إيلون ماسك... من أين أتى كل هذا الطموح؟

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)
TT

إيلون ماسك... من أين أتى كل هذا الطموح؟

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)

كلما سُئلَ صغيراً: «ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟»، كان يجيب: «أريد أن أصير مليارديراً». تراوحت ردود الفعل على أحلامه آنذاك بين الضحك والسخرية.
لا أسماء يذكرها التاريخ لأولئك الذين استصغروا أحلام إيلون ماسك، أما اسمه هو فيتصدر اليوم قائمة الأثرياء حول العالم. لقد حقق طموح الطفولة وصار مليارديراً. يملك ماسك اليوم من المال ما يكفي ليشتري أحلامه كلها.
الغريب في الأمر أنه لم يعش طفولة محرومة حتى يهجس بالثراء، فهو نشأ في منزل كبير وسط عائلة مقتدرة. لم يؤرقه الجوع ولا الحرمان خلال سنواته الأولى، بل دخل أفضل المدارس وحصل على أحدث الألعاب.


إيلون ماسك طفلاً
من أين أتى إذاً هذا الجوع إلى العظمة والمال؟
أهو الوالد الذي لم يترك مهنة إلا ومارسها، مَن زرع في رأس إيلون الصغير كل ذاك الطموح اللامحدود؟
لم يكن إيرول مهندساً إلكتروميكانيكياً ناجحاً فحسب، بل جمع في سيرته الذاتية صفات كثيرة مثل: طيار، وبحار، ومستشار. كما أنه عمل في التطوير العقاري، وبناءً على المتداول من معلومات فإنه امتلك جزءاً من منجم للزمرد في زامبيا. رغم الثروة، حرص ماسك الأب على منح أولاده تربية عسكرية. ففي مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، قال مرة إنه كان أباً صارماً، وإن كلمته كانت القانون بذاته، وإن إيلون وشقيقه كيمبال وشقيقته توسكا تعلموا النظام منه.
لم يعترف إيلون ماسك يوماً بفضل والده عليه، فبين الأب وابنه علاقة ملتبسة غاب عنها الصفاء. وقد نفى في إحدى تغريداته عام 2019 أن يكون والده قد امتلك منجماً للأحجار الكريمة، أو أن يكون قد مول دراسته الجامعية.
https://twitter.com/elonmusk/status/1211054942192119808?s=20&t=Q4Orip8JmKvT5YPPDXxamA
لم تكن المياه عكرة دائماً في قنوات إيلون وأبيه إيرول. ففي عام 1980 وبعد أن حال طلاقٌ عنيف دون بقاء والدَيه تحت السقف نفسه، قرر إيلون السير خلف أبيه. كان في التاسعة من عمره يوم غادر البيت واستقل قطاراً ليلياً، لينضم إلى والده في منزله الجديد.
منذ تلك اللحظة، بدأت ملامح الحزن ترتسم على طفولته. انعكس انفصال والدَيه سلباً على استقراره النفسي. غرق في عالمه الخاص واستعاض عن دفء العائلة، بنار أفكاره المشتعلة في دماغه الطري.
يُحكى أن المحيطين به غالباً ما كانوا يظنون بأنه مصاب بالصم؛ إذ نادراً ما كان ينتبه لنداءاتهم ويرد عليها، مؤثراً الإصغاء إلى صوته الداخلي. يصف المقربون طفولته بالانطوائية والغريبة، أما هو فكان منشغلاً باختراعاته وابتكاراته. راوده الحلم بغزو الفضاء باكراً جداً، فإحدى هوايات إيلون المثيرة والكثيرة كانت بناء الصواريخ وصناعة المتفجرات! حتى أنه صرح يوماً أنه متفاجئ بكَونه ما زال يحتفظ بأصابعه كلها.
أما روح المغامرة فلعله ورث بعضاً منها عن جده لوالدته، الذي كان يجمع العائلة ويأخذها في رحلات جوية على متن طائرة صغيرة ذات محرك واحد. كانوا يقومون برحلات إلى أفريقيا وأستراليا بهدف تحطيم أرقام قياسية.


