هل يصبح الفيروس المخلوي التنفسي وبائياً؟

ازدياد حدة انتشاره يهدد حياة الأطفال الصغار

هل يصبح الفيروس المخلوي التنفسي وبائياً؟
TT

هل يصبح الفيروس المخلوي التنفسي وبائياً؟

هل يصبح الفيروس المخلوي التنفسي وبائياً؟

تسببت الأخبار المتفرقة عن انتشار الإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي (respiratory syncytial virus) أو اختصاراً «RSV» في قلق العديد من الآباء في الولايات المتحدة لاحتمال أن تكون هذه الإصابات مقدمة لموجة وبائية جديدة، خصوصاً أن الفيروس ينتقل عن طريق رذاذ التنفس.
وفى بعض الأحيان يمكن أن تكون الإصابة بالفيروس شديدة بشكل يستلزم الحجز في المستشفيات، حيث بدأت الحالات المبلغ عنها في الارتفاع بشكل كبير في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي حتى منتصف أكتوبر (تشرين الأول) كانت في أعلى مستوياتها منذ عامين على الأقل، وذلك تبعاً لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) بالولايات المتحدة.

فيروس تنفسي
أكد الأطباء أن الإصابة بالمرض شائعة، ولا داعي للقلق من تحوله إلى الشكل الوبائي، لكن بدايته المبكرة والحالات الكثيرة ربما تكون مؤشراً على احتمال أن تكون فترة الإصابة أطول، وتصيب عدداً أكبر من الأطفال.
وفى المجمل، فإن معظم الأطفال تتم إصابتهم بالمرض قبل أن يكملوا العام الثالث من العمر. وذكر الأطباء أن الأعداد الكبيرة ربما تكون بسبب الفحوصات التي يتم إجراؤها الآن مع حالات الجهاز التنفسي حتى البسيطة منها كنوع من رد الفعل بسبب جائحة «كوفيد».
من المعروف أن الفيروس المخلوي التنفسي يصيب القصيبات الهوائية (Bronchiolitis)، وهي الشعب الهوائية الصغيرة الموجودة داخل الرئة، وهي مثل أنابيب ضيقة متناهية الصغر يتم من خلالها استنشاق الأكسجين وطرد ثاني أكسيد الكربون.
ونظراً لصغر حجمها وضيق قطرها يمكن أن يتسبب أي التهاب في انسدادها بشكل جزئي بجانب وجود المخاط مما يصعب من عملية التنفس، ويؤدي إلى تسارع عملية الشهيق والزفير لمحاولة الحصول على أكبر كمية من الهواء. وفى الأغلب لا يستطيع هؤلاء الأطفال الرضاعة أو تناول الشراب والطعام، مما يؤدي إلى احتمال إصابتهم بالجفاف أيضاً.
في الأغلب تكون الأعراض عبارة عن سيلان الأنف وسعال وارتفاع في درجة الحرارة والعطس. وفي حالة وجود صعوبة وعدم القدرة على التنفس يجب الذهاب إلى طوارئ المستشفى لتقييم الحالة والتعامل معها.
ويمكن استخدام جلسات البخار لترطيب القصيبات الهوائية، ومحاولة فتح الانسداد الموجود بها من خلال تفتيت المخاط. ومن المهم جداً إعطاء الطفل السوائل المختلفة كنوع من الحماية لاحتمالية حدوث جفاف، ويمكن للأم أن تلجأ (بشكل مؤقت) لإعطاء الطفل أي مشروبات سكرية يفضلها حتى يبقى محتفظاً بالسوائل بشكل كافٍ. ويمكن أيضاً استخدام بعض الوصفات الطبية للأعراض مثل عقار الباراسيتامول لخفض الحرارة.

حماية الأطفال الصغار
وكلما كان عمر الطفل صغيراً وقت الإصابة كلما كانت حالته أسوأ بالطبع نتيجة لصغر حجم وضيق القصيبات الهوائية مثل الأطفال قبل عمر عام، وبشكل خاص الذين تمت ولادتهم قبل موعدهم (الخدج) حتى لو كانوا في عمر عام أو أكثر. ولذا فإن الطفل الذي تمت ولادته في الأسبوع 24 حتى بعد أن ينهى فترة الرضاعة تظل فرصة الإصابة لديه أكبر من الطفل الذي تمت ولادته في الميعاد المحدد، لأن الجهاز التنفسي لدى هؤلاء الأطفال وقت الولادة في الأغلب لا يكون مكتمل النمو.
أوضح الأطباء أن الأطفال الذين يعانون من عيوب خلقية في القلب، أو يعانون من أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو، معرضون أكثر لحدوث مضاعفات شديدة، خصوصاً هذا العام الذي تأخذ فيه العدوى شكل أكثر حدة من المعتاد حتى في الأطفال الأصحاء الذين ليس لديهم أي عامل من عوامل زيادة الخطورة (مثل الولادة المبكرة والعيوب الخلقية وأمراض التنفس المزمنة)، وهؤلاء كانت إصابتهم في السابق أقرب ما تكون لنزلة البرد العادية.
يشير الأطباء إلى احتمالية أن تكون زيادة نسبة الإصابات هذا العام ناتجة لما يمكن تسميته بـ«الديون المناعية» (immune debt)، بمعنى أن الأطفال في الأغلب يكتسبون مناعة قوية من خلال تعرضهم للجراثيم المختلفة بشكل دائم من خلال التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، سواء أقرانهم في المدارس والنوادي، أو تعاملهم مع البالغين.
وفي المتوسط يصاب الطفل العادي بنزلات البرد من 8 إلى 10 مرات في العام الواحد، ولكن نتيجة لجائحة «كورونا» في السنوات الثلاث الأخيرة، وارتداء الأطفال للكمامات بشكل شبه دائم، فضلاً عن فترات الانقطاع الطويل عن الدراسة، والتباعد الاجتماعي، لم يتعرض معظم الأطفال إلى الإصابات المعتادة، لذلك لم تكن هناك قدرة لدى الجهاز المناعي على بناء خط دفاع مناعي ضد فيروسات الجهاز التنفسي، ما جعلهم أكثر عرضة للخطر الآن.
تكمن المشكلة الآن بعد أن انتهت احتياطات «كوفيد» في أن الجهاز المناعي يتعرف على الفيروسات المختلفة للمرة الأولى بدون الاستعداد الكافي لمواجهة هذه الجراثيم، لأن الإصابة بالفيروسات وأنواع البكتيريا المختلفة بشكل مخفف ومتكرر تقوم بعمل ما يشبه التعليم للأجهزة المناعية، وكلما كانت هذه الإصابات في عمر مبكر كلما اكتسب الجهاز المناعي القدرة على مواجهتها لاحقاً والتغلب عليها.
حتى الآن لا يوجد لقاح للمرض، لكن هناك بعض الإجراءات الوقائية، وأبسطها أن يقوم الطفل بغسل اليدين باستمرار، ويمكن للأم أن تقوم بهذه المهمة للأطفال الأصغر عمراً بجانب الحصول على التطعيمات الروتينية التي تقلل من الإصابات، وتعزز المناعة بشكل عام.
ومن المهم إعطاء الطفل لقاح «كورونا»، وأيضاً اللقاح الخاص بالإنفلونزا الموسمية الذي يلعب دوراً مهماً في التخفيف من حدة أعراض نزلات البرد، ويجب على الآباء عدم الالتفات إلى الدعوات غير العلمية التي تحذر من عقار الإنفلونزا، خصوصاً وأنه آمن وفعال.
* استشاري طب الأطفال



التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)
هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)
TT

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)
هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

تظهر الأرقام السنوية ارتفاعاً حاداً في السكتات الدماغية بين أولئك الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً أو أكثر، حيث يلقي الخبراء باللوم على السمنة المتزايدة وارتفاع نسبة الكوليسترول والسكري وسوء نمط الحياة.

إلا أن هناك سبباً آخر رئيسياً يلقي الخبراء باللوم عليه في هذه المشكلة الصحية، وهو التوتر.

وتحدث السكتة الدماغية عندما ينقطع إمداد الدم إلى جزء من المخ، إما بسبب انسداد وإما انفجار وعاء دموي، ما قد يتسبب في موت خلايا المخ. ودون علاج طارئ، يمكن أن تكون السكتة الدماغية قاتلة أو تسبب إعاقات طويلة الأمد مثل الشلل وفقدان الذاكرة ومشكلات التواصل.

لماذا يسبب التوتر السكتة الدماغية؟

يقول الدكتور جوزيف كوان، المتخصص في إعادة تأهيل مرضى السكتة الدماغية: «في حين أنه من الصعب إثبات أن السكتات الدماغية مرتبطة بالتوتر، إلا أن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية».

ويضيف كوان، الذي يعمل أيضاً استشارياً أول في مركز السكتة الدماغية في مستشفى تشارينغ كروس، أحد أكثر مراكز السكتة الدماغية ازدحاماً في المملكة المتحدة «عندما تكون متوتراً، يكون لديك مستويات أعلى من الأدرينالين؛ ما يرفع ضغط الدم، ويزيد من الالتهاب في الجسم، وكلاهما يتلف الشرايين، ويعد من عوامل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية».

ولفت كوان إلى أن الأشخاص المصابين بالتوتر غالباً ما يلجأون لسلوكيات تزيد أيضاً من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، في محاولة منهم لتقليل توترهم.

ومن بين هذه السلوكيات شرب الكحول والتدخين وتناول الوجبات السريعة غير الصحية ومشاهدة التلفزيون، ومن ثم كثرة الجلوس وقلة ممارسة الرياضة.

ويقول كوان: «قديماً، كان الناس يعودون إلى المنزل من العمل، ويتناولون العشاء، ويذهبون في نزهة، ويقابلون بعض الأصدقاء، ويخرجون للرقص - ولكن الآن يعودون إلى المنزل، ويسكبون لأنفسهم كأساً من النبيذ، ويأكلون ويشاهدون التلفزيون».

ويضيف: «لقد جعل توصيل الطعام الوضع أسوأ - لست مضطراً حتى إلى مغادرة المنزل لتناول الطعام غير الصحي».

ما العوامل الأخرى التي تلعب دوراً في الإصابة بالسكتات الدماغية؟

تشمل المشكلات الصحية التي تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ارتفاع ضغط الدم، والرجفان الأذيني (نوع من عدم انتظام ضربات القلب)، وارتفاع نسبة الكوليسترول والسكري.

ويقول كوان إن قلة النوم هي عامل خطر رئيسي للإصابة بالسكتات الدماغية، وكذلك السمنة، ولكن التوتر يغذي كل هذه العوامل.

ويضيف: «عندما تكون متوتراً، لا تنام جيداً وتكون أقل عرضة لممارسة الرياضة والعناية بجسمك».

كيف يمكن أن نتصدى للسكتة الدماغية في منتصف العمر؟

وفقاً للدكتور كوان، يحتاج الأشخاص في منتصف العمر إلى البدء في تناول الطعام بشكل أفضل، وممارسة لمزيد من التمارين الرياضية - والتوقف عن التوتر الشديد ومعالجة ارتفاع ضغط الدم والكولسترول.

ويقول: «لقد عرفنا خلال السنوات العشر الماضية أن أعداد المصابين بالسكتة الدماغية في الفئة العمرية من 45 إلى 55 عاماً تزداد بشكل أسرع من الفئات العمرية الأكبر سناً. إنهم يأتون إلى قسمي بسكتات دماغية حادة جداً».

ويضيف: «إنهم يميلون إلى الإصابة بجميع عوامل الخطر التقليدية المرتبطة بهذه المشكلة الصحية، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والتدخين والتوتر، ومع ذلك فإن ما يذهلني في هذه الفئة العمرية هو الانخفاض الشديد في النشاط البدني».

وينصح كوان الأشخاص بمتابعة قياسات ضغط الدم والكولسترول الخاصة بهم باستمرار، وكذلك قياس أوزانهم والسعرات الحرارية التي يتناولونها وعدد الخطوات التي يمشونها يومياً.