الجيش الإسرائيلي يخفف الحصار عن نابلس

قتل رجلي أمن فلسطينيين «بالخطأ»

جانب من مواجهات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في الخليل يوم الجمعة (رويترز)
جانب من مواجهات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في الخليل يوم الجمعة (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يخفف الحصار عن نابلس

جانب من مواجهات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في الخليل يوم الجمعة (رويترز)
جانب من مواجهات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في الخليل يوم الجمعة (رويترز)

في الوقت الذي يتظاهر فيه المستوطنون في مختلف أنحاء الضفة الغربية، احتجاجاً على ما سموه «التساهل مع الإرهاب الفلسطيني وهدر دماء المواطنين اليهود»، أعلن الجيش الإسرائيلي تخفيف الحصار بشكل جزئي عن منطقة نابلس بإزالة اثنين من الحواجز الستة المقامة في محيطها منذ أكثر من أسبوعين، وادعى الجيش أنه يفعل ذلك بعد أن نجح في توجيه ضربة كبيرة لمجموعة «عرين الأسود». وفي الوقت نفسه، تباهى الجيش بأنه قتل «مخربين اثنين»، تبين أنهما من رجال الأمن الفلسطينيين.
ومع أن أوساطاً إسرائيلية حاولت تبرير القتل باعتباره «تم بالخطأ»، وأن «الجنود الإسرائيليين قرروا ألا يخاطروا بحياتهم كما حصل في حالات سابقة، عندما نصب الفلسطينيون لهم كمائن، ولذلك أطلقوا الرصاص دفاعاً عن النفس»، إلا أن الفلسطينيين اعتبروا القتل جريمة بشعة اقترفت ضمن مسلسل الجرائم التي وقعت خلال الشهور الماضية، منذ بدء التصعيد الإسرائيلي. وأكدت الرئاسة الفلسطينية أن «الاحتلال الإسرائيلي يقوم بتفجير الأوضاع من خلال استمراره بسياسة القتل لأبناء شعبنا، بما في ذلك منتسبو أجهزته الأمنية، التي كان آخرها استشهاد المواطنين عماد أبو رشيد (47 عاماً) ورمزي سامي زَبَارَة (35 عاماً) اللذين ارتقيا بنيران قوات الاحتلال فجر اليوم بالقرب من حاجز حوارة العسكري، جنوب نابلس».
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية تعمل على استغلال الدم الفلسطيني في معاركها السياسية الداخلية. كما نشر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، نعياً للضحيتين. وكتب عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، أن «هذه جريمة إعدام ميداني بشعة. فالشهيدان أبو رشيد وزَبَارَة من خيرة ضباط ومرتبات جهاز الدفاع المدني، ورواد العمل الوطني والتنظيمي والمجتمعي في مخيم عسكر». وحمل رئيس الوزراء الحكومة الإسرائيلية مسؤولية هذه الجريمة، مطالباً المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
وكان الجيش الإسرائيلي قد رفع الحصار المفروض على مدينة نابلس منذ أسبوعين ونصف الأسبوع، في أعقاب ارتفاع حدة العمليات التي تنطلق من المدينة إلى مناطق شمال الضفة، وازدياد عمليات إطلاق النار نحو قوات الجيش والمستوطنين. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية في عدد الجمعة، أنها بعد إجراء تقييم للوضع الأمني في منطقة الضفة الغربية قررت تغيير القيود المفروضة على مدينة نابلس وتخفيفها، وذلك بفتح مدخلين اثنين للمدينة الليلة الماضية، وإبقاء 4 مداخل أخرى تحت الإجراءات المشددة عليها، ومراقبة المركبات التي تغادر المدينة.
واتضح أن تخفيف الحصار تم بالتنسيق مع أجهزة الأمن الفلسطينية، التي أبلغت إسرائيل بأن عدداً من نشطاء «عرين الأسود» في نابلس سلموا أنفسهم لها بغرض حمايتهم، وذلك في إطار الاستجابة لاقتراح إسرائيلي سابق بهذا الخصوص. ففي الأسبوع الماضي، عرضت إسرائيل على المجموعة، عبر السلطة الفلسطينية، أن يتخلوا عن أسلحتهم ويسلموا أنفسهم إلى الأجهزة الفلسطينية كي تعتقلهم لفترة معينة، وبعد أن تهدأ الأوضاع ستعفو عنهم. وفي محاولة منها لتشجيعهم على ذلك، خففت الحصار.
لكن، في اللحظة التي أعلنت فيها تخفيف الحصار، نفذ فلسطينيون عملية إطلاق رصاص جديدة، في مفرق حوارة جنوب نابلس، وادعت إسرائيل أنها قتلت المعتدين. لكن الفلسطينيين من جهتهم نفوا ذلك، وأعلنوا أن الجيش الإسرائيلي تلبك من إطلاق النار عليه، فأطلق النار على اثنين آخرين هما رجلا الأمن. ومع أن أوساطاً إسرائيلية اعتبرت هذا الاحتمال وارداً، فقد نفاه الناطق بلسان الجيش وادعى أن لديه توثيقاً يبين كيف بادر الجنديان الفلسطينيان إلى إطلاق الرصاص على الجنود. وتبنت «كتائب شهداء الأقصى»، الذراع العسكرية لحركة «فتح»، هذه العملية، وقالت إن منفذيها هم من رجالاتها، فيما هدد الجيش الإسرائيلي بموجة عمليات إذا قام جنوده بمواصلة مهاجمة «عرين الأسود» ومثيلاتها من المجموعات المنتشرة بالمناطق الفلسطينية.
ومن الجهة الأخرى، هاجم اليمين الإسرائيلي وقادة المستوطنين قرار تخفيف الحصار عن نابلس، ونظموا عدة مظاهرات في الضفة الغربية ضد الجيش ورئيس أركانه أفيف كوخافي، الذي هاجم بعض المستوطنين على ممارستهم العنف ضد جنود الجيش وضد المواطنين الفلسطينيين. وقال رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية يوسي دغان، إن «قرار الجيش الإسرائيلي إزالة الحواجز في طريق الخروج من نابلس، هو بمثابة قرار سياسي من الحكومة الإسرائيلية تتخلى فيه عن حياة المستوطنين بشمال الضفة وجميع أنحاء البلاد». وقال الصحافي اليميني يوني بن مناحيم، المقرب من زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، الذي عينه في عهده رئيساً لسلطة البث الرسمية، إن «قرار الجيش الإسرائيلي رفع الحصار المفروض على مدينة نابلس خطأ، ولا يعني سوى تشجيع الفلسطينيين على تنفيذ مزيد من العمليات في الطرق والمفارق الرئيسية». وأضاف بن مناحيم: «مرة أخرى يماطل لبيد وغانتس في إيقاف العمليات، بدلاً من إصدار أوامر للجيش الإسرائيلي بجلب قوات كبيرة إلى مدينة نابلس، ومنع مزيد من العمليات».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

قراءة فرنسية في نتائج اجتماع باريس لدعم الجيش اللبناني

دخان
دخان
TT

قراءة فرنسية في نتائج اجتماع باريس لدعم الجيش اللبناني

دخان
دخان

تعدّ باريس أن الاجتماعات الثلاثة التي حصلت في العاصمة الفرنسية، ما بين مساء الأربعاء وصباح الخميس، في وزارة الدفاع (بين قائد الجيش العماد رودولف هيكل، ورئيس أركان القوات الفرنسية الجنرال فابيان ماندون)، ثم بين المندوبين الخاصين للدول الثلاث (فرنسا، والولايات المتحدة، والمملكة السعودية)، وبين الثلاثة والعماد هيكل في الإليزيه، كانت ناجحة، وأن أهم ما جاءت به هو الدعم الجماعي والكامل للدول الثلاث لما تقوم به السلطات اللبنانية والجيش اللبناني. وبما أن العواصم المعنية الثلاث (باريس، وواشنطن، والرياض) تعتبر أن أداء الجيش والتزامه بالانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح بيد الدولة مع نهاية العام الحالي، وبالنظر للنتائج التي حققها، والتي تراها مرضية، فإنه قد تم الاتفاق على عقد المؤتمر الدولي الموعود لدعم الجيش اللبناني في شهر فبراير (شباط) المقبل، وتؤكد باريس أن تشكيل لجنة ثلاثية للتحضير للمؤتمر يعكس الجدية بما تقوم به القوات المسلحة اللبنانية والثقة بالسلطات اللبنانية.

وتريد الأطراف الثلاثة، بحسب باريس، توفير الظروف ليلاقي المؤتمر الموعود النجاح المرتقب بحيث يساعد الدولة اللبنانية على استعادة سيادتها، ويوفر لها الدعم السياسي والمادي ويكون مؤشراً على الثقة بالجيش وبها، وللأهداف التي تسعى لتحقيقها في ما خص تنفيذ القرار 1701.

بيد أن العواصم الثلاث، بمبادرة فرنسية، توافقت على ما تدعو إليه باريس لجهة تسليط الأضواء على ما تقوم به وحدات الجيش اللبناني وتوثيقها وإبرازها بالوسائل المتاحة كافة، بما فيها الاستعانة بقوة اليونيفيل، لتحقيق هذا الهدف ولتبيان أن الجيش يقوم بالمهمات التي كلف بها لجهة حصر السلاح، بدءاً من المرحلة الأولى جنوب الليطاني، التي يجب أن تليها المراحل الأخرى في إطار الخطة الموضوعة.

وكان لافتاً أن العماد هيكل أكّد في باريس أن 95 في المائة من أهداف المرحلة الأولى قد تحقق، وأنه لم يدع إلى تمديد المهلة الموضوعة. لكن العواصم الثلاث لا ترى سبباً يحول دون تمديدها لأسابيع قليلة إذا كان ذلك ضرورياً. وتجدر الإشارة إلى أن العماد هيكل شرح بالتفصيل وبالأرقام ما حققته قواته، كذلك أشار إلى حاجتها للدعم التسليحي والمادي ربطاً بالمهمات الإضافية التي سيكون عليه تحملها، خصوصاً مع بدء انسحاب قوات اليونيفيل من جنوب لبنان. كذلك ترى باريس أن الدعم الذي سيقدم للبنان في إطار المؤتمر الدولي لن يكون محصوراً بالجيش، بل سيتناول القوى الأمنية الأخرى، بما يسمح للجيش الاضطلاع بمهامه الرئيسية وترك المحافظة على الأمن الداخلي للأجهزة الأمنية الداخلية.

تركز الأوساط الفرنسية على الأهمية القصوى لإبعاد شبح عودة الحرب إلى لبنان. من هنا، التركيز على ضرورة أن تكون السلطات اللبنانية قادرة مع انتهاء المرحلة الأولى من خطة «درع الوطن» على تأكيد إعادة سيطرتها الكاملة على المنطقة جنوب الليطاني بحيث يفتح الباب أمام انطلاق المرحلة الثانية منها. وينظر إلى أن توفر أمر كهذا سيعدّ تجاوباً مع ما تريده الأسرة الدولية من جهة، وسبباً رئيسياً في دفعها لمساندة لبنان في المؤتمر الموعود. وهذه الميكانيكية تندرج في إطار أن الأسرة الدولية تفضل التعاطي مع النتائج، وليس التعبير عن النوايا فقط.

وما يخص الدعم للجيش اللبناني ينطبق أيضاً على الدعم الاقتصادي ومؤتمر إعادة الإعمار المربوط بالإصلاحات المطلوبة من لبنان.

كثيرة الأسئلة المطروحة داخل وخارج لبنان حول آلية التحقق (الإضافية) مما يقوم به الجيش. ولكن بينها سؤالين مهمين: الأول، هل ستشمل عملية التحقق تفتيش المنازل الفردية؟ والثاني، هل ستقوم وحدات من اليونيفيل بمواكبة وحدات الجيش اللبناني بشكل منهجي وشامل؟ تسارع باريس إلى التأكيد على أن تفتيش المنازل والممتلكات الخاصة كافة جنوب الليطاني ليس مطروحاً إطلاقاً، وأنه سيعمل بها عندما تكون آلية «الميكانيزم» متأكدة من وجود تهديد قائم، وانتهاك لاتفاق نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، الخاص بوقف إطلاق النار. وعندها سيطلب من الجيش القيام بعملية التفتيش. وهذا القول من شأنه تهدئة روع الجنوبيين.

من جانب آخر، تحرص باريس على نفي الرغبة بإيجاد «آلية جديدة» إلى جانب الآلية القائمة، بل عكس ذلك، ترى أنه من الضروري الاستفادة من الآلية المعمول بها حتى اليوم، بحيث تعدّ رافداً يدعم عمل الوحدات العسكرية اللبنانية بالوسائل المتاحة. أما بالنسبة لمشاركة اليونيفيل بعمليات الجيش اللبناني، فإن باريس تذكر بأن هذا قائم بالفعل، وأن وحدات اليونيفيل يمكن أن تكون رافداً أو شاهداً على أداء الجيش المذكور، ما شأنه أن يخدم الهدف الأول، وهو إبراز أن الجيش يقوم بما أنيط به، ومن أجل هدم السردية، وغالباً الإسرائيلية، التي تؤكد عكس ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن المصادر الفرنسية حرصت على تأكيد أن العواصم الثلاث متوافقة حول هذا الأمر، ما سهل من تعيين شهر فبراير (شباط) موعداً لمؤتمر دعم الجيش. أما لماذا لم يحدد الموعد بدقة، فإن باريس ترجع ذلك لتعدد المواعيد والأحداث التي ستجرى في الشهر المذكور، وبالتالي ثمة حرص على اختيار الموعد المناسب الذي يوفر أكبر وأعلى مشاركة في المؤتمر المذكور. والحرص الفرنسي مردّه إلى الشكوك بخصوص التقويم الأميركي لمدى التزام السلطات اللبنانية بتنفيذ القرار 1701 والخطة التي وضعها الجيش لذلك بشكل جدي.

وتعي باريس أن الانتقال المطلوب من المرحلة الأولى من خطة «درع الوطن»، إلى المرحلة الثانية، سيواجه صعوبات جمة، أولاها رفض «حزب الله» تسليم سلاحه واعتباره أن وقف إطلاق النار، الذي تم التوافق عليه، لا يشمل سوى جنوب الليطاني. من هنا، فإن انعقاد مؤتمر دعم الجيش بعد شهرين سيوفر دفعة قوية للسلطات اللبنانية للانطلاق إلى المرحلة الثانية.

في المحصلة، يمكن النظر إلى اجتماعات باريس أنها حققت المبتغى منها لجهة الإجماع حول ما يقوم به الجيش والاستعداد لتوفير مزيد من الدعم له، مع انعقاد المؤتمر الدولي الموعود، كما وفّر دعماً للسلطات اللبنانية التي تجد نفسها محشورة بين المطرقة الإسرائيلية وسندان «حزب الله».


رئيس الحكومة المصري في بيروت حاملاً رسالة دعم للمسؤولين اللبنانيين

رئيس الحكومة المصري في بيروت حاملاً رسالة دعم للمسؤولين اللبنانيين
TT

رئيس الحكومة المصري في بيروت حاملاً رسالة دعم للمسؤولين اللبنانيين

رئيس الحكومة المصري في بيروت حاملاً رسالة دعم للمسؤولين اللبنانيين

نقل رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، رسالة دعم للجهود التي يقوم بها المسؤولون في لبنان لتحقيق الاستقرار، فيما كان هناك تأكيد وتعويل لبناني على دور القاهرة الأساسي في المنطقة.

وفي زيارة حملت بعداً سياسياً اقتصادياً، التقى مدبولي المسؤولين اللبنانيين في بيروت، حيث أعلن أن «مصر تنظر إلى لبنان باعتباره ركيزة أساسية للاستقرار في المشرق العربي، ونعمل ليكون بمنأى عن أي تصعيد».

الرئيس عون: لبنان يعول على دور مصر

وأكد رئيس الجمهورية جوزيف عون خلال لقائه مدبولي، أن «لبنان يعول على الدور السياسي الأساسي لمصر في المنطقة العربية، وعلى مساعدتها في هذه المرحلة الصعبة». ورأى أن «تفعيل عمل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين أمر ضروري لمصلحتيهما»، معرباً عن تمنياته بـ«نجاح الجهود في تثبيت الاستقرار بلبنان وإحلال السلام بالمنطقة».

والتقى مدبولي كذلك رئيس البرلمان نبيه بري، «حيث تم عرض لتطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، والعلاقات الثنائية بين لبنان وجمهورية مصر العربية»، بحسب ما جاء في بيان صادر عن رئاسة البرلمان.

وفيما أشارت مصادر مطلعة على الزيارة إلى أن مدبولي لم يحمل مبادرة سياسية محددة، لفت رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقائه عون، إلى أن «هدف الزيارة هو نقل رسالة دعم مصر الكامل في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها، ولكل الخطوات التي يقوم بها الرئيس عون والحكومة اللبنانية لتحقيق الاستقرار فيه، وفرض الجيش والمؤسسات اللبنانية السيطرة على كامل الأراضي اللبنانية وبسط السيادة عليها».

وشدد على أن «مصر تدين بشكل كامل كل الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على الجنوب اللبناني، وتؤكد دعمها الكامل لتحقيق استقرار لبنان وبسط سيادته على كامل أراضيه من دون انتقاء وتفعيل القرار الأممي 1701».

سلام: تقدير للدور المصري في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي

وفي ختام المباحثات اللبنانية - المصرية، قال رئيس الحكومة نواف سلام في مؤتمر مشترك مع نظيره المصري، إن «هذه الزيارة تأكيد على عمق العلاقة الأخوية بين لبنان ومصر، وتجسيدٌ لإرادةٍ مشتركة في بناء شراكةٍ فعلية مسؤولة ومنتجة، وتحمل في طيّاتها أكثر من بُعد سياسي أو اقتصادي».

رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام مستقبلاً رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي (رويترز)

وفي مؤتمر مشترك بين الطرفين، أكد سلام «التقدير العميق للدور المصري في دعم لبنان في عمله على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من جنوبه الغالي، ولوقف الأعمال العدائية الإسرائيلية المستمرة، والإفراج عن أسرانا، وكذلك تقديرنا لمواكبة مصر الدائمة للبنان في مسيرته الإصلاحية، وتمسّكها الدائم بوحدته وسيادته، في كل الظروف».

تعاون اقتصادي في قطاعات حيوية

وتحدث سلام عن «الاجتماع الثنائي البناء» الذي جمعه بنظيره المصري، إضافة إلى الاجتماع الموسع بين الوفدين الوزاريين، وقال: «ما بدأناه معاً قبل أسابيع في القاهرة في إطار اللجنة العليا اللبنانية - المصرية، نتابعه اليوم بخطى عملية في بيروت».

وأوضح: «ناقشنا اليوم أولويات التعاون في عدد من القطاعات الحيوية: من الطاقة إلى النقل، ومن الصناعة إلى الاقتصاد الرقمي، ومن البنى التحتية إلى التعليم والري، وشددنا على ضرورة المتابعة الدقيقة لما اتُّفق عليه، بروح الشراكة لا المجاملة، وبمنهج التخطيط لا الارتجال».

لقاء بين رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي ورئيس الحكومة اللبناني نواف سلام في السراي الحكومي ببيروت (أ.ف.ب)

وفيما كان للجانب الاقتصادي حيّز في المباحثات التي قام بها مدبولي ببيروت، ثمّن سلام اهتمام نظيره المصري بلقاء الهيئات الاقتصادية، «سعياً لتعميق الشراكة بين القطاعين الخاصين اللبناني والمصري، واستكشاف فرص الاستثمار المشترك في إطار من الشفافية والمنافع المتبادلة».

مدبولي: زيارة تعكس عمق العلاقات بين البلدين

من ناحيته، قال مدبولي إن زيارته إلى بيروت «تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وتأتي انعكاساً للتنامي المُطَّرد في وتيرة التواصل السياسي بين بلدينا في ظل العهد اللبناني الجديد، منذ استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئيس جوزيف عون، في مايو (أيار) 2025، وما تلا ذلك من زيارات مُتبادلة جَسَّدت خصوصية ومتانة العلاقات المصرية - اللبنانية».

وأشاد مدبولي بـ«النتائج الإيجابية والزخم الكبير الذي تَمخَّض عن الزيارات التي قام بها سلام سابقاً إلى القاهرة، وتوجت بانعقاد الدورة العاشرة للجنة المصرية - اللبنانية العليا المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين بالقاهرة لأول مرة منذ 6 سنوات، وما شهدته من توقيع ما يقرب من 15 اتفاقية في مجالات اقتصادية وثقافية وإعلامية ودبلوماسية».

رئيسا الحكومة اللبناني نواف سلام والمصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي مشترك (أ.ب)

تعاون ثنائي وتقدير لعمل السلطات اللبنانية

وتحدث مدبولي من جهته، عما وصفه بـ«اجتماع موسع وبناء»، الذي عقد الجمعة، بحضور وزراء في مختلف القطاعات من البلدين، تناول مختلف أوجه التعاون الثنائي، إلى جانب مناقشة التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها المنطقة، وأثنى بذلك على جهود رئيسي الجمهورية والحكومة، وثمّن الجُهود المضنية التي يبذلها الجيش اللبناني في إطار نهج مُتدرج ورؤية وطنية شاملة، استناداً إلى اتفاق الطائف والقرارات الدولية ذات الصلة، إيماناً بأن الدولة القوية هي الضمانة، وأن الشرعية الجامعة هي الملاذ.

لبنان ركيزة للاستقرار

وجدد مدبولي التأكيد على «حرص مصر على مساندة لبنان في هذه المرحلة الدقيقة التي يواجه فيها تحديات استثنائية على المستويات كافة»، مشيراً إلى أن «مِصْر تنظر إلى لبنان باعتباره ركيزة أساسية للاستقرار في المشرق العربي، وهي لا تألو جهداً في مواصلة مساعيها للنأي بلبنان عن أي تصعيد»، مشدداً على «أنَّ مصر تُؤكد أن استقرار لبنان ووحدته الوطنية هما جُزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة العربية بأسرها».


جعجع يحذّر من مسار «غير مطمئن» ويطلب تدخّل عون لحماية الانتخابات

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (القوات اللبنانية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (القوات اللبنانية)
TT

جعجع يحذّر من مسار «غير مطمئن» ويطلب تدخّل عون لحماية الانتخابات

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (القوات اللبنانية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (القوات اللبنانية)

رفع رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، سقف تحذيراته السياسية مهاجماً رئيس البرلمان، نبيه بري، حيث اعتبر أنّ التطورات البرلمانية الأخيرة في لبنان تعكس «مساراً غير مطمئن»، وناشد رئيس الجمهورية، جوزيف عون، استخدام صلاحياته الدستورية عبر توجيه رسالة إلى مجلس النواب، في خطوة رأى أنّها باتت ضرورية لمنع تعريض الانتخابات النيابية للخطر.

وجاء موقف جعجع على خلفية جلسة نيابية انعقدت مؤخراً دعا لمقاطعتها، وسط انقسام سياسي حاد حول جدول أعمالها، ولا سيما في ظل الخلاف المستمر بشأن إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر المتعلق بقانون الانتخابات، وخصوصاً آلية اقتراع المغتربين، وهو ملف يُعدّ من أبرز نقاط الاشتباك السياسي والدستوري في المرحلة الراهنة.

وفي مؤتمر صحافي عقده في معراب، الجمعة، قال جعجع، إنّ ما حصل لا يبشر بالخير، خصوصاً أننا بدأنا نرى بوادر «الترويكا» (أي التفهم خارج المؤسسات بين رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة) التي كانت موجودة في السابق. وأضاف: «أنا أفهم تماماً موقف (محور الممانعة) بأنه سيمنع أي جلسة نيابية تنعقد ويطرح فيها قانون الانتخابات، لكن الأمر المستغرب هو موقف باقي الأفرقاء».

وأوضح أنّه يتفهم موقف القوى الرافضة لبحث قانون الانتخابات داخل المجلس، لكنه عبّر عن استغرابه إزاء مشاركة قوى أخرى في جلسة عُقدت تحت عنوان تشريع قوانين ذات طابع معيشي، معتبراً أنّ جوهر الإشكال لا يكمن في طبيعة البنود المطروحة، بل في «الآلية المعتمدة لإدارة عمل المجلس النيابي». وشدّد جعجع على أنّ الخلل في إدارة المؤسسة التشريعية ينعكس مباشرة على نتائجها، قائلاً إنّ «أي مسار يُدار بطريقة خاطئة لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج سليمة»، في إشارة إلى الجلسة الأخيرة وما رافقها من جدل سياسي ودستوري.

مناشدة رئاسية

وفي رسالة مباشرة إلى رئيس الجمهورية، قال: «لم يبقَ باباً للخلاص سوى بتوجيه رسالة إلى المجلس النيابي تطلبون من خلالها دعوة المجلس إلى الانعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة الرسالة ومشروع القانون المعجل المكرر، فالانتخابات النيابية في خطر وأنتم الملاذ الأخير».

ويأتي هذا النداء في ظل مخاوف سياسية متزايدة من ترحيل ملف قانون الانتخابات أو تعطيله عبر آلية إدارة الجلسات، بما قد يفتح الباب أمام سيناريوهات تمديد أو تأجيل غير معلنة للاستحقاق النيابي.

انتقاد الرؤساء الثلاثة

وفي سياق موازٍ، وجّه جعجع انتقادات حادة إلى الرؤساء الثلاثة، معتبراً أنّهم أسهموا في تأمين النصاب للجلسة النيابية الأخيرة، ما عدّه «تواطؤاً سياسياً». وقال: «المادة الخامسة من النظام الداخلي للمجلس النيابي تقر بأن على رئيس مجلس النواب أن يرعى مصالح المجلس النيابي، فيا دولة الرئيس بري عليك أن ترعى مصالح المجلس النيابي لا مصالحك الشخصية».

وقال إنّ صلاحيات رئيس مجلس النواب «ليست مطلقة»، بل «مقيّدة بالنظام الداخلي»، متهماً إياه بممارسة دوره «على مدى خمسة وثلاثين عاماً وكأنّ الصلاحيات غير خاضعة لأي ضوابط»..

ويأتي هذا الموقف في إطار خلاف سياسي مزمن بين «القوات اللبنانية» ورئيس المجلس، يتمحور حول آلية الدعوة إلى الجلسات، والتحكّم بجدول الأعمال، وأولوية إدراج مشاريع القوانين، ولا سيما تلك المتصلة بالاستحقاقات الدستورية الكبرى.

ملاحظات على أداء الحكومة

وفيما يتعلق بالحكومة، رأى جعجع أنّه «كان على رئيس الحكومة مراجعة موضوع مشروع القانون المعجل المكرر للانتخابات النيابية مع الرئيس بري، لكن الرئيس نواف سلام، الذي تربطنا به صداقة شخصية، حضر الجلسة النيابية يوم أمس، وكان ذلك شيئاً غير متوقع».

ملف اقتراع المغتربين

وفي الشق المتصل باقتراع اللبنانيين في الخارج، وجّه جعجع رسالة مباشرة إليهم، قائلاً: «أيها المغتربون، ترتكب بحقكم جرائم كثيرة، ومن الواضح أن رئيس المجلس النيابي لا يريد أن يصوّت المغترب في البلد الذي يوجد فيه». وشدّد على أنه «إذا لم تنجح مساعينا لإعطاء الحق للمغتربين في الانتخاب حيث هم، فأطلب من المغتربين التوجه إلى لبنان يوم الانتخاب للتصويت وتصحيح المسار القائم حالياً».