إيلون ماسك مع شقيقه كيمبال وشقيقته توسكا (من أرشيف والدته ماي)
بعيداً عن الهوايات المتفجرة والأحلام الطائرة، أظهرَ ماسك الصغير ولعاً بالكتب. يُحكى أنه أنهى قراءة موسوعة «بريتانيكا» في سن التاسعة. كما انشغل بروايات الخيال العلمي، وبالفلاسفة الألمان. بقراءاته التي كانت تستغرق 10 ساعات يومياً عوض عن غياب العاطفة العائلية، ومن خلالها غذى مخيلته وطموحاته، وبفضلها صارت طفولته الحزينة والوحيدة ألطف. يعترف في هذا السياق: «الكتب هي التي ربتني... الكتب، ثم أهلي».
في مقابل تلك الانطوائية والهروب إلى مساحاته الخاصة، أبدى ماسك في صغره اهتماماً بأحاديث الكبار. فحسب ما يتذكر والده، كان إيلون جريئاً في كلامه ويتحدث من دون خجل، كما أنه كان ينضم إلى جلسات الأشخاص الناضجين ويشارك في نقاشاتهم.
لطالما كانت أفكاره سابقة لسنّه. بدأت ملامح ريادة الأعمال تظهر في شخصيته منذ ذلك اليوم الذي جمع فيه أخاه وأولاد عمه، وصنعوا الشوكولا في البيت ثم داروا على منازل الجيران لبيعه 20 ضعفاً عما كلفتهم صناعته. لاحقاً تطور حسه التجاري، فاستوحى من شغفه المتصاعد بالكمبيوتر وألعاب الفيديو والبرمجة، وأنجز لعبته الإلكترونية الخاصة التي باعها بــ500 دولار. كان حينها في ال12 من عمره.

في مقابل كل تلك العبقرية المبكرة، لم يستمتع إيلون ماسك بسنواته في المدرسة. فهناك تعرف على التنمر ووقع ضحيته. تعرض للسخرية من قِبل زملائه الذين كانوا يعيرونه بجسده الهزيل، ويصفونه بالمهووس بالدراسة والكتب. ولم تقف الأمور عند حدود التنمر اللفظي، بل تعدته إلى العنف الجسدي حيث رُمي يوماً من أعلى الدرج في المدرسة، ما اضطر إلى نقله للمستشفى فاقداً وعيه.
خرج ماسك المراهق من تلك الحادثة مصمماً على تعلم الدفاع عن نفسه. أخذ دروساً في الكاراتيه والجودو، واكتسب ثقة بالنفس حصنته ضد كل أشكال التنمر. وفي تلك الأثناء، كانت علاقته بوالده قد بدأت بالتدهور فقرر الانتقال إلى كندا للدراسة الجامعية. تخلى عن كل مساعدة وقرر الاتكال على نفسه، فمرت فترات طويلة كان يعيش فيها على دولار واحد يومياً. يتذكر تلك الحقبة في إحدى مقابلاته قائلاً: «في النهاية يتعب المرء فعلاً من تناول الهوت دوغ والليمون كل يوم!».
اتكل على ذاته لإنجاز تخصصه الجامعي في الفيزياء والعلوم الاقتصادية، ومن أجل تحقيق هذا الهدف عمل في مزرعة وفي مصنع للأخشاب.


إيلون ماسك (رويترز)
ربما تأثر إيلون ماسك بوالده أو بجدّه، أو حتى بالكتب الكثيرة التي قرأها. لكن يبدو أن طفولته غير الاعتيادية هي التي حفزته قبل أي شيء آخر، على تحدي ذاته والتحليق عالياً جداً في عالم المال والأعمال. تلك الطفولة الغريبة انعكست غرابة عليه شاباً وكهلاً، ما جعل مشاريعه وصفقاته تتسم بالجنون.
بعد «سبايس إكس»، و«تيسلا» ومجموعة الشركات الأخرى التي يمتلكها أو يسهم فيها، ها هو اليوم يحقق حلماً قديماً ويستحوذ على منصة «تويتر» بعد أشهر من السجالات والدعاوى القانونية. يجتاح ماسك سرب العصافير الزرقاء كالصياد، ويهدد صفو تغريدها. لكن يبدو أنه يحق لماسك ما لا يحق لغيره، هو القائل: «يحق للأشخاص العاديين اختيار أن يكونوا غير عاديين».


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك رئيس شركة «تسلا» ومنصة «إكس» (أ.ب)

إيلون ماسك يسخر من مسؤول كبير في «الناتو» انتقد إدارته لـ«إكس»

هاجم إيلون ماسك، بعد تعيينه مستشاراً للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مسؤولاً كبيراً في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الملياردير الأميركي إيلون ماسك مالك منصة «إكس» (رويترز)

صحف فرنسية تقاضي «إكس» بتهمة انتهاك مبدأ الحقوق المجاورة

أعلنت صحف فرنسية رفع دعوى قضائية ضد منصة «إكس» بتهمة استخدام المحتوى الخاص بها من دون دفع ثمنه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الملياردير الأميركي إيلون ماسك يتحدث خلال تجمع انتخابي لترمب (أ.ف.ب)

إهانة عبر «إكس»: ماسك يصف المستشار الألماني بـ«الأحمق»... وبرلين ترد بهدوء

وجّه إيلون ماسك إهانة مباشرة للمستشار الألماني أولاف شولتس عبر منصة «إكس»، في وقت تشهد فيه ألمانيا أزمة حكومية.

«الشرق الأوسط» (أوستن (الولايات المتحدة))
العالم الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند) play-circle 00:32

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».