صندوق النقد: تنويع الاقتصاد الخليجي يحسّن من التوازن المالي

نشاط الشرق الأوسط يتسم بالمرونة... لكن يتعين توخي الحذر

جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى  بصندوق النقد الدولي في مؤتمر صحافي بدبي (أ.ب)
جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي في مؤتمر صحافي بدبي (أ.ب)
TT

صندوق النقد: تنويع الاقتصاد الخليجي يحسّن من التوازن المالي

جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى  بصندوق النقد الدولي في مؤتمر صحافي بدبي (أ.ب)
جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي في مؤتمر صحافي بدبي (أ.ب)

قال صندوق النقد الدولي، يوم الاثنين، إن من المتوقع أن تتخلى دول الخليج العربية المصدرة للنفط «طواعية» عن نحو 33 في المائة في المتوسط من عائدات النفط في الفترة من 2022 وحتى 2026، بما سيؤدي إلى تحسن بشكل عام في التوازن المالي، مشدداً على الحاجة إلى مقاومة الارتداد لزيادة الإنفاق وقت السعة الاقتصادية عن طريق الإنفاق الداعم للدورة الاقتصادية.
وأضاف صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير، أن من المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط والغاز إلى زيادة متوسط فائض المعاملات الجارية في الدول الست التي يتألف منها مجلس التعاون الخليجي إلى 9.7 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في 2022، ارتفاعاً من 4.6 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في العام الماضي، بما سيؤدي إلى فائض إضافي يبلغ 275 مليار دولار.
وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، لـ«رويترز»: «تؤكد العديد من دول الخليج أنها ستلتزم بخططها للانضباط المالي... هناك دائماً إغراء العودة للإنفاق الداعم للدورة الاقتصادية». وتابع قائلاً «على الدول المصدرة للنفط أن تزيد وتعزز من احتياطاتها واستغلال هذه اللحظة كاختبار مصداقية لتنويع مستدام» للأنشطة الاقتصادية.
ومن المتوقع أن تفوق الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط أقرانها بتنبؤات عن نمو نسبته 5.2 في المائة هذا العام، ارتفاعاً من 4.5 في المائة في 2021 بدفعة من أسعار النفط المرتفعة، ونمو قوي للناتج الإجمالي المحلي غير النفطي؛ مما حيّد أثر رفع أسعار الفائدة عالمياً وصعود أسعار الغذاء. وأشار الصندوق في تقريره الأحدث إلى أن من المتوقع تراجع النمو إلى 3.5 في المائة في 2023، مع تراجع أسعار النفط وتباطؤ الطلب العالمي.
ويتوقع صندوق النقد الدولي، أن تحقق السعودية نمواً نسبته 7.6 في المائة هذا العام، بما يقل قليلاً عن توقعات الحكومة البالغة ثمانية في المائة، وارتفاعاً من 3.2 في المائة في 2021.
وهناك توقعات بأن نمو القطاع النفطي في المملكة سيتراجع 3.3 في المائة العام المقبل من 13.1 في المائة في العام الجاري، بينما توقعات الناتج الإجمالي المحلي غير النفطي تبلغ في 2023 نحو 3.8 في المائة مقابل 4.2 في المائة هذا العام.
وقال أزعور «توصياتنا بشأن السياسات للسعودية، وكذلك للدول الأخرى المصدرة للنفط هي الحفاظ على مسار الإصلاحات الذي ساعد في تنويع الاقتصاد وتحسين الإنتاجية وتجنب السياسات الداعمة للدورة الاقتصادية». وأضاف، أن حجم القطاع غير النفطي ينمو في السعودية والإمارات ودول خليجية أخرى مع بدء العمل في قطاعات جديدة وجذب الاستثمارات مع وجود قطاع مالي «رأسماله كبير ومربح وقوي». وحث أزعور على زيادة جهود تنويع الأنشطة الاقتصادية والإصلاحات التشريعية لزيادة الإنتاجية وتعزيز البنية التحتية لدعم نمو القطاع الخاص.
وفي نطاق أوسع، قال صندوق النقد الدولي، الاثنين، إن النشاط الاقتصادي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى يتسم بالمرونة مع استمرار التعافي في عام 2022، لكنه أضاف، أنه يتعين على المنطقتين توخي الحذر من زيادة الظروف غير المواتية على مستوى العالم وطالب دولهما بالحرص على المضي قدماً في الإصلاحات.
وفي حين أن الدول المصدرة للنفط تستفيد من مكاسب نفطية لم تكن في الحسبان، حيث يُتوقع أن تحقق تريليون دولار تراكمياً خلال الفترة من 2022 إلى 2026، تواجه الأسواق الناشئة والدول ذات الدخل المتوسط صدمة عميقة فيما يتعلق بمؤشر معدلات التبادل التجاري من حيث قيمة الصادرات نسبة لقيمة الواردات.
وقال جهاد أزعور، مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وآسيا الوسطى، لـ«رويترز» قبيل إصدار تقرير أكتوبر (تشرين الأول)، إنه يجب على هذه الدول أن تكون في حالة تأهب مع «تزايد الرياح المعاكسة، وزيادة نقاط الضعف» في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتقلب أسعار الغذاء والطاقة، وتشديد شروط التمويل.
وأضاف، أن المنطقة في حاجة إلى «التحرك الآن، والتصرف بسرعة والعمل بطريقة شاملة» في الإصلاحات الهيكلية، وأن على مصدري النفط استغلال هذه الفرصة لتعزيز أوضاعهم للحماية من الصدمات. ويتمثل أحد التحديات الملحة في معالجة أزمة تكلفة المعيشة عبر استعادة استقرار الأسعار وحماية الفئات الضعيفة من خلال الدعم الموجه وضمان الأمن الغذائي.
وقال تقرير صندوق النقد الدولي، إن «ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة النقص في الغذاء والطاقة قد يؤديان إلى انعدام الأمن الغذائي والاضطرابات الاجتماعية، لا سيما في عام 2023»، محذراً من تضخم واسع النطاق.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة خمسة في المائة هذا العام، ارتفاعاً من 4.1 في المائة في عام 2021، ومن المتوقع بعد ذلك أن يتباطأ إلى 3.6 في المائة في عام 2023 بسبب تدهور الأوضاع العالمية. وتم وضع تقديرات للتضخم عند 12.1 في المائة في 2022 و11.2 في المائة في العام المقبل.
ومن المتوقع أن تؤدي مدفوعات الفائدة المرتفعة والاعتماد المتزايد على التمويل قصير الأجل في بعض الأسواق الناشئة والدول ذات الدخل المتوسط، مثل مصر وباكستان وتونس إلى زيادة إجمالي احتياجات التمويل العام إلى 550 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023، وهو ما يزيد بمقدار 22 مليار دولار عن الفترة السابقة.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

«تداول» السعودية تخطط لزيادة عمليات الدمج والاستحواذ

«تداول» تركز على تنويع مزيج إيراداتها (الشرق الأوسط)
«تداول» تركز على تنويع مزيج إيراداتها (الشرق الأوسط)
TT

«تداول» السعودية تخطط لزيادة عمليات الدمج والاستحواذ

«تداول» تركز على تنويع مزيج إيراداتها (الشرق الأوسط)
«تداول» تركز على تنويع مزيج إيراداتها (الشرق الأوسط)

قال مسؤول كبير في «مجموعة تداول السعودية» إن مشغل البورصة يتطلع إلى عمليات الاندماج والاستحواذ لتوسيع أسواق رأس المال في المملكة، وسط سيل من العروض المحلية.

وقال لي هودجكينسون، كبير مسؤولي الاستراتيجية في «مجموعة تداول السعودية»، خلال مقابلة أُجريت معه في لندن: «ستلعب عمليات الاندماج والاستحواذ دوراً أكبر في مستقبلنا مما كانت عليه في ماضينا»، وفق ما ذكرت «بلومبرغ».

وأوضح أن الشركة ستستهدف عمليات استحواذ «قابلة للهضم» و«ذات صلة استراتيجية»، دون تقديم تفاصيل عن أي أهداف محتملة.

وحتى الآن، هذا العام، جرى جمع 15.6 مليار دولار من خلال مبيعات الأسهم في البورصة، بما في ذلك عرض ضخم من شركة «أرامكو السعودية»، وفقاً للبيانات التي جمعتها «بلومبرغ».

ولم يستبعد هودجكينسون الاستحواذ على بورصات أخرى في المستقبل، لكنه قال إن التركيز الحالي للمجموعة ينصبّ على تنويع مزيج إيراداتها.

وفي وقت سابق من هذا العام، استحوذت «تداول» على حصة في مالك بورصة دبي للسلع الأساسية، مقابل 28.5 مليون دولار؛ في محاولة للتوسع بمجال السلع الأساسية.

ووفقاً لهودجكينسون، تبحث المجموعة تقديم عدد من خدمات ما بعد التداول حول إقراض الأسهم وإدارة الضمانات، كما تستكشف أيضاً خدمات البيانات مثل المؤشرات.

وقال هودجكينسون إنه عند النظر في أهداف الاستحواذ، ستمارس المجموعة «قدراً كبيراً من الانضباط» على التقييم والتآزر المحتمل. وأضاف أن عمليات الدمج والاستحواذ تهدف إلى دعم استراتيجية النمو العضوي للمجموعة.