليمن في تاريخه جريمة تطهير عرقي وإقصاء ديني «إلا في عهد عصابة الحوثي»، لأنها جماعة عنصرية تقوم على التمييز بكل أشكاله، وتترجم هذه الفكرة في تعاملها مع الأقليات.
ويستعرض الكتاب الانتهاكات الجسيمة وعمليات التطهير التي مورست في حق الأقليات، لا سيما أتباع الديانة اليهودية، وأتباع الديانة المسيحية، وأفراد الطائفة البهائية، بالإضافة إلى الأقلية ذات الأصول الأفريقية المعروفة باسم المهمَّشين.
ويقول الكتاب إن اليمن عرف أيام حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح «تقدماً ملحوظاً» في مجال حقوق الإنسان، لكن هذا التقدم أصيب بانتكاسة كبيرة منذ ما بعد 2011، ووصولاً إلى انقلاب ميليشيات الحوثي على السلطة الشرعية، في عام 2014.
- تهجير اليهود
رغم هجرة معظم يهود اليمن إلى إسرائيل، فإن الأقلية التي رفضت الهجرة عاشت حياة كريمة وآمنة في اليمن، وفق الكتاب الذي ذكّر بأنهم كانوا يمارسون أعمالهم الحرفية ويؤدون شعائرهم الدينية دون أي اضطهاد، وحصلوا على حقوقهم مثل بقية السكان، إلا أن الميليشيات الحوثية مارست بحقهم «أبشع الانتهاكات والجرائم».
ويوثق الكتاب مراحل استهداف الميليشيات الحوثية لأتباع الديانة اليهودية منذ بداية ظهور هذه الجماعة، في منتصف عام 2004، حتى ترحيل آخر العائلات في منتصف عام 2020.
وينقل الكتاب عن أتباع الديانة اليهودية أنه، ومنذ اقتحام ميليشيات الحوثي للعاصمة صنعاء، زاد خوفهم، كما قيدت حركتهم داخل الحي الذي كانوا يسكنونه، وتعرضوا للمضايقات، ومنع عليهم استقبال الزوار، كما تعرضت منازلهم للتفتيش عدة مرات، واعتقل حاخام الطائفة وأحد أقاربه، والأخير لايزال في السجن للسنة السابعة، وأخيراً تلقوا تهديدات من «عصابة الحوثي بمغادرة صنعاء، وهو ما تم بالفعل».
- مآسي البهائيين والمسيحيين
استعرض الكتاب التنكيل الذي تعرض له البهائيون، وصولاً إلى نفي وجهاء هذه الطائفة من البلاد والحجز على مؤسسات الطائفة وأموال أتباعها، بالتزامن مع حملة اعتقالات طالت الذكور والإناث وحتى الأطفال، إلا أنه، ونتيجة للضغط الدولي، تراجعت ميليشيات الحوثي عن تنفيذ حكم الإعدام الذي صدر بحق أبرز وجهائها؛ حامد بن حيدرة، وأصرت على ترحيلهم ونهب ممتلكاتهم «في سابقة هي الأولى من نوعها في اليمن».
ويجزم الكتاب بأن اليمن «شهد، منذ سيطرة عصابة الحوثي على العاصمة، أسوأ وضع إنساني على الإطلاق»، وكان البهائيون ممن تعرضوا للاضطهاد الجماعي والممنهج، كغيرهم من الفئات، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، طبقاً لما ذكره المؤلفون، حيث إن هناك المئات من أتباع هذه الطائفة ما زالوا يعانون بصورة شبه يومية من الاضطهاد والإرهاب الذي يُمارس عليهم، بما في ذلك المضايقات المالية والتسريح من الوظائف.
بالمثل، فيما يخص وضع الأقلية المسيحية التي يُقدَّر عدد أفرادها بنحو 40 ألف شخص، يذكر الكتاب أن هذه الأقلية تعرض أفرادها لانتهاكات عديدة، مثل القتل والاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب والمصادرة والتهجير، ويقول إن أفراد هذه الأقلية أُجبروا على الصمت وعدم الإفصاح عن معتقدهم، خوفاً على حياتهم، ويورد وقائع للجرائم التي تعرضوا لها، ما اضطر القادرين منهم على مغادرة مناطق سيطرة الحوثيين إلى الخارج أو مناطق أخرى هرباً من القمع.
وبحسب ما جاء في الكتاب، فإنه ومنذ اندلاع الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي تعرض المهمشون في مناطق سيطرة تلك الميليشيات للتهديد والضرب والزج بهم في جبهات القتال، حيث بلغ عدد القتلى منهم 368 فرداً، من بينهم 102 من الأطفال، كما تم تجنيد 15 من الفتيات، وذكر أن مسلحي الميليشيات منعوا المهمشين من دفن امرأة في حي مذبح، غرب صنعاء، لأسباب عنصرية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».