«جثث مجهولة» تثير الشكوك حول إعدامات حوثية للمعتقلين

الانقلابيون قرروا دفنها جماعياً في إحدى مقابر صنعاء

جانب من عملية الدفن الجماعي في صنعاء لجثث زعم الانقلابيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
جانب من عملية الدفن الجماعي في صنعاء لجثث زعم الانقلابيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
TT

«جثث مجهولة» تثير الشكوك حول إعدامات حوثية للمعتقلين

جانب من عملية الدفن الجماعي في صنعاء لجثث زعم الانقلابيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
جانب من عملية الدفن الجماعي في صنعاء لجثث زعم الانقلابيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

مع تصاعد الاتهامات للميليشيات في اليمن بقتل المختطفين والمخفيين قسراً تحت التعذيب، وإخفاء جثثهم لفترات ثم القيام بعمليات دفن جماعية لها بمحافظات عدة تحت سيطرتها، أعلنت الجماعة الحوثية قبل أيام قليلة ماضية دفن عشرات الجثث في مقابر جماعية في صنعاء زعمت أنها «مجهولة الهوية».
وادّعت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن النيابة العامة الخاضعة للميليشيات في صنعاء دشنت بالتنسيق مع لجنة الصليب الأحمر الدولية، ما وصفته بالمرحلة الأولى لدفن 28 جثة لمجهولين.
وفي حين لم تفصح وسائل إعلام الميليشيات عن أي تفاصيل أخرى تتعلق بهوية تلك الجثث، كشف مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود 3 جثث لإناث من مختلف الأعمار من أصل 28 جثة، حيث حرصت الميليشيات قبل عملية الدفن على وضع الجثث التي ادعت أنها مجهولة الهوية داخل أكياس محكمة الإغلاق حتى لا يتعرف عليها أي من الجهات المشاركة في عملية الدفن.
وبحسب إعلام الجماعة، ستعقب المرحلة الأولى من دفن الجثث المجهولة مراحل أخرى جديدة ضمن خطة شاملة لدفن بقية الجثث التي لا تزال تعج بها منذ سنوات ثلاجات الموتى في مستشفيات العاصمة وغيرها.
ووسط الاتهامات الموجهة للجماعة بمواصلتها محو آثار جرائمها ضد مئات المعتقلين الذين توفوا جراء التعذيب في سجونها، توقع محامون في صنعاء أن تكون بعض تلك الجثث «لمختطفين مدنيين من الجنسين لقوا حتفهم تحت التعذيب وشُوهوا بحيث يصعب التعرف عليهم، لذا تم دفنهم بزعم أنهم مجهولو الهوية».
إلى ذلك، تكهنت مصادر حقوقية بأن بعض الجثث قد تعود لحوثيين قُتلوا سابقاً في الجبهات ولم يتم التعرف على هويات أصحابها أو ملامحهم، حيث شهدت ثلاجات الموتى في المشافي الحكومية في مناطق الميليشيات منذ سنوات ما بعد الانقلاب ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الجثث مجهولة الهوية.
وفي حين أثارت عملية دفن الجماعة الجثث المجهولة تساؤلات الناشطين وشكوك المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، أكد حقوقيون في صنعاء أن أقبية الميليشيات لا تزال حتى اللحظة تشهد ارتكاب جرائم تعذيب وحشية بحق مختطفين ومعتقلين في عديد من المناطق تحت قبضتها.
يأتي ذلك في وقت كشفت فيه تقارير حكومية مقتل أكثر من 300 مختطف ومخفي قسراً تحت التعذيب في أقبية الجماعة خلال سبع سنوات ماضية من عمر الانقلاب.
وكان ناشطون ومنظمات حقوقية محلية اتهموا في أوقات سابقة الميليشيات بحفرها قبور جماعية لعشرات المدنيين ممن قضوا تحت التعذيب في معتقلاتها، بينما زعمت الميليشيات أكثر من مرة أنها جثث تعود لمجهولين، وموجودة في ثلاجات المستشفيات الخاضعة لها في عدد من مدن سيطرتها.
وسبق للجماعة المدعومة إيرانياً أن دشنت في 2020 ثلاث مراحل دفنت فيها 232 جثة من أصل 715 جثة في صنعاء العاصمة ومحافظتي الحديدة وذمار، وادّعت أنها لمجهولي الهوية.
‎وفي التاسع من مارس (آذار) من العام ذاته، أطلقت الميليشيات المرحلة الأولى من دفن الجثث المجهولة، وذلك بالتزامن مع بدء تفشي «كوفيد - 19»، حيث دفنت خلالها نحو 67 جثة مجهولة في محافظة الحديدة.
وفي مايو (أيار)، دفنت 90 جثة كمرحلة ثانية في عدد من مناطق سيطرتها دون إعلان رسمي منها.
وفي أواخر يوليو (تموز) من العام نفسه، أطلقت الجماعة المرحلة الثالثة بدفن 40 جثة، قالت إنها كانت محفوظة في ثلاجة مستشفى الثورة في العاصمة صنعاء.
وكانت منظمة «إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري» اتهمت في وقت سابق الجماعة بقتل المختطفين تحت التعذيب وإخفاء جثثهم.
وطالبت المنظمة، في بيان، بتحقيق دولي في دفن الجماعة مئات الجثث مجهولة الهوية، محملة الميليشيات مسؤولية حياة جميع المخفيين قسراً.
ودان البيان قيام الميليشيات بإجراءات دفن 715 جثة لمواطنين، كثير منهم كانوا معتقلين في سجونها.
وأكد دفن الجماعة 232 جثة بزعم أنها كانت محفوظة بثلاجات المشافي الحكومية تحت سيطرتها.
واستنكرت المنظمة قيام الصليب الأحمر بالمشاركة في دفن تلك الجثث، مؤكدة أن دفنها بتلك الطريقة يساعد الجناة الحوثيين على الإفلات من العقاب، والاستمرار في عمليات القتل الممنهج الذي يقومون به.
وطالبت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياتهما حيال ما يقوم به الحوثيون من جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب وجرائم تطهير عرقي.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.