رغم إعلان السلطات الليبية التصدي للمهاجرين غير النظاميين، ومنعهم من الهروب إلى السواحل الأوروبية عبر البحر المتوسط، فإن المئات منهم ينجحون في التسلل إليها، مما لا يطرح تساؤلات كثيرة عن مدى قدرة السلطة التنفيذية الجديدة في إيطاليا على لعب دور في وقف هذه الظاهرة.
ومن وقت لآخر، تعلن أجهزة أمنية تابعة لحكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، «تحرير» عشرات المهاجرين غير الشرعيين من قبضة عصابات تتاجر في البشر، بعد إخضاعهم للتعذيب، بغرض ابتزاز أسرهم مالياً. وفي هذا السياق قال «اللواء 444 قتال» إنه اعتقل قبل يومين سبعة من المتاجرين في البشر، وضبط ست سيارات كانت تقل 150 مهاجراً من جنسيات مختلفة في الصحراء الليبية، أثناء عبورهم الحدود الليبية بشكل غير قانوني في محاولة للوصول إلى سواحل البلاد، والإبحار باتجاه الشواطئ الأوروبية.
وأمام استمرار تدفق أفواج المهاجرين إلى إيطاليا، اختلفت وسائل إعلام إيطالية بخصوص قدرة حكومة جورجيا ميلوني المتشددة حيال الأجانب على وقف هذه الظاهرة. ونقلت وكالة «نوفا» الإيطالية أنه بعد نحو أسبوع من تنصيب الحكومة الجديدة، وبعد أيام قليلة من إصدار وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي، توجيهاً لتقييم منع دخول سفن المنظمات غير الحكومية، «منعت السلطات المسؤولة في ليبيا وتونس العديد من المتاجرين بالبشر ومهربي المهاجرين، وأوقفت محاولات الهجرة غير الشرعية».
وتقول منظمات محلية ودولية تعمل في مجال الهجرة إن التصدي لاجتياح المهاجرين للأراضي الليبية «يتطلب جهوداً إقليمية لوقف هذه الهجرات من المنبع أولاً، والسيطرة على الحدود الليبية المترامية المفتوحة دون رقيب». مشيرة إلى أن قدرة السلطات الإيطالية «تظل محدودة، وتنحصر فقط في منع السفن العاملة بالبحر من إعادة المهاجرين، لكن الرهان الأكبر ينعقد على تسللهم من الأصل عبر السواحل الليبية والتونسية».
ووفقا للداخلية الإيطالية، فقد وصل 79.647 مهاجراً إلى إيطاليا منذ بداية عام 2022 وحتى 26 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وذلك خلال 2044 عملية إنزال، مما يشكل زيادة قدرها 50.78 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وحسب المذكرة الصادرة في أعقاب اجتماع اللجنة الوطنية الإيطالية للنظام والأمن العام، برئاسة بيانتيدوزي، فإن هذه الزيادة «ترجع إلى ارتفاع عدد الوافدين من ليبيا وتونس وتركيا، وهي البلدان الرئيسية التي يغادر منها المهاجرون. أما فيما يتعلق بليبيا على وجه الخصوص، فإن استمرار حالة عدم الاستقرار الداخلي تمثل عاملا حاسما في دفع ظاهرة الهجرة غير المشروعة».
وتُظهر صور نشرها اللواء المسلح، الذي يعتبر الأقوى والأفضل تجهيزا في ليبيا، سيارة على الطرق الوعرة مشتعلة، وبعض المهربين المزعومين على الأرض وأيديهم خلف رؤوسهم، وعشرات المهاجرين في جنوب الصحراء الكبرى، يبدو أنهم من جنوب الصحراء، بينهم العديد من النساء، يتم نقلهم بعيداً على أيدي رجال يرتدون الزي العسكري ووجوههم مقنعة.
وقالت منظمة «أطباء بلا حدود» إن طاقم سفينة «جيو بارنتس» أنقذ أكثر من 268 مهاجراً، كانوا على متن أربعة قوارب في منطقة البحث والإنقاذ المالطية، وأوضحت أن المهاجرين جميعهم انطلقوا من ليبيا، ومضى على وجود بعضهم في البحر ثلاثة أيام.
ونفذت «جيو بارنتس» بمجرد وصولها لمنطقة البحث والإنقاذ، نهاية الأسبوع الماضي، أربع عمليات إنقاذ متتالية، «في غضون أربع ساعات فقط». وقالت المنظمة المشغلة للسفينة: «إنه يوم حافل لفريقنا في البحر. 268 شخصا تم إنقاذهم من على أربعة قوارب كانت تعاني صعوبات في منطقة البحث. والجميع بأمان الآن على متن (جيو بارنتس)، وتتم العناية بهم من قبل الفريق».
وفقا للوكالة ذاتها، فإن استمرار عدم الاستقرار الداخلي في ليبيا، يعد عاملاً حاسماً في نمو حملة الهجرة بمقدار 75.83 في المائة، فيما زاد التدفق من تونس مقارنة بالعام الماضي، كما سجلت اعتبارا من 26 أكتوبر الجاري، زيادة بـ25.96 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. أما التدفق من تركيا فهو ثابت، حيث سجل منذ بداية العام زيادة بنسبة 43.02 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
ورأت «نوفا» أن هناك انخفاضا طفيفا في تدفقات الهجرة من الجزائر، الموجهة بشكل شبه حصري إلى سردينيا، مع انخفاض سجل منذ 26 أكتوبر الجاري، بنسبة 7.12 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
في السياق ذاته، زار سالم الرزمة، نائب رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، مقر جهاز الهجرة غير المشروعة بجنوب البلاد، وبحث مع رئيس الجهاز العميد خالد إصكاح، مشاكل الجهاز، وما يتطلبه من توفير احتياجات طارئة وعاجلة لإعادة تفعيله بمختلف فروعه.
هل تنجح إيطاليا في وقف تدفقات المهاجرين من ليبيا؟
عقب إجراءات اتخذتها حكومة ميلوني المتشددة حيال الأجانب
هل تنجح إيطاليا في وقف تدفقات المهاجرين من ليبيا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة