هل تنجح إيطاليا في وقف تدفقات المهاجرين من ليبيا؟

عقب إجراءات اتخذتها حكومة ميلوني المتشددة حيال الأجانب

سالم الرزمة يتفقد مقر جهاز الهجرة غير المشروعة بجنوب البلاد (مكتب الإعلام بوزارة الداخلية)
سالم الرزمة يتفقد مقر جهاز الهجرة غير المشروعة بجنوب البلاد (مكتب الإعلام بوزارة الداخلية)
TT

هل تنجح إيطاليا في وقف تدفقات المهاجرين من ليبيا؟

سالم الرزمة يتفقد مقر جهاز الهجرة غير المشروعة بجنوب البلاد (مكتب الإعلام بوزارة الداخلية)
سالم الرزمة يتفقد مقر جهاز الهجرة غير المشروعة بجنوب البلاد (مكتب الإعلام بوزارة الداخلية)

رغم إعلان السلطات الليبية التصدي للمهاجرين غير النظاميين، ومنعهم من الهروب إلى السواحل الأوروبية عبر البحر المتوسط، فإن المئات منهم ينجحون في التسلل إليها، مما لا يطرح تساؤلات كثيرة عن مدى قدرة السلطة التنفيذية الجديدة في إيطاليا على لعب دور في وقف هذه الظاهرة.
ومن وقت لآخر، تعلن أجهزة أمنية تابعة لحكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، «تحرير» عشرات المهاجرين غير الشرعيين من قبضة عصابات تتاجر في البشر، بعد إخضاعهم للتعذيب، بغرض ابتزاز أسرهم مالياً. وفي هذا السياق قال «اللواء 444 قتال» إنه اعتقل قبل يومين سبعة من المتاجرين في البشر، وضبط ست سيارات كانت تقل 150 مهاجراً من جنسيات مختلفة في الصحراء الليبية، أثناء عبورهم الحدود الليبية بشكل غير قانوني في محاولة للوصول إلى سواحل البلاد، والإبحار باتجاه الشواطئ الأوروبية.
وأمام استمرار تدفق أفواج المهاجرين إلى إيطاليا، اختلفت وسائل إعلام إيطالية بخصوص قدرة حكومة جورجيا ميلوني المتشددة حيال الأجانب على وقف هذه الظاهرة. ونقلت وكالة «نوفا» الإيطالية أنه بعد نحو أسبوع من تنصيب الحكومة الجديدة، وبعد أيام قليلة من إصدار وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي، توجيهاً لتقييم منع دخول سفن المنظمات غير الحكومية، «منعت السلطات المسؤولة في ليبيا وتونس العديد من المتاجرين بالبشر ومهربي المهاجرين، وأوقفت محاولات الهجرة غير الشرعية».
وتقول منظمات محلية ودولية تعمل في مجال الهجرة إن التصدي لاجتياح المهاجرين للأراضي الليبية «يتطلب جهوداً إقليمية لوقف هذه الهجرات من المنبع أولاً، والسيطرة على الحدود الليبية المترامية المفتوحة دون رقيب». مشيرة إلى أن قدرة السلطات الإيطالية «تظل محدودة، وتنحصر فقط في منع السفن العاملة بالبحر من إعادة المهاجرين، لكن الرهان الأكبر ينعقد على تسللهم من الأصل عبر السواحل الليبية والتونسية».
ووفقا للداخلية الإيطالية، فقد وصل 79.647 مهاجراً إلى إيطاليا منذ بداية عام 2022 وحتى 26 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وذلك خلال 2044 عملية إنزال، مما يشكل زيادة قدرها 50.78 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وحسب المذكرة الصادرة في أعقاب اجتماع اللجنة الوطنية الإيطالية للنظام والأمن العام، برئاسة بيانتيدوزي، فإن هذه الزيادة «ترجع إلى ارتفاع عدد الوافدين من ليبيا وتونس وتركيا، وهي البلدان الرئيسية التي يغادر منها المهاجرون. أما فيما يتعلق بليبيا على وجه الخصوص، فإن استمرار حالة عدم الاستقرار الداخلي تمثل عاملا حاسما في دفع ظاهرة الهجرة غير المشروعة».
وتُظهر صور نشرها اللواء المسلح، الذي يعتبر الأقوى والأفضل تجهيزا في ليبيا، سيارة على الطرق الوعرة مشتعلة، وبعض المهربين المزعومين على الأرض وأيديهم خلف رؤوسهم، وعشرات المهاجرين في جنوب الصحراء الكبرى، يبدو أنهم من جنوب الصحراء، بينهم العديد من النساء، يتم نقلهم بعيداً على أيدي رجال يرتدون الزي العسكري ووجوههم مقنعة.
وقالت منظمة «أطباء بلا حدود» إن طاقم سفينة «جيو بارنتس» أنقذ أكثر من 268 مهاجراً، كانوا على متن أربعة قوارب في منطقة البحث والإنقاذ المالطية، وأوضحت أن المهاجرين جميعهم انطلقوا من ليبيا، ومضى على وجود بعضهم في البحر ثلاثة أيام.
ونفذت «جيو بارنتس» بمجرد وصولها لمنطقة البحث والإنقاذ، نهاية الأسبوع الماضي، أربع عمليات إنقاذ متتالية، «في غضون أربع ساعات فقط». وقالت المنظمة المشغلة للسفينة: «إنه يوم حافل لفريقنا في البحر. 268 شخصا تم إنقاذهم من على أربعة قوارب كانت تعاني صعوبات في منطقة البحث. والجميع بأمان الآن على متن (جيو بارنتس)، وتتم العناية بهم من قبل الفريق».
وفقا للوكالة ذاتها، فإن استمرار عدم الاستقرار الداخلي في ليبيا، يعد عاملاً حاسماً في نمو حملة الهجرة بمقدار 75.83 في المائة، فيما زاد التدفق من تونس مقارنة بالعام الماضي، كما سجلت اعتبارا من 26 أكتوبر الجاري، زيادة بـ25.96 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. أما التدفق من تركيا فهو ثابت، حيث سجل منذ بداية العام زيادة بنسبة 43.02 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
ورأت «نوفا» أن هناك انخفاضا طفيفا في تدفقات الهجرة من الجزائر، الموجهة بشكل شبه حصري إلى سردينيا، مع انخفاض سجل منذ 26 أكتوبر الجاري، بنسبة 7.12 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
في السياق ذاته، زار سالم الرزمة، نائب رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، مقر جهاز الهجرة غير المشروعة بجنوب البلاد، وبحث مع رئيس الجهاز العميد خالد إصكاح، مشاكل الجهاز، وما يتطلبه من توفير احتياجات طارئة وعاجلة لإعادة تفعيله بمختلف فروعه.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

«الخوذ البيضاء» يطالب الأمم المتحدة بالحصول على خرائط «السجون السرية» من الأسد

لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
TT

«الخوذ البيضاء» يطالب الأمم المتحدة بالحصول على خرائط «السجون السرية» من الأسد

لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)

أعلن جهاز «الخوذ البيضاء»، اليوم (الثلاثاء)، أنه قدم طلباً إلى الأمم المتحدة للحصول على خرائط بمواقع «السجون السرية» من الرئيس بشار الأسد الذي فرّ، الأحد، مع دخول فصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» دمشق، وإعلانها إسقاط حكمه، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في مقابلة مع شبكة أميركية، اليوم (الثلاثاء)، أن الأسد داخل روسيا، في أول تأكيد رسمي من موسكو لما سبق أن أوردته وكالات أنباء روسية.

وقال مدير جهاز «الخوذ البيضاء»، رائد الصالح، في منشور على منصة «إكس» اليوم: «أرسلنا (...) طلباً للأمم المتحدة عبر وسيط دولي لمطالبة روسيا بالضغط على المجرم (...) بشار الأسد لتسليمه خرائط بمواقع السجون السرية، وقوائم بأسماء المعتقلين، لنتمكن من الوصول إليهم بأسرع وقت ممكن».

ومنذ بداية الاحتجاجات التي تحوّلت إلى نزاع مسلّح في عام 2011، توفي أكثر من 100 ألف شخص في السجون خصوصاً تحت التعذيب، وفق تقديرات للمرصد السوري لحقوق الإنسان تعود إلى عام 2022.

وأفاد المرصد بأنّ الفترة ذاتها شهدت احتجاز نحو 30 ألف شخص في سجن صيدنايا الواقع على مسافة نحو 30 كيلومتراً من العاصمة دمشق، ولم يُطلق سراح سوى 6 آلاف منهم.

من جانبها، أحصت منظمة العفو الدولية آلاف عمليات الإعدام، مندّدة بـ«سياسة إبادة حقيقية» في سجن صيدنايا الذي وصفته بـ«المسلخ البشري».

وأعلنت فصائل المعارضة تحرير المحتجزين في السجون بما فيها سجن صيدنايا الذي يُعد من أكبر السجون السورية، وتفيد منظمات غير حكومية بتعرّض المساجين فيه للتعذيب.

وأعلن جهاز «الخوذ البيضاء»، اليوم، «انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سريّة غير مكتشفة» داخل سجن صيدنايا «من دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تُفتح بعد».

غير أنّ الكثير من العائلات لا تزال مقتنعة بأنّ عدداً كبيراً من أقربائها محتجزون في سجون سرية تحت الأرض.

وقال رائد الصالح: «توحُّش وإجرام لا يمكن وصفه مارسه نظام الأسد البائد في قتل السوريين واعتقالهم وتعذيبهم